تونس- “القدس العربي”: استنكرت حركة النهضة التونسية قرار الرئيس قيس سعيد تمديد التدابير الاستثنائية التي اتخذها منذ شهر، لكنها نفت في الوقت نفسه شائعات تحدثت عن طلب رئيسها راشد الغنوشي زيارة الجزائر لمناقشة هذه التدابير.
من جانب آخر، قالت مصادر إعلامية إن اليونان قررت وضع الأمين العام السابق لحزب نداء تونس، الحزب الحاكم السابق، تحت الإقامة لجبرية عقب اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية التونسي بنظيره اليوناني، فيما نفى حزب البديل التونسي شائعات تحدثت عن منع رئيسه المهدي جمعة، رئيس الحكومة السابق، من السفر.
وكان الرئيس قيس سعيّد أصدر، في ساعة متأخرة من ليل الإثنين، أمراً يقضي بـ”التمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر”، وأشارت الرئاسة التونسية إلى أن سعيد سيتوجّه في الأيام المقبلة ببيان إلى الشعب التونسي حول هذا الأمر.
وأصدر حركة النهضة بياناً أكدت فيه “التزامها بموقفها المبدئي المعلن منذ الساعات الأولى للقرارات الرئاسية مساء 25 يوليو/تموز 2021 والذي ينظر في تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة من النواب خرق جسيم للدستور وانتهاك صريح لأحكام المادة 80، وانشغالها العميق بالغموض الذي يحيط بمستقبل البلاد بعد تمديد الأمر الرئاسي الذي يلغي رقابة البرلمان، حيث إن الدستور يمنح رئيس الجمعية أو ثلاثين من أعضائه الحق في طلب إنهاء الإجراءات الاستثنائية. ودعوتها لاستئناف المسار الديمقراطي الذي توقف منذ 25 يوليو 2021 عودة سريعة إلى العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة كما نصت المادة 80 من الدستور، واعتماد الحوار باعتباره السبيل الوحيد لحل مختلف المشاكل”.
وشددت الحركة على “ضرورة تركيز البلاد الملحة على معالجة أولويات الشعب الاقتصادية والمالية والتنموية ومتطلبات إعادة فتح المدارس والجامعات والموسم الزراعي. ما يتطلبه هذا هو الإسراع في تعيين الشخص المكلف بتشكيل حكومة وتقديمها لنيل ثقة البرلمان بمنحها الشرعية القوية المطلوبة لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها تونس. والمطالبة بوضع حد لمختلف أشكال الإساءة وانتهاك الحقوق الدستورية التي تعرض لها عدد كبير من المواطنين، سواء باحتجازهم في منازلهم أو منعهم من السفر أو تقييد حرية التعبير أو إحالتهم إلى القضاء مخالف للدستور والقوانين”.
فيما اعتبر حزب حراك تونس الإرادة، يرأسه منصف المرزوقي، أن قرار التمديد هو “خطوة جديدة نحو الديكتاتورية المطلقة”، مؤكداً أن “رئاسة الجمهورية انحرفت بالسلطة ووضعت نفسها بالقوة العسكرية والأمنية في موقع أفضلية للاعتداء على سائر المؤسسات السياسية و الدستورية للبلاد أو تعطيل بعضها لتنفرد بالسلطة وتحتكر حق تقرير مصير الشعب. وهي أفضلية لم يمنحها إياها الدستور الذي فصل بين السلطات ووزع السلط بينها. وما ورد على لسان الرئيس عندما وصف البرلمان بأنه هو الخطر الداهم والجاثم يمثّل اعترافاً صريحاً منه بأنه قام بانقلاب أزاح به السلطة التشريعية التي تمثل محور النظام السياسي حسب الدستور، خدمة لأجندة سياسية وتحقيقاً لرغبات دول تمثل أنظمتُها نموذجاً للاستبداد المتوحّش وللفساد ولتبذير ثروات شعوبها”.
وأشار الحزب إلى أن الرئيس سعيد “كان عاملاً مشجّعاً لمخطّط ترذيل البرلمان ولم يساعد إطلاقاً على الإصلاح، وأنه لو كان حريصاً على إصلاح المسار الديمقراطي لاتبع الحلول التي أقرّها الدستور لمعالجة الأزمة السياسية الناجمة عن عجز البرلمان عن القيام بدوره وتحقيق الاستقرار السياسي وهي حلول تؤدي إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها في الآجال المحددة”.
ودعاه إلى “الكف عن المغامرة بمستقبل الشعب والبلاد والاحتكام إلى الحوار تحت سقف الدستور لتحقيق الإصلاح السياسي والمؤسساتي والقضاء على لوبيات الفساد بمجهود جماعي مستمر وأن خلاف ذلك يمثل عبثاً ومغامرة مجهولة العواقب”.
فيما اعتبر حزب العمال أن ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية من تمديد “التدابير الاستثنائية” لمدة غير معلومة يمثل “حلقة من حلقات المسار الانقلابي الذي فتحه قيس سعيد يوم 25 يوليو لتحييد خصومه في منظومة الحكم والاستيلاء على كافة السلطات. فهذا التمديد الذي لم يستشر فيه قيس سعيد، كما جرت العادة منذ سنوات في غياب المحكمة الدستورية، الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، يسمح له بمواصلة احتكار كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية دون الخضوع لأية رقابة، واستكمال انقلابه على الدستور ولو كان ذلك عبر سياسة الخطوة خطوة أو الجرعة جرعة تمهيداً لتنفيذ مشروعه الشعبوي القائم على الحكم الفردي والاستبداد. وهو ما يفهم من مواصلة تعمّده الغموض في كل ما يتعلق بالخطوات التي سيقطعها مستقبلاً”.
من جانب آخر، نفت حركة النهضة شائعات تحدثت عن قيام رئيسها راشد الغنوشي بطلب زيارة للجزائر لمناقشة الإجراءات الاستثنائية للرئيس قيس سعيد.
وقال رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، في تصريح مقتضب لـ”القدس العربي”: “لم يطلب الأستاذ راشد الغنوشي زيارة الجزائر وبالتالي هذا خبر عار عن الصحة وليس أكثر من بث للإشاعات وتشكيك في كل المؤسسات والرموز الوطنية”.
فيما كشفت مصادر صحافية من قيام السلطات اليونانية بوضع سليم الرياحي، الأمين العام السابق لحزب نداء تونس، تحت الإقامة الجبرية، عقب مكالمة هاتفية جمعت وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، بنظيره اليوناني، نيكوس دندياس، مشيرة إلى أن تونس طلب تسليمها الرياحي في وقت لاحق.
وكان وليد الحجام، مستشار الرئيس التونسي، أكد إيقاف سليم الرياحي في اليونان، مشيراً إلى الرئيس قيس سعيّد أصدر تعليماته للسلطات التونسية بالتحرك العاجل لتسلم الرياحي من اليونان، بناء على التعاون القضائي بين البلدين.
فيما نفى الرياحي خبر إيقافه، حيث كتب على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك: “أقرأ منذ ساعات خبراً حول إيقافي في بلد أجنبي وحيثيات أخرى مماثلة أجهل مصدرها أو من يقف وراءها. الخبر عار عن الصحة تماماً، لست فاسداً أو مجرماً في حق وطني حتى أستحق نشر إشاعات بهذا القبح وسوء النية والحقد، خاصة أني بعيد عن الساحة السياسية والوطنية وتجاذباتها منذ فترة طويلة. شكراً لكل من سأل عني. أنا بخير والحمد لله”.
في حين نفى حزب البديل التونسي شائعات تحدثت عن قيام السلطات التونسية بمنع رئيسه المهدي جمعة من السفر، مؤكداً أنه “لا صحة لهذا الخبر من أساسه وهو إشاعة جديدة من سلسلة الإشاعات التي روجتها الأطراف السياسية للتشويه والإقصاء السياسي، والسيد مهدي جمعة متواجد منذ تاريخ 29 يونيو خارج الوطن في مهمة عمل مع منظمة أممية، وتمت معاينة كل الصفحات بواسطة عدل تنفيذ (متصرف قضائي) وتم تشكيل فريق من محامي الحزب لتتبع مروجي الأكاذيب قضائياً، وستتم مقاضاة كل من يبث الإشاعات وأحداث البلبلة وتزييف الحقائق ومغالطة الرأي العام”.