انتصارات الديكتاتور…

حجم الخط
14

عملت ماكينة إعلام النظام السوري على تصوير حربها في مواجهة انتفاضة الشعب السوري على أنها مواجهة ضد قوى عالمية شريرة (أمريكا-الناتو-إسرائيل-أنظمة عربية- والإرهاب العالمي)، هؤلاء يدعمون قلة قليلة من ‘الخونة’ المحليين الذين باعوا بلادهم وشعبهم بثلاثين من اليورو! وبما أن جيش النظام يحقق انتصارات عسكرية في الآونة الأخيرة على كل هذه القوى العاتية وها هو يهزم إسرائيل والناتو والإرهاب العالمي والأنظمة العربية الداعمة له فهذا يعني انتصار نهجه، ويؤكد شرعيته، وليس على الشعب السوري الآن سوى أن يبتهج ويخرج للتظاهر استقبالا لجيشه المنتصر الذي لا مثيل لنصره سوى النصر على النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وحسب إعلام النظام فالإنتــــفاضة قامت أصــلا بهدف محاربة الجيش وتدمير الإقتصاد وتشريد ملايين السوريين وقتل وجرح مئات الآلاف منهم،ولإحتلال سوريا، بينما ينتفض جيش النظام ويضحي بكل هذه الأرواح كي يحرر الوطن، بل وراح يتصرف وكأنه يقاوم محتلا بالفعل، وردّ على غارات إسرئيل المحتلة لأرضه منذ عقود بأن أغار على دمشق وحمص وحلب وغيرها.
أكثر ما يحز في النفس في هذا الواقع المشوّه هو عندما تعلن أبواق النظام عن قيام الطائرات السورية بدكّ مدن وقرى سورية، الخجل هو الشعور الذي يجب أن يشعر به الطيار الذي يقوم بمثل هذه المهمات، هذا الطيار العربي الذي لم يتح له أن يقصف قوات تحتل بلاده منذ عشرات السنين، هذا الطيار الذي لم يشتبك مع طيران العدو الذي يُغير على بلده بين فينة وأخرى ولا مرة واحدة، لا شك أن طيارًا في الخمسين من العمر لا يستطيع أن يذكر اشتباكًا واحدًا مع طيران العدو، ولكنه يرمي حمولته من الموت والدمار فوق أحياء محاصرة يعيش فيها أبناء شعبه الجوعى في أحيان كثيرة دون شعور بالخزي والخجل، وكي نكون واقعيين ربما أن هناك من يخجل ولكنه عاجز على التعبير عن خجله، لأن عقوبة الخجل قد تكون الإعدام، وقد يمضي بعض الطيارين بالوهم بأنهم يحاربون العدو من خلال قصف بلدهم، على الأقل من أجل توازنهم النفسي، وربما أنهم يهنئون بعضهم البعض بالنجاح بعد كل غارة على أحياء سوريا المدمرة!
ربما هناك بعض التقدم لقوات النظام على الأرض، لكن الإنتصارات العسكرية المدعومة مباشرة بمقاتلي حزب الله وإيران وبتظهير من دولة عظمى هي روسيا لا تعني شرعية النظام واستمراره، ولو كانت الإنتصارات العسكرية تشرعن الباطل لكانت القضية الفلسطينية انتهت منذ عام النكبة، هزيمة العرب العسكرية تكررت مرات كثيرة على يد إسرائيل، ولكن هذا لم يجعل الإحتلال وتشريد شعب فلسطين أمرًا مشروعًا، دخول المستوطنين كل أسبوع إلى حرم أولى القبلتين وثالث الحرمين وآخرها يوم أمس الإربعاء بقوة السلاح لا يعني أن احتلال القدس والأقصى بات مشروعًا، إعلان المزيد من بناء المستوطنات على أرض فلسطين لا يجعلها شرعية، لكنه يعني وجود خلل في توازن القوى لصالح الباطل، إن للباطل جولات وليس جولة واحدة فقط.
ما صرح به السيد حسن نصر الله قبل أسبوعين بأن بشار الأسد سيرشح نفسه وسوف يفوز بالانتخابات الرئاسية هو استفزاز لمئات آلاف الشهداء والجرحى، ولملايين المشردين ولمشاعر الشعب السوري.
السيد نصر الله لم يبد مزهوًا بانتصارات حليفه فهو يعرف أنها ليست انتصارات، وهي أفعال لا يفتتخر بها، وطاقات هدرت وتهدر خدمة للباطل. وهو يعرف ويتناسى بشكل مقصود (فهو ذكي بما فيه الكفاية) أن الإنتفاضة السورية لم تقم أصلا لتحقيق نصر عسكري على الجيش السوري أو لتدميره، ولم تقم لمحاربة إيران أو حزب الله، والشعب السوري الذي احتضن المقاومة عندما كانت بالاتجاه الصحيح لم يتسلل ولم يندس إلى طهران لاحتلالها وليس لدى المنتفضين السوريين صواريخ تصل الضاحية ولا طيران (إف 15) لقصفها، العكس هو الصحيح، النظام استغل قيادة الجيش الموالية وعبودية حزب الله لإيران ودعم روسيا غير المحدود في مواجهة الشعب السوري.
منذ البداية حاول إعلام النظام فرض ثنائية تقول إن المعارضين للنظام هم المسلحون وأما غير المسلحين فهم مع النظام، وهذه معادلة مضلِّلة.
غالبية الشعب السوري انتفضت ولكن لم يلجأ كل المنتفضين للسلاح لأسباب كثيرة، أكثرية المنتفضين عادت لتصمت على مضض بعد تحول الإنتفاضة إلى حرب أهلية، وشعروا بخطورة ما يحاك للشعب السوري من قبل النظام نفسه ومن أعداء الربيع العربي الذين قصدوا تخريبه بمجموعاتهم الإرهابية على الأرض السورية قبل أن ينتقل إليهم، كذلك فإن الفرصة لم تتح لكل معارض استعمال السلاح.
الجيش السوري وطيرانه وكل أسلحته وكل رصاصة من المفروض أنها ملك للشعب السوري وليس ملكًا للنظام، فهي بنيت من أموال الشعب كل الشعب، ربما باستثناء الطغمة الحاكمة الفاسدة إياها التي ربحت وسمسرت من تسليح الجيش، لم يكن بحساب النظام أن قمعه للإنتفاضة السلمية بالسلاح سيؤدي إلى حرب طويلة الأمد، لقد ظن النظام أن يقمع الناس بحرب ـ البرق- ويحسم الأمر على الطريقة الهتلرية، ولكن جرت الأمور بشكل مختلف تمامًا عن تصور النظام، كذلك المنتفضون الذين أبدعوا بشتى ألوان الفنون في بداية انتفاضتهم، لم يتخيلوا أن تصل وحشية النظام وأعداء الربيع العربي إلى هذا المدى من الدموية.
أقل ما يمكن قوله بترشيح الأسد لنفسه أنه إيغال الديكتاتور في دمويته، الديكتاتور الذي استلم الحكم بتوصية من الوالد تصرّف كما لو كانت البلاد ملكًا خاصًا له ولبطانته وأسرته والمقربين، ثم وبسادية مفرطة وبعد نهر من الدماء يعلن أنه سيعيد ترشيح نفسه، وسواء وصل مرحلة الترشح أو لم يصل، وسواء نجح بفبركة انتخابات شكلية أم لم ينجح، فالسلاح لن يجعل من الباطل حقًا وهذا ينطبق أكثر ما ينطبق على نظام شيطن شعبه ودمر بلاده تمسّكا بكرسي الحكم والفساد والامتيازات الفئوية البعيدة كل البعد عن الرغبة الحقيقية للشعب السوري العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Anuar:

    سلمت يداك أخي الكريم سهيل على هذا التصوير الدقيق للواقع السوري وحبذا لو يقرأه السيد رشاد شاور

  2. يقول Fissel:

    الشعوب العربية تريد ابادة الارهابيون المجرمون عن بكرة ابيهم يجب ان يقتلون ولا نريد احد من الارهابين ان يعيش في اي بلاد عربية نطالب بذبحهم من الوريد الى الوريد ويعيش شعب سوريا وجيشه ورئيسه اما الارهابيون الخونة عملاء الصهاينة الموت لهم الموت لهم .

  3. يقول سامح // الامارات:

    * لا شك أنّ النظام السوري الفاشي …وصل الى حافة الإفلاس من جميع
    النواحي …وانكشف للجميع أنه نظام ( طائفي فاسد وعفن ) لا يهمه الوطن
    ولا الشعب السوري الأبي ع الإطلاق .
    * اللهم فرج ع الشعب السوري الكريم …وانصر ثورته المباركة .
    شكرا …والشكر موصول للأخ الكاتب .

  4. يقول Visitor:

    شكرا أستاذ سهيل, الكل يعلم همجية وانحطاط النظام السوري المجرم ومع ذلك سوف ترى قطعان من المعلقين يؤيدونه كل على شاكلته ولكل أسبابه اما خوفا منه أو نفاقا أو جهلا. أم الخوف فمعروف وذلك بسسب همجية النظام وبربريته وانعتاقه من أي وازع انساني أو ديني أو أخلاقي.
    وأما النفاق , فلأن الذين ينافقون النظام مستفيدون منه و ممن يسير في حلفه.
    وأما الذين يؤيدون النظام لجهلهم بطبيعتة و ماهيته فهم كثر ولكن الغالب لاسباب دينية مع أنهم – وياللعجب- يعلمون كل العلم أن النظام يدعي العلمانية ويتمسح بها ويمنع من تأدية اهم ركنين من أركان الأسلام في الجيش السوري البطل!! وهما الصلاة والصوم وعقوبتهما تكاد تصل الى الأتهام بالخيانة. ولذلك ابشرك أخي سهيل أن الدكتاتور لن ينتصر على الرغم من ضعف وتشرذم معارضية و دعم مؤيديه من المجرمين أمثاله. ولوكان سينتصر لأنتصر منذ زمن, ولكن الطغاة لايفقهون. ولنا في التاريخ القريب عبر كشاه أيران و صدام حسين والقذافي وتشاوشيسكو و منغستو هيلا مريام و موبوتو سيسيسيكووأخرون. قد يطول الأمر ولكن لابد من السقوط وذلك لأن الله مع الشعب والدكتاتور دوما على باطل أو كما قال الشاعر سليمان العيسى الذي انشق مذ زمان بعيد عن النظام المجرم:
    لأننا وجذور الشمس في يدنا نقاتل الحلك الباغي سننتصر

  5. يقول سيف الدين:

    greaaaaaaaaaaaaaaaaate…thank you dear

  6. يقول د.خليل كتانة- قائد كتائب مثقفي الشعراوية- فلسطين:

    ***** أنا وأخي الحبيب سهيل كيوان و (كارون باخ الالماني) *****
    كوني (فلاخ) بسيط عالبركة. وأبصم بالعشرين على ما يتفضل به الاخ سهيل كيوان أعلاه.ما يعزيني ويواسيني هو المقولة المأثورة (وقف الخسارة ربح).فلقد عاش الشعب السوري مع الوالد الراحل للدكتور بشار 30 سنة وأكثر. ومن شابه أباه يا أستاذي ما ظلم. فالاحتلال الاسرائيلي جاثم وقائم على صدورنا لكنه لم (يهفينا) بل هو (إهتفى) -بفضل الله- ثم أمثالكم في48. رأيت في (كنيون= كنعانيون بحيفا) ثلة من بني يهوى بن يعقوب عليه السلام قاستغربت وقلت : يخرب بيتهم كثرانين بها البلد؟ا لاحتلال العلوي -بفضل حزب الله- بعد الله طبغآ إنتصر. ولولا عقلية وثقافة الشعب اللبناني بأسره لما نشأ حزب الله بلبنان؟! فكيف لاينهض شعب فلسطين وفيه أمثال قبيلة سهيل بن كيوان؟ لا تقلق. سوريا فيها شعب مننا وفينا. ويميز بين عز الدين القسام من جبلة ترابه وبين بيت الدين المبني من حجر القسم* الاوروبي والامريكي. وبالنسبة للدكتور بشار إقول: كما قال معلمي د.طيبي لكن بالعكس؟ شعبك يا دكتور(عربي أبي) وليس جحش؟ نحن على الاقل سنتعلم منكم يا سهيل كيف (نخرس) اللص ونفضحه. ونقول له (يا جحش؟)………الخ. وبلاش السوري يقولها. يقول يا أسد؟! والسعودي يقول يا فهد؟ واليمني يقول يا (علوش) فرخ الذيب. والضفاوي يا فار؟ مع إحترامي لصديقي اللدود باسم الفار وعائلته الكريمة. يا أخي غابة الشرق الاوسط تغص بالحيوانات؟ هي وقفت على (نا أتان*** ياهو)؟ لوحده.
    ألم تستعمل إسرائيل (رعياننآ) منا فينا للسيطرة علينا بمفهوم (دوده من عوده)؟ بروابط القرى ألم يتلف ( الاعراب) أنظمة وروبا وأمريكيا؟ بنقل عدوى المقاييس المزدوجة = النفاق إليهم؟ أما الاخ (كارون ناخ الالماني) فهو باحث تربوي (إستشرق= إستغرب) من أين جاء لساسة أوروبا ووليدتهم أمريكيا ، مرض المقاييس المزدوجة.؟ ناسيآ إحتلاطهم بالاعراب؟ توكل على الله يا سهيل ولا تقلق.Com أخوك: د. خليل.
    ***أتان بالعبرية اللقيطة = إبن الحمار الناشيء (جحنش أو جحش ناشيء) مع إحترامي وتقديري لمعلومات أستاذي د. أحمد الطيبي.
    د. خليل قحطاني- قائد كتائب مثقفي الشعراوية- فلسطين.
    [email protected]

  7. يقول عدنان:

    يرجى المشاركة في تعيين اسم الخليج العربي أم الفارسي على خرائط (جوجل ، google)
    شركة قوقل آستجآبت لطلب ايران
    وسوت تصويت على الإسمين
    وسيكون الاسم على نتيجة التصويت
    إن نسبة آلتصويت إلى الآن أكثر من 62%
    < لإسم آلخليج آلفآرسي …!!!
    ارجوكم يآعرب آلحقوآ قبل ينتهي وقت آلتصويت وتكسب إيرآن ويتغير اسم الخليج آلعربي بقوقل …
    وينسى اسم الخليج العربي مع الزمن
    هذآ رآبط آلتصويت
    http://www.persianorarabiangulf.com/index.php

  8. يقول Marwan:

    لا أستطيع أن أقول أفضل مما قاله المعلق الأول السيد أنور. سلم الكاتب
    و قلمه و سلم كل من يرى الحق حقا و يرى الباطل باطلا.

  9. يقول مندس الدسيسي:

    سلمت يداك وقلمك يا حبيب الشعب السوري أستاذ سهيل ، يحق للدكتاتور أن يرشح نفسة ما دام المجتمع الدولي كله متآمر معه فبقاء دكتاتور معتوه في الحكم يقتل شعبه خير لهم ولاعداء الربيع العربي من وصول جماعات لا يعرفونها للحكم في سوريا.

    ليس لدينا ما نقوله لذلك الدكتاتور الذي يشرب كأس النصر كل ليلة من دماء الشعب السوري سوى ما قاله محمود درويش:

    لا غرفة التوقيف باقية ….. و لا زرد السلاسل !

    نيرون مات ، ولم تمت روما …… بعينيها تقاتل !

    وحبوب سنبلة تجف ……… ستملأ الوادي سنابل ..!

    مع تحيات الشعب السوري كله من مشردين ولاجئين ومحاصرين ومسجونين للكاتب الكبير سهيل كيوان الذي يعرف كيف يفضح الدكتاتور وكيف يفضح أنصاف المثقفين ….. خونة الثورة ….

  10. يقول AshrafGannam:

    و كيف تريد ان يتعامل الجيش السوري مع الإرهابيين المرتزقة الذين يأتمرون بأمر المخابرات الأجنبية و يقتلون الشعب السوري بكل فئاته .. وهم يختبئون بين المدنيين و الأحياء السكنية .. و مع ذللك الجيش السوري يحاصر اولا و لا يقصف حتي تخلو المنطقة كن المدنيين .. الشعب السوري سيلفي هذه الثورة اللقيطة .. و العار كل العار للعملا الذين يدعون الشرف و الدين ثم يرتمون في احضان اسرائيل بكل صفاقة .. أسطوانة الحرية التي تتحدث عنها لم تعد تقنع احدا ..و نحن نري هذه الهمجية ممن يسمون صوتوا و معضمهم ليسوا سوريين …

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية