انتخابات الأردن: نواب الإخوان أبعد عن الصخب وفي «كمون تكتيكي»

بسام البدارين
حجم الخط
0

الإسلاميون حتى اللحظة يتفحصون مقاعدهم وامكانية استقطاب نواب مستقلين إلى كتلتهم، وفرصهم في اللجان والمكتب الدائم، والنقاشات تجري من دون صخب وبعيدا عن الإعلام.

عمان ـ «القدس العربي»: الصيغة الوحيدة الكفيلة بالسيطرة على كتلة التيار الإسلامي الأردني تحت قبة البرلمان والمطروحة هنا وهناك همسا الآن تتمثل في محاولة «شق» تلك الكتلة وقوامها31 نائبا، بمعنى تصنيفها إلى شريحتين من وجهة نظر السلطة التنفيذية، الأولى تضم المعتدلين المرنين، والثانية تشمل المتشددين المفترضين.

مبكرا تبحث سلطات الحكومة عن صيغة للسيطرة على ما يمكن أن يظهره نائب نقيب المعلمين الشهير ناصر النواصرة بعدما أصبح عضوا في البرلمان، وهو بكل حال ليس عضو مجلس نواب بالمعنى الاعتيادي، فالأرقام الإحصائية تشير إلى أنه استقطب منفردا لصالح القائمة العامة للتيار ما لا يقل عن 80 ألف صوت من الناخبين.
هؤلاء على الأرجح معلمون يريدون استعادة نقابتهم التي استهدفتها ضربات مستمرة وطوال خمسة أعوام من جهة الحكومة والسلطات. طبيعي أن يحاول النواصرة والذي قال عندما زار مكتب «القدس العربي» إن أولويته واحدة ويتيمة وهي نقابة المعلمين، أن يجتهد في إطار إعادة نشاط تمثيل ناخبيه تحت قبة البرلمان.
ولم يعرف بعد ما إذا كان رئيس الوزراء الجديد جعفر حسان قد انتبه أو تم تنبيهه لسيناريو تحريك ملف نقابة المعلمين برلمانيا فاستعان بأول نقيب للمعلمين وهو مصطفى الرواشدة وعينه وزيرا للثقافة.
الرواشدة بعثي سابق حزبيا، استقطبته السلطة وأصبح اليوم وزيرا مسيسا بعد عضوية مجلس الأعيان وكان قريبا من حراك المعلمين في الحكومة.
الانفراد بالنائب النواصرة ومن يمكن وصفهم بالمتشددين من الإسلاميين خطوة فيها قدر من الدهاء البيروقراطي لأن الحكومة بيدها امتيازات للنواب، وتستطيع التعاون مع نائب وحجب الخدمة عن آخر، لكن صلابة كتلة التيار الإسلامي كفيلة بأن تستعد لمثل هذا التكتيك عبر وضع منهجية مؤسسية تمثل 31 نائبا لهم نفس الكلمة والموقف في ملفي التشريع والرقابة.
استعدت كتلة جبهة العمل الإسلامي مسبقا للمرحلة اللاحقة. والأمين العام لحزب الجبهة وائل السقا عزل التيار عندما شاوره رئيس الوزراء الجديد عن مسألة سياق التشكيل الوزاري، وخاطب السقا الحكومة بقاعدة أن الجبهة تنتظر البيان والبرنامج الوزاري وليست معنية بالمزاحمة على حقائب وزارية، لا بل لا تهمها الأسماء إلا في سياق سمعتها ومواقفها المعروفة.
بعد ذلك بساعات فقط وضع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الإطار العمومي عندما أعلن بأن المشاركة بحقائب وزارية مسألة لها أسس ومعايير ومرجعيات في مجلس الشورى. ثم تقدم العضايلة بالخطاب الأهم معبرا عن اعتزازه بأن جماعة الإخوان المسلمين تتصدى لمشاريع الأطماع الإسرائيلية بالأردن.
القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي قال أمام «القدس العربي» إن كتلته توافقية ولم يتم استعجال الأمور. لكن الأهم هو ما يجهزه الإسلامون عبر كتلتهم وهي الأعرض بتوقيع حزب واحد في إطار العمل المؤسسي تحت قبة البرلمان.
والحديث هنا عن لجنة إدارة للكتلة تجنبا للاختراقات بكل حال والحزب بطبيعة الحال يملك مقاعد القوائم العامة البرلمانية وليس الأشخاص، فمن يقيله حزبه يخسر مقعده بموجب القانون.
يطهو الإسلاميون طبختهم الإدارية الكتلوية بهدوء، وأغلب الظن أن رئاسة اللجنة التي ستدير الأمور قد تجلس بين يدي النائب أحمد القطاونة وقد تضم لاعبة مخضرمة ومسيسة هي النائب ديمة طهبوب، وممثل المخيمات في الأردن القيادي البارز الذي نجح في الانتخابات محمد عقل. لا يستعجل الإسلاميون مؤشرات المؤثرات الصوتية. ويزهدون بالأضواء تكتيكيا حتى الآن، ولديهم نواب بخبرات متراكمة في ملفات محددة مثل التربية والتعليم حيث النواصرة وهدى العتوم ومثل الطاقة حيث خضر بني خالد ومثل الصحة والطب حيث الدكتور إبراهم أبو الرب خلافا لقيادات مؤسسية بالصدارة ومهمة في الحركة الإسلامية ولديها خبرات في التشريع والرقابة.
لأول مرة في تاريخهم الإخوان سيكونون حتما في المكتب الدائم لمجلس النواب وفي اللجان الأساسية أيضا بحكم التفاضل العددي لمقاعدهم.
ولأول مرة بالمقابل صوتهم مهم جدا في ترسيم حجم الشرعية التي سيحظى بها رئيس مجلس النواب إن لم يترشح أي منهم للرئاسة حيث فكرة ترشيح القطب صالح العرموطي تبدو إلى حد ما متسرعة الآن والأفضل بعيدا عن الاستعراض والمزاحمة هو التأثير بمعركة انتخابات رئاسة المجلس في الدورة الأولى على الأقل بدلا من الزحام والمنافسة المباشرة.
أغلب التقدير أن النائب محمد عقل تحديدا سيتولى ملفا متقدما في التواصل السياسي مع الحكومة والمؤسسات الرسمية والنواب الشباب في التيار، مثل مالك الطهراوي ومعتز الهروط يمثلان طاقة جديدة لم تختبر سابقا.
الإسلاميون عموما حتى اللحظة يتفحصون مقاعدهم وامكانية استقطاب نواب مستقلين إلى كتلتهم وفرصهم في اللجان والمكتب الدائم، والنقاشات تجري بدون صخب وبعيدا عن الإعلام، ما يعني أن التسلل والاختراق في صفوفهم قد يكون صعبا للغاية خصوصا مع وجود أغلبية في الكتلة نجحوا في القائمة العامة التي يسيطر عليها الحزب وليس العكس، فيما مرحلة الكمون التكتيكي الحالية ستنتهي حتما عند أول تفاعل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية