القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الأول قبول الرئيس عبد الفتاح السيسي أوراق اعتماد تسعة سفراء جدد، واعتماد أوراقهم، وسفره إلى مدينة دمياط لافتتاح مدينة الأثاث الجديدة التي أقامتها الحكومة على مساحة 331 فدانا، وتوفر فرص عمل لحوالي مئة وأربعين ألفا، وتزويدها بأحدث الآلات لمساعدة أصحاب المصانع والورش على مسايرة التطورات العالمية في صناعة الأثاث واستعادة مكانة دمياط العالمية التي كانت تنافس في أوروبا ثم فقدتها لحساب منتجات خشبية مستوردة من الخارج، وكذلك لقيام بعض المستثمرين المصريين بإقامة مصانع حديثة في القاهرة والإسكندرية، والمشروع يقوم على تجميع الورش المتناثرة في دمياط، وبعض القرى المحيطة بها، وكذلك داخل منازل ودكاكين في وحدات واسعة ومزودة بالأجهزة الحديثة، وهي عملية تشبه ما قامت به الحكومة من إنشاء منطقة الروبيكي الجديدة لدباغة وصناعة الجلود، بعد أن قامت بتوفير وحدات حديثة لأصحاب المدابغ البدائية في منطقة مجرى العيون العشوائية في القاهرة، وهي منطقة أثرية تاريخية والعمل على إعادتها للآثار، ولذلك يصعب قبول الرقم الذي أعلنته الحكومة أن عدد فرص العمل المتوفرة مئة وأربعون ألف فرصة، لأن العاملين في المصانع والورش القديمة هم الذين سينتقلون للمصانع الجديدة.
اتهام النظام بحوادث انتحار الشباب والسبب انتشار الفقر والمضايقات السياسية
وأولت الصحف اهتماما بارزا لجولة المفاوضات الجديدة بين وزراء الري والموارد المائية في مصر وإثيوبيا والسودان، بحضور ممثلين للحكومة الأمريكية والبنك الدولي، وتحقيق نجاح في قرب التوصل لاتفاق يرضي الأطراف الثلاثة، وسيكون الضرر إن حدث على مصر محتملا، وبذلك استراحت البلاد من كابوس مخيف.
أما استمرار التركيز على الخطر الذي يشكله الاتفاق التركي مع حكومة فايز السراج في ليبيا على مصر فالجميع يعلم أن هناك مبالغات كبيرة لتضخيمه، لأن النظام، عسكريا وأمنيا، أصبح من القوة ليواجه أي تهديد، وأنه لن يقبل بوجود تركي عسكري في ليبيا، أو نقل لعناصر متطرفة تزعج مصر، خاصة أنها تدعم الجيش الوطني الليبي، الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد، وتتحالف معها في هذا الدعم الإمارات والسعودية، وتتعاطف معها فرنسا، وهذا التضخيم للخطر المقبل من ناحية ليبيا، يذكرنا بالتضخيم من خطر ما يسمونه حروب الجيل الرابع، ودفع عناصر معارضة أو إرهابية للتحرك ضد النظام. أما المقالات والتعليقات والتحقيقات فقد اتجه معظمها إلى حوادث الانتحار، التي حدثت مؤخرا وقام بها شابان وفتاة وعن أسبابه. وامتدت المقالات عنها إلى حوادث الانتحار في مصر والعالم واستعادة أحداث انتحار المشاهير ولذلك سنبدأ بها. وإلى ما عندنا….
كاربكاتير
في «المصري اليوم» أخبرنا الرسام عمرو سليم أنه وجد المجتمع يغمض عينيه بعد أن استمع لخبر أذاعه التلفزيون عن حادث انتحار شاب من فوق برج الجزيرة وابنه يقول له: بدل ما تخبي عينك إعمل بحث وشوف أيه الغلط في نظام التعليم اللي يخلي طالب في هندسة يحدف نفسه من فوق البرج.
حوادث مؤسفة
وبالفعل نشرت «الأهرام» تحقيقا شارك في إعداده أشرف أمين وهالة أبو زيد وأميمة إبراهيم جاء فيه: «فجرت حوادث انتحار طالب كلية الهندسة الذي ألقى بنفسه من أعلى برج القاهرة، ومن قبله طالبة كلية الصيدلة في جامعة قناة السويس التي انتحرت غرقا في النيل، وكذلك طالبة طب الأسنان في المنصورة، التي انتحرت نتيجة لمرورها بحالة نفسية رغم تفوقها، حالة من التعاطف والاستياء في الشارع المصري، ربما لان هؤلاء يدرسون في كليات مرموقة، فقد أصبحوا مثار اهتمام من الجميع، خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مرآة عاكسة، في ظل تداول المعلومات، حيث نبه بعضهم إلى الرغبة في الانتحار، ولم يلتفت الأهل أو المحيطون بهم. تشير الدكتورة هبة عيسوي أستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس وزميلة الأكاديمية الأمريكية، للاضطرابات النفسية العالمية، إلى أن آخر الإحصائيات تقول إن لدينا في مصر 5 ملايين شخص يعانون من الاضطرابات النفسية، 4 ملايين منهم مصابون بالاكتئاب النفسي، منهم مليونان يعانون من الإدمان و15 ألفا يقومون بالانتحار. والاكتئاب مرض من الأمراض التي تصيب النفس والجسم، لأسباب بيولوجية ووراثية واجتماعية، وتستطرد قائلة بأن الأسباب البيولوجية، تحدث بسبب خلل في النواقل العصبية، أو لخلل في التوازن الهرموني للجسم، كما وجد أن حالات الأطفال الذين يتعرضون للتنمر تزداد لديهم الأفكار الانتحارية، وكذلك من يتعرضون للتحرش الجنسي. أما الدكتورة إيمان جابر فتؤكد على أنه يجب الحد من حالات الانتحار بوضع استراتيجيات عامة على مستوى الدولة ودمجها في برامج الصحة والتعليم، ويجدر بالذكر أن بعض الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار لا يظهرون بعض علامات التحذير وهذا ما حدث في واقعة طالب كلية الهندسة».
الضغوط النفسية
أما أكرم القصاص فلم يبتعد في مقاله في «اليوم السابع» عن قضية انتحار شاب من أعلى برج القاهرة يقول: «أمر مؤسف ومثير للحزن والشفقة والتعاطف، أن نجد شابا أو شابة في مقتبل المستقبل يفكرون في الانتحار، وإنهاء الحياة، وبعد أسابيع قليلة من انتحار طالبة صيدلة بإلقاء نفسها في النيل، جاء حادث انتحار خريج الهندسة، ولا يمر يوم من دون حادث انتحار تحت عجلات المترو، أو تناول سم أو القفز في النيل أو غيرها من الطرق، وبعض الحالات تعود لمرض نفسي أو ضغوط نفسية، لأن قرار إنهاء الحياة صعب بالفعل، ووارد أن يصل إليه أي شخص، وقبل عامين انتشرت حالات انتحار حول العالم من مراهقين لعبوا لعبة «الحوت الأزرق»، أو ألعاب أونلاين تنتهي بانتحار أو قتل. وهناك زوايا متعددة يمكن منها النظر لحوادث الانتحار، وأساسها النفسي، الذي لا يتشابه من حالة لأخرى، خاصة إذا علمنا أن هناك 800 ألف حالة انتحار في العالم سنويا، تختلف من مجتمع وفرة إلى مجتمع متوسط إلى مجتمع احتياج، وفي ما يتعلق بمجتمعنا، هناك يوميا حالة انتحار على الأقل، ومن يراجع صفحات الحوادث، يمكنه اكتشاف ذلك، ولكل منها سبب، قد يتشابه أو يختلف، وهذا ما قد يحدده خبراء النفس والاجتماع ضمن تحولات اجتماعية كثيرة، وبعضها أسباب حديثة. حادث انتحار خريج الهندسة من فوق برج القاهرة، ضاعف من حجم الصدمة نشر فيديو الانتحار بعد تسريبه من كاميرا البرج، أو من غيرها، وبدا الخطأ من تسريب فيديو الانتحار وهل هو من داخل كاميرات البرج، أم من مصدر آخر؟ وهو موضوع تحقيق قرره النائب العام، وبعيدا عن التحقيقات الرسمية، فإننا بالفعل في عصر أصبح التصوير فيه متاحا، والنشر على مواقع التواصل متاحا بلا أي مسؤولية، ولهذا سارع مئات من مستخدمي أدوات التواصل إلى أعادة نشر و«تشيير» فيديو انتحار الشاب، وهم يمثلون أنهم يذرفون الدموع أو يمارسون الحزن، وبالمرة يقدمون تحليلا اجتماعيا نفسيا سياسيا للحادث ويستنتجون النتائج، وطبعا كل من أعاد تشيير الفيديو، لم يضع في اعتباره أنه يرتكب جريمة ويضاعف من آلام أهل الراحل، ومن دون مراعاة لمشاعر أهل الشاب، أو حتى البشر، خاصة أن المبالغة في نشر هذه الفيديوهات لا ينتهي بأي نوع من العبرة، بل ربما يضاعف من مشاعر الاكتئاب والصدمة، لجمهور فيه تنوع من النفسيات التي يمكن لبعضها أن تتأثر. ومن بين من أعاد نشر فيديو انتحار الشاب، صحافيون وإعلاميون، يفترض أنهم يعرفون قواعد النشر، أو يدركون أن النشر قد يلمعهم لساعات، ولن يعود عليهم بربح، وهو شعور مرضي بالتحقق الكاذب لدى قطاعات من رواد المواقع الاجتماعية، وهي ظواهر كانت موجودة في المجتمع، وأظهرتها أدوات النشر والتواصل الاجتماعي، وغالبا ما يكون الهدف من إعادة نشر الفيديو، هو ممارسة شعور العارف ببواطن الأشياء والتفاخر، حتى ولو بإعادة نشر مشهد صعب وصادم ومحزن. كالعادة تحول حادث انتحار المهندس الشاب إلى مناسبة ليتحدث كل واحد عن نفسه، ويقدم عرضا نفسانيا سياسيا اجتماعيا، لا يهدف إلى فهم ما جرى، ولا فهم الموضوع، لكن الاندماج في مباراة يستعرض كل مستخدم أسلحته، لا فرق هنا بين حادث أو سياسة أو اقتصاد، حتى وهم يظهرون التعاطف ويهاجمون الآخرين، يريدون الإعلان عن أنفسهم على حساب المنتحر، والهدف في النهاية هو الحصول على لايكات أو دمعات افتراضية أو شعور بالصدمة».
مقياس الصحافي
«الزميل والصديق الغالي خالد برماوي سأل سؤالاً- ربما يكون استنكاريًا- أو لعله استفساري- حسب رأي أمينة خيري في «المصري اليوم»، عبر صفحته على «فيسبوك»، ممثل معروف علق مستاءً في فعالية ما على الحالة التي وصل إليها الكثير من الصحافيين، لاسيما الشباب، حيث ممارسة المهنة بدون دراسة أو تدريب أو تأهيل.. وسأل العزيز خالد برماوي عن رأي الأصدقاء. مناقشة أداء ومحتوى الصحافة باتت عملية محفوفة بالمخاطر، لكن ليس هناك ما هو أخطر من أن تُترك مجالات بعينها مرتعًا لكل من هب ودب ينخر فيها ويلحق بها ما يراه مناسباً بمعاييره الشخصية. بداية علينا أن نعترف بأن العنصر البشري في مصر بصفة عامة طاله ما طاله من تجريف ووأد للمواهب وإجهاض للملكات على مدار عقود. وإعادة بناء البشر وتنقية أجواء التعليم والتربية والتنشئة والثقافة والسلوك، أمر يحتاج سنوات لإزالة الطبقات المتحجرة من «الكلفتة» و«اللكلكة» و«الفهلوة» و«إيه المشكلة يعني». ورغم ذلك، فهناك مجالات بعينها لو تُرِكت لتغوص في مزيد من الكلفتة والهلهلة، فإننا جميعًا هالكون. الأطباء والمعلمون والإعلاميون أمثلة. والأمثلة كثيرة في ما أعرف عن مجال الإعلام. فإذا سخر أحدهم برنامجه لتحقيق مصلحة شخصية، أو الوصول لمناصب سياسية، وإذا كتب أحدهم مقال رأي لتلميع أو تشويه شخص ما لتحقيق مآرب لا علاقة لها بالصالح العام، وإذا سُمِح لمن هو ليس جديرًا بمهمة إخبار الناس وتوعيتهم والارتقاء بالمجتمع ليكون صحافياً أو مراسلاً أو كاتباً، فهذا إفساد للبلاد والعباد. تحميل فيديو الشاب الذي انتحر من أعلى البرج على مواقع إخبارية سقطة مريعة. وحسناً فعلت مواقع قليلة أشارت إلى عدم النشر لقساوة المشهد. قساوة المشهد الذي هرع البعض إلى تحميله لا يوازيه في القسوة إلا من اتخذ قرار التحميل ومن معه، ممن اعتبروه سبقاً صحافياً وتريند مؤسسياً يحمل الخير والترافيك للمؤسسة. الأعجب والأقسى من ذلك هو عدم شعور هؤلاء بفداحة ما اقترفوا، ليس هذا فقط، بل برر البعض ذلك بأن مواقع إخبارية غير مصرية نقلته كذلك، وكأن هذا هو المقياس والمعيار. مقياس الصحافي الشاطر لا يقتصر على السبق والكتابة الجيدة فقط، لكنه يحوي أيضًا إلمامه بما ينبغي أن يكون وما ينبغي ألا يكون. وهنا أشير إلى المرض النفسي الذي يعتبره الكثيرون «دلعاً» أو «قلة إيمان» أو «سطحية» أو «انعدام رضا»، إلخ. وأشير إلى ثقافة الصحافي التي تعكس ثقافة المجتمع حلوها بمرها، صالحها بطالحها. دخول مجال الصحافة يعني «فلترة» و«صنفرة» الثقافة الشعبية حتى لا يكون الصحافي عاملاً مساعداً ومجدداً للخرافات أو المعتقدات الخاطئة. وحين يصف إعلامي لحظة الانتحار بأنها «لحظة شيطانية»، فأي قساوة هذه؟ ومن نصبه حاكماً على الشياطين والملائكة؟ ألم يخبره أحدهم بأن المرض النفسي ليس شيطاناً؟ ألا يعني كل ما سبق أن مهنة الصحافي تحتاج تدريبًا وتأهيلاً عاجلين؟».
وزيرة الاستثمار
وإلى أبرز ما نشر عن التغيير الوزاري المتوقع إعلانه، خاصة بعد صدور حركة المحافظين وتعيين نواب لهم، حيث هاجم محمد عبد الحافظ رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» عددا من الوزراء لم يسمهم صراحة، إلا أنه خصّ بالذكر وزيرة الاستثمار التي لم تنجح في رأيه في جذب مستثمرين أجانب جادين، كما هاجم رجال الأعمال المصريين، الذين لا يريدون الدخول في مجال الصناعة، رغم أن الدولة هيأت كل الظروف للاستثمار الخارجي والداخلي وقال: «الأمن مستتب والاستقرار قائم ويشهد به العالم، العدو قبل الحبيب، الكهرباء توفرت وفاضت. الغاز اكتشفناه ونملك احتياطيا لعشرات السنين. الموانئ تم تجهيزها بأحدث وسائل التكنولوجيا. ونملك أهم مجرى ملاحي في العالم، وتم تطويره ومضاعفة مساحته، أعني قناة السويس الطرق والأنفاق والكباري، ربطت مصر كلها وبمواصفات عالمية. الاتصالات والتكنولوجيا توطنت عندنا. التعليم أفرز عناصر وكوادر يتهافتون عليها في الخارج، المطارات موجودة في كل الأماكن. موقعنا يتوسط العالم لنا امتداد افريقي متوسطي يربطنا بأوروبا، امتداد عربي، امتداد آسيوي سوق قوامه 100 مليون نسمة، نحن نملك كل مقومات الصناعة، ولكنني لا أرى استثمارات صناعية تتناسب مع ما نملكه من مقومات، ومع حجم الإنفاق الضخم، الذي ضخته الدولة خلال الخمس سنوات الماضية، وأنتظر أن تفصح وزيرة الاستثمار عما جلبته من رؤوس أموال استثمارية إلى مصر مقارنة بما جلبته من قروض، حتى يعرف الرأي العام على أرض الواقع. لم نر مشروعات صناعية ضخمة أقيمت برؤوس أموال أجنبية، يمكن أن تقارن بحجم ما لدينا من إمكانيات وفرص ينطبق أيضا على الاستثمارات الوطنية، فرجال الأعمال والمستثمرون المصريون لم نرهم يستثمرون إلا في المجال العقاري، لانه أكثر وأسرع واضمن ربحية بالاضافة إلى أن نسبة كبيرة من رأسمال المشروعات العقارية يدفعها المستفيدون مقدما، رؤوس الأموال الوطنية مطالبة بالمشاركة في المشروعات الصناعية الكبرى، وهذا واجب وفرض على كل رجل أعمال مصري وليس فضلا منه».
مصر دولة شابة
وفي «الجمهورية» طالبت سوزان زمي بإسناد الوزارات للشباب، كما يحدث في الخارج وقالت: «أتمنى أن تمتد الحركة الشبابية لتشمل التشكيل المرتقب للحكومة، لنرى وزراء لم يتجاوزوا الثلاثين أو الأربعين من عمرهم، كما يحدث في الدول الأوروبية والأمريكية، نجد رئيس الوزراء في الثلاثينيات خاصة أن 70٪ من شعب مصر من الشباب، فهي دولة شابة بمعني الكلمة والقيادة السياسية تؤكد دائما على دور الشباب، وفعلا بدأ التنفيذ بحركة نواب المحافظين، وإن شاء الله يمتد لكافة المناصب العليا».
بورصة الترشيحات
«تراجعت بورصة الترشيحات الوزارية بعد بلوغ ذروتها الأسبوع الماضي، قبل عقد مجلس النواب جلسته يوم الخميس الماضي لمناقشة قرار الرئيس، بمد خدمة طارق عامر رئيساً للبنك المركزي، يقول محمود غلاب في «الوفد»، كان هناك توقع بأن تحال إلى الجلسة أيضاً حركة الوزراء، وتبين أنها شائعات، وصدرت حركة المحافظين ونوابهم بعد ذلك، وأصيب مروجو الشائعات بالإحباط، وخابت توقعاتهم بترشيح وزراء واستبعاد آخرين على هواهم. يقيناً أن الحقيبة الوزارية الوحيدة التي يعلم المصريون أنها خالية حتى الآن هي وزارة التضامن الاجتماعي، بعد تولي الوزيرة القديرة غادة والي منصب نائب سكرتير عام الأمم المتحدة، لكن لا يعلم أحد من سيخلفها في المنصب، رغم الترويج لأسماء عديدة، وكلهم أو كلهن كفاءات، وربما تصيب التوقعات أو تخيب، لكن يبقى القرار في يد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم، ويقوم رئيس الوزراء بإجراء مشاورات مع المرشحين، وقد يقبلون أو يعتذرون، وتسبق استقبال المرشحين إجراءات لا يطلع عليها أحد، فهى تتم داخل دائرة صغيرة يحددها رئيس الجمهورية. ويعتقد محمود غلاب، أن التساؤل الذي يقع فيه الإعلام هو، أننا لا نعرف لماذا خرج الوزير، ولماذا جاء آخر بدلاً منه، ليس في محله دائماً، فلا يجوز أن يتم الإعلان عن أن الوزير الفلاني سيترك منصبه مثلاً لأنه فشل في كذا، فبالتأكيد أن الذي سيغادر منصبه تكون هناك أسباب دقيقة وراء مغادرته، طبعاً إذا كان هناك فشل في تنفيذ التكليفات فسيكون خروجه أكيداً لا محالة، لكن هناك أسباباً للخروج، منها أنه أدى المطلوب منه، وأن المرحلة الجديدة تحتاج إلى وجه جديد قادر على تنفيذ متطلباتها، فلا يجوز «تجريس» الوزراء الخارجين، كما لا يجوز إعداد مدونة أو نوتة للقادمين، فقد تتغير السياسات أو الأولويات التنفيذية خلال الممارسة. مهم أن تبقى مداولات التشكيل الوزاري سراً منعاً لحالة الارتباك التي تسببها الشائعات، فهناك مرشحون يعتذرون عن المنصب الوزاري، لأنه لم يعد رفاهية ولا وجاهة. عمل الوزير في الفترة الحالية من الأشغال الشاقة؛ لأن الحكومة مجتمعة لو عملت 24 ساعة في اليوم لن تتمكن من تنفيذ تكليفات الرئيس لها، وبالتالي فإن الوزير البطيء، أو الذي لا يحقق المطلوب منه سيغادر منصبه، فلا توجد شلل، ولا توزيع حصص وزارية. بالتأكيد أن التعديل الوزاري مطروح، لكن من غير المعروف الأسماء المرشحة أو الخارجة، لأن ما نشر غير صحيح، فكل شيء يتم بحساب دقيق، لن يعلن عنه، فهناك بالتأكيد أسباب لخروج بعض الوزراء، وهناك حاجة للاستعانة بغيرهم، قد يتأخر التعديل، أو يتم خلال انعقاد مجلس النواب في الجلسات المقبلة، فلا تتعجلوه. الشيء الإيجابي الذي يستحق الوزراء الحاليون الثناء عليه هو أنهم يعملون بكل كفاءة، بدون النظر إلى بورصة الترشيحات لكن «الزن على الودان» بالتأكيد يحقق نتائج عكسية. لقد صدرت حركة المحافظين ونوابهم بدون ضجة، وبدون توقعات، ونالت تأييد الشارع المصري، وتحولت المحافظات إلى خلية نحل في الشارع، تنفذ التكليفات التي طرحها الرئيس أمام المحافظين الجدد ونوابهم، وننتظر حركة الوزراء عندما يحل ميعادها، وبالتأكيد ستحقق رغبة الرأي العام».
الفوضى العارمة
«أكبر منظومة فساد يعاني منها الناس، ما يحدث في المحليات، وهي منظومة مملوءة بالكثير من المخالفات، ويطالب بهاء أبو شقة في «الوفد»، بوضع حد لاستفحال هذه الظاهرة وانتشارها، فالفساد فيها على كل شكل ولون، وفشلت حكومات كثيرة في الحد منها أو إيجاد حلول لها على مدار سنوات طويلة، وبعد ثورة 30 يونيو/حزيران لابد أن يختلف الحال، ويتغير ويأخذ منحى آخر غير الذي يعانيه المواطنون. لا أحد يخفى عليه كم الفساد الذي استشرى وساد في المحليات، والكل يجأر بالشكوى منها، وبات الآن من المهم والضروري، أن يجد المواطن متنفساً يحميه من هذا القهر والظلم الذي واجهه على مدار ثلاثين عاماً، بسبب القائمين على هذه المنظومة، ولن يرتدع المسؤولون أو يتوبوا عما يفعلونه من فساد في المحليات، ما داموا لا يجدون رقابة حاسمة على أفعالهم وتصرفاتهم الحمقاء، فالوحدات المحلية التي باتت مرتعاً للفساد تعد إمبراطورية مستقلة عن الدولة. لابد من رقابة صارمة على كل مسؤول، وعندما يشعر بأن فوقه ووراءه عيناً سيختلف الأمر تماماً، وبات الآن ضرورة التدخل في هذه المنظومة، لوقف المهازل التي تحدث في تيار الأبراج والعمارات التي تبنى مخالفة، لكل شروط المواصفات ومخالفة لقوانين البناء، يقول الكاتب، كما قلنا سابقاً إن هذه المخالفات لا تقتصر على ارتكاب المخالفة في المكان الذي تحدث فيه، وإنما تتعداه إلى الشارع نفسه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لعدم وجود جراجات مطابقة، نجد السيارات تتكدس في الشوارع، ويحدث نوع من الارتباك الشديد الذي يكون تأثيره بالغ الخطورة على كل المواطنين المارين في هذه الشوارع. من المخالفات الجسيمة أيضاً التي تتسبب فيها المحليات، هي الفوضى العارمة في إصدار تراخيص للمقاهي، لدرجة أن الشوارع كلها لا تخلو من وجود مقهى أو «نصبة صغيرة» في نهر الطريق، ولو توفرت رقابة حقيقية ما شهدنا كل هذا الحجم الهائل من المقاهي، لدرجة أنها في تزايد مستمر وبشكل سيئ ومزرٍ ويرجع السبب في كل ذلك إلى المحليات، فالحقيقة أن أجهزة الحكم المحلي تراخت كثيراً في ضبط هذه الفوضى العارمة لإنشاء المقاهي المخالفة للقانون».
صندوق النقد الدولي
سليمان جودة في «المصري اليوم» يقول: «حكومتنا أكدت أنها لا تنوي عقد أي اتفاق جديد مع الصندوق، وأن البرنامج التمويلي الذي عقدناه مع صندوق النقد الدولي على مدى ثلاث سنوات، تنتهى هذا العام، وحصلنا بمقتضاه على قرض قيمته 12 مليار دولار، هو البرنامج الأخير من نوعه، وأنه لا نية لتجديده بأي حال. وكانت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي صريحة بما يكفي، عندما قالت، أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، أن التعاون مع الصندوق سوف يستمر في مرحلة ما بعد البرنامج التمويلي المنتهي، وإنه سيكون تعاوناً في المسائل الفنية وحدها، وظني أن قناعة الحكومة بعدم الذهاب إلى قرض جديد من الصندوق نابعة من قناعة مستقرة لدى الرئيس السيسي بأن اقتصادنا يجب أن لا يعتمد على القروض، ولا على المنح، ولا على المساعدات، وأنه اقتصاد مدعو إلى الوقوف على قدميه بقدراته الذاتية، هذه قناعة مستقرة لدى الرئيس الذي كشف عنها منذ وقت مبكر، وكان ذلك في كلمته الموجزة التي أعلن من خلالها ترشيح نفسه في السباق الرئاسي للمرة الأولى في مارس/آذار 2014، وكان في الكلمة نفسها قد أعلن أنه لن يقبل ببقاء الجهاز الإداري للدولة على ما هو عليه، وإذا كان هذا الجهاز يعاني من مشاكل عديدة، فالمشكلة الأكبر فيه هي عدد موظفيه، وهي مشكلة حقيقية لاتزال في حاجة إلى حل عملي يتعامل معها، لأن موظفي الحكومة يلتهمون الجانب الأوسع من الإنفاق العام، الذي من المفترض أن يذهب في الجزء الأكبر منه إلى الصحة وإلى التعليم».
ما الذي يجمع العراق ولبنان وإيران؟
عماد الدين حسين يتساءل في مقاله في «الشروق»:»ما الذي يجمع العراق ولبنان وإيران؟ لا تذهبوا بعيدا فى الاستنتاج، فأنا أقصد شيئا سياسيا محضا؟ البلدان الثلاثة لديها انتخابات دورية، وقوى وأحزاب مختلفة إلى حد ما، وديمقراطية نسبية، خصوصا في لبنان، ورغم ذلك خرجت الجماهير في الدول الثلاث للتظاهر والاحتجاج.. فلماذا حدث ذلك، وهل عجزت الآلية السياسية والديمقراطية عن أداء عملها؟ الدرس الجوهري الذي تقدمه حالات البلدان الثلاثة، أن وجود التعددية السياسية المنفتحة جدا، كما هو في لبنان أو المقيدة كما هو في إىران، ووجود انتخابات مفتوحة لا يفوز فيها أحد، شخص أو حزب بـ99.9٪، ووجود صحافة حرة إلى حد ما، لا يكفي لحدوث التوافق الوطني الذي يحتاج في الأساس إلى العدالة الاجتماعية، وألا تتحول العملية السياسية إلى تقسيم الثروة بين قادة وعناصر وأزلام ومحاسيب الطبقة السياسية الضيقة، في حين يعاني الشعب من أوجاع اقتصادية مزمنة. وبالتالي فإن العدالة الاجتماعية صارت شرطا جوهريا لاكتمال الرضا الاجتماعي. رأينا انتخابات جرت في لبنان قبل حوالي العام، شاركت فيها كل القوى والأحزاب وغالبيتها طائفية مذهبية، وذهب الناخبون إلى لجان وصناديق الانتخابات، وأدلوا بأصواتهم بكل حرية، وبسبب النظام السياسي العقيم، فقد تأخر تشكيل الحكومة شهورا، حتى يتفق الأفرقاء على صيغة مناسبة للحكم، أو قل تقسيم الحكم على أساس طائفي مذهبي. تشكلت الحكومة وشارك فيها الجميع، ولكن بأغلبية واضحة لحزب الله ومعه «التيار الوطني» أو العوني المؤيد لرئيس الجمهورية، لكن قبل حوالي خمسة أسابيع ثار الشعب على هذه الطبقة السياسية بأكملها وطالب بإسقاطها وإسقاط هذه الصيغة التى يراها فاسدة وأقرب إلى العصابة. الأمر نفسه مع الفارق في التفاصيل موجود في العراق. كل القوى والأحزاب الموجودة في الشارع العراقي، شاركت تقريبا في الانتخابات البرلمانية، وحصلت كتلة «سائرون» التي يتزعمها مقتدى الصدر على النسبة الأعلى من الأصوات، لكن من دون أي غالبية. وتشكلت حكومة توافقية بزعامة عادل عبدالمهدي، لكن الشعب ثار ليس فقط على الحكومة، بل على الفلسفة السياسية التي جعلت القوى السياسية وغالبيتها مدعومة من إيران، تهيمن على المشهد السياسي، وتوزع المناصب على محاسيبها. والنتيجة أن غالبية الشعب سنة وشيعة، عربا وكردا ثاروا على هذه الطريقة التي حولت بلدا نفطيا وغنيا بالموارد الطبيعية والكفاءات البشرية إلى حالة يرثى لها. إيران لديها انتخابات برلمانية دورية وتنافس دائم بين تيارين رئيسيين هما الإصلاحي والمحافظ، وانتخابات لرئاسة الجمهورية، ولا يوجد رئيس يستمر أكثر من فترتين رئاسيتين، لكن الفارق مقارنة مع العراق ولبنان، أن المرشد الأعلى، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، هو الذي يملك الكلمة النهائية بشأن دخول أي مرشح للبرلمان أو الرئاسة أو المجالس المحلية. ورغم ذلك كانت هذه الآلية تعمل بكفاءة، وتعطي انطباعا لكثيرين بأنها تتيح مشاركة سياسية معقولة، لكن المشاكل الاقتصادية الطاحنة، الناتج بعضها عن العقوبات الأمريكية، والإنفاق على مشروعات للتوسع والهيمنة في الإقليم، جعلت الاقتصاد الإيراني يعانى بشدة، وبالتالي خرج المتظاهرون، احتجاجا على زيادة أسعار الوقود.
أجهزة الأمن في العراق وإيران قمعت المتظاهرين بلا رحمة، وهناك تقدير بسقوط أكثر من 300 قتيل في العراق و150 في إيران، وآلاف المصابين، لكن المشهد في لبنان كان بلا دماء تقريبا. حتى وقت قريب كان البعض يعتقد أن وجود ديمقراطية شكلية كاف لاستمرار الحكومات والأنظمة، لكن تجارب البلدان الثلاثة وقبلها السودان والجزائر، تقول إن ذلك قد ينجح لسنوات، لكن لا يمكنه الاستمرار طوال الوقت. غالبية الجماهير في الدول الثلاث، خرجت لأسباب اجتماعية اقتصادية في الأساس، وبالتالي فهي تبعث برسالة للطبقة السياسية الحاكمة مفادها أنها لا يمكنها الاستمرار بهذه الصيغة حتى لو حاولت الحكومات استخدام عباءة المذهب أو الدين.
وسائل التواصل الاجتماعى لعبت دورا مهما فى هذه الاحتجاجات، للدرجة التي دفعت الدول الثلاث إلى تعطيل خدمات الإنترنت بصور جزئية أو شاملة، والنتيجة في النهاية أن الدرس قد يصل بصورة أو بأخرى للحكومات الثلاث، وهي أن هذه التمثيلية لن تستمر. رأينا فى لبنان والعراق اعترافا بالمشكلة واستعدادا للإصلاح حتى لو كان شكليا، لكن الحكومة الإيرانية تعاملت مع المحتجين باعتبارهم أعداء وأشرارا ومتآمرين في أيدي الخارج، علينا أن ننتظر حتى نرى كيفية تعامل الحكومات الثلاث مع هذه الاحتجاجات الشديدة. وهل ستتغير طبيعة الأنظمة، أم أنها ستحاول الالتفاف على مطالب الجماهير؟ أم ستلجأ للخيار القمعى السافر؟».