الناصرة-“القدس العربي”: أفرزت نتائج انتخابات الكنيست الـ 22 عن حالة تعادل مع زيادة طفيفة للحزب المعارض “أزرق-أبيض” ما أدخل إسرائيل في مأزق سياسي مجددا يفتح الباب أمام انتخابات ثالثة بعد شهور أو حكومة وحدة وطنية غير متجانسة لن تدوم طويلا. وقال تقرير صحافي في إسرائيل إن رئيس حكومتها الخاسر في الانتخابات العامة بنيامين نتنياهو، طلب عفوا من رئيسها، رؤوفين ريفلين مقابل إنهاء حياته السياسية. ويبدأ اليوم الأحد رئيس إسرائيل ريفلين ممارسة صلاحياته الدستورية بالمشاورات الخاصة بتكليف رئيس حزب “أزرق-أبيض ” أو رئيس “الليكود” بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في ظل “ورطة ائتلافية” نتيجة حالة تعادل مفادها أن نتنياهو قد خسر فيما لم يربح بني غانتس. وقال المحرر السياسي في القناة الإسرائيلية 13 رفيف دروكر، إن الحديث يدور عن عفو ضمن “مسار 300” أي الحصول على إعفاء في كافة الملفّات المشتبه فيها قبل المحاكمة وإدانته، لا بعدها. وتحدّث نتنياهو حول الموضوع مرّة واحدة على الأقل، وفق دروكر، إلا أنه أبدى “تشاؤمًا” حيال إمكانية أن يمنحه ريفلين عفوًا. وكشف دروكر أن نتنياهو أوفد إلى مقرّ الرئيس شخصًا يمكن التنكّر إليه لاحقًا لاستكشاف موقف ريفلين، وتلقى ردًا أن موقف المستشار القضائي للحكومة هو الذي سيحسم عند الرئيس إن كان عليه أن يوافق على طلب نتنياهو العفو أو لا. وفحص نتنياهو، أكثر من مرّة، وفق دروكر، الموضوع إعلاميًا وقانونيًا، بينها عن طريق خصمه وزعيم المعارضة الأسبق، يتسحاك هرتسوغ، الذي طلب سابقا منح نتنياهو عفوًا ضمن “مسار 300 “. ولم ينفِ هرتسوغ، للقناة، علاقته بالموضوع، إلا أن مكتب نتنياهو نفى ذلك، بشدّة. ونقلت القناة الإسرائيلية الأولى عن مصادر في أجهزة تطبيق القانون قولها إن النيابة العامة ستعترض على أيّ صفقة ادّعاء مع نتنياهو لا تتضمّن اتهاما واضحًا وسجنا فعليا، إن قُدّمت ضدّه لائحة اتهام. ومن المقرّر أن يخضع نتنياهو إلى جلسة استجواب في الملفات المتّهم بها، مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل قبيل تقديم لائحة اتهام ضده مما يزيد الحالة السياسية ومساعي تشكيل حكومة في إسرائيل تعقيدا.
أربعة ملفات فساد
ويجري التحقيق مع نتنياهو في ثلاثة ملفات، هي: الملف 1000 المشتبه نتنياهو فيه بتلقي هدايا بمئات آلاف الدولارات من رجل الأعمال أرنون ميلتشين، مقابل توسّطه لمنح ميلتشين تأشيرة للإقامة في الولايات المتحدة؛ الملف 2000 المشتبه فيه بمحاولته سنّ قانون لتقليص أعداد صحيفة “يسرائيل هيوم” مقابل تغطية داعمة له في صحيفة “يديعوت أحرونوت”؛ الملف 4000 المشتبه فيه نتنياهو بإرساء مناقصات على رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش، مقابل تغطية داعمة لنتنياهو في موقع “واللا”. وبعد فوزه في انتخابات نيسان/أبريل الماضية، حاول نتنياهو أن يمرر تعديلا لـ “قانون الحصانة” وإعادته إلى صيغته قبل العام 2005 التي نصّت على أن عضو الكنيست سيحظى بحصانة أوتوماتيكية من محاكمة، وأنه من أجل رفع الحصانة يتعين على المستشار القضائي للحكومة أن يطلب ذلك من لجنة الكنيست، التي ستقرر في الأمر، وبعد ذلك يجري التصويت في الهيئة العامة للكنيست وهذا ما اعتبرته أوساط قضائية أمرا فاسدا. وكان عضو الكنيست ميكي زوهار، من حزب الليكود، قدم إلى الكنيست مشروع قانون لإجراء التعديل وإعادة الصيغة إلى ما قبل العام 2005. ويشار إلى أن النظام الإسرائيلي يضمن أغلبية للائتلاف في لجنة الكنيست، وبطبيعة الحال تكون أغلبية للائتلاف في الهيئة العامة للكنيست، أيضا. وفي إطار هذه الخطوة، سعى نتنياهو إلى دفع مشروع قانون يسحب من المحكمة العليا صلاحية التدخل، وإبطال قوانين عنصرية ومعادية للديمقراطية، وإنما بقرارات إدارية تصادق عليها الحكومة أو الوزراء أو الكنيست ويرف بـ “قانون الغلبة” وكان مشروع القانون هذا يهدف إلى السماح بمنع المحكمة من رفع حصانة نتنياهو، في حال سنه.
ليبرمان صانع الملوك
وفي سياق التجاذبات السياسية نفى رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، أفيغدور ليبرمان صحة ما نشر في وسائل الإعلام أمس، حول التوصل إلى تفاهم مع كتلة “أزرق-أبيض” حول انضمام حزبه إلى أي حكومة سيتم تشكيلها برئاسة بيني غانتس. ليبرمان الذي رفض الانضمام لحكومة محتملة يقودها نتنياهو في الانتخابات الماضية مما تسبب بجولة انتخابات ثالثة قال في صفحته في”فيسبوك” إنه لم يتحدث بعد مع زعيم الليكود بنيامين نتنياهو ولا مع غانتس، مشددا على أن لا مشكلة لديه إذا اضطر إلى عدم المشاركة بالحكومة، والانضمام إلى المعارضة مكررا مطلبه بتشكيل حكومة وحدة علمانية بدون المتدينين المتزمتين(الحريديم) وبدون العرب. وادعى ليبرمان أن الإنجاز الذي حققته القائمة “المشتركة ” في الانتخابات، كان بفضل نتنياهو وتصريحاته العنصرية التي حرضت المواطنين العرب على المشاركة في الانتخابات ورفع نسبة التصويت، مقترحا على رئيس القائمة، أيمن عودة، إرسال باقة ورود لنتنياهو. وفي ما يتعلق بغريم اليوم وصديق الأمس، الأحزاب الحريدية، أوضح ليبرمان أنه لن يتنازل عن الشروط التي حددها وتسببت بحل الكنيست الـ20 والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وأفشلت مساعي نتنياهو في تشكيل حكومة عقب الانتخابات في نيسان/أبريل الماضي، ما أدى إلى انتخابات ثانية. كما عدد ليبرمان مطالبه التي تتعلق بالدين والدولة كشرط للتحالف وهي: المصادقة على قانون التجنيد، زواج مدني، إتاحة التهويد بواسطة حاخامات السلطات المحلية، فرض تعليم العلوم واللغات على المدارس الدينية، إتاحة مواصلات النقل العام وفتح المصالح التجارية أيام السبت.
بطة عرجاء
وبات ليبرمان والذي يعيش في مستوطنة نوكديم يتبنى نهجا متشددا تجاه قضايا تتعلق بالأمن والدين والدولة ما عزز من تمثيله في الانتخابات الأخيرة. لكن بعدما تواصل نتنياهو مع غانتس أول أمس، وهو ما قد يبعد ليبرمان عن المشهد، رد ليبرمان بغضب قائلا إن نتنياهو “مجرد انتهازي” يسعى إلى التحايل على خصومه لتهيئة الرأي العام لجولة ثالثة من الانتخابات، وقد ينتهي الحال بأن يكون ليبرمان صانع ملوك بعدما كان قد بدأ حياته حارسا لنواد ليلية.
ويرى عدد كبير من المعلقين أن إسرائيل تقف عمليا بين خيارين فقط، وهما حكومة وحدة أو انتخابات ثالثة في شباط/فبراير الماضي وهذا خيار مفضل على نتنياهو باعتبارهما خيارين أحلاهما مرّ. لكن الانتخابات على الأقل تعطيه فرصة أو حظا للإفلات من المأزق إما من خلال حدث أمني كبير أو تغير خريطة الاصطفافات الحزبية ونتائج انتخابات الجولة الثالثة. بين هذا وذاك المؤكد أن نتنياهو الذي يحاول التظاهر بأن كل شيء طبيعي قد بات بطة عرجاء وجريحا سياسيا وهناك اتفاق على أن عهده قد دخل مرحلة النهاية فيما يقول مراقبون آخرون إنه قد سقط وهناك من يقول إن صفقة القرن أيضا قد سقطت معه.
الهدف الحقيقي لزيارة غرينبلات
والتقى المبعوث الأمريكي المستقيل للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات أمس نتنياهو، بمشاركة السفير الأمريكي في البلاد والسفير الإسرائيلي في واشنطن، في زيارةٍ لم يُعلن عنها سابقًا. وخلال الأسبوع الأخير، أصرّ نتنياهو على أن “صفقة القرن” ستُنشر بعد الانتخابات الإسرائيلية “بفترة قصيرة جدًا” أو بأيّام. ومن المقرّر أن يلتقي غرينبلات اليوم الأحد رئيس قائمة “أزرق-أبيض” الذي حلّ أولا في الانتخابات الأخيرة، بيني غانتس. وبينما اكتفى مكتب نتنياهو بنشر صورة من اللقاء، بدون أن يكشف عن تفاصيله ونقاط البحث الرئيسيّة، تباينت مواقف المحللين الإسرائيليين من الزيارة وتوقيتها وعلاقتها بالانتخابات الإسرائيليّة و”صفقة القرن”. وذكر المراسل الدبلوماسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إيتمار آيخنر، أن هدف زيارة غرينبلات هي فحص إن كانت الساعة حانت لإعلان تفاصيل “صفقة القرن” وما هو التوقيت المناسب لذلك، إن كان أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة الإسرائيليّة، أم بعد الإعلان عنها. وقدّر آيخنر أنّ “زيارة غرينبلات في الوقت الحالي جاءت للتأثير على المشهد السياسي في إسرائيل، وللتأكد من أن صفقة القرن ستكون جزءًا من الاتصالات لتشكيل الحكومة المقبلة” وأضاف أن غرينبلات سيحاول خلال لقاءاته “تحضير الأرضية لإعلان صفقة القرن ومحاولة تقويض المعارضة لها”.
يائس من “صفقة القرن”
بالمقابل ذهب محرر صحيفة “معاريف” السياسي، شلومو شمير، إلى أن زيارة غرينبلات تبرهن على “وضع صفقة القرن الميؤوس منه”. وأضاف أنّ “حقيقة أن غرينبلات، الذي ينهي منصبه مبعوثًا للرئيس الأمريكي في المنطقة، لم ينتظر حتى تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، وبدون أن ينتظر الحسم من سيكون رئيس الحكومة المقبل، تكشف يأسه من الخطّة”. وعلّل شمير ذلك بأن غرينبلات سيكتشف “كم أن” صفقة القرن “لا تثير اهتمام نتنياهو، ولا تظهر حتّى في قائمة مخاوفه. كما أن لغانتس سلّم أولوياته، صفقة القرن غير واردة فيه، حتى بالتلميح، علما أن بعض أحزاب اليمين ترفضها وتعتبرها خطرا على إسرائيل”.