في يوم من الأيام بدأ إيان نيكول، ومهنته حرفي، بالانشطار إلى جزئين. وكانت أول علامة على ذلك ظهور صلعة على مؤخرة رأسه. وطيلة أسبوع حاول التستر عليها بعقار لتقوية الشعر. لكن الصلعة استفحلت، وتجعد جلده على نحو غريب وغير مريح للنظر، وفي خاتمة المطاف ذهب إلى طبيبه وسأله: «ما هذه المشكلة؟».
رد:»لا أعلم.. لكن تبدو مؤخرة رأسك مثل وجهك. ها، ها. كيف هي صحتك في هذه الأيام؟».
«ممتازة. أحيانا تنتابني آلام مثل ضربات سكين في الصدر والبطن، لكنها تحصل صباحا فقط».
«هل تأكل بشهية جيدة؟».
«ما يكفي لاثنين».
فحصه الطبيب بالسماعة وقال:»سأطلب تصويرك بأشعة إكس. وربما أستعين بأخصائي».
وتوسعت الصلعة خلال الأسابيع الثلاثة التالية وأصبحت فعلا تشبه وجهه. زار إيان طبيبه مجددا وقابل أخصائيا في غرفة الاستشارات، وضع الأخصائي صورة الأشعة أمام الضوء وتأملها. ثم قال:»لا شك بذلك يا نيكول. أنت تنشطر لنصفين».
فكر إيان بالموضوع وسأل: «لكن هذا غير طبيعي، أليس كذلك؟».
« آه، هذا يحصل أكثر مما تفترض. وهو شائع في عالم الفيروسات والبكتيريا. لكنه أقل بين الحرفيين. أقترح أن تقيم في المستشفى حتى تنتهي الظاهرة وتستكمل نفسها دون أن تسبب الازعاج لزوجتك أو الإحراج لنفسك. فكر بالأمر».
استغرق إيان بالتفكير ثم ذهب إلى المستشفى. وهناك أودع في جناح صغير. ولأن الاختصاصي اهتم بحالته خصصوا له ممرضة للعناية به. ومع استمرار الانقسام حضر المزيد من المختصين ليراقبوا ما يجري. في البداية كان إيان يأكل ويشرب بنهم استفز من حوله. وخلال الأيام الثلاثة الأولى استهلك ثلاثة أضعاف الكمية المعتادة، ثم سقط بغيبوبة استمرت حتى انتهى الانقسام. كان دماغه ينقسم بالتدريج. وتشكل جدار من العظام في منتصفه. وأصبح للصلعة الخلفية رموش عين وفك. أما الورم الذي كان يبدو مثل سرطان في القلب تبين أنه قلب آخر. وضاعف العمود الفقري نفسه. وبحيرة بالغة رسم الاختصاصيون مراحل هذا التطور، وناقشوا الاحتمالات المسببة. اقترح طبيب ألماني أن الحياة حررت نفسها من قيود التكاثر الجنسي. لكن طبيبا نفسيا رأى أن الحالة هي شيزوفرينيا، بينما رأى محلل نفسي أنها توأمة عادية تأخرت نتيجة الغيرة من الأقارب في المرحلة قبل الشرجية. وبعد نهاية الانقسام أصبح لدينا على السرير نسختان رقيقتان وهزيلتان من إيان نيكول. ونشأ لدى كل نصف كراهية عميقة للنصف الآخر، ولم يكن هناك وسيلة للاحتراز من العواقب. ولم يكن من الممكن التعرف على إيان نيكول الأصلي إلا من موضعه على السرير (كان يستلقي على الطرف الأيمن). وما أن تمكن الرجلان من مغادرة السرير حتى ادعى كل منهما أنه المذكور في شهادة الميلاد، وأنه هو المخول بحمل بطاقة اتحاد الحرفة، وأن الثياب الموجودة له، وتخصه وحده. وأن المرأة التي تقطن في المنزل زوجته. وأنه المستفيد الحقيقي من عائد التأمين. وفي أحد الأيام اشتبكا بمعركة فوق أرض المستشفى. وتعادلا وتضاربت الآراء حول الفائز. وبعد أن غادرا المستشفى رفع كل منهما قضية ضد الآخر بتهمة سرقة شخصيته. وتم حل القضية بعد الفحص الطبي واكتشاف أن واحدا منهما دون سرة. وهكذا عدل إيان نيكول الثاني اسمه رسميا وأصبح يدعى الآن مكبث. وكان أحيانا يتبادل الرسائل مع إيان نيكول. وآخر الأخبار تفيد بأن كلا منهما أصبحت له صلعة على مؤخرة رأسه.
القصة من كتاب الكاتب والرسام الأسكتلندي ألسداير غراي «غالبا قصص قليلة الاحتمال»