الوزراء والمسؤولون يتعرضون للقمة عيش الفقراء واستمرار الهجمات على سياسات النظام الإعلامية

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: التغيير الوحيد المستمر منذ مؤتمر شرم الشيخ في الاهتمامات السياسية للبعض لا للأغلبية لا يزال موقف الرئيس السيسي، الذي رفض قانون الجمعيات الأهلية، رغم موافقة مجلس النواب عليه، بعد أن اتضح وجود عوار دستوري وقانوني، والحملات في الخارج ضده.

انتخابات حزب «الوفد» لم تحرك «المياه الراكدة» في الوسط السياسي وخطط التعليم تمنع المحتاجين من المجانية

كما واصل الرئيس السيسي اجتماعاته اليومية مع الوزراء لبحث كل المشروعات التي يتم تنفيذها حتى يطمئن على تحقيق ما وعد به الشعب، من أنه سيرى مصر أخرى عام 2022. ومحاولات البعض إحراج السيسي وتحريف تصريحاته عن حرية العبادة بالمطالبة بإلغاء خانة الديانة من بطاقات الرقم القومي وكلامه عن بناء معبد يهودي لو كان في مصر يهود. وتوزعت الاهتمامامت بالنسبة لكل طائفة أو مهنة حسب مصلحتها. والمرضى الكثيرين الذين تعالجهم الدولة على نفقتها، واستمرار أجهزة الدولة في إزالة الاعتداءات على أملاكها، وإجبار أصحاب التوك توك على تسجيل مركباتهم في المرور لتحصيل الضرائب عليها.
فيما لا يزال اهتمام الأغلبية موجها لهزيمة الأهلي أمام الترجي، والمعارك الدائرة حول الدروس الخصوصية والتعليم المجاني وما يتردد عن احتمال زيادة مرتبات الموظفين.
وقد أخبرنا الرسام في «الأهرام» فرج حسن أنه ذهب لزيارة قريب له فوجده مع زوجته وهو سعيد أمام قفصين للعصافير ويقول لزوجته: قفص للعصافير والثاني للمرتب عشان ما يطيرش. وإلى ما عندنا.

حكومة ووزراء

ونبدأ بالحكومة ووزرائها والاجتماع الذي ترأسه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وضم عددا من الوزراء، لبحث مواصلة خطة التصدي للممارسات الاحتكارية لعدد من السلع وضمان توافرها على مدار العام، خاصة الاستراتيجية منها، وستتولاها اللجنة الجديدة التي تم تشكيلها تحت اسم «اللجنة التنسيقية للأمن الغذائي» ومتابعة الخريطة الزراعية للمحاصيل مع وزير التموين. أما وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي فقد فجّر مفاجأت في كلامه امام اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب تمثلت في قوله الذي نقلته الكثير من الصحف والمواقع ومنها «الوطن»: «بداية من الشهر المقبل لن نسمح بوجود بيانات خاطئة ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالتموين، وهناك معايير سيجري الاحتكام إليها في تحديد المستحقين، أبرزها فاتورة الكهرباء والتليفون ومصاريف المدارس والضرائب التي يتم دفعها، ليس من المعقول أن يكون هناك نحو مليون بطاقة أصحابها يسكنون في الكمباوندات أو يركبون سيارات فارهة أو أصحاب شركات تدفع 100 ألف جنيه ضرائب. مضيفاً هناك تشكيلات عصابات تحاول سرقة الدعم ببطاقات بأسماء وهمية، وتم بالفعل القبض على بعض هذه التشكيلات وإحالتها إلى المحاكمة».

مجانية التعليم

ومن بطاقات التموين إلى مجانية التعليم والأزمة التي تسببت فيها تصريحات الوزير الدكتور طارق شوقي وقال عنها في «الأخبار» أحمد جلال: « الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم جانبه التوفيق عندما ربط بين تذكرة حفلة عمرو دياب، بـ20 ألف جنيه وضرورة إعادة النظر في مجانية التعليم، وبما أن معاليه يمثل الحكومة فهذا يعني أنها تأخذ بأسلوب العقاب في التعامل مع الشعب، فإذا دفع فرد ينتمي إلى فئة معينة من الناس 20 ألف جنيه ثمن ساعتي انبساط وسلطنة في حفلة غنائية، فمن المؤكد – من وجهة نظر الحكومة – أن كل مواطن قادر على دفع هذا المبلغ وبناء عليه ينبغي أن يتحمل تكاليف تعليم أبنائه في المدارس والجامعات، مهما كان عددهم ويستأهل هو وغيره إعادة النظر في مجانية التعليم خليك محضر خير يا دكتور».

الوزير ينفي

لكن الوزير طارق شوقي نفى مهاجمته مجانية التعليم، وقال في مجلس النواب نقلا عن أمير هزاع ومحمد عبد الحميد في «الأهرام»: «لم يتحدث من قريب أو بعيد عن إلغاء مجانية التعليم، ولكن انحصر كلامه في الحديث عن المواطن، وأنه رغم مجانية التعليم التي كفلها الدستور إلا أن المواطن يصرف 120 مليار جنيه سنويا على الدروس الخصوصية، والدولة تصرف 90 مليارا أخرى، وأنه في عرضه لتلك البيانات كان على سبيل التعاطف مع المواطن، وأن الحاجة لتطوير التعليم والمناهج والمعلمين هي السبيل الأمثل لمواجهة ذلك».

دعم ومساندة

وفي «الجمهورية» تحمس السيد البابلي لوزير التعليم الدكتور ودافع عنه قائلا:
«وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي فتح قضية مجانية التعليم، وهي مثل قضية وصول الدعم إلى مستحقيه، ونحن مع الوزير في سعيه لأن تكون هناك مجانية تعليم حقيقية، ولكن الواقع الحالي كما يقول الوزير لا يحقق المجانية المنشودة ولا العدالة الاجتماعية ولا جودة التعليم. والوزير يحتاج إلى الدعم والمساندة بعد أن تحلى بالشجاعة في تناول قضية بالغة الحساسية، يعتبر الاقتراب منها من المحظورات، ويتعامل معها الرأي العام على أنها حق مستحق وجزء أصيل من ثوابت كل الحكومات المصرية منذ ثورة يوليو/تموز 1952 وسوف يواجه الوزير، وكل من يتناول هذه القضية حملات من الهجوم الشرس، بدون محاولة فهم أو استيضاح أسباب ومبررات الحديث عن مجانية التعليم بالشكل الذي تطبق عليه، فلا يوجد حقيقة ما يمكن أن نطلق عليه مجانية التعليم في ظل وجود «السناتر» والدروس الخصوصية والآلاف من الجنيهات التي تدفعها الأسرة المصرية مقابل هذه الدروس، وحين يتحدث الوزير عن تقييم مسار التعليم المجاني فإنه لا يهدف بذلك إلى إلغاء مجانية التعليم بقدر ما يهدف إلى التوظيف الأمثل والجيد لأموال وميزانية التعليم في تقديم وتحسين العملية التعليمية والوصول إلى تعليم جيد مناسب للعصر ولسوق العمل».

العائد أقل من المدفوع

«الفلوس لا تصنع تعليماً جيداً.. والمجانية لا تقتل التعليم.. في رأي محمود خليل في «الوطن» لأن هاتين الفكرتين تستحقان المناقشة في ظل ما هو مثار حالياً حول تطوير التعليم في مصر. في سياق الفكرة الأولى تقول التجربة المصرية إن الفلوس لا تصنع تعليماً. وليس ثم من دليل على ذلك سوى النظر إلى مستوى الخدمة التعليمية داخل المدارس الخاصة. مصروفات بعض هذه المدارس تحلِّق في عنان السماء، وأقلها يتطلب دفع عدة آلاف من الجنيهات. والأمر نفسه ينطبق على الجامعات الخاصة. في كل الأحوال نجد أن أغلب الأسر التي تُلحق أبناءها بالتعليم الخاص تشتكي من أن العائد أقل بكثير من المدفوع. وليس معنى ذلك أن هذا النوع من التعليم يخلو من مميزات، فهو أكثر اهتماماً بتعليم اللغات الأجنبية، كما أنه يهيئ ظروفاً إنسانية أفضل لتلقى التعليم. رغم الأموال الطائلة التي تنفقها الأسر المصرية في التعليم الخاص، فإن أرقاماً متنوعة تؤكد محدودية عوائده. على سبيل المثال تقول نتائج الثانوية العامة، خلال السنوات الأخيرة، إن الأوائل عادة ما يخرجون من المدارس الحكومية، ولست أذكر أن المدارس الخاصة قدمت عبر سنين عملها الطويلة في مصر الأول أو الأولى على الثانوية العامة في أي من شُعبها. والمسألة لا ترتبط بحال بتميز الخدمة التعليمية التي تقدمها المدرسة الحكومية، بل مردُّ الأمر إلى عوامل أخرى عديدة، فالتفوق يشتمل، في جانب منه، على إرادة فردية وطموح شخصي وخصائص تتميز بها نظم التقويم ومستوى ميلها إلى اختبار قدرة الطالب على حفظ واستدعاء المعلومات، أو مهارته في فهم وحل المعضلات. ولو أنك حللت السير الذاتية لأغلب الوزراء والمسؤولين من حمَلة الدكتوراه، فستجد أن أغلبهم من خريجي المدارس والجامعات الحكومية. ومن المعلوم أن الجامعات الحكومية المجانية هي الأكثر ظهوراً في التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات، خلافاً للحال بالنسبة للجامعات الأجنبية والخاصة في مصر. المجانية إذن لا تقتل التعليم، لكن ذلك لا يعني بحال أن نغفل المشكلات التي يعاني منها التعليم المجاني في مصر. وهي مشكلات لن تُحل بتسعير الخدمة التعليمية المجانية، أو بترك الأوضاع الحالية على ما هي عليه. فليس من الطبيعي أو المنطقي أن يُمنح الطالب الراسب في أي سنة دراسية فرصة جديدة للمجانية، فالمتعلم غير القادر على الدفع لا بد أن يجتهد في اغتنام الفرصة التي أتيحت له، وتكرار الرسوب المجاني يعنى المزيد من الخسائر الفردية والاجتماعية. وفي المقابل ليس من الطبيعي أو المنطقي أن تحرم الدولة أو المجتمع فقيراً مجتهداً من فرصة التعليم لمجرد أنه لا يملك المال. الدولة التي تمول تعليم غير القادرين من أبنائها لا تُلقي «فلوسها» على الأرض، بل تستثمرها. طابور الأطباء والمهندسين والمعلمين وأساتذة الجامعات والفنيين وغيرهم ممن تعلموا بالمجان وسافروا للعمل بالخارج هم المصدر الأهم للعملة الأجنبية التي تُعد رافداً مهماً من روافد الدخل القومي.المجانية ليست ظلماً اجتماعياً.. والدفع لا يحقق العدالة في كل الأحوال.. سؤال الفلوس يتعلق بالمكان الذي يضع فيه الفرد أو المجتمع أمواله، فحين توضع الفلوس في مكانها تربو وتزيد وتحقق العوائد المرجوة، وإذا وُضعت في غير مكانها ضاعت وأضاعت».

معاشات ضباط الشرطة

وبرزت أمام الحكومة مشكلة حول ضعف معاشات ضباط الشرطة، بحيث لا تكفيهم لدرجة أن معاش اللواء يصل إلى ألفي جنية شهريا حيث طالب عضو مجلس النواب ولواء الشرطة السابق سعد الجمال بزيادته وهو ما أيده في «الوفد» محمود غلاب بقوله: «أنا أتساءل مع الجمال كيف يحصل ضابط الشرطة بعد خدمة طويلة يصل فيها إلى أعلى الرتب على 2000 جنيه في الشهر، بعد أن يكون قد أعياه العمل وأصابه الإرهاق، بعد المعاش ماذا يفعل بـ2000 جنيه بعد أن أفنى عمره في خدمة الأمن، إن معاش ضباط الشرطة في حاجة إلى مراجعة عاجلة، خاصة أن الدكتور علي عبدالعال اعترف بأنها معاشات متدنية، ولابد من معالجتها، وإذا نظرنا إلى الدور الذي يقوم به ضباط الشرطة أو الأفراد وما تحملوه بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني من ضغوط عصبية ونفسية، حتى استعادة الأمن، وللدور الكبير الذي يؤدونه إلى جانب رجال القوات المسلحة في مكافحة الإرهاب يجعلنا ويجعل مجلس النواب يتبنى فورا مشروع قانون لإعادة النظر في مرتبات ضباط الشرطة ومعاشهم، هؤلاء الأبطال لابد أن يعيشوا حياة كريمة تقديراً لأنهم وهبوا أرواحهم للدفاع عن أمن واستقرار وحماية الشعب فيجب أن لا يبخل عليهم الوطن بمعيشة لائقة ورعاية صحية واجتماعية مناسبة لهم ولأسرهم».

المعاشات الهزيلة

والموقف نفسه اتخذه فاروق جويدة في «الأهرام» وطالب بأن يتم الصرف بأثر رجعي وقال:
«يجب أن يراعى في المعاشات الجديدة أن تكون بأثر رجعي، وتراعى فيها حقوق رجال الشرطة، الذين أحيلوا إلى المعاش منذ سنوات من أصحاب الرتب الكبيرة أو الصغيرة أيضا، وألا يقتصر الأمر على المحالين إلى المعاش الآن، أو في المستقبل. إن الأهم في القضية هو هؤلاء الكبار الذين يحصلون على هذه المعاشات الهزيلة، وهم يعانون ظروفا صحية وحياتية صعبة، هناك جانب آخر في هذه القضية وهو المعاشات الخاصة بشهداء رجال الشرطة في العمليات الإرهابية في السنوات الماضية، بحيث ننظر إليها كحالات خاصة حسب معاشات ضحايا الإرهاب، لقد عدلت الدولة قوانين المعاشات لفئات كثيرة من العاملين في الدولة، وقد تأخرت كثيرا معاشات رجال الشرطة وهم بحكم العمل والمسؤولية أحق الناس بأن تعدل معاشاتهم، لقد حاربوا الإرهاب بكل التجرد والوطنية، ولم يبخلوا على الوطن بالعطاء والدماء والأمانة، ولا يعقل أن ينتهي بهم المطاف إلى معاشات لا تكفي لتوفير أي غرض من أغراض الحياة».

معهد الأورام في دمياط

«ذهبت وزيرة الصحة إلى دمياط.. وليتها ما ذهبت، كما يتمنى مجدي سرحان في «الوفد» لأنه كما يقول، ظننتها اهتز ضميرها ومشاعرها مما كتبته وأرسلته لها مصورا.. سواء من خلال مقالي السابق أو عبر تليفونها الخاص وتليفون متحدثها الصحافي ومستشارها الإعلامي.. عن أهوال المعهد القومي لعلاج الأورام في دمياط.. فقررت أن تلبي دعوتي وتذهب إلى هناك بنفسها للوقوف على حقيقة ما يحدث.. وإصدار القرارات الفورية بإصلاح ما فسد. لكن المفاجأة هي أن الوزيرة لم تفعل شيئا غير اصطحابها للمحافظة الهمامة في جولة تفقدية لبنك الدم الإقليمي وأحد الأقسام الصحية، لتطلق بعدها تصريحات الإشادة بالقائمين على البنك وبالسيدة المحافظة والقائمين على تنفيذ المبادرة الرئاسية الخاصة بفيروس سي في دمياط، ونجاحهم في تحقيق نسبة تفوق المستهدف من البرنامج، وهي مسألة يعلم أهالي دمياط جيدا أنه قصد بها مجاملة الشخصية المشرفة على هذه المبادرة في المحافظة.. ويعلمون أيضا كيف استطاعت هذه الشخصية أن تنتزع لنفسها حق هذا الإشراف؟ ومن الذي يقف وراءها؟ مرة أخرى كنا نظن أن الدكتورة الوزير ستلبي دعوتنا من أجل زيارة معهد الأورام في دمياط الذي يخدم 6 محافظات في الوجه البحري، لتشاهد ما رأيته بنفسي ووثقته بالمستندات و«الفيديو» داخل المعهد لمدة 3 أيام.. من مهازل وكوارث تقشعر لها الأبدان، في غياب تام من وكيل وزارة الصحة في دمياط المتفرغ للبحث عن «وساطة» للبقاء في منصبه، مثلما أوضحنا من قبل. كنا نظن أن الوزيرة ستذهب إلى هناك أو ترسل لجنة للتأكد من صحة ما نقول، ابتداء من تعطل جهاز العلاج الإشعاعي منذ نحو عامين، رغم أن تكلفة إصلاحه ربما لا تزيد على نفقات عرض الوزيرة علاج الفنان الفيشاوي على حساب الدولة، الذي رفضه واضطرار المرضى ومعظمهم في حالات قريبة من الموت للسفر إلى محافظات أخرى و«البهدلة» في المواصلات لتلقي جلسات الإشعاع والعودة مرة أخرى إلى بلادهم كل يوم. وددنا لو شاهدت وزيرة الصحة كيف تم وضع جهاز أشعة الرنين المغناطيسي الذي تقدر قيمته بالملايين داخل «خرابة» في مبنى تحت الإنشاء مجاور للمعهد، ويضطر أهالي المرضى لحملهم فوق «التروللي» الحديدي والخروج بهم إلى الشارع.. وكيف يتم إجبار أهالي المرضى المحجوزين على الإقامة معهم داخل العنابر ليقوموا بخدمتهم الشخصية.. كالنظافة وتبديل الملابس وفرش الأسرَّة… أما ما يحدث في الليل فهو جريمة، حيث تترك الممرضات «مناوباتهن» ويختفين حتى الصباح.. وترتفع صرخات المرضى طلبا للمساعدة بلا مجيب. ظننا أن وزيرة الصحة لن تكون مثل غيرها من الوزراء الذين يبدو أنهم جميعا تلقوا تعليمات واحدة بألا يعيروا الإعلام والصحافة أي اهتمام.. وأن يتركوننا «نؤذن في مالطة» حتى نتعب ونسكت ويقتلنا الإحباط».

حفلات عمرو دياب

فراج إسماعيل في «المصريون» يقول: «يجب أن يكف الوزراء والمسؤولون عن التعرض للقمة عيش الفقراء مهما تكلفت الدولة من دعم في سبيلهم. الفقراء لا يذهبون لحفلات عمرو دياب وبعضهم لا يسمعه إلا صدفة من خلال الراديو إذا سمح وقته المنهك بالأعمال الزائدة التي يقوم بها ليوفر لأسرته دخلا تقتات به وتجد العلاج. ليس من المنطق أن نحمّلهم تكلفة فاتورة من يستطيع دفع مبالغ خيالية لحضور حفلة من حفلات الهضبة. بالمناسبة لا أعرف لماذا يسمونه الهضبة، الذين يدفعون المبالغ الكبيرة لحضور حفلة غنائية، لا يتعلمون بالمجان في مدارس الحكومة ولا في جامعاتها، فلماذا نأخذ ذلك مبررا لإلغاء مجانية التعليم التي هي حق دستوري؟ إذا كان التعليم سيئا ومكلفا حيث إنه لا يوجد تعليم ولا يحزنون في المدارس الحكومية فهذا ليس ذنب المجانية، فأجيالنا تعلمت بواسطتها وكان تعليمنا معقولا ولم تكن هناك دروس خصوصية بالزخم الذي عليه الآن، ولم ينقطع أحد منا عن المدرسة موفرا الوقت للدرس الخصوصي، لأن الإنذار بالفصل كان سيصل لولي أمره حتما وما يتبع ذلك من إجراءات. حاليا المدرسة لا تسأل عن الحاضر أو الغائب، والمدرس يحرض طلابه على عدم تضييع وقته بالذهاب إلى مدرسته. المدارس الخاصة يقبض أصحابها المبالغ الخيالية التي يدفعها ولي الأمر، ثم يطلقون سراح الطالب، لا يسأل البتة عن غيابه، ويحضر فقط لأداء الامتحانات الشهرية ثم يواصل في بيته متفرغا للمدرس الخصوصي، الذي يأتيه غالبا من المدرسة الخاصة، وهي تغض الطرف عنه لأن راتبه منها لا يكاد يكفي أجرة المواصلات، المشكلة إذن هي وزارة التعليم وخططها العرجاء. فما هو ذنب الفقراء والمساكين حتى نمنع أبناءهم من فتات التعليم الذي نسميه مجانية؟ كم فقيرا سيتضرر من ذلك؟ إنهم السواد الأعظم من سكان مصر. ذلك لا يصب في مصلحة الاستقرار لأنك تحولهم إلى لاجئين أميين أو جهلة عاطلين في المقاهي وعلى أرصفة الشوارع. يقال الشيء نفسه عن استهداف الفقراء من خلال الدعوة إلى رفع سعر تذكرة المترو، أو تحريرها وفق تعبير الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب. يقول الدكتور عبدالعال «السعر الاجتماعي لتذكرة المترو سيؤدي إلى تشغيله بدون كفاءة. عايزين مترو جيد ومتطور وسعر اجتماعي أمر غير مقبول، وبالتالي لا بد من السعر الاقتصادي غير المؤلم والمرن لتذكرة المترو، الذي يراعى فيه تكلفة التشغيل».
المفترض أن المترو يخدم الفقراء أو متوسطي الدخل. الأغنياء الذين سيدفعون السعر الاقتصادي لا يستخدمونه أصلا، فلديهم سياراتهم الخاصة، أو الأتوبيسات المكيفة التي تجوب العاصمة.لابد من السعر الاجتماعي الذي يتوافق ودخل غالبية السكان، ولابد في الوقت نفسه من تشغيله بكفاءة، لأن الدولة مسؤولة عن ذلك، وينبغي عليها أن تبتكر مصادر إضافية لسد الثغرة بين السعر والتكلفة الحقيقية. هناك وسائل كثيرة يمكن أن تلجأ إليها من خلال التفكير خارج الصندوق. يمكنهم أن يذهبوا إلى مدينة أطلانطا في الولايات المتحدة ويروا كيف يتوافق سعر تذكرة المترو مع الدخل المتاح لغالبية الناس، ومع ذلك يتوفر فيه أرقى مستوى من التشغيل. كيف حققوا تلك المعادلة؟ على الحكومة أن تجهد نفسها بحثا عن حلول بدلا من اللجوء إلى الطرق السهلة التي تقصم ظهر الفقراء».

الإرهاب والأقباط

وإلى العملية الإرهابية التي تعرض لها عدد من أشقائنا الاقباط في المنيا وهم في طريق عودتهم من زيارة دير الأنبا صموئيل المعترف، حيث وجه رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «وطني» القبطية يوسف سيدهم انتقادا غير مباشر لمن يخالفون تعليمات الأمن وقال: «إذا كان المسكوت عنه قبل الحادث الغادر الذي وقع الأسبوع الماضي، والحديث بعد الحادث كان يدور حول تأخر تعبيد كامل أطوال الطرق المؤدية إلى الدير، علاوة على تأخر ربطها بشبكات المحمول، ما يجعلها على درجة غير قليلة من الخطورة يسيل أمامها لعاب الإرهاب اللعين ليتربص وينقض ويضرب، فإنه في المقابل يستحق الأمر منا أن نطالب بلا هوادة بتدارك ذلك التأخير من جانب أجهزة الدولة، وإلى أن يتم التعبيد والتأمين المأمول نتروى في ترك البسطاء والآمنين والعزل يقطعون تلك الطرق والدروب جيئة وذهابا، بدون الحماية الواجبة ونحن نعرف تمام المعرفة الفرق بين الحركة الحرة المكفولة للأفراد بلا قيود، والحركة المنظمة للقوافل التي تتحرك في حراسة الأمن وتأمينه لماذا لا نفعل ذلك؟».

العمل الأهلي

في جريدة «روز اليوسف» أخذنا سعيد عبد الحافظ وهو من العاملين من مدة طويلة في مجال العمل الأهلي ومنظمات حقوق الإنسان في رحلة عن تاريخ هذا القانون، محذرا من استغلال البعض له وقال: «الآن قالها الرئيس وأعلنها أمام الشباب في مؤتمرهم العالمي في شرم الشيخ، لا بد من إعادة النظر في قانون الجمعيات ودعا الرئيس إلى حوار مجتمعي لتعديل القانون الذي أكد الرئيس على أن نصوصه بها بعض العوار، وأن نصوصه غلب على طابعها بعض المخاوف لدى نواب البرلمان، الذين أصدروا القانون. هذه المبادرة ليست مفاجأة لأنها تتفق وطبيعة الرئيس، لكنها السابقة الأولى في تاريخ الدولة المصرية أن يقوم رئيس الجمهورية بحديث مباشر وواضح عن الإطار القانوني المنظم للعمل الأهلي في مصر، ولا يخفى علينا أن قانون الجمعيات هو أحد أهم القوانين التي تتأثر دوما بالمناخ والحالة السياسية للبلاد، منذ صدور أول قانون لتنظيم العمل الأهلي في مصر عام 1938 بصدور المرسوم الملكي لتنظيم عمل الجمعيات، وقد صدر المرسوم بقانون وقتها والعالم على مشارف الحرب العالمية الثانية ثم صدور القانون رقم 49 لسنة 1945 أيضا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مرورا بالقانون رقم 66 لسنة 1951، الذي صدر في أجواء صراع الدولة مع جماعة الإخوان المسلمين، وصدور القانون 357 لسنة 1952 عقب قيام ثورة يوليو/تموز، إلى أن صدر القانون 32 لسنة 1964 الذي استمر العمل به لمدة تزيد على 40 عاما، وهو القانون الذي ورثت نصوصه مظاهر النظام الاشتراكي وتدخل الدولة في كل التنظيمات الاجتماعية والنقابية والسياسية؛ حتى القانون 84 لسنة 2002 لم يكن بعيدا عن المناخ السياسي ومحاولات الإصلاح التي اجتاحت العالم في ذلك الوقت، وجاء القانون الحالي 70 لسنة 2017 ليعكس مظاهر المخاوف المشروعة وغير المشروعة لنواب البرلمان من كل ما يتعلق بعمل الجمعيات، لاسيما الحقوقية منها ليصدر القانون الذي تفوح منه رائحة الخوف من إساءة استخدام التمويل، وكذلك الخوف من الضغوط الدولية التي تستعين ببعض الناشطين والجمعيات للضغط على الدولة المصرية. نعلم أن هناك فريقا لا يحب، بل لا يريد أن يخضع لأي قانون ينظم عمل الجمعيات، ويريدون العمل خارج أي رقابة ويخلطون بين السياسي والحقوقي، وتتجه بوصلتهم للسفارات والبعثات الدبلوماسية ومنظمات التمويل، لكن من حسن الحظ أنهم قلة وأن التيار العام يجب أن يكون في صف القانون، بل الخضوع والامتثال لنصوصه لكن أي قانون؟ هذا هو السؤال؟».

انتخابات الوفد

«حدّث أحد الوزراء محمد أمين في «المصري اليوم» عن انتخابات «الوفد»، وهو بالمناسبة ليس من وزراء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، أولاً لأنه لا يوجد وزير سياسي في الحكومة.. وثانياً لا يوجد وزير مهتم بما يجري في «الوفد» من انتخابات، وكأن الكلام في السياسة ممنوع أو محظور بقرار، لا نعرف مصدره. أبدى الوزير السابق ملاحظة مثيرة عن مقاطعة الفضائيات لانتخابات الهيئة العليا، وقلت للوزير السياسي: ملاحظتك في محلها للأسف الشديد.. أولاً لأن البعض يتصور خطأ أن انتخابات الوفد تخص الوفديين فقط. وثانياً لأن البعض الآخر يتصور خطأ أيضاً أن الاحتفال بمئوية «الوفد» شأن وفدي صرف.. وهؤلاء لا يعرفون أن الوفد جزء من تاريخ مصر.. ولا يعرفون أيضاً أنه شأن مصري قبل أن يكون شأناً وفدياً، فقد خرج من «رحم الأمة» كلها. وكنت دعوتُ، من هذا المكان، حكومة الدكتور مدبولي أن تكون حاضرة في احتفالات مئوية الوفد.. ودعوتها أن تطلب معرفة إجراءات الاحتفال، ولا تتركه للوفديين فقط.. ولابد أن يلقي رئيس الوزراء كلمة بهذه المناسبة التاريخية.. فلا يمكن أن تقوم بتسويق مصر سياسياً بدون أن تقول إننا عندنا أحزاب قبل أن تكون هناك أحزاب في أوروبا، وإن الوفد واحد منها. ولاحظت أيضاً أن الصحف تعاملت مع الانتخابات كرقم.. كم دخل الانتخابات؟ وكم فاز؟ كم نسبة الحضور؟ كم صوتاً باطلاً؟ كم عدد الأصوات الصحيحة؟ وهكذا بدت الانتخابات كأنها أي حاجة.. مع أنه كان من الممكن أن تحرك «المياه الراكدة» في الوسط السياسي.. وكان بإمكانها أن تفتح الباب للتحليل وحدود الدور الذي يمكن أن يلعبه «الوفد» مستقبلاً. ويؤسفني أننا لم نتعامل مع انتخابات الوفد مثل انتخابات أي ناد درجة ثانية.. نحن نهتم بالكرة ولا نهتم بالثقافة والسياسة.. ننشر الأخبار السريعة فقط.. وننشر أرقام الذين خاضوا الانتخابات والذين فازوا.. فلا نحلل أي شيء.. مع أنها كانت حدثاً كبيراً يمكن استثماره.. فهل كانت هناك تعليمات بعدم التوسع في نشر أخبار الانتخابات، وما المقصود من عدم النشر؟ استثمروا وجود الوفد على «خريطة العمل السياسي».. فهو حزب مكتمل الأدوات، وعنده تاريخ عريق وعنده قيادات وطنية، وعنده مقار في المحافظات والمراكز والقرى.. يمكن أن يؤدي دوراً لصالح الوطن.. ويمكن أن يكون وسيلة تنوير حقيقية.. ويمكن أن نلعب بهذه الورقة سياسياً، إذا كان عندنا «تسويق سياسي» أم أنتم خائفون من الأعداد التي ملأت منطقة الدقي؟ وأخيراً، أخشى أن يذهب كلامي هدراً، فلا يهنئ مدبولي رئيس الوفد، بهاء أبوشقة، بالانتخابات، ولا يحضر مئوية الوفد باعتبارها شأناً وفدياً خالصاً.. هذا تاريخ مصر لمن لا يعلم. اهتموا بانتخابات الوفد كما تهتمون بانتخابات الأندية.. والعبوا سياسة.. ربما تكون حلاً لمشكلات كثيرة».

إثارة الكراهية

وإلى «المصري اليوم» والمؤرخ ووزير الثقافة السابق حلمي النمنم الذي نفى ما يتم تفسيره لاستهداف الإرهابيين للأقباط بأن السبب هو تأييدهم لثورة الثلاثين من يونيو/حزيران سنة 2013 التي أطاحت بحكم الإخوان وقال: «يجب ألا نطمئن كثيرا ونركن إلى مقولة إن التنظيمات المتشددة والإرهابية تعاقب الأقباط وتنتقم منهم لموقفهم من ثورة 30 يونيو، كان يمكن أن نتقبل ذلك التفسير لو أن هذه التنظيمات لم يسبق لها قبل 30 يونيو أن قامت بأي عمل إرهابي ضد الأقباط، ولم يفجروا أي كنيسة لهم ولا مارسوا التحريض وأثاروا الكراهية ضد الأقباط، ولم يقطعوا الطريق على محافظ قنا لمنعه من تسلم عمله لأنه قبطي، أو لو أنهم كانوا يوادون الأقباط ويقدرونهم ثم غضبوا منهم وانقلبوا عليهم وتحولت مشاعرهم بعد 30 يونيو. نحن جميعا شهود والله شاهد قبلنا على أنهم لم يحملوا يوما أي قدر من الود أو التقدير تجاه الأقباط وتجاه المسيحيين عموما، حيث ينعتونهم في أدبياتهم ورسائلهم بتعبير «الصليبيين الكفرة». إن محاولة جماعة الإخوان إحراق مقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية وتدميرها جرت قبل ثورة 30 يونيو، وقتها لم يكن في تصور الإخوان أن ثورة يمكن أن تقوم ضدهم في 30 يونيو، ولا في أي شهر، وكان يمكن أن نتقبل التفسير العقابي والانتقامي لو أن ثورة 30 يونيو كانت ثورة قبطية ولم يكن مشاركا فيها سوى فصيل من المصريين وهم الأقباط. الثورة كانت مصرية بامتياز شارك فيها 24 مليون مصري ومصرية من مختلف فئات المصريين ولم تكن الثورة تحمل أهدافا قبطية، ولم يكن بين مطالبها أو أهدافها هدف واحد خاص بالأقباط، كان هدفها التمسك بالدولة الوطنية – المدنية، وهذا كان ولايزال مطلب الأغلبية من المصريين مسلمين وأقباطا».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية