لم يجد الجمهور المصري ما يسري به عن نفسه في الأزمات والمحن غير اللجوء للسخرية كحل أمثل للتغلب على ما يؤرقه مهما كانت خطورة المشكلات التي تُحيط به، فالنكتة هي سلاحه في مواجهة الكوارث الطبيعية والأمراض. خلال الأيام التي عانت فيها البلاد من الهطول الغزير للأمطار لم ينقطع تيار النقد للأداء الحكومي في التعامل مع المشاكل الناجمة عن تشبع الشوارع والأحياء الشعبية والعشوائية بالمياه، والتي أسفرت عن العديد من حالات الإصابة وبعض الوفيات. وبتزامن سوء الأحوال الجوية مع انتشار وباء الكورونا عالمياً فزادت وتيرة السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحد الذي حول المخاوف من تفشي العدوى إلى حالة عامة من الاستهانة، برغم تصريحات وزارة الصحة المصرية رسمياً بوجود حالات إصابة محدودة في بعض المناطق.
الغريب أن لهجة السخرية والاستهزاء بالوباء انتقلت من مواقع التواصل الاجتماعي إلى بعض برامج التوك شو، حيث تناول واحد من البرامج المهمة القضية بقدر كبير من الاستخفاف والاستهجان بعرض اسكتش كوميدي ضاحك بعنوان «مش فارقة» لمجموعة من الشباب الهواة، عملوا على تخفيف الأزمة والحد من الهلع الذي يصاحب الأنباء المتواترة عن سرعة انتشار العدوى في المحيطات العالمية والإقليمية بمشاركة ومباركة من الصحافي النابه الذي تحول بفعل الإغواء المثير للأضواء والشهرة والمال إلى إعلامي ذائع الصيت، وقد تعرضت الحلقة البرامجية الكوميدية لموجة من النقد الحاد، ووصف مُقدمها بالممثل الفاشل الذي ضل طريقة للفضائيات ويحاول تعويض فشلة كممثل ببعض الاسكتشات الفنية الهابطة، خاصة أن مقدم البرنامج نفسه سبق له تقديم تنويعات كثيرة من هذا اللون المبتذل للفت الأنظار في برنامجه الذي توقف فترة بسبب التُرهات ذاتها، إلا أنه عاد ليمارس ألاعيبه الكوميدية بشكل فج يجافي المهنية ويتسم بالسوقية.
ومن العدوى الميكروبية إلى العدوى الفنية ظهرت بعض الحالات المماثلة في شكل صور كاريكاتيرية ورسومات احتلت مساحات محدودة في بعض القنوات الكوميدية المتخصصة لاستثمار الظرف الراهن في خلق أجواء وأطر جديدة لجذب المشاهدين، هذا بخلاف ما تم استحداثه من البرامج الصحية التوعوية التي فرضتها وزارة الصحة على الشاشة بالتعاون مع الأجهزة الإعلامية لحث المواطنين على النظافة وإتباع شروط الوقاية لضمان السلامة العامة. ولكن برغم تخصصية هذه البرامج إلا أنها عكست حالة إبداعية مختلفة ودللت على اشتباك الفن بكل روافده مع الأزمة للحيلولة دون انتشار الوباء والحد من تأثيراته السلبية المخيفة. وتماشياً مع ما تشهده معظم البلاد من توترات جراء انتشار الوباء وما نتج عنه من ردود أفعال على مستويات كثيرة، اتجه بعض المصريين من باب تفعيل الحالة الكوميدية إلى نشر بعض الصور المُضحكة من فيلم «النوم في العسل» الذي كتبة السيناريست وحيد حامد وقام ببطولته عادل إمام قبل سنوات وافترض فيه الكاتب انتشار مرض عضال يؤثر على خصوبة الرجال ويحد من التناسل، وهي حالة فنية إبداعية ساخرة تفتق عنها ذهن المبدع في وقت مبكر لتكون نواة لاختبار الاستعدادات الطبية وغير الطبية من كافة الأجهزة المعنية حال حدوث أزمة من هذا النوع.
وفي سياق التعامل الجماهيري الساخر مع عدوى الكورونا محلياً ودولياً وعالمياً تم استحضار فكرة الفيلم للإشارة إلى أوجه الشبه بين الواقع التراجيدي والخيال الكوميدي، ورصد مواطن التطابق بين كل منهما على خلفية التداعيات المؤثرة وإشكالية النوم في العسل أو الخوف من الكورونا.