لمواجهة جائحة وباء كورونا COVID-19، وتداعياته الاقتصادية، وسبل الخروج من هذه الأزمة الخانقة والمدمرة، بأقل الخسائر نسبياً. خاصة بعد تجاوز أعداد المصابين عتبة الأربعة ملايين وقرابة النصف مليون حالة مستجدة، تعافى منهم مليون و648 حالة، حتى كتابة هذه السطور، ووفاة 297 ألفا و382 ضحية لهذا الفيروس التاجي حتى يوم الأربعاء الماضي.
مواجهات مسلحة عنيفة
والأرقام ترتفع وتتزايد بصورة مرعبة، بينما حكومة اليمن الشرعية، وائتلاف المجلس الانتقالي الجنوبي المنشق عنها، يخوضان حرباً ضروساً، ومواجهات مسلحة عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، على تخوم عدن ومحافظة أبين مخلفين جرحى وقتلى من الجانبين لم يتضح عددهم حسب العديد من المصادر الصحافية، لكن حسب مصادر ميدانية في الجيش الوطني اليمني أكدت سقوط عشرة قتلى من قوات المجلس الانتقالي، وأسر أكثر من ثلاثين منهم في مواجهات الثلاثاء الماضي بين الطرفين بمحافظة أبين.
في حين قتل اثنان من أفراد الجيش، معلنين فشل اتفاق الرياض، متبادلين الاتهامات لكل طرف بخرق الاتفاق ذاته برعاية سعودية، بصورة نهائية ربما. وغير آبهين بجائحة كورونا وحصدها لأرواح المواطنين اليمنيين في عدن وبعض المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، أو المجلس الانتقالي الجنوبي، وانهيار المنظومة الصحية برمتها في عدن، وانعدام أسطوانات الأوكسجين، ورفض معظم مستشفيات عدن وأبين ضعيفة التجهيز استقبال العشرات من المرضى، المصابين بكورنا ومرض المكرفس (حمى التشيكونجونيا) وأمراض الحُميات المنتشرة منذ قرابة شهر في عدن. عقب السيول التي جرفت أحياء كريتر وأجزاء من مدينة عدن قبل ثلاثة أسابيع.
الإنسان اليمني
كان الأحرى بالأطراف اليمنية المتصارعة في عدن، أن يكون همها في المقام الأول هو الإنسان اليمني، وأبناء عدن على وجه الخصوص، ووقف التحشيد المسلح من الجانبين، والالتفاف لمحاولة الإصلاح الصحي المشلول أصلاً في عدن، منذ خمسة أعوام أو تزيد، طيلة فترة الصراع المسلح على السلطة شمالاً وجنوباً. منذ الانقلاب الحوثي- الصالحي، واقتحام قواتهم عدن بعد فرار الرئيس عبد ربه منصور هادي من العاصمة صنعاء بعد الانقلاب على سلطته الشرعية من قبل تحالف الرئيس السابق مع التيار الحوثي، هرب إليها في الحادي والعشرين من شباط- فبراير 2015 وإعلانها أي عدن عاصمة موقتة لليمن.
الصور ومقاطع الفيديو التي شاهدناها، الآتية من عدن هذه الأيام، لأناس يموت ذووهم وآباؤهم، بفيروس كورونا وأمراض صدرية، بسبب رفض المستشفيات استقبالهم، لعدم توفر مستلزمات الوقاية الطبية من الفيروس ذاته وشحة الكوادر الطبية، كانتا صادمة ومحزنة في آن واحد، الشعب اليمني لا يستحق أبداً أن يعيش جحيم حربين كلامها نارها تلسع وتميت، وهي كورونا والمواجهات المسلحة بين المجلس الانتقالي تارة، وبين الحكومة الشرعية من جهة وبين الحوثيين سلطات الأمر الواقع في صنعاء وشمال اليمن من جهة أخرى، بينما يضيع الشعب اليمني في زحمة هذه الصراعات الدامية، والأجندات السياسية المختلفة ويصبح تحت رحمتها، حرباً أو سلماً.
المواجهات المسلحة
ولم تقدم لهم الحكومة الشرعية ولا المجلس الانتقالي، أي شيء يذكر، ولا حتى التحالف الخليجي، وكذلك يكذب الحوثيون بإعطاء أرقام غير دقيقة لمنظمة الصحة العالمية حول أعداد المصابين بالفيروس التاجي في مناطق سيطرته، بينما يصمت التحالف العربي، ولم يقدم أي مساعدات طبية لليمن حتى الآن، وهو الذي تراجعت أهدافه في هذا البلد الأشد فقرًا حول العالم.. الذي ساهم بصورة أو بأخرى بتراجع الوضع الصحي والاقتصادي في الأراضي اليمنية، بتدخله العسكري فيها، حتى المساعدات الطبية لم تقدم أي دولة من دخول الخليج أي مساعدات طبية عاجلة للشعب اليمني، حتى ساعة كتابة هذه السطور.
لكن في المقابل من حقنا كيمنيين في الوقت نفسه، أن نتساءل إلى أين ستؤدي المواجهات المسلحة بين طرفي اتفاق الرياض، خاصة إذا ما استمرت المواجهات وتفجرت الأوضاع عسكرياً، وخرجت عن السيطرة كلياً في عدن وأبين وما جوارها؟
وهل تدفع بعض دول الخليج، وربما دول التحالف العربي في اليمن، الحرب لتكون مآلاتها أو تحولها لحرب مناطقية بحته بين الشمال والجنوب اليمني الذي أعلن إدارة ذاتية من قبل المجلس الانتقالي الذي يسيطر على عدن من آب- أغسطس الماضي؟
وأين ذهبت التهديدات السعودية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أنها سوف تعيد الأوضاع إلى ما قبل أحداث أب -أغسطس الماضي وإنهاء الانقلاب على الشرعية في عدن وهل سوف يخرج التيار الحوثي هو الرابح الأكبر من كل ما يجري حاليا في جنوب اليمن وعدن وأبين على وجه التحديد.. وسقطرى مؤخرا مما يؤدي إلى إنشاء تحالف جديد بين أعداء الأمس أصدقاء اليوم؟
خاصة بعد ظهور بعض رموز الحكومة الشرعية على إحدى القنوات التابعة للحوثيين وهي قناة اللحظة الفضائية أمثال الدكتور حمزة الكمالي وكيل وزارة الشباب والرياضة في الحكومة الشرعية متحدثاً عن خروقات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن؟.
صحافي وكاتب سياسي يمني يقيم في نيويورك