امريكا ملتزمة بعلاقاتها العسكرية مع دول الخليج لمواجهة التهديدات بالمنطقة

حجم الخط
0

دبي ـ واشنطن ـ من وليام ماكلين وديفيد الكسندر: تشير واشنطن إلى التزامها العسكري تجاه حلفائها دول الخليج العربية في وقت تشهد فيه شراكتهما التي بدأت قبل عشرات السنين توترا غير معتاد.
وأدى الصراع في سورية والبرنامج النووي الإيراني إلى توترات وتريد دول الخليج العربية ردا جازما بشكل أكبر من الولايات المتحدة لوقف البرنامج الإيراني وارغام الرئيس السوري بشار الأسد على التنحي. وأدت زيادة استقلال الولايات المتحدة في مجال النفط الى زيادة تعقيد العلاقة التي تأسست على النفط والدفاع.
وبدأت بعض دول الخليج العربية تتساءل عما إذ كان هذا التحالف لا يعدو عن كونه ‘زواج مصلحة لفترة محدودة من الزمن’ وذلك وفقا لرؤية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر في مقابلة عام 2007 لعلاقة واشنطن بالمملكة العربية السعودية .
وتتحرك واشنطن للقضاء على كل هذه الشكوك مشيرة إلى أن شراكتها العسكرية مع دول الخليج العربية التي تسيطر على ثلث احتياطي العالم النفطي ستظل راسخة حتى إذا جرى تقليصها بخفض الميزانية في الولايات المتحدة.
وقال مسؤول كبير رافق وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل في جولته في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي ‘لن تذهب الولايات المتحدة لأي مكان. انها ملتزمة تماما بأمن كل شركائنا الإقليميين… نتفهم بشكل واضح التهديدات في المنطقة.’
وبدأ هاجل جولة دامت أسبوعا بعد أن قالت وزارة الدفاع (البنتاجون) إنها تضع اللمسات النهائية على اتفاق أسلحة حجمه عشرة مليارات دولار ستعزز من جيشي السعودية والامارات العربية المتحدة وكذلك إسرائيل.
وسيؤدي الاتفاق الذي تجري مناقشته منذ أكثر من عام إلى بيع 25 طائرة من طراز إف 16 ديزرت فالكون قيمتها نحو خمسة مليارات دولار للامارات. وستتمكن الامارات والسعودية ايضا من شراء أسلحة تتمتع بما يسمى بامكانيات ‘مواجهة’ تمكنهما من الاشتباك مع العدو بدقة ومن على بعد.
وقبل أيام من الجولة استقبل الرئيس باراك أوباما ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في البيت الأبيض.
وفي بيان مشترك أكدا التزاما مشتركا ‘بالتعاون الدفاعي والأمني الوثيق بما في ذلك تدريبات عسكرية مشتركة وتعاون في مناهضة الارهاب ونشر أنظمة دفاع أمريكية قابلة للتشغيل المتبادل.
والاتفاق وحفاوة استقبال الولايات المتحدة للشيخ محمد هما أحدث اشارات ترسلها واشنطن للمنطقة بشأن تصميمها القوي على دعم الأسر الحاكمة في دول الخليج العربية حلفائها في مواجهتها مع إيران.
وتقول الوكالة الدولية للطاقة إنها تتوقع أن يستمر تراجع واردات النفط الأمريكية مع تحول أمريكا الشمالية إلى مصدر صاف للنفط بحلول 2030 تقريبا ومع تحول الولايات المتحدة إلى شبه اكتفاء ذاتي في الطاقة بحلول 2035 .
وتشعر بعض دول الخليج العربية بالقلق من احتمال ان يؤدي الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة في مجال النفط الى جعلها أقل التزاما بتأمين مضيق هرمز الذي تمر به 40 في المئة من صادرات النفط العالمية التي تنقل بحرا.
وقال مسؤول أمريكي مقره في الشرق الأوسط إنه من المرجح أن يظل تأمين الطاقة العالمية جزءا مهما من الاستراتيجية الأمريكية. وأضاف انه بالرغم من أن الصفقات الأمريكية من نفط دول الخليج العربية قد تكون تتراجع إلا أن الاعتماد العالمي يتزايد مشيرا إلى أن هذه الحقيقة تفرض الدعم الأمريكي.
وقال لس يانكا المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الدفاع والذي يرأس حاليا هيئة استشارية للأعمال في الرياض ‘لأن صحة الاقتصاد الأمريكي مرتبطة بشكل وثيق بصحة الاقتصاد العالمي فهناك مبرر لأن تساعد واشنطن في حماية حلفائها’ في دول الخليج العربية.
وعندما قال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في 18 مارس آذار إنه يأمل أن تحقق الولايات المتحدة استقلالا في مجال الطاقة أضاف ‘ولكني أؤكد لكم انه على الأقل من الناحية العسكرية… ستجدون أن المستقبل سيكون مرحلة من الالتزام الأكبر.’
وعندما طلب منه السفير الاماراتي يوسف العتيبة مزيدا من التوضيح قال ديمبسي إن الالتزام يجب أن يقاس بتحسن التعاون.
ولكن الطاقة ليست مثار القلق الوحيد إذ أن التصورات المتعلقة بتراجع الاقتصاد الأمريكي وانسحاب القوات الأمريكية أولا من العراق والآن من أفغانستان كلها عوامل أدت إلى عدم وضوح الصورة الأمنية بالنسبة لدول الخليج العربية.
والخوف من امتداد الربيع العربي يعني أن السلطات في الدول الخليجية العربية تشعر بتهديدات مستقبلية من قوى داخلية مثلها مثل القوى الخارجية التي كانت السبب الرئيسي للدعم العسكري الغربي.
وقال شاشانك جوشي من المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن إن مسؤولين خليجيين عرب على دراية على ما يبدو بأن التهديد الداخلي الذي يواجهم الآن ‘لا يحرك الأمريكيين بنفس الطريقة’ التي كانت التهديدات الخارجية تحركهم بها.
وبالنسبة للوضع في سورية وإيران والبحرين فان تأييد واشنطن للحوار يبدو ضعيفا في نظر بعض دول الخليج العربية.
وبالنسبة للبحرين حيث يتمركز الأسطول الخامس الأمريكي والتي تعد حليفا مهما للغرب من أجل حماية مضيق هرمز دفعت احتجاجات قادها الشيعة إلى مطالب في واشنطن بأن تنقل الولايات المتحدة أسطولها إلى مكان آخر.
ومكررا وجهة نظر العديد من المحللين الغربيين قال روبرت جوردان السفير الأمريكي السابق لدى الرياض والمتمركز الآن في دبي إنه يشعر بقلق من رسالة ‘نحن هنا اليوم وسنرحل غدا’ التي قد تشير إلى انسحاب. وتابع ‘المفاهيم السائدة تتحول إلى واقع في هذا الجزء من العالم’.
ويدرك حكام الخليج تماما انهم يعتمدون في أمنهم على أناس يعيشون على بعد آلاف الأميال ولا يشتركون معهم في الديانة أو أسلوب الحياة وفوق كل هذا يتعاطفون مع دافع ارساء الديمقراطية في دول الربيع العربي.
وفي ديسمبر كانون الأول أعلنت قمة لدول مجلس التعاون الخليجي الست خططا لتشكيل قيادة عسكرية موحدة لتعزيز التعاون الدفاعي.
ودول مجلس التعاون الخليجي مسلحة بشكل جيد. وارتفع الانفاق الدفاعي في دول مجلس التعاون الخليجي نحو تسعة بالمئة ليصل إلى 74 مليار دولار العام الماضي وفقا لتقديرات نيكول لوزر المحللة بشؤون الشرق الأوسط في مؤسسة فوركاست انترناشونال. وتتوقع أن تصل إلى 86 مليار دولار بحلول عام 2017 . إلا أن الدول الخليجية العربية واجهت عددا ن العقبات أمام التوحد العسكري بما في ذلك نقص المعدات المشتركة واعتمادهم على اتفاقات ثنائية مع حليفتهم الولايات المتحدة.
وقال المحلل السياسي في الامارات عبد الخالق عبد الله إن الثقة في الولايات المتحدة تراجعت بسبب الخلاف مع واشنطن بشأن سورية والخوف من فشل الولايات المتحدة الأمني في العراق وأفغانستان.
إلا أن الولايات المتحدة ما زالت لا غنى عنها وقال عبد الله ‘نعيش في منطقة خطيرة للغاية ومن ثم… علاقاتنا مع أمريكا ما زالت قوية.’ (رويترز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية