الفارق عظيم بين حق اثيوبيا في التنمية، وتورط اثيوبيا في الإضرار بمصالح ووجود وتنمية مصر، وإقامة اثيوبيا لسدود على مجرى ‘النيل الأزرق’ جريمة في حق مصر، وليس تنمية مشروعة لاثيوبيا، فالنيل نهر دولي وليس منشأة اثيوبية، وكسر الاتفاقيات الدولية المنظمة للاستفادة من مياه النيل، وبغير اتفاق جامع للأطراف المشاطئة للنهر، وعند مصبه بالذات، هذا الكسر ليس مجرد مخالفة لقانون دولي، بل هو إعلان حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وقد وجد نهر النيل منذ بدء الخليقة، وقبل أن تنشأ الدول، وعند بدء التقنين والتنظيم الدولي، بعد نهاية عصور ‘حق الفتح’، جرى التنظيم الدولي للاستفادة من مياه النيل، وجرى عقد اتفاقية عام 1929، ثم جرى تأكيدها بعد زوال حالة الاستعمار باتفاقية 1959، ونصت كل الاتفاقيات على نصيب مصر كدولة مصب من إيراد النيل، وهو ذات النصيب الحالي المقدر بما يزيد على 55 مليار متر مكعب سنويا، رغم أن مصر زاد عدد سكانها إلى ما يقارب عشرة أضعاف، وزادت احتياجاتها المائية، ونزلت تحت خط الفقر المائي، ورغم أنها أقامت ‘السد العالي’، أعظم المشروعات الإنشائية في القرن العشرين، وقد أفاد ‘السد العالي’ مصر، وحماها من المجاعات ومواسم الجفاف التي ضربت حتى دول منابع نهر النيل، ولم يضر ‘السد العالي’ أحدا، ولسبب بسيط، وبديهي، وهو أن مصر دولة مصب نهائي، ولا تقيد سدودها أي كميات منصرفة من المياه إلى غيرها، فحالة مصر هي على العكس بالضبط من حالة اثيوبيا، فعبر اثيوبيا يأتي 85′ من إيراد النيل، فيما يأتي الباقي من بحيرة ‘فيكتوريا’ في أوغندا، ثم أن اعتماد مصر على مياه النيل أساسي ووحيد تقريبا، فيما تعتمد الزراعة في اثيوبيا على مياه الأمطار الكثيفة المتساقطة على الهضبة الحبشية، وهو ما يجعل قضية النيل حاسمة في التكوين والوجود المصري، بينما هي ليست كذلك أبدا في اثيوبيا، وهو ما يبرز أكثر طبيعة الجريمة التي تنطوى عليها مشاريع إقامة سلسلة من السدود الاثيوبية تغلق المجرى الأساسي للنيل عند منابعه، وتنزل بنصيب مصر من مياه النيل بنسبة تصل إلى الربع، وتهبط بكميات الكهرباء المولدة من ‘السد العالي’ بنسبة الربع أيضا، وتنتهى إلى تبوير مليوني فدان في مصر، والحكم بالتشريد والفقر المميت على أربعة ملايين أسرة مصرية، وهذه فقط هي الآثار المتوقعة في المدى الأقرب، فالأخطر وارد على المديين المتوسط والبعيد، وهو ما يبرز حجم الكارثة، فنحن بصدد عملية خنق مائي لمصر، خاصة أن جريمة إقامة السدود الاثيوبية ترافقت مع جهد متصل لإلغاء اتفاقيات تقسيم مياه النيل، ووضع اتفاقية جديدة باسم ‘اتفاقية عنتيبي’، امتنعت مصر والسودان والكونغو عن توقيعها إلى الآن، ولسبب جوهري، وهو أنها تلغي ما قد تصح تسميته بحق النقض (الفيتو) المقرر لمصر والسودان على أية إنشاءات معيقة لجريان المياه عند منابع النيل.
وقد لا نلوم حكومة اثيوبيا، فهي ‘حكومة دمى’ تحركها الرغبات الإسرائيلية في خنق مصر استراتيجيا، ولم تكن حكومة اثيوبيا لتجرؤ على شيء مما فعلت أخيرا بالبدء في إقامة أول سدودها، لم تكن لتجرؤ لولا اطمئنانها إلى ضعف القاهرة الرسمي، وتحول مؤسسة الرئاسة في مصر إلى مؤسسة تعاسة، شجعت الصغار على الاستهانة بقدر ومكانة مصر، وإلى حد استقبال محمد مرسي ـ في مطار أديس أبابا، من قبل وزيرة اثيوبية لإحضاره إلى مقر اجتماعات الاتحاد الأفريقى، وتعمدوا عند ذهابه إعلان تحويل مجرى ‘النيل الأزرق’ كخطوة ممهدة لبناء السدود المقرر إدارتها بمعرفة شركة إسرائيلية، ولا نريد أن نظلم مرسي وجماعته الإخوانية، فهم جماعة تفهم في البيزنس لا في السياسة، وعلاقتهم بأحاديث المصائر والأمن والوجود المصري مشكوك في أمرها، وقد بدت ‘التهتهات’ ظاهرة على ألسنتهم مع مفاجأة الصدمة الاثيوبية، وحولوا القصة كلها إلى هزل حقيقي، وإلى حد الادعاء بعدم وجود خطر من أصله، فلا شيء يهمهم في مصر سوى كرسي السلطان، وحتى لو تحولت مصر إلى خرابة، ولا أمل في أن ينصلح حالهم إلا إذا انخلعوا من السلطة، وحوكموا على جرائم ‘الخيانة العظمى’ التي يرتكبونها يوميا، وهي التكرار الهزلي لخيانات سبق ان ارتكبها مبارك وجماعته، فهذا الهوان لم يبدأ الآن، وإن لم يصل في أي مرحلة سبقت إلى ما نحن عليه، فالخطر على النيل هو التلخيص المكثف لمحنة الخطر على مصر، وقد بدأت بوادر الخطر مع انهيارات الدولة المصرية، عقب عقد ما يسمى ‘معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية’، التي أعقبتها المعونة الأمريكية الضامنة، والتي انتهت إلى فك تعبئة الدولة المصرية وأجهزتها الكبرى دفاعا عن مصالح الأمن والوجود الذاتي، فقضية النيل ليست مجرد قضية أمن قومي، إنها قضية وجود وحياة، فلا وجود لمصر بغير وجود النيل ودورة المياه الخالقة للحياة، ولذا كانت قضية النيل مترادفة تماما مع قضية مصر، كان تأمين النيل هو جوهر حملات محمد علي باشا إلى الجنوب، وكان اكتشاف المزيد من منابعه أفضل ما جرى على عهد الخديوي إسماعيل، وعندما تخلصت مصر من الاحتلال البريطاني، كانت الدولة الناصرية تحفظ حق مصر في النيل، وأتاحت بإقامة ‘السد العالي’ فرصة التحكم، والاستفادة القصوى من هبة النيل، وكانت المعادلة البليغة والمرشدة ظاهرة في نص قاطع، وهو أنه لا يمكن ضمان تدفق المياه من الجنوب من دون أن تتدفق السياسة من الشمال، كانت مصر عبد الناصر رأسا لأفريقيا الجديدة بلا منازع، وكانت موضوعا لإلهام ودعم حركات التحرير الأفريقي، وكانت مصر الناهضة تمد خرائط نفوذها في كل مكان أفريقي، وفي دول حوض النيل بالذات، كان النفوذ المصري يتوسع بالمهابة والمحبة معا، فقوة مصر الصلبة لا تجعل أحدا يفكر في المساس بمصالحها، وقوة مصر الناعمة كان لها الدور السحري، كانت المخابرات المصرية تعمل من خلال شركات كبرى لها فروع مؤثرة في كل مدن أفريقيا، وكانت أفواج المتعلمين الأفارقة تتقاطر إلى جامعات مصر، وكانت بعثات الأزهر الشريف تحمل العلم والنور والدين إلى الأفارقة في مدنهم وقراهم وأكواخهم، وكان التقدم الصناعي المصري عنوانا للنهضة التي تتطلع إليها أفريقيا، وكان دور الكنيسة المصرية داعما لنفوذ القاهرة في اثيوبيا بالذات، كنا بصدد عمل متكامل جرى فيه توزيع الأدوار بعناية فائقة، ومن أول رجال السلاح إلى رجال الاقتصاد إلى رجال المخابرات إلى بعثات الري إلى بعثات التعليم والدعوة، وكانت تلك كلها موارد قوة عظيمة، مكنت مصر ـ عقب هزيمة 1967 ـ من طرد إسرائيل نهائيا من كل دول أفريقيا، عدا دولة جنوب أفريقيا المحكومة عنصريا وقتها، وكانت حركة نيلسون مانديلا في الجنوب الأفريقي داعمة ومؤيدة تلقائيا لمصر عبد الناصر، ولم يكن وقتها ـ بالبداهة ـ من خطر وارد على قطرة من مياه النيل الواصلة لمصر، ومع انكشاف الدولة المصرية، بدأ الخطر في الظهور، وهدد الرئيس السادات ـ في أواخر أيامه ـ بقصف اثيوبيا إن هي فكرت في إقامة سدود تعوق جريان النيل، وحقق التهديد وقتها مفعوله الرادع، لكن انهيارات الدولة المصرية فاقمت الخطر في ما بعد، وعادت إسرائيل للانتشار في أفريقيا بعد معاهدة السلام مع مصر، وجرى فصل جنوب السودان، وتحصن الوجود الإسرائيلي في القاعدة الاثيوبية، وتضعضع الدور المصري إلى أن تكاملت عناصر مصيبة كان عنوانها ‘مبارك’، وصار اسمها ‘مرسي’!.
‘ كاتب مصري
شكرا ياارجل صحفى فى مصر ومن اكثرهم علما ومنطقا
هناك لجان فنيه من الدول المعنية وغيرها لدراسة مدى الضرر المترتب جراء سد النهضة على كل من مصروالسودان وقد سلم التقرير الى الدول المعنية ونحن في إنتظار دراسته والرد عليه بحكمة ووعي وحزم ولا يعني ذلك إعلان الحرب بل هناك مخارج كثيرة فالمحاكم الدولية وغيرها عندئذ تستطيع أن تفعل مايجب فعله مستندة على تقرير اللجنة الفنية وآخر الدواء الكي إذا لم تفلح تلك المؤسسات العالمية في دفع الأذى المترتب على ذلك السد أو تلك السدود المزمع إنشاؤها , وياليت الكاتب يتريث ولا ينفعل فمشروع سد النهضة صناعة أمريكية منذ عام64 ردا على السد العالي الناصري وليس إنتاجا إخوانيا . فالاخوان ورثوا مصائب مصر وعقدها ويحاولون فك طلاسمها ولكن مجموعة المعوقين منهم الاستاذ عبد الحليم تحول أو تحاول أن تعرقل القيام بالمهمة الكبيرة والتركة الثقيلة ومنهم لله أولئك الفلول .
أكبر جريمة قام بها عبد الناصر هي القضاء على حياة المستفيدين من النيل داخل
مصر كما أتى على التوازن البيئي في بر مصر وفي بحرها من جهة المتوسط.
اليوم يأتي أصحاب تركة مصائب مصر ويعيبون على أثيوبيا أداة تنفيذ المخطط الصهيوني لقيام سد على أرضها. للحفاظ على بيئة سليمة يجب ألا تقام سدود على طول مجرى النيل من منبعه إلى مصبه. والحاجة إلى الطاقة الكهربائية يمكن الحصول عليها من خلال الشمس والرياح وتكاليف إنجاز مصدر طاقة نقية يكون
أقل مما ينجر على قيام سدود في النيل.
لك التحيه وانااقرأ لك ولكنك ظالم في حكمك الثوره المصريه جاءات لتزيل الخراب ولكن الرتق كبير ويحتاج الي جميع الجهود وانا متفائل بثورة مصر استمع للرأى الاخر وانه فوق كل علم عليم
الأنهار تنقل معها التربة وفيضان النيل على سبيل المثال يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار على ضفتيه وحيث يحدث ذلك أثناء السنة الواحدة فيه تجدد لخصوية الأرض التي إن استغلت في الزراعة أعطت الخير الكثير. واستسهال استعمال النيل كمصب للمجاري ولنفايات “المصانع” يقضي تماما عليه. إذا هي فرصة لإعادة النظر والإهتمام بالنيل وبتوافق من كل الدول التي يمر بها النهر يمكن بعث هيئة
من كل تلك البلدان تسهر على سلامة وجريان النيل بعيدا عن كل التأثيرات السلبية
التي تفرضها أمريكا التي لا يطال أنهارها أحد من الأفارقة بصفة عامة.