الجزائر- “القدس العربي”:
كشفت النيابة الجزائرية عن تقديم 8 أشخاص مشتبه فيهم أمام النيابة وفتح تحقيق قضائي ضدهم، بجنح تبييض الأموال والعائدات الإجرامية في إطار جماعة إجرامية، وهي قضية تأتي في سياق استرجاع ما يصطلح عليه بـ”الأموال المنهوبة” التي شكلت عائدات الفساد في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وذكرت نيابة الجمهورية لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي لمجلس قضاء الجزائر في بيان لها، أن هذه القضية تأتي على إثر معلومات واردة حول لجوء المسمى (ب.م. ل) المتهم المتواجد في حالة فرار ومحل أوامر بالقبض الدولية صادرة ضده لتورطه في قضايا فساد، إلى تهريب العائدات الإجرامية إلى خارج الوطن بتواطؤ من شركائه في الداخل.
وإثر ذلك، أكد المصدر القضائي، أنه “تم فتح تحقيق ابتدائي أفضى لاكتشاف شبكة إجرامية مختصة في تبييض الأموال والعائدات الإجرامية بإخفاء وتمويه مصدرها المشبوه، باستعمال وكالات محررة من موظفين وضباط عموميين خارج وداخل الوطن”.
وأضاف بيان النيابة أنه بتاريخ 23 حزيران/يونيو الجاري، تم تقديم (08) أشخاص مشتبه فيهم أمام نيابة الجمهورية، وفتح تحقيق قضائي ضدهم، بجنح تبييض الأموال والعائدات الإجرامية في إطار جماعة إجرامية ومخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
وأشار ذات المصدر إلى أنه “بعد استجواب المتهمين من طرف قاضي التحقيق، أصدر هذا الأخير أوامر بالإيداع رهن الحبس المؤقت ضد (05) متهمين مع وضع باقي المتهمين تحت إجراءات الرقابة القضائية على أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص المتهم الموجود في حالة فرار”.
وتسعى الجزائر منذ سنوات، لاسترجاع الأموال التي هربها كبار رجال الأعمال والمسؤولين السابقين إلى الخارج أو أخفوها بالداخل في ممتلكات وعقارات ليست بأسمائهم، وذلك في سياق تنفيذ تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون التي جاء بها في حملته الانتخابية لسنة 2019. ووفق ما ذكره الرئيس الجزائري أمام نواب البرلمان نهاية العام المنصرم، فقد تم استرجاع ما لا يقل عن 30 مليار دولار من هذه الأموال، في انتظار تعاون الشركاء الأجانب بخصوص ما هو مهرب في الخارج.
وفي تصريحات أخرى، ذكر الرئيس تبون أن هناك مساعي كبيرة لاسترداد الأموال المهربة إلى الخارج، مبرزا أن الجزائر دخلت في مفاوضات مع الاتحاد الأوربي في هذا الشأن، وهو ما كان قد أعلن عنه خلال زيارة جوزيب بوريل مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي للجزائر العام الماضي.
ويرى تبون أن “من واجب الدول أن تتعاون معنا لأن تلك التحويلات وقعت في مختلف دول أوروبا كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وسويسرا ولوكسمبورغ”. وأكد في هذا السياق أن إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر 3 فنادق فخمة 5 نجوم كان يمتلكها أحد رجال الأعمال الذي رفض ذكر اسمه. ويتعلق الأمر بعلي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات سابقا وأحد أقرب المقربين للسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل.
ووصلت العديد من قضايا الفساد في الجزائر التي تم مباشرتها سنة 2019 إلى نهايتها بعد الاستئناف والطعن، ما فتح الباب أمام مرحلة مصادرة الممتلكات الخاصة برجال الأعمال والوزراء السابقين. ومن بين هؤلاء وزير الطاقة السابق شكيب خليل الفار في أمريكا والذي صودرت من ممتلكاته 6 شقق فاخرة في العاصمة وعشرات المباني والفيلات والعقارات بوهران بالإضافة إلى تجميد العشرات من أرصدته المالية.
ووفق ما أعلنته الحكومة الجزائرية، فقد تم توجيه 259 إنابة قضائية دولية منها 40 منذ سنة 2022 في إطار جهود محاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة، بينما هناك طلبات مساعدة قضائية إلى 31 بلدا، لتحديد الأموال المنهوبة وحجزها وتجميدها بغرض مصادرتها. وفي هذا السياق، تم التنفيذ الجزئي لـ 12 إنابة قضائية دولية لتحديد الأموال المنهوبة وتجميدها مع استحداث آلية تسمح بالبحث عن أموال وممتلكات المحكوم عليه بغرامة أو بحجز أو مصاريف قضائية، وتحديدها ومصادرتها.
وكان وزير العدل رشيد طبي قد تحدث في البرلمان عن تفاصيل عمل 3 سنوات (2019-2021) بين أجهزة القضاء والبنوك والمؤسسات المالية ومصالح الضرائب ومديريات أملاك الدولة، في مجال استرجاع الممتلكات. وقال إنه تم استرجاع 4213 من الأملاك العقارية و401 عقار صناعي و229 عقارا فلاحيا ضخما. أما الأملاك المنقولة، فاسترجع منها 23774 ملكية منها 7000 سيارة. كما ذكر أنه تم استرجاع مبلغ 54 مليار دينار هي عبارة عن قروض أخذها متعامل واحد، وهي ما يعادل نحو 300 مليون دولار لوحدها بين 2019 و2021.