الموصل-“القدس العربي” :
جرت الانتخابات العراقية هذه السنة بعد أجواء تُعتبر استثنائية تمكن فيها الجيش العراقي وبدعم كبير من التحالف الدولي من طرد تنظيم الدولة من سائر الحواضر والقرى التي كان يتواجد فيها بعد أن اجتاح ثلث العراق تقريبا عام 2014، وقد كان حدث السيطرة على الموصل ثاني أكبر محافظة عراقية هو الحدث الأبرز في عام 2017.
ودخلت عدة قوائم انتخابية مدينة الموصل وكُلاًّ منها يستند على عصا تحرير المدينة ومساهماته في هذا الحدث، الذي يظنون أن وراء الاختباء خلفه أصوات انتخابية كثيرة، وذلك لما لاقاه أهل الموصل من معاناة ومأساة كبيرة خلال الحرب الطاحنة التي دارت رحاها وسط شوارع وأزقّة المدينة، فدمرت بنيتها التحتية وقتلت وشرّدت الآلاف من ساكنيها.
وكانت أبرز القوائم الانتخابية التي دخلت المعترك الانتخابي في محافظة نينوى هي قوائم: (النصر) بزعامة رئيس الوزراء الحالي “حيدر العبادي” وترأسها داخل الموصل وزير الدفاع المُقال” خالد العبيدي“، وقائمة (الوطنية) بزعامة ”أيّاد علاوي“ وترأسها داخل الموصل وزير الزراعة وابن جنوب الموصل ”فلاح الزيدان“، وقائمة (القرار) بزعامة ”أسامة النجيفي“ الذي كان أخوه ”أثيل“ محافظا لنينوى خلال سقوطها بيد تنظيم الدولة، و(نينوى هويتنا) بزعامة ”جمال الكربولي“ وداخل الموصل ”هاشم الجمّاس“، إضافة للقوائم الكردية.
جرت الانتخابات العراقية بالطريقة المعروفة وما شابها من اتهامات بعمليات تزوير بالنسبة وبالنتيجة وحرق صناديق وشراء أصوات وغيرها، فكانت نتائجها في مدينة الموصل حسب مقاعدها الـ34: النصر 7 مقاعد، والديمقراطي الكردستاني 6، والوطنية 4، ونينوى هويتنا والفتح والقرار 3 لكل منهم.
وكانت المفاجأة في انتخابات الموصل حصول القوائم الشيعية على عشرة مقاعد، وهو على ما يبدو انعكاس لسخط الأهالي على سياسييهم الذين يرون فيهم سبب المعاناة التي حصلت لهم على مدار السنوات الماضية إذ رأى البعض أن نتائج الانتخابات في نينوى تحمل دلالات عدة تتعلق بالناخب وتفكيره والظروف التي أقنعته بالتصويت لمرشح يخالف مذهبه الديني وتوجهه الفكري وتطلعاته المستقبلية وعدم التصويت لشخص من أبناء جلدته.
وبحسب سكان من الموصل تحدثت إليهم “القدس العربي”، فأن ما أثار حفيظتهم هو أن النواب الذين انتخبوهم على أساس تواجدهم في قوائم بعينها، وعلى أساس ذلك تم انتخابهم، ضربوا تلك المبادئ عرض الحائط وانضموا لقوائم الحشد الممثلة بالعامري والمالكي لأجل منافع-يقول الأهالي-أنها شخصية ومنفعية بحتة وليست على أساس مصلحة الموصل وأهلها.
ففي سؤال وجّهناه للمواطن الموصلي ”عمر الدبّاغ“ وهو ناشط من الموصل له صفحة ناقدة على وسائل التواصل الاجتماعي، عن رأيه بانتقال بعض النواب لقوائم الحشد، قال لنا: ”لقد انتخبتُ النواب السنة المتحالفين مع العبادي لأني أعلم أن رئاسة الوزراء شيعية حتماً، ورأيت في العبادي الشخص الأنسب والأخف ضررا علينا، وكونه أقرب للمحور الأمريكي منه للإيراني، ولولا تواجد الشخص الذي انتخبتُه في هذه القائمة تحديداً لما فكرتُ حتى بانتخابه، ثم أتفاجأ من وسائل الإعلام أن ذلك النائب ينتقل إلى قائمة الحشد للحصول على فتاتِ منصبٍ ضاربا الناس الذين انتخبوه عرض الحائط فضلا عن استظهاره للقائمة التي لولاها لما حصل على بضعة أصوات، لقد شعرت بخيبة أمل كبيرة، وندمت ندما شديدا على أني شاركت في مهزلة الانتخابات“.
وكان عدد من النواب السنّة انتقلوا من قوائمهم التي فازوا فيها وأعلنوا تحالفهم مع كتلة ”البناء“ التي نتجت عن تحالف قوائم الفتح والقانون وعدد من المنشقين عن قوائمهم الأصلية، وكان أبرز نواب نينوى الذين انتقلوا رسمياً إلى قوائم الحشد هم:1- محاسن حمدون 2- حسن خلف علو 3- ثابت سعيد بشار 4- نايف مكيف 5- سهام عباس علي 6- عبد الرحيم الشمري 7- نواف الباشا 8- منصور المرعيد 9- بسمة بسيم.
وقال الناشط ”محمود الدليمي“ معلّقا على نفس الأمر: ”لقد أثبتت هذه الانتقالات كذب الوعود والشعارات الانتخابية التي أطلقها المرشحون خلال حملاتهم الانتخابية، فقد وعد بعضهم بإخراج الميلشيات من مدينة الموصل لو حصل ووصل البرلمان، ثم نراه يجلس مع زعماء الميلشيات في مقاعد البرلمان!، وكان بعضهم يعتاش في حملته الانتخابية على أنه كان السبب الرئيسي وراء منع الحشد من المشاركة في معركة مركز مدينة الموصل حفاظا على الأهالي من أي انتهاكات قد يتعرضون لها، ثم نشاهده اليوم في أحضان زعماء الحشد، ويُوزِّع ابتسامات أمام كاميرات الصحافيين ليلتقط صورا مع قادة الحشد، ما هذه المهزلة؟!“.
وكانت أغلب الآراء الموصلية التي استطلعناها تدور حول نقد هذا العمل، واستخفاف النواب بأصواتهم، وندمهم على التصويت لهم، وعبّر البعض عن ندمه عن المشاركة في الانتخابات أصلاً، وقال آخرون أنهم سيرفضون المشاركة في ”خطيئة“ العملية السياسية “التي نعيشها منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ونعيش في نفس الدّوامة بسيناريوهات متشابهة الأحداث ومتبادلة الأدوار ونحن نعيش على أمل التغيير في كل دورة انتخابية ثم نصطدم بنفس الواقع المر”. حسب تعبيرهم.