اليمن: مجلس الرئاسة يصارع من أجل البقاء في ظل مؤشرات الانهيار وتضارب المصالح بين أعضائه

خالد الحمادي
حجم الخط
0

يبدو أن المساعي السعودية الحالية لإعادة اللُّحمة إلى مجلس الرئاسة جاءت في الوقت الذي حان اتخاذ قرار لتمديد الهدنة الإنسانية بين الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين.

تعز ـ «القدس العربي»: يمر مجلس القيادة الرئاسي في اليمن بأسوأ حالاته، وأصبح مهددا بالانهيار في أي وقت على أرض الواقع، وهو ما دفع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية إلى التدخل العاجل، لإنقاذ الوضع قبل انهياره بالكامل، إثر تضارب المصالح بين أعضاء المجلس الرئاسي، الذي شكله التحالف العربي في مطلع نيسان/ابريل الماضي من الفرقاء المتشاكسين في إطار السلطة الشرعية.

وعلى الرغم من العمر القصير لمجلس القيادة الرئاسي الذي لم يتجاوز الستة شهور، إلا أن بوادر الاختلاف وعوامل الصراع بين أعضائه برزت منذ الأسابيع الأولى لتشكيله، وبدى كل عضو فيه عنصرا مستقلا بذاته، ويعمل في الاتجاه المعاكس والمناهض للعضو الآخر، ولم يتمكن رئيس المجلس الرئاسي من احتواء الموقف والسيطرة على الوضع، نظرا لأنه وجد نفسه خارج اللعبة، ما اضطره إلى مغادرة العاصمة الحكومية المؤقتة عدن، إثر التهديدات الأمنية التي طالت سلامة بقائه هناك من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، ذو التوجه الانفصالي، الذي يسيطر بميليشياته وقواته على العاصمة عدن وبقية المحافظات المجاورة لها، بدعم مادي وعسكرية ولوجستي من دولة الامارات العربية المتحدة.
واضطرت المملكة العربية السعودية إلى التدخل العاجل الأسبوع المنصرم باستقدام جميع أعضاء مجلس الرئاسة اليمني إلى الرياض وعقد لقاء لهم بالأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، والتقاط صورة تجمعهم بالكامل لأول مرة منذ نحو 4 شهور، متماسكي الأيدي، في محاولة من الرياض لاظهار أنها تمكنت من تجاوز الاختلافات والصراع بين أعضاء المجلس الرئاسي، الذي كان أوشك على الانهيار.
وعلى الرغم من أهمية هذا اللقاء السعودي برئيس وأعضاء المجلس الرئاسي اليمني، إلا أنه لم يتم الإعلان عن فحوى ومضمون هذا اللقاء بشكل واضح، غير نشر الصورة التي جمعتهم، وكأن جمعهم تحت سقف واحد كان الهداف الأساسي، بعد ان تعذّر اجتماعهم في مقر القصر الرئاسي في منطقة معاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن.
وجاء هذا اللقاء في وقت كان رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي وصلوا إلى قطيعة كاملة تسببت في عدم امكانية عودة رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي إلى العاصمة عدن، حيث أصبح عضو المجلس الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، يمارس صلاحيات رئيس البلاد بالكامل، بعد أن حصل من المجلس الرئاسي على بعض الصلاحيات السيادية تحت الإكراه، عند كان رئيس المجلس الرئاسي، ما زال يقيم في عدن في وضع يشبه الإقامة الجبرية، نظرا لوقوع مدينة عدن تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى فصل الجنوب عن الشمال، ويعمل بشكل علني ضد الوحدة اليمنية.
واستغل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، حصوله على عضوية مجلس القيادة الرئاسي، الذي تشكل على أساس توافقي، للسيطرة على كل صلاحيات المجلس نظرا لحجم القوة العسكرية والميليشاوية التي تقع تحت قيادته والتي تسيطر على العاصمة عدن وعلى العديد من المحافظات الجنوبية، والذي منع رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة من ممارسة صلاحياتهم الرئاسية عندما كانوا في عدن، في الأسابيع الأولى عند انتقالهم إليها كمقر عمل لمجلس الرئاسة، ما اضطر كل واحد منهم بشكل تدريجي إلى مغادرتها أما إلى محافظات أخرى، أو إلى خارج البلاد، وبالذات العربية السعودية، حيث كان يقيم العديد منهم قبل تعيينهم في مجلس الرئاسة.
ويبدو أن المساعي السعودية الحالية لإعادة اللُّحمة إلى مجلس الرئاسة جاءت في الوقت الذي حان اتخاذ قرار لتمديد الهدنة الإنسانية بين الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين، الذين يسيطرون على أغلب محافظات الشمال، والتي يسعى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى إقناع أطراف الصراع بالتوصل إلى أطول فترة ممكنة للهدنة، تصل إلى ستة شهور، ضمن مساعيه للتوصل إلى وقف كامل وشامل لاطلاق النار والشروع في مباحثات السلام في البلاد.
وتتوافق مساعي مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مع رغبات التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية والإمارات وكذا الرغبات الغربية، حيث توصل التحالف إلى نقطة الصفر في ضرورة وقف الحرب في اليمن، لأسباب اقتصادية وسياسية هناك، كما تميل الدول الغربية نحو ذلك لأسباب إنسانية وربما لتركيز اهتمامها بالحرب الروسية الأوكرانية، التي تتخذ كل يوم منعطفا خطيرا، تلقي بظلالها القاتمة على العديد من الدول الغربية.
وفي ظل هكذا أوضاع، يصارع المجلس الرئاسي اليمني واقعا مريرا أجبره على التنافر خلال عمره القصير الذي يمتد إلى نيسان/ابريل الماضي والذي لم يستطع أن يحقق أعضاء المجلس خلاله أي منجز يذكر لصالح البلاد، نظرا لحالة الاضطراب وعدم التوافق بين أعضائه ولعدم استقراره السياسي والعسكري والأمني، وتشتت توجهات أعضائه وتقاطعها بين المصالح الوطنية لليمن وبين مصالح الدول الداعمة لبعض أعضاء المجلس والراعية للمجلس الرئاسي من دول التحالف العربي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية