الدوحة: بعد انتظار دام 12 عاماً، حلّ اليوم المنتظر لقطر على وقع شكوك وجدليات ومزاعم وتكهنات لم تنقطع منذ منحها حق الاستضافة، خلطت عالم الرياضة بالسياسة والأعمال والبيئة وحقوق الإنسان.
على استاد البيت في مدينة الخور الشمالية الذي يبعد نحو خمسين كيلومتراً شمال العاصمة الدوحة والمستوحى من الخيمة التقليدية التي سكنها أهل البادية، تفتتح قطر البطولة المقامة مرّة كل أربع سنوات بمواجهة الإكوادور، أمام ستين ألف متفرّج يتقدمهم أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي سيلقي كلمة بالمناسبة.
هجوم “دفاعي”
وعشية انطلاق منافسات المجموعة الأولى التي تضم أيضاً هولندا والسنغال اللذين يلتقيان الإثنين على ملعب الثمامة المستوحى من القحفية التقليدية، شنّ رئيس فيفا السويسري جاني إنفانتينو حملة “دفاعية” في وجه الانتقادات الغربية لمنح قطر الاستضافة، وقال السبت من المركز الإعلامي في مركز قطر الوطني للمؤتمرات: “أنا هنا ليس لإعطائكم دروساً في الحياة، لكن ما يحصل في الوقت الحالي هنا ليس عادلاً على الإطلاق.. الانتقادات المتعلقة بكأس العالم تنم عن نفاق”.
وفيما دعا في وقت سابق للتركيز على كرة القدم فقط، قال السويسري: “بالنسبة إلينا كأوروبيين ما قمنا به على مدار 3 آلاف سنة سابقة، يتعيّن علينا الاعتذار عنه على مدار 3 آلاف سنة مقبلة قبل أن نعطي دروساً للآخرين.. هذه الدروس الأخلاقية تنمّ عن النفاق”.
وعن حظر تناول الجعة قال: “إذا لم تشرب الجعة على مدى 3 ساعات بإمكانك أن تعيش.. الأمر سيان في فرنسا، إسبانيا وأسكتلندا”.
وتتوقع قطر التي يقطنها نحو 3 ملايين نسمة بينهم 90% من الأجانب، حضور أكثر من مليون مشجع إلى البلاد على مدار البطولة التي تستمر لـ29 يوماً، لكن تساؤلات كثيرة طُرحت في الأشهر الأخيرة حول قدرتها على استيعاب هذا العدد. سيمكث مشجّعون كثر في فنادق أو شقق أو مخيمات في الصحراء أو على متن سفن، مقابل أسعار متفاوتة.
ملاعب جديدة
وخلافاً للنسخ السابقة من المونديال الذي انطلق عام 1930 في الأوروغواي، انتقلت المنافسة من فصل الصيف إلى مشارف الشتاء، بسبب درجات الحرارة الملتهبة في الخليج صيفاً، ما أثار حنق البطولات الأوروبية الكبرى المجبرة على تجميد منافساتها لمدة شهر على الأقل.
ستة ملاعب تتسع لنحو أربعين ألف متفرّج هي خليفة الوحيد المعاد تجديده، 974 (راس بوعبود سابقاً)، أحمد بن علي (الريان)، الجنوب (الوكرة سابقاً)، الثمامة والمدينة التعليمية، مقابل ستين ألف متفرج لاستاد البيت وأكثر من ثمانين ألفاً لاستاد لوسيل الذي يستضيف المباراة النهائية في 18 كانون الأول/ديسمبر في اليوم الوطني لقطر، ويتوقع أن يتابعها مليار متفرّج حول العالم.
“العنابي” بعد فترة العزل
فنياً، يسعى المنتخب القطري إلى تجنب تجربة جنوب إفريقيا التي أصبحت عام 2010 أول دولة مضيفة تودّع من الدور الأول.
بهذا الهدف، حصل منتخب قطر على إمكانات هائلة في السنوات الماضية، من خلال رعاية اللاعبين في أكاديمية أسباير المترفة، وتخصيص جهاز فني بقيادة الإسباني فيليكس سانشيس الذي ترعرع في أكاديمية لا ماسيا التابعة لنادي برشلونة الإسباني وقام بعزله خمسة أشهر في أوروبا بعيداً عن أعين “المتطفلين”.
لكن المستوى المتدني للدوري القطري، حيث يلعب جميع أفراد “العنّابي”، مقارنة بالبطولات الأوروبية الكبرى، يطرح تساؤلات حيال إمكانية مواجهة منتخبات الصفوة في العالم، وبينها هولندا مثلاً التي تواجه قطر الجمعة المقبل.
وأكد سانشيس السبت أن لاعبيه قدموا “تضحيات” على مدى السنوات الـ12 الماضية، واعداً بأن ثمار تلك الجهود ستظهر في أرض الملعب “بالطبع لم يكن لدينا بداية الكثير لنعمل به، كان لدينا لاعبون في الدوري المحلي ونحن قرّرنا أن إحدى إمكانيات تقوية المنتخب الوطني هو أن تكون هناك فترات أطول للعب كي يتأهلوا إلى كادر المنتخب”.
انسحاب الأفضل ووصيفه
وبعد ثلاثة أيام من انسحاب السنغالي ساديو مانيه، أفضل لاعب إفريقي ووصيف أفضل لاعب في العالم، لإصابة تعرّض لها مع فريقه بايرن ميونيخ الألماني، تعرّضت فرنسا حاملة اللقب لصفعة قوية، تمثلت بانسحاب مهاجمها المخضرم كريم بنزيمة.
عانى مهاجم ريال مدريد من إصابة في العضلة رباعية الرؤوس لفخذه الأيسر، ستبعده عن الملاعب ثلاثة أسابيع، بعد موسم مميز قاد خلاله فريقه الإسباني إلى لقبي دوري أبطال أوروبا والليغا المحلية.
وتوزّعت المنتخبات الـ32 المشاركة على ثماني مجموعات، قبل رفع العدد إلى 48 في مونديال 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
(أ ف ب)