صنعاء (القدس العربي) من خالد الحماي: أعلنت اللجنة التنظيمية المسئولة عن تنظيم الفعاليات الثورية في كل الساحات اليمنية عن تعليق كافة أنشطتها الثورية والتوجيه بإخلاء ساحات الاعتصامات ورفع الخيام من الشوارع التي كانت تسيطر عليها في كل من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية وإيقاف الاعتصامات الجماهيرية في ايام الجمعة، ابتداء من هذه الجمعة.
وتوقفت اللجنة التنظيمية عن إحياء فعالية هذه الجمعة بعد أن قررت الخميس وقف فعالياتها الثورية والتي بدأتها بهدم منصة ساحة الاعتصام في العاصمة صنعاء المعروفة بـ(ساحة التغيير)، وكذا برفع خيام المعتصمين منها.
وبررت هذا القرار بـ(تحقيق النصر) الذي خرجت الثورة من أجله وهو (إسقاط نظام صالح)، وكانت أطقلت على الجمعة قبل الماضية (جمعة النصر) بعد أن أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قرارات بإبعاد أفراد عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح من البلاد، عبر تعيينهم في مناصب دبلوماسية في سفارات اليمن في الامارات وإثيوبيا والمانيا والتي اعتبروها (انتصارا ثوريا) ضد صالح خاصة بعد أن تم تصفيتهم من السلطة برمتها ومن المواقع المؤثرة في المؤسسات العسكرية والأمنية.
وإن كان تم توجيه هذا القرار الثوري لكافة الساحات الثورية في مختلف المحافظات اليمنية، غير أنه تم تنفيذه في العاصمة صنعاء، فيما لم تلتزم به بعض المحافظات الأخرى، بحجة أن أهدافها الثورية المحلية لم تتحقق بعد، وفي مقدمتها ساحة محافظات تعز وعدن وإب وذمار وحجة.
وأوضح عضو اللجنة التنظيمية حبيب العريقي لـ(القدس العربي) أن اللجنة وجهت القرار الى جميع الساحات الثورية في كل أرجاء اليمن، ‘ولكن قرارنا لا يلزم أحدا من الساحات أو من الأطراف التي لا تنتمي الى مكوناتنا الثورية’.
واوضح أن الحوثيين حاليا لا زالوا متمسكين بالبقاء في ساحة التغيير بصنعاء لأنهم لم يعودوا ضمن مكون اللجنة التنظيمية لانقطاعهم عنها منذ وقت مبكر، ولكنه أكد أن ‘هناك اتصالات مع الحوثيين وهناك تنسيق لبحث رفع الخيام عن ساحة التغيير من قبلهم ولم نلمس حرصهم على البقاء فيها’.
وأضاف ‘ان إعلاننا قرار اللجنة التنظيمية وهدم منصة ساحة التغيير بصنعاء وإزالة الخيام يعني أننا رفعنا الغطاء عن وجودنا في الساحة وعن إدارتها وعن اللجان التنفيذية فيها وكذا توفير الامكانيات لها وبالتالي من سيبقى في الساحة سيتحمل المسئولية كاملة أمام السلطة وأمام المجتمع المحلي والدولي، وسيواجهون هذه المشكلة بمفردهم ونأمل أن يحذو حذونا في هذه الخطوة’.
وبشأن بقية الساحات الثورية في المحافظات، قال العريقي ‘قرار اللجنة التنظيمية موجه لكافة الساحات في عموم اليمن، لكن موقفنا ليس مرتبط بالقضايا المحلية، حيث نمثل الموقف الوطني العام ونحترم مواقف الأخوة في الساحات المحلية، في حال رغبوا في استمرار ساحاتهم حتى تحقيق مطالبهم المحلية’.
وجاء قرار اللجنة التنظيمية بعد أن عكفت على تنظيم الفعاليات الثورية والاعتصامات والتجمعات الجماهيرية ايام الجمع لنحو 26 شهرا، منذ شباط (فبراير) 2011، وتكبدت الكثير من المصاعب والمشاق في أداء مهامها، وكان مسئوليها بمثابة الجنود المجهولين الذي اسهموا بشكل فاعل في استمرارية الثورة وفي استمرارية الفعل الثوري، وفي استمرارية وهج الثورة، رغم كل الضربات القاسية والموجعة التي وجهها النظام السابق ضد الساحات الثورية في العديد من ساحات الثورة وبالذات في صنعاء وتعز وعدن والحديدة.
وبدأت اللجنة التنظيمية الخميس بإزالة منصة ساحة التغيير أمام مدخل جامعة صنعاء، التي تعتبر الرمز الثوري لساحة التغيير بل للثورة برمتها، وكذا إزالة الخيام من أغلب مناطق الساحة بمافيها مداخلها ومخارجها في الشوارع الرئيسية والفرعية .
ووفقا للعديد من شهود العيان تم البدء في إزالة الكثير من الخيام في ساحة التغيير بصنعاء، ولم يتبقى فيها سوى خيام حركة شباب الصمود التابعة لجماعة الحوثي الذين رفضوا الانصياع لقرار اللجنة التنظيمية بإخلاء ساحة التغيير.
وأحدثت قضية إخلاء الساحات الثورية من الخيام وتعليق الأنشطة الثورية ردود أفعال متفاوتة من قبل شباب الثورة، حيث يرى الكثير منهم أن القرار جاء في وقته، وأنه طالما وان الهدف الرئيسي للثورة قد تحقق وهو (إسقاط نظام صالح) فلا داعي للاستمرارية في الفعل الثوري، والتحول نحو الفعل السياسي كما بدأ على الواقع حاليا، غير أن شباب الصمود التابعين لجماعة الحوثي وبعض المتعاطفين معهم اعترضوا على هذا القرار ويحاولوا الاستمرار في الفعل الثوري، لاعتقادهم بعدم تحقق كافة أهداف الثورة الشعبية.
وعلقت الرائدة الثورية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، عام 2011، على قرار رفع الساحات بقولها ‘لو كانت الثورة مجرد خيمة لكان القذافي أول وأكبر ثائر’. وأضافت ‘الثورة ليست سوى فكر رافض للفساد العام أينما وجد مع التزام أخلاقي بتغييره في كل حين، من لا يراها كذلك فسيتخلف عن خوض المرحلة التالية الأهمر وسيحرم نفسه شرف المشاركة في الانجاز الأعظم لثورة التغيير، إنه تطهير مؤسسات الدولة من الفساد، ذلك يتطلب أن نجعل من الساحة الأمامية لكل وزارة ومؤسسة عامة ساحة للتغيير’.
وفيما وصف الناشط أحمد الولي قرار اللجنة التنظيمية بقوله ‘القرار برفع الخيام لا يقل اهميةً عن قرار هيكلة الجيش’، قال الناشط الشاب ياسر الحسني ‘أتذكر نصب اول خيمة في ساحة التغيير بصنعاء وكأنه الآن ايام ثورية، لن ننساهها ماحيينا، نرفع خيامنا منك اليوم، ولكن بعد أن زرعت في قلب كل يمني ساحة للحرية والكرامة والتغيير والثورة مستمرة حتى تحقيق كآفة اهدافها ولكن بوسائل جديد’.’
من جانبها قالت الناشطة الثورية المستقلة نادية عبدالله ‘ان الثورة ليست ساحة فقط او اعتصام فقط..ورفع الساحات لا يعني انتهاء الثورة، بل الثورة مستمرة حتى تحقق اهدافها والساحات لم تعد لها ذلك الدور المهم كما كانت، وسيكون لها دور اكبر في حالة رفعها ثم عودتها مرة اخرى اذا ادرك الجميع ان الثورة لم تحقق جميع اهدافها وتم الالتفاف على اهدافها من قبل القوى السياسية’.
وأضافت ‘سننتظر انتهاء الحوار الوطني فإذا خرج الحوار بدستور قوي للبلاد وحل جميع الخلافات والنزاعات بين جميع الاطراف وقررت جميع القوى السياسية بناء اليمن الجديد والتعايش السلمي والتوجه للبناء والاستقرار والنهضة بالبلاد ومحاكمة المجرمين والمفسدين….الخ، كان بها’والا فالشباب سيخرجون مرة اخرى للساحات ويقيموا اعتصامات جديدة وثورة من جديد’وكما قاموا بثورة هم قادرين على اقامة الف ثورة’.