قامت جريدة «الشرق الأوسط» السعودية بإضافة ملحق اسبوعي جديد في الشهر الماضي تحت عنوان «غياهب الإرهاب»، حيث يحاول باحثون سعوديون وغيرهم رسم سمات ومميزات المنظمات الإسلامية الارهابية، وظاهرة الارهاب الاسلامي المتحضر.
نشرت في العدد الاخير للملحق مقالة حللت خطاب ابو بكر البغدادي زعيم الدولة الاسلامية، بعد أن أعلن انه اصيب اصابة بالغة بوقت قصير، يقول الباحث يوسف الديني انه بالاضافة الى تأكيده انه لم يصب بالقصف على الموقع الذي كان يتواجد فيه، فقد تحدث في خطابه الى الاستراتيجية الجديدة التي سيتبعها تنظيمه من الان فصاعدا. يسعى البغدادي الى اقامة معسكرات بكافة انحاء الشرق الاوسط وفي العالم كله، وهدفه المركزي هو انظمة ودول عربية، وعلى رأسها السعودية، ومن الواضح أن التوسع في العراق وسوريا والذي تراجع الان سيرافقه محاولة لاعمال ارهابية في دول عربية اخرى من أجل تجنيد المزيد من المؤيدين، يقيمون حركات في الدول التي يسيطروا فيها على مناطق جديدة. حسب هذه التحليلات، فان الفرق بين استراتيجية الدولة الاسلامية وبين القاعدة هو أن الدول الغربية ليست موجودة على رأس اولويات الدولة الاسلامية، على الاقل في الوقت الحالي.
يبذل البغدادي جهود كثيرة من أجل ضم عشرات المنظمات الراديكالية تحت إمرته ومن ضمنها ميليشيات اسلامية متمردة تعمل في سوريا. ومنظمات ارهابية في سيناء وشمال افريقيا وخلايا القاعدة في اليمن والسعودية. وقد نجح في بعض الحالات حيث اقسم له بالولاء تنظيم أنصار بيت المقدس الذي يعمل في سيناء، وايضا فرع القاعدة في المغرب ومجموعات طالبان في افغانستان. وبالذات في سوريا يجد صعوبة في توحيد المليشيات الاسلامية تحت قيادته.
أحد التنظيمات الغير معروفة والتي تعمل في سوريا «سلاح القفقاز» والذي يقع معسكره المركزي شمال سوريا. وهذه مجموعة من المتطوعين من الشيشان وداغستان، وحاربت ضد الجيش السوري في الشيشان سابقا. سلاح القفقاز هو حفيد منظمة «جيش المهاجرين والانصار» الذي اقيم عام 2012 من قبل عمر الشيشاني من أجل محاربة النظام السوري، وهو فرع لما يسمى «الخلافة القفقازية» الذي اقيم عام 2007 من قبل دوقي عمروف الذي تزعم الحكومة الانفصالية المناهضة للروس في الشيشان.
رغم اسمه، الا انه لا يضم جميع الشيشان الذين يقاتلون في سوريا، البعض يحارب في جبهة النصرة، والغالبية اندمجت في «جيش المهاجرين» ومجموعات قليلة تعمل في صفوف «الجبهة الاسلامية». هذه المجموعات المتطوعة رفضت حتى الآن ان تؤدي قسم الولاء «للدولة الاسلامية».
وقد حاول قادة جبهة النصرة ومعهم جيش المهاجرين اجراء مفاوضات هذا الشهر مع قادة الدولة الاسلامية من أجل الوصول الى تفاهمات، ومن أجل تفادي هجوم متبادل وبالتالي اضعاف الحرب ضد الاسد. ولكن نائب وزير الدفاع في الدولة الاسلامية، طلب من ضيوفه تقديم قسم الولاء للبغدادي كشرط مسبق للاتفاق، الامر الذي رفضه القائد الشيشاني تحت حجة انه اقسم بالولاء لقائد «الخلافة القفقازية».
هذا مثال واحد فقط على العلاقات المركبة والمعقدة بين الميليشيات في سوريا، حيث تحافظ كل واحدة على المناطق التي تحت سيطرتها وعلى خصوصيتها التنظيمية، لانها مرتبطة ايضا بالدعم الذي يصلها.
الفوارق بين المليشيات لها ابعاد ايديولوجية، مثال على ذلك فتوى الزعيم الروحي للتيار السلفي الاسلامي الاردني ابو محمد المقدسي، الذي منع منظمات اسلامية من تقديم قسم الولاء للدولة الاسلامية. وهو فلسطيني الاصل وتتلمذ على يد ابو مصعب الزرقاوي قائد القاعدة في العراق فترة الاحتلال الامريكي، وارسل في آب برقية للمليشيات الاسلامية التي تعمل في سوريا وحذرهم فيها من قتل المسلمين.
«يوجد لديك روح واحدة فاعرف اين تضعها، ولن تعود الروح الى الجسد بعد مغادرته… لا توافق على تفجير نفسك في التجمعات الاسلامية.. هذا ليس جهادا وانما جريمة». هذه كلمات احد المتمردين الذين لم ينفكوا يقاتلون في العراق وسوريا، وها هو الان يحارب انتشار الدولة الاسلامية التي هي عدوة القاعدة الاولى.
على خلفية هذه الخلافات يمكن الاستغراب من مصطلح «منظمات متمردة معتدلة» حيث تعطي الادارة الامريكية الدعم العسكري لهذه المنظمات، ومن الممكن ان تعتبر الولايات المتحدة افرع القاعدة منظمات معتدلة بالمقارنة مع الدولة الاسلامية. وبجميع الاحوال فقد تعاونت الولايات المتحدة مع القاعدة في افغانستان والبوسنة.
هآرتس 2/12/2014
تسفي بارئيل