انتخابات الجزائر.. “الأغلبية الصامتة” تتصدر مجددا

حجم الخط
2

الجزائر ـ عباس ميموني
أظهرت أرقام رسمية في الانتخابات النيابية المبكرة في الجزائر تدني نسبة المشاركة بشكل واضح، ما أثار عدة تساؤلات بشأن فشل العدد الهائل من المرشحين لهذه الاستحقاقات عن تغيير موقف ما بات يصطلح عليه “الأغلبية الصامتة” وهل لدعوات معارضين وناشطين من الحراك دور في ذلك؟

ويحق لـ24 مليونا و425 ألفا و174 ناخبا، التصويت في الانتخابات النيابية، بينهم 902 ألف و865 ناخبا خارج البلاد.

ووفق الأرقام التي أعلنتها السلطة المستقلة للانتخابات، فإن الأغلبية الساحقة من هؤلاء اختارت “العزوف”.
وقال محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر إن نسبة المشاركة في الاقتراع، بلغت 23.03 بالمائة، حيث شارك 5 ملايين و525 ألفا و324 ناخبا من أصل 24 مليونا و424 ألفا و171 ناخبا.
النسبة لا تهم؟
ووفق النتائج الرسمية المعلنة، يتأكد مرة أخرى أن أغلبية الناخبين الجزائريين، فضلوا مقاطعة الصندوق مرة أخرى.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة النهائية في الانتخابات النيابية لسنة 2017، الـ 37 بالمائة، ما جعل المتابعون يطلقون وصف “الأغلبية الصامتة” على المقاطعين، معتبرين أنها “القوى السياسية الأولى في البلاد”.

ورغم العدد الكبير للمرشحين عن الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة، الذي ناهز 23 ألف مرشح، إلا أنهم فشلوا في رفع نسبة المشاركة.

الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، من جهته، قال عقب تأديته لواجبه الانتخابي، إن “نسبة المشاركة لا تهمه بقدر ما يهمه شرعية الأشخاص الذي يخرجون من الصناديق ويأخذون السلطة التشريعية”.

وليست المرة الأولى التي يعبر فيها الرئيس الجزائري، عن عدم سعيه لرفع نسبة المشاركة، إذ سبق وصرح للإعلام المحلي أن “من أراد التصويت فله ذلك ومن أراد المقاطعة فله ذلك شريطة ألا يجبر الآخرين على المقاطعة”.

وحسب متابعين فإن نظرة الرئيس تبون، تختلف عن المسؤولين السابقين في نظام بوتفليقة الذين كانوا يعتبرون ارتفاع نسبة المشاركة “معيارا لنجاح الانتخابات”.

بينما يرى تبون، أن معيار النجاح مرتبط بضمان سلامة العملية الانتخابية من الناحية التنظيمية والقانونية، حيث أكد عشية يوم الاقتراع لسلطة الانتخابات أن “لكل صوت قيمته وأن عهد الحصص في الانتخابات قد ولى”.

وفي وقت تذهب قراءات إلى اعتبار نسبة المشاركة كمعيار لانخراط الشارع في المسار الانتخابي الذي رسمته السلطة واستعادة الثقة بين الطرفين، يعتبر الرئيس الجزائري أن استرجاع الثقة يمر “عبر ضمان نزاهة الانتخابات والتأكيد على أن ممارسات التلاعب بالأصوات قد ولت دون رجعة”.

دلالات العزوف

يربط المناضل السياسي، حسان نجيب، العزوف الانتخابي بعامل “الثقة” و”الأداء السياسي” لبعض المترشحين وقادة الأحزاب.

وقال حسان لـ “الأناضول”، إنه “بات واضحا استمرار غياب الثقة بين المترشحين سواء كانوا مستقلين أو ضمن أحزاب وبين المواطنين”.

وتابع: “تصريحات بعض المترشحين المحسوبين على النظام السابق أثرت سلبا على الناخب، وأعطت الانطباع أن التغيير ما زال بعيدا”.

واستدل بالتصريحات التي زعم أصحابها “أنهم جزء من السلطة”.

ودون أن يشكك في نية الرئيس تبون في تحقيق التغيير “المؤسساتي الحقيقي”، يرى حسان نجيب، أن جلب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، قد يكون مرتبطا “بالقضاء على ممارسات قديمة لأحزاب قديمة ووجوه قديمة محسوبة على النظام السابق”.

ورأى أن بناء خريطة سياسية جديدة، تماشيا وبرنامج الرئيس تبون، مرتبط “باختفاء المحسوبين على النظام السابق بشكل نهائي من الحياة السياسية”.

دلالات أخرى

الناشط السياسي، شكيب قويدري، يقدم أسبابا أخرى لتدني نسبة المشاركة في الانتخابات لدى الجزائريين.

وقال للأناضول إن “العزوف لا مبالاة ويأس، أما المقاطعة فموقف”.

وأوضح أن العزوف “حالة نفسية وظاهرة اجتماعية تتعمق في بلادنا منذ 3 عقود بفقدان الأمل في التغيير”، مضيفا أنه “ظاهرة عالمية أيضا تتمدد في الديمقراطية الغربية كنتيجة لتراكمات وإحباطات جراء وهم الديمقراطية”.

وأشار قويدري، إلى أن العزوف المسجل في الانتخابات الأخيرة ليس وليد الظرف الراهن، وإنما سلوك طالما يميز كل الانتخابات النيابية في البلاد، منذ إقرار التعددية السياسية سنة 1989.

وقال: “انتخابات ديسمبر 1991 –وما أدراك- تجاوز العزوف فيها نسبة 40 بالمائة، بينما المقاطعون الذين صوتوا بورقة بيضاء فقد شكلوا نسبة 8 بالمائة من الأصوات المعبر عنها”.

ويجهل حجم تأثير الحراك الشعبي، على النسبة النهائية للمشاركة في الانتخابات، لكونه يضم عدة تيارات مختلفة، منها المتطرفون الرافضون لكل شيء يأتي من السلطة، ومنهم من انخرط في المسار الانتخابي وترشح في قوائم حزبية أو مستقلة.

وسبق للرئيس تبون، أن قال في مقابلة مع مجلة “لوبوان” الفرنسية إن “ما بقي من الحراك غير متجانس، وإن عددهم بالمئات، ومنهم من يطالب بدولة إسلامية، ومنهم من يقول لا للإسلام”.

ويعتقد بعض نشطاء الحراك، الذين لا زالوا متمسكين بالمسيرات الشعبية، أن “أية انتخابات هي استمرار لنفس النظام السياسي القائم”.

يذكر أن نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية في الجزائر، سنة 2017 قدرت بـ 37.7 بالمائة، بينما قدرت سنة 2012 بـ 44.38 بالمائة، و36.95 بالمائة سنة 2007.

ولطالما شككت المعارضة في نسب هذه الاستحقاقات التي كانت تشرف عليها وزارة الداخلية، وتعتبرها مضخمة.

بينما أشرفت السلطة المستقلة للانتخابات، على أو استحقاقات نيابية في تاريخ البلاد، وقالت بأن التزوير والعبث بأصوات الناخبين أو نسب المشاركة غير ممكن. (الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تنوير:

    الذي لا ينتخب لا “يختار” بالمعنى الدقيق، فخياراته الحقيقية تم تشويهها ممن يدعي العصمة والحكمة المطلقة

  2. يقول احمد الغريب:

    اذا كانت المقاطعة هي الاكثرية فمن المنطق ان تكون نسبة الفوز مقلوبة بمعنى ان من تحصل على 1 % هو الفائز الحقيقي لانه اقرب في تمثيل الاغلبية !

إشترك في قائمتنا البريدية