لستُ مضطراً ولكن سأخبرك بوصيتي الأخيرة،
أي بني حاول – ولو من باب التسلية – أن تجمع بضع حبات من الندى على غصن رمان ربيعي، واستمتع بصوت العصافير، فلربما هذه آخر مرة يهبط الندى
– وهل يستطيع أحد منعه، أو يسكت العصافير؟
– أي بني….
الوطن يمنعه
– وما الوطن؟
بني؛ الوطن: كائن خيالي مثل الغول، يأكل طعام مدن كبيرة فتموت جوعاً، ويختبئ تحت عباءة الشيخ المسافر في طائرة، فيعبث بنظامها فتسقط القنابل لتموت مدن أخرى،
الوطن يا بني، يقفل الأبواب على مليون لعبة أطفال، وأنت تلعب بالحجارة وعلبة السردين التي فرغت من كرش الإغاثة أو المغيث، الوطن يا بني يحبس عمك ورفاقه المليون، ويقيد نصف الجرائم ضد مجهول، هو عينه الوطن الذي يفيض كل ربيع ونجوع شتاء يا بني.
ولكن يا أبي قال لي أستاذ التاريخ أن الوطن كبير يمتد بين بحرين وبحرين؟
نعم يا بني، كبير بحجم الفضيحة، فرغم كبره لم يتسع لخالك الذي هاجر إلى ألمانيا ليعمل ماسح أحذية.
ربما يا أبي لم يتقن مهنته في الوطن؟
– بل اتهموه أنه لص جوارب .
– وماذا تعرف يا أبي عن الوطن؟
– بني؛ كل هذه الفراشات التي تلاحقها يا بني وطن… ولكنه وطن حرام!
وربطة المعكرونا وطن ولكنها كافرة
وحذاء جدتك وطن ولكنه بالي
وحدها الطائرة يا بني وطن، لا تخف يا بني الطائرة ليست كما تراها تقتل الناس إنهم يمزحون، يلهون بحفلة تنكرية وتنتهي قريبا
– ولكن يا أبي دفنوا الناس؟
– لم يدفنوهم يا أبي ذهبوا إلى الوطن الوطن يا أبي الوطن الذي حدثتك عنه بين قطرات الندى والعصافير.
٭ كاتب سوري
رائع بكل مايفوح منك من عطر وياسمين