ثمة تناسب عكسي بين الانتخابات للكنيست والانتخابات للسلطات المحلية. ففي الانتخابات للكنيست تكون على جدول الاعمال مواضيع محملة بالمصائر السلام والامن، المجتمع والاقتصاد، الدين والدولة. ولكن رغم أهمية المسائل، فان تأثير الناخب محدود: قوته تؤخذ منه وتنقل الى المنتخبين، الذين يعقدون صفقة بينهم. بالمقابل، في ساحته القريبة، يمكن للمقيم ان يؤثر، سواء في انتخاب رئيس السلطة أم في تشكيلة المجلس. وفي ظل غياب انتخابات لوائية للكنيست، فان العلاقة المباشرة مع الناخب تجري أساسا في المجال المحلي، مع مقياس واضح للثواب والعقاب. كان يمكن أن يستنتج من ذلك أن يبدي المقترعون في الانتخابات للسلطات المحلية اهتماما أكبر مما يبدي في الانتخابات للكنيست، ولكن الواقع معاكس. معدل الذين يستغلون حق اقتراعهم في الانتخابات المحلية اصغر حتى من المعدل المخيب للامال المرة تلو الاخرى في هزاله في الانتخابات القطرية. هذا ليس احتفالا بالديمقراطية بل احتفالا باللامبالاة. الى جانب اللامبالاة، المخيبة للامال كانت اعادة انتخاب رؤساء مدن بات يام، الناصرة العليا ورمات هشارون. رؤساء هذه البلدات نحتهم عن مناصبهم المحكمة العليا قبيل موعد الانتخابات، في اعقاب رفض لوائح اتهام خطيرة ضدهم. شلومو لحياني، اسحق رخبيرغر وشمعون غافسو ليسوا مشبوهين يخضعون للتحقيق الشرطي أو ينتظرون قرار النيابة العامة؛ هم متهمون بالاعمال الجنائية ومحكمة العدل العليا منعت استمرار ولايتهم التي انتهت لتوها. هذه رسالة واضحة، لا يمكن لاي عملية تذاكي ان تتجاوزها، ولا يمكن لاي انتخاب متجدد ان يبيضها. فهم مرفوضون ولن يستطيعوا أن يتولوا مناصبهم الان كرؤساء بلديات. الجانب المقلق للغاية في هذه القضية ليس الارادة الطبيعية، الانانية، للثلاثة بالعودة الى مناصبهم. اخطر منها احساس سكان مدنهم بان الاتهامات ضدهم لا تبرر انهاء ولايتهم. هذا اخفاق فكري في اساسه يقبع تفضيل الراحة الخاصة على طهارة المقاييس والنقاء الاخلاقي، وفيه ما يثقل على ما يفترض ان يكون احتفالا بالديمقراطية. لا ينبغي السماح، لا على المستوى القطري ولا على المستوى المحلي للمتهمين بالفساد ان يحظوا باعفاء متسامح لاعتبارات غريبة. فالناخبون لا يفترض أن يحسموا في مثل هذه القضايا، بل هيئات المحكمة. واذا كان مطلوبا منع عودة وضعية كهذه في المستقبل، فعلى المستشار القانوني للحكومة، ووزيرة العدل ووزير الداخلية أن يعملوا على تشريع في هذا الشأن فورا.