الرباط – «القدس العربي» لم تجد حتى الآن الاتصالات المكثفة غير المعلنة لثني النقابات العمالية المغربية عن شن اضراب عام نهاية شهر تشرين الاول/ اكتوبر الجاري احتجاجا على سلسلة اجراءات اقتصادية واجتماعية قررتها الحكومة وتعتبرها مرتكزات للإصلاح.
واعربت الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الاسلامية، عن أسفها لاتخاذ النقابات هذه الخطوة محملة النقابات الداعية إلى الإضراب مسؤوليتها في ذلك، وأكدت أنها لن تقبل بأي إرباك لحرية العمل أو إضرار بمصالح المواطنات والمواطنين.
وقال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الإضراب حق دستوري مكفول، إلا أنها «لا تتفهم دوافع هذه الخطوة وأسبابها التي قد تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي الذي تتميز به بلادنا في محيطها».
وقال مصطفى الخلفي إن الإضرابات لن تحل أزمة منظومة التقاعد، وأن الحكومة عازمة على تحمل مسؤوليتها في إنجاز هذا الإصلاح الحيوي والمتعثر منذ عشر سنوات، رغم ما ينتج عنه من كلفة مالية وسياسية، وتستبعد الخيار السهل بتأجيل الإصلاح وترك مواجهة تفاقم الأزمة إلى الحكومات المقبلة، لأن ذلك سيكون ضدا على مصلحة المتقاعدين وتهربا من تحمل المسؤولية.
وتقول الحكومة انها عملت على التشاور حول هذا الإصلاح وعقدت لذلك اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد بحضور النقابات والتي لم تجتمع منذ 2007، كما دعت النقابات إلى اجتماعات اخرى لكنها قاطعت وأرسلت مسودة مشروع الإصلاح إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باعتباره مؤسسة دستورية استشارية في هذا الشأن، وذلك حتى يتم تعميق النقاش.
واضاف مصطفى الخلفي أن منظومة التقاعد تواجه مخاطر نفاد احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد، لأن الإصلاح سيصبح إجباريا ومكلفا أكثر في 2018 بمقتضى القانون، و»النقابات لم تقدم أي مقترح بديل وعملي، فضلا عن أن المشروع النهائي لإصلاح التقاعد لم يعتمد بعد، مما يجعل أي احتجاج يفتقد للمبرر».
وقال إن الحكومة التزمت بإنجاز إصلاح منظومة التقاعد ككل مع البدء في المرحلة الأولى بالإصلاح اللازم لنظام المعاشات المدنية الذي سيحافظ على الحقوق المكتسبة للمنخرطين إلى تاريخ إنجاز الإصلاح، وسيحافظ كذلك على وضعية المتقاعدين الحاليين وعلى حقوقهم.
وأضاف الوزير في هذا الاتجاه أن منظومة التقاعد تواجه مخاطر نفاد احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد، وأن «هذا الصندوق في استهلاك احتياطياته بدءا من هذه السنة، ومن المتوقع استهلاكها كلية وصولا إلى عجز مقدر ب135 مليار درهم ( مليار ونصف مليار دولار) في 2023 وذلك في حالة عدم إنجاز الإصلاح».
واتهم الخلفي النقابات بأنها لم تقدم أي مقترح بديل وعملي، فضلا عن أن المشروع النهائي لإصلاح التقاعد لم يعتمد بعد، مما يجعل أي احتجاج يفتقد للمبرر والادعاء بأن الحوار الاجتماعي مجمد غير صحيح، لأن الحوار الاجتماعي لم يتوقف، وأن الحرص على استمراره مسؤولية مشتركة.
وشدد على ان المحافظة على السلم الاجتماعي مسؤولية الجميع وأن من يهدده فعليا هو من يلجأ إلى الإضراب غير المبرر، وأن السياسات الحكومية مكنت من تقوية السلم الاجتماعي وهو ما عكسه تراجع عدد المضربين ب26 في المئة ما بين النصف الأول من 2013 ونفس الفترة من 2014، وأن عدد أيام العمل المفقودة جراء الإضرابات تراجع 40 في المئة وارتفع المؤشر المرتبط بنشاط المقاولات 12,5 في المئة.
وقررت النقابات العمالية المغربية خوض إضراب وطني عام يوم 29 تشرين الاول/ أكتوبر الجاري لمدة 24 ساعة في القطاع العام والجماعات المحلية وكافة المؤسسات العمومية ومؤسسات القطاع الخاص للاحتجاج على «التجاهل الحكومي للمطالب العادلة لعموم المأجورين المغاربة، وتعنتها في فرض منظورها التجزيئي والتراجعي لإصلاح أنظمة التقاعد واستهدافها لمأجوري القطاع العام لتأدية فاتورة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد»، محملا الحكومة مسؤولية «تأجيج الوضع الاجتماعي جراء تعنتها في قراراتها اللاشعبية».
وقالت أن الاضراب الوطني يأتي للاحتجاج أيضا على «استمرار تدهور القدرة الشرائية جراء الزيادات المتتالية لأسعار المواد الاستهلاكية والطاقية وإقرار ضرائب جديدة، وتجميد الأجور، وإغلاق كل سبل تحسين الدخل» و»استمرار خرق الحقوق والحريات النقابية والتسريح الفردي والجماعي للعمال وإغلاق المؤسسات الإنتاجية» و»تجميد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية والتنكر للإلتزامات في خرق سافر للإتفاقات» و»استفراد الحكومة في اتخاذ قرارات خطيرة تستهدف حقوق ومكتسبات الشغيلة (التقاعد – المقاصة…)» وهو ما اعتبرته هذه النقابات «حربا معلنة على القدرة الشرائية للطبقة العاملة والفقراء والطبقة المتوسطة عبر الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخدمات الاجتماعية والاتجاه نحو إعدام صندوق المقاصة وتنفيذ سياسة ضريبية غير عاجلة وغياب الأمن الوظيفي».
من جهة اخرى أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال المغربي أن الحكومة لا يمكنها أن تقبل بالمس بالقدرة الشرائية للمواطن فيما يتعلق بمادة حيوية كالخبز.
وأوضح المسؤول المغربي عقب انعقاد مجلس الحكومة يوم اول امس الخميس أن الحكومة كما سبق وأن عبرت مرارا «لا يمكنها أن تقبل بالمس بالقدرة الشرائية للمواطن فيما يتعلق بمادة حيوية كالخبز، خاصة وأن هذا الأمر مؤطر بقانون».
وذكر الخلفي أن الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة (محمد الوفا)، أعلن بوضوح عن «رفض الحكومة، قرار رفع سعر الخبز ومواصلتها تقديم الدعم المرتبط بالدقيق الوطني المدعم والذي يتوقع أن تصل حصته السنوية خلال 2014 إلى 8.5 مليون قنطار، وأن يبلغ عدد العائلات المستفيدة منه 400 ألف عائلة».
وقال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية أن الميزانية السنوية التي ترصدها الحكومة لدعم قطاع الدقيق الوطني المدعم، بلغت نهاية 2013 حوالي 2 مليار و880 مليون درهم، تشمل دعم القمح المستورد الموجه لإنتاج الدقيق الممتاز المستعمل في صنع الخبز، ودعم الدقيق الوطني المدعم ودعم تكاليف التخزين وتكاليف نقل القمح اللين من تجار الحبوب إلى المطاحن، ودعم تكاليف نقل الدقيق المدعم من المطاحن إلى المراكز المستفيدة.
محمود معروف