رأي القدس تجد الدول التي انتصرت فيها ثورات الربيع العربي مثل مصر وتونس صعوبات كبيرة في استرداد الاموال التي نهبها رموز الانظمة السابقة واودعوها في مصارف اجنبية او عربية بسبب البيروقراطية، وتلكؤ البنوك في الافراج عنها لتحقيقها ارباحا وفوائد كبيرة من وجودها.وزير العدل التونسي اعترف بهذه الصعوبات في تصريحات ادلى بها يوم امس عندما اكد انه لا يجد تعاونا من دول مغاربية وخليجية تم تهريب ملايين الى مصارفها من قبل اعوان الرئيس السابق زين العابدين بن علي.السلطات التونسية لم تستسلم لهذه الصعوبات فيما يبدو، بدليل ان الرئيس المنصف المرزوقي مارس ضغوطا على الحكومة القطرية نجحت في ابعاد السيد صخر الماطري زوج ابنة الرئيس التونسي من قطر الى دولة يعتقد انها اوروبية.ظروف الابعاد هذه ما زالت غامضة، فالبيان الذي تحدث عن ابعاد السيد الماطري صدر عن القصر الجمهوري التونسي، ولم يصدر عن الدولة المضيفة، ولا نستبعد ان يكون الرئيس المرزوقي قد استغل مسألة مشاركته في المنتدى الذي سيعقد اليوم في الدوحة تحت عنوان ‘المنتدى العربي لاسترداد الاموال المنهوبة’ للضغط على الحكومة القطرية لابعاد السيد الماطري الذي تتهمه السلطات التونسية باستغلال علاقته الاسرية بالرئيس السابق لجمع ثروات هائلة هربها الى دول خليجية.وربما يفيد التذكير بان الرئيس المرزوقي رفض المشاركة في القمة الاسلامية الطارئة التي انعقدت في مدينة مكة ليلة القدر بسبب استضافة السلطات السعودية للرئيس بن علي واسرته ورفضها طلبات تونسية بتسليمه او ابعاده، ومثل تونس في المؤتمر الدكتور رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي.صحيح ان الاموال التونسية المنهوبة تبدو متواضعة بالمقارنة مع نظيرتها المصرية او الليبية التي تقدر بعشرات، وفي بعض التقديرات بمئات المليارات من الدولارات، ولكن تونس بحاجة الى كل دولار في مثل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها، بالاضافة الى ان المسألة مسألة مبدأ وقانون، فمن غير المنطقي ان يعيش هؤلاء في بحبوحة وينعموا بملاذات آمنة للتمتع بالثروات التي نهبوها، بينما هناك ما يقرب من المليون شاب عاطل في تونس محرومين من لقمة العيش الشريفة.بعض المتهمين التوانسة بسرقة المال العام، او استغلال علاقاتهم الاسرية برأس النظام لتكوين ثروات هائلة، اعرب عن استعداده للعودة الى تونس ورد الاموال المتهم بالاستيلاء عليها، واذا كانت هذه الرغبة جدية، فيجب اخذها بعين الاعتبار وفق الاعتبارات القانونية في هذا الاطار، لان الهدف هو استرجاع الاموال المنهوبة للخزينة العامة للدولة، واستثمارها لدعم الاقتصاد وفي مشاريع تخلق الوظائف للعاطلين.وحتى نكون اكثر تحديدا، فان تقارير اخبارية تحدثت عن استعداد كل من الحسن الطرابلسي شقيق السيدة ليلى بن علي، وصخر الماطري، لاعادة الثروات المتهمين بنهبها اذا ادينا والمثول امام القضاء التونسي بالتالي، وقالت مصادر موثوقة في لندن التي حاول السيد الماطري اللجوء سياسيا اليها، ان مفاوضات جرت بين محاميه والسلطات التونسية في هذا الخصوص ولكنها لم تتوصل الى نتائج.الضغوط يجب ان تستمر وتتعاظم، ومطاردة هؤلاء في منافيهم الآمنة خطوة شرعية، حتى تعود الاموال المنهوبة لخزينة الدولة كاملة دون نقصان. فالثورة جاءت من اجل انهاء عهد الفساد، وانصاف الشعب والمحاسبة والمساءلة، واستعادة المال المنهوب هي احدى الخطوات الاساسية في هذا الاطار.Twitter: @abdelbariatwan