في هذه المرحلة، ومع بدء النبضة الأخيرة لرئاسة دونالد ترامب، علق في صراع بساحتين: ضد محاولات الديمقراطيين للإطاحة به من خلال عملية العزل من جهة، وانتخابات الرئاسة بعد سنة من جهة أخرى. وبالنسبة لمحاولات الإطاحة، فإن احتمالات النجاح طفيفة، لأن الحسم النهائي سيكون في مجلس الشيوخ، حيث لن ترغب الأغلبية الجمهورية فيه في إغضاب قاعدتها السياسية التي تؤيد الرئيس في معظمها. أما بالنسبة للانتخابات في تشرين الثاني، فإن الاستطلاع الأخير الذي أعدته منظمة الإعلام الإلكتروني الشائعة “بوليتيكو” يقضي بأن 56 في المئة من الناخبين، بما في ذلك ثلث الديمقراطيين، يعتقدون بأن ترامب سينتصر.
نشر في نهاية الأسبوع أن مايكل بلومبرغ، الثري ورئيس بلدية نيويورك السابق، يفكر بالتنافس على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة. إذا ما تحققت هذه الخطوة، فإنها كفيلة بانتصار ترامب، وذلك لأن بلومبرغ سيتنافس على ذات الخانة المعتدلة والمركزية في الحزب، والتي يحتلها اليوم جو بايدن الذي يتصدر الاستطلاعات. وسيؤدي توزيع الأصوات بينهما إلى أن ينتصر في الانتخابات التمهيدية أحد المرشحين من اليسار المتطرف، مثل بارني سندرز أو اليزابيت وورن، اللذين جاءت احتمالات انتصارهما على ترامب في الانتخابات غير عالية. كلاهما، بالمناسبة، ليسا مقبولين حتى من قسم كبير من الزعماء والمتفرغين السياسيين الديمقراطيين. فقد كتب ستيفن رتنر، الذي كان مستشاراً اقتصادياً كبيراً في إدارة أوباما، في مقال في “نيويورك تايمز”، نشر الأسبوع الماضي، أن إمكانية رئاسة السيدة وورن ليست “احتمالاً مفزعاً”.
وبالفعل، هذا احتمال مفزع، أو على الأقل مقلق، حتى من ناحية إسرائيل. فحسب تصريحات مرشحَي اليسار، بما في ذلك ما جاء في مؤتمر منظمة “جي ستريت”، فعلى الولايات المتحدة أن تنظر في إمكانية تقليص المساعدة الأمنية لإسرائيل، وهي خطوة لم يسبق أن قامت بها أي إدارة أمريكية سابقة، ديمقراطية كانت أم جمهورية، حتى ولا في عهود المواجهات والخلافات مثلما في إدارتي بوش الأب وأوباما. وهاجم بايدن بشدة التصريحات آنفة الذكر. أما من كان سفير الولايات المتحدة في إسرائيل في إدارة اوباما، دان شبيرو، فشجب الدعوات ضد المساعدة الأمنية بقوله إن التعاون الأمني بين أمريكا وإسرائيل يخدم المصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة أيضاً.
وحتى بالنسبة ليهود الولايات المتحدة أيضاً، الذين يصوتون في معظمهم تقليدياً للمرشحين الديمقراطيين، والذين قد يكون لأصواتهم في الانتخابات القريبة المقبلة وزن في دول معينة، فإن سيناريو وورن أو ساندرز في البيت الأبيض يخلق معضلة: مع أن معظمهم يتحفظون من مواقف إسرائيل، غير أن معظمهم ليسوا كذلك حين يدور الحديث عن تقليص المساعدة الأمنية؛ ما قد يعرض أمنها ووجودها للخطر.
وحتى الانتخابات، بل وحتى اختيار مرشحي حزبهم، قد تحصل الكثير من الأمور. فبعض المرشحين قد ينسحبون؛ والوضع الاقتصادي بما في ذلك الارتفاع الكبير في أماكن العمل، والذي هو اليوم في صالح ترامب، قد يتغير سلباً؛ وتطورات أمنية أو سياسية غير مرتقبة قد تجبر واشنطن على اتخاذ قرارات صعبة… كل هذه قد تغير صورة الانتخابات. إضافة إلى ذلك، ورغم حقيقة أن احتمالات العزل -كما أسلفنا- ليست عالية، فإن للدينامية السياسية حياة خاصة بها. أما التحقيقات الداخلية والخفية والتسريبات المختلفة في موضوع قضية أوكرانيا، والشهادة المرتقبة لمستشار الأمن القومي المستقيل جون بولتون في هذا السياق، فإن لها إمكانية كامنة للتأثير على حملة الانتخابات، في هذا الاتجاه أو ذاك.
معطى إضافي: رغم الاحتمال المفضل لترامب في هذه الساعة، يجب أن نتذكر بأنه فاز بقليل من الأصوات في الانتخابات السابقة ضد هيلاري كلينتون، وانتصر بفضل طريقة الانتخابات نفسها. عدد الأمريكيين غير الراضين عنه اليوم يصل إلى 54 في المئة. ومن المحتمل أن يؤثر هذا المعطى في السباق. من الصعب التنبؤ في هذه الأثناء بأي واقع سيستيقظ الأمريكيون في 4 تشرين الثاني 2020.
بقلم: زلمان شوفال
معاريف 12/11/2019