صنعاءـ «القدس العربي»: شنت إسرائيل، أمس الخميس، عدوانًا مباشرًا هو الثالث على اليمن، خلال أقل من ستة شهور، من خلال موجتين من الغارات الجوية الكثيفة؛ هزت الموجة الأولى جنوبي وشمالي مدينة صنعاء، مستهدفة محطتي طاقة مركزيتين، في أول عدوان إسرائيلي على العاصمة اليمنية، والموجة الثانية استهدفت ميناءي الحُديدة والصليف ومنشأة رأس عيسى النفطية غربي البلاد.
وأسفرت الغارات، التي نُفذت بعشرات القنابل، عن استشهاد تسعة أشخاص وإصابة ثلاثة جميهم مدنيون، وذلك بعد وقت قصير من استهداف صاروخين تبنتهما “أنصار الله” (الحوثيون) لمنطقة يافا (تل أبيب)، في سياق جبهة الإسناد اليمنية لغزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وفي خطاب متلفز بثته قناة المسيرة التلفزيونية التابعة للحوثيين،أمس الخميس، قال زعيم جماعة “أنصار الله”، عبدالملك الحوثي، إن “العدو الإسرائيلي استهدف الموانئ في الحديدة ومحطتي كهرباء في صنعاء وأسفر العدوان الإسرائيلي عن استشهاد تسعة شهداء مدنيين”.
وقال: “العدوان الإسرائيلي على بلدنا لن يثنينا أبدًا عن موقفنا المناصر للشعب الفلسطيني ومجاهديه في غزة”، مضيفًا: “نحن حريصون على الارتقاء دائمًا في مستوى عملياتنا ضد العدو الإسرائيلي وعلى مستوى زخمها من حيث الكثافة أكثر”.
وأشار إلى أنه “تم البارحة إطلاق صاروخين باليستيين فرط صوتي الأول كان بعد العشاء والآخر تزامن مع تحرك الطيران الإسرائيلي الحربي الذي نفذ عدوانًا على بلدنا”، موضحًا أن “عملية القصف الصاروخي إلى يافا المحتلة أدت إلى إحداث حالة كبيرة من الرعب والهلع والذعر الشديد في أوساط اليهود”.
وتابع: “تم إطلاق الصاروخ الفرط صوتي في اتجاه ما يسمى بوزارة الدفاع الإسرائيلية بالتزامن مع تحرك الطيران الإسرائيلي للعدوان على بلدنا”، مشيرًا إلى أن ” تزامُن إطلاق الصاروخ الفرط صوتي مع العدوان على بلدنا أحدث إرباكًا كبيرًا للعدو الإسرائيلي وأثر حتى على إكمال مهمته”.
وذكر عبدالملك الحوثي أنه” منذ بداية الإسناد للشعب الفلسطيني وإلى اليوم تم القصف بـ1147 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا وطائرة مسيرة مع عمليات البحرية بالزوارق الحربية”.
وأكد: “نحن على مستوى الموقف مستمرون في التصعيد، ولا نأبه بما يقوم به الأعداء، فنحن في حالة حرب معهم ومواجهة مفتوحة معهم”.
وزاد زعيم “أنصار الله”: “لن نتزحزح عن موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني مهما كانت التحديات والاعتداءات من الأمريكي أو الإسرائيلي أو ممن يدورون في فلكهم”.
وأعلن المتحدث العسكري باسم “أنصار الله”، الخميس، في بيان، عن “تنفيذ عملية عسكرية استهدفت هدفين عسكريين نوعيين وحساسين للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخين باليستيين فرط صوتيين من نوع (فلسطين2)”.
ونقلت وكالة اسوشيتدبرس عن مسؤول عسكري قوله إن الموجات الإسرائيلية الأخيرة من الضربات على اليمن لم تكن ردًا مباشرًا على إصابة الصاروخ، بل كانت ردًا مخططًا منذ شهور من هجمات الحوثيين. وقال: “كانت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية في الجو بالفعل عندما أطلق الصاروخ”.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن 14 مقاتلة إسرائيلية هاجمت، فجر الخميس، بعشرات القنابل 5 أهداف في اليمن. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي:” تمت مهاجمة 5 أهداف في اليمن، وأسقطت 14 طائرة حربية عشرات القنابل”.
9 شهداء و3 جرحى
في السياق، أعلنت وكالة الأنباء سبأ بصنعاء التابعة لـ “أنصار الله” أن “العدوان الإسرائيلي شن أربع غارات على محطة كهرباء حزيز جنوب العاصمة صنعاء، وغارتين على محطة كهرباء ذهبان شمال العاصمة”.
وذكرت أن “العدو الإسرائيلي شن أربع غارات على ميناء الحديدة، وغارتين على منشأة رأس عيسى النفطية”.
وقالت قناة المسيرة الفضائية الناطقة باسم “أنصار الله”، إن العدوان الإسرائيلي تسبب باستشهاد تسعة أشخاص. وأوضحت “أن 7 استشهدوا إثر غارة للعدو الإسرائيلي استهدفت ميناء الصليف بالإضافة إلى شهيدين وجريح إثر غارتين على منشأة رأس عيسى النفطية”. وأضافت أن مواطنين اثنين أصيبا، إثر 7 غارات للعدو الإسرائيلي على ميناء الحديدة.
وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قال في “تدوينة” على منصة “إكس”: “لقد هاجمنا الحوثيين في اليمن الليلة (أمس)”. وأضاف: “من يرفع يده على دولة إسرائيل – تقطع يده، ومن يؤذي – يتأذى مرتين”. فيما قال وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، إن الغارات الجوية الإسرائيلية على موانئ وبنى تحتية في اليمن “لن تكون الأخيرة”.
استئناف العمل بميناء الحديدة
إلى ذلك، أعلنت حكومة “أنصار الله” عودة العمل بميناء الحديدة بشكل طبيعي. وأكد وزير النقل والأشغال العامة، محمد قحيم، خلال تفقده الأضرار بميناء الحديدة، الخميس، استئناف العمل في الميناء بشكل طبيعي بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي.
وقال قحيم، لوكالة الأنباء سبأ في صنعاء: “بفضل الله تعالى ميناء الحديدة يواصل عمله بشكل طبيعي ويستقبل السفن والحاويات دون توقف”. وأكد “أن العدوان الإسرائيلي لم ينجح في تعطيل النشاط الحيوي لهذا المرفق الاستراتيجي الذي يقدم خدماته للشعب اليمني”.
كما تفقد وزير الكهرباء والطاقة والمياه في حكومة الجماعة، علي سيف، ومحافظ صنعاء، عبد الباسط الهادي، الأضرار التي طالت محطة كهرباء حزيز بالعاصمة صنعاء، جراء استهدافها بقصف إسرائيلي.
وأدان الوزير سيف “هذا الاعتداء الغاشم”، معتبرًا “معاودة استهداف المنشآت المدنية انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع التي تنص على تجريم استهداف الأعيان المدنية”.
واعتبر مجلس النواب، الموالي للحوثيين، في بيان، “العدوان الإسرائيلي انتهاكًا سافرًا لسيادة اليمن واستهتارًا بالقانون الدولي والإنساني”، مؤكدًا “أن استهداف الأعيان والمنشآت المدنية جرائم حرب ضد الإنسانية، وأن استهداف مقدرات الشعب اليمني هو استهداف للحياة العامة للمواطنين للتضييق عليهم وزيادة معاناتهم”.
حكومة “أنصار الله” (الحوثيون) أكدَّت أنَّ “العدوان الإسرائيلي الجبان على المنشآت المدنية في صنعاء والحديدة، بما فيها محطات توليد الطاقة والموانئ والمنشآت النفطية يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وتأكيدًا جديدًا على النزعة الإرهابية الإجرامية لدى كيان العدو الإسرائيلي واستهتاره بأرواح وسلامة المدنيين”.
وحمّلت الحكومة، في بيان، “كيان العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة”، وقالت “إن اليمن لن تخيفه هذه الهجمات، وسيواصل مقاومة العدوان الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة”.
فيما أكدَّ عضو المجلس السياسي الأعلى في سلطة “أنصار الله”، محمد علي الحوثي، “أن هجمات العدو الإسرائيلي الأمريكي على الأعيان المدنية جرائم حرب إرهابية مدانة، وأنها لن تثني اليمن عن عملياته لإسناد غزة”.
وأضاف الحوثي، على “تدوينه” في منصة “إكس”: “جرائم الكيان الإسرائيلي والأمريكي على اليمن استمرار في مسلسل الإجرام في المنطقة”.
مجلس القيادة الرئاسي في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أدان الغارات الإسرائيلية الجديدة على اليمن، وحمل الحوثيين “مسؤولية التصعيد”.
صاروخان يستهدفان تل أبيب
في السياق، أعلن المتحدث العسكري باسم “أنصار الله”، العميد يحيى سريع، الخميس، عن “تنفيذ عملية عسكرية استهدفت هدفين عسكريين نوعيين وحساسين للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخين باليستيين فرط صوتيين نوع (فلسطين2)”.
وأوضح في بيان “أن القوة الصاروخية نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفين عسكريين نوعيين وحساسين للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة وذلك بصاروخين باليستيين فرط صوتيين نوع (فلسطين2)”.
كما أوضح أن العملية حققت أهدافها بنجاح، مشيرًا إلى أنها نُفّذت تزامنًا مع العدوان الإسرائيلي على منشآت مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة، منها محطات الكهرباء وجاءت في إطار الردِّ الطبيعي والمشروع.
ونشرت وسائل إعلام تابعة لـ”أنصار الله”، مساء الخميس، “مشاهد لإطلاق الصاروخين فرط الصوتيين (فلسطين 2) على هدفين عسكريين للعدو الصهيوني في يافا المحتلة”.
في المقابل، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: “تمت مهاجمة 5 أهداف في اليمن، وأسقطت 14 طائرة حربية عشرات القنابل”.
وأضافت: “في الموانئ، تعرضت القاطرات التي تجلب السفن للهجوم، وتم شل القدرة على جلب البضائع”.
فيما ذكرت القناة “13” العبرية، أن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها الجيش الإسرائيلي أهدافًا في العاصمة صنعاء منذ بداية الحرب في غزة.
وتابعت: “نُفذ الهجوم بعد تخطيط استمر أسابيع، وعقب نحو ساعة من تفعيل صفارات الإنذار في وسط البلاد، إثر إطلاق صاروخ أرض-أرض من اليمن، تم اعتراضه خارج الأراضي الإسرائيلية”.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دوي انفجارات متعددة في مدينة القدس، بالتزامن مع تفعيل صفارات الإنذار في تل أبيب.
من جهتها، أفادت مصادر بسماع دوي انفجار شرق تل أبيب، بعد إطلاق صفارات الإنذار في مدن عدة وسط إسرائيل.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إفيخاي أدرعي، قال: “تم اعتراض صاروخ واحد أطلق من اليمن قبل أن يخترق الأجواء الإسرائيلية حيث تم تفعيل الإنذارات في وسط البلاد خشية سقوط شظايا من عملية الاعتراض”.
وقال الجيش الإسرائيلي “تم إطلاق صفارات الإنذار الصاروخية بعد احتمال سقوط حطام من الاعتراض”. وقد دوت صفارات الإنذار بالقرب من تل أبيب والمناطق المحيطة بها، وسُمع انفجار كبير في ذلك الوقت.
وأضاف بعد تحقيق إن الرأس الحربي للصاروخ سقط على مبنى مدرسة في رامات جان، إحدى ضواحي تل أبيب. وقال الجيش إن الرأس الحربي انفجر، مما أدى إلى انهيار المبنى.
ووفق وكالة إسوشيتدبرس، فإن إسرائيل على ما يبدو نفذت ضربات يوم الخميس وحدها. ونقلت الوكالة عن مسؤول عسكري أمريكي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن واشنطن لم يكن لها دور فيها.
واستهدفت إسرائيل اليمن بغارات جوية مباشرة لأول مرة في 20 يوليو/ تموز، واستهدفت خزانات الوقود بالمنشآت النفطية بميناء الحديدة، ومحطة كهرباء رأس كثيب، كما استهدفت بعدوان ثان بتاريخ 29 سبتمبر/ أيلول ميناءي الحديدة ورأس عيسى ومحطتي طاقة الحالي ورأس كثيب، وأسفر العدوانين عن عشرات الشهداء والجرحى.
ويشن الحوثيون منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 هجمات بالطيران المسيّر والصواريخ ضد أهداف إسرائيلية في المناطق المحتلة تجاوز عددها الخمسين عملية؛ وذلك “تضامنًا مع غزة” التي تتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر 2023.