القاهرة ـ «القدس العربي»: حل اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث الذي يوافق السادس من شهر فبراير/ شباط كل عام، وسط تجدد الخلافات بين المؤسسات الدينية في مصر والسلفيين، بشأن الموقف من الختان، خاصة أن المناسبة تأتي بعد أيام من وفاة طفلة تبلغ من العمر 14 عاما، في إحدى محافظات صعيد مصر، خلال إجراء أحد الأطباء عملية ختان لها.
وفشل القانون المصري الذي شدد عام 2016 عقوبة مرتكب عملية الختان لتصل إلى السجن لفترة تتراوح بين خمس وسبع سنوات للطبيب، وتقع بين عام وثلاثة أعوام لمن يطلب ختان فتاة، في القضاء على هذه العادة خاصة في الريف المصري، حيث لا يزال كثيرون يعتقدون أن ختان الإناث منصوص عليه في الشريعة الإسلامية، رغم ما قاله الأزهر ودار الإفتاء مرارا إن «ختان الإناث عادة، وليس من صحيح الدين».
دار الإفتاء المصرية، أكدت عبر حسابها الرسمي على «فيسبوك» على «حرمانية هذه العادة الضارة، وأنها لا تنتمي للشعائر الإسلامية».
عادات لا شعائر
وأوضحت في بيان أمس الخميس بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، أن «ختان الإناث من قبيل العادات، وليس من قبيل الشعائر، أما ختان الذكور فهو من قبيل الشعائر باتفاق عليه، فقال العلامة ابن المنذر: «ليس في الختان أي للإناث خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع».
واستطردت دار الإفتاء أنه «بعد البحث والتقصي وجدنا أن هذه العادة تمارس بطريقة مؤذية وضارَة تجعلنا نقول إنها حرام شرعًا، وعبَّرت عن هذا جماعة كثيرة من العلماء، بعد بحوث مستفيضة طويلة وبعبارات مختلفة».
وأعادت الدار نشر فتوى لشيخ الأزهر الأسبق الراحل محمد سيد طنطاوي، قال فيها: «أما بالنسبة للنساء فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن، والذي أراه أنه عادة انتشرت في مصر من جيل إلى آخر، وتوشك أن تنقرض وتزول بين كافة الطبقات ولا سيما طبقات المثقفين».
واستطرد قائلا: «فإننا نجد معظم الدول الإسلامية الزاخرة بالفقهاء قد تركت ختان النساء؛ ومن هذه الدول السعودية، ومنها دول الخليج، وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا ولبنان وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس».
موقف دار الافتاء المصرية اصطدام برأي السلفيين الذين يصرون على اعتبار الختان واجبا شرعا، إذ اعتبر حاتم الحويني، الداعية السلفي ونجل ابو اسحق الحويني، في تغريدة، أن «ما ذكرته دار الإفتاء جهل، وأن الأئمة اتفقوا على جواز مشروعية ذلك».
الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، وعضو مجلس شورى الدعوة السلفية، دافع كذلك عن ختان الإناث. وقال في بيان إن «الختان للإناث شرعي ولا يؤدي للموت، وإن الطفلة ندى تعرضت لإهمال طبي تسبب في وفاتها».
وأضاف أن «الذي أجرى العملية ليس طبيب جراحة، وتمت العملية بدون وجود طبيب تخدير أو تمريض».
وواصل الداعية السلفي: «الختان في الشرع الإسلامي لا يُؤدي للموت، لأن الختان عبارة عن قشط جزء صغير جدًّا من جلدة خارج الجسم أصلا، ولكن الموت سببه الإهمال الطبي في مركز خاص قليل التجهيزات، فالمشكلة ليست في الختان بل في الإهمال الطبى، فختان الإناث ثابت في الشرع».
وطالب «المركز المصري لحقوق المرأة»، وهو منظمة مدنية غير حكومية، بتطبيق أقصى العقوبة على المشاركين في جريمة ختان طفلة أسيوط.
دار الإفتاء يعتبره حراما شرعا وداعية سلفي يتهمها بالجهل
وأكد في بيان، أن «مقتل طفلة في قرية الحواتكة مركز منفلوط في جريمة ختان، يجب ألا يمر مرور الكرام، وأنه جريمة بطلها أب مجرم ونفذها طبيب أكثر إجراما، كلاهما لا يعبأ بالدولة المصرية وبقوانينها ومؤسساتها».
نهاد أبو القمصان المحامية في النقض ورئيسة المركز قالت «على الرغم من تشديد عقوبة الختان لتصل إلى الجناية، إلا أن القانون حبر على ورق، وتنفيذه لا يتوقف عند بلاغ للشرطة، وإنما يتوقف على شركاء عدة لا يقوم أي منهم بدوره».
وتساءلت عن موقف نقابة الأطباء من عملية الختان. وقالت: «لم تعلن النقابة بيان موقف، وهل عندما تطلب منها النيابة الرأي، هل تدين الطبيب أم حسابات الانتخابات أكبر، وما موقف وزارة الصحة وهل يوجد سياسة منهجية واضحة في المستشفيات للتوعية والمواجهة لهذه الجريمة المميتة، هل صدر قرار من الوزيرة بإحالة أي حالة يتم اكتشافها للتحقيق حتى بعد مرور فترة، فالختان جناية لا تسقط بالتقادم بموجب المادة 242 مكرر من قانون العقوبات، فقد تم تعديل القانون في 2016 وبموجب هذا التعديل تحولت من جنحة إلى جناية يحاكم فيها الطبيب وبطل الجريمة والد الطفلة، وأصبحت من الجرائم التي يعاقب علي مجرد الشروع فيها إذا وقفت عند هذا الحد ولم تكتمل هذه الجريمة، ولا يجوز التصالح فيها».
وطالبت وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي بـ«التوقف عن الخوف من الإسلام فوبيا وتعليم أبنائنا أن العفة ليست في الختان بل في التربية الحسنة، التي يجب أن تدرس من الآن بدلا من دفع البنات الثمن».
كما طالبت بـ«سرعة الفصل في مثل تلك القضايا وإصدار أقصى عقوبة حكم حتى لا يترك المواطنين على عادات آبائهم ولتذهب دولة القانون للجحيم».
يأتي ذلك، في وقت دعا فيه عمرو حسن، مؤسس مبادرة «أنتِ الأهم»، جميع الأطباء في مصر لـ«عدم الخضوع لرغبة الآباء أو الأمهات في إجراء عملية ختان الإناث، والالتزام بالأخلاقيات الطبية، وعدم القيام بمثل هذه الجريمة لما لها من أضرار على المدى القريب والبعيد وكونها مجرّمة طبيًا وقانونيًا».
مسؤولية قانونية
وقال إن «الفتاة الصغيرة غير مدركة في هذه السن لخطورة إجراء قد يؤثر على حياتها المستقبلية كلها، كما أن هناك مسؤولية نفسية وأخلاقية وقانونية على عاتق من يوافق على هذا الفعل وهو مسؤول عن طفلة قاصر».
وبين أن: «على الطبيب أن يقدم المشورة الصحيحة لأهل الفتاة، وأن يوضح لهم مساوئ ختان الإناث».
واستنكرت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر قبل أكثر من أسبوع وفاة صبية عمرها 12 عاما اثناء إجراء جراحة ختان لها من قبل طبيب في محافظة أسيوط جنوب البلاد.
وجددت اللجنة في بيان نشره المجلس القومي للمرأة على صفحته على موقع فيسبوك، «رفضها القاطع والتام لأي مبررات تستخدم لممارسة هذه العادة المجرمة محليا ودوليا».
وطالبت اللجنة بتوقيع «أقصى عقوبة على الجناة»، حيث تم القبض على الطبيب ووالد الفتاة الضحية من قبل السلطات ويجري التحقيق معهما.
وبين فترة وأخرى تذهب فتيات ضحية لجراحات الختان التي تتم بشكل غير مشروع. وكانت أخر حالة في عام 2016 عندما توفيت فتاة في السابعة عشرة من عمرها في مدينة السويس في شمال مصر، اثناء جراحة ختان أجريت لها. ولا توجد إحصاءات حديثة حول مدى انتشار عادة الختان.
ووفق آخر إحصائية نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في عام 2015، بلغت نسبة الفتيات والنساء اللاتي أجريت لهن عمليات ختان بين أعمار 15 و49 عاما في مصر 87٪.