انضمام مصر لـ«بريكس» يعزز الآمال بعبور النكبة الاقتصادية… وموسم الترويج لولاية جديدة للسيسي ينطلق بكثافة

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: بدأ موسم الترويج للماراثون الرئاسي بتأييد جارف من قبل عدد من الأحزاب الموالية للسلطة، بهدف انتخاب الرئيس السيسي لدورة رئاسية ثالثة، وأشار النائب علاء عابد نائب رئيس حزب “مستقبل وطن”، ورئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب، ونائب رئيس البرلمان العربي، في تصريحات تلفزيونية نقلها العديد من الصحف منها “الشروق”، إلى استناد الحزب بشأن موقفه من إعلان تأييد الرئيس لفترة رئاسية مقبلة، إلى دراسات موضوعية في شتى الملفات والمجالات، مشيرا إلى نجاح الرئيس في تحقيق إنجازات غير مسبوقة على صعيد العلاقات الخارجية وإحياء العلاقات الافريقية والعربية والخليجية. وتابع: «الحزب يراهن على الشعب المصري أن يقف في كتف الرئيس ويختاره لاستكمال المسيرة في فترة رئاسية مقبلة». وصعد عابد من تأييده للرئيس مشددا على تمكنه خلال فترة وجيزة من استعادة مكانة مصر الريادية إقليميا ودوليا، فضلا عن تحقيق مفهوم الأمن القومي بعد أن كانت مصر «شبه دولة» خلال الفترة ما قبل 2013، حسب وصفه.. وهنأ المهندس موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، الرئيس السيسي بعضوية مصر ضمن تجمع دول بريكس، الذي يضم البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب افريقيا، وهي جميعا ضمن مجموعة العشرين الكبار.. وفي السياق ذاته، قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية والخبير الاقتصادي، أن انضمام مصر لعضوية تحالف «البريكس» ابتداء من يناير/كانون الثاني العام المقبل؛ يمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن المكاسب الاقتصادية المترتبة من الانضمام إلى التحالف الاقتصادي تفوق نظيرتها في مجموعة الدول الصناعية السبع الصناعية الكبرى. ومن بين الأسئلة التي شغلت كثيرا من الحقوقيين، هل تمت إقالة النائب العام المستشار حمادة الصاوي؟ وقد أشارت أوساط إعلامية إلى أنه لم تتم إقالة الصاوي، بل انتهت مدته التي امتدت لأربع سنوات. وحسب القانون فإنه يتم تعيين النائب العام من قبل رئيس الجمهورية من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء في محاكم الاستئناف والنواب العامين المساعدين. وتكون مدة النائب العام أربع سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد. ويتم تعيين النائب العام لمدة واحدة طوال مدة عمله في هذا المنصب. وأصدر الرئيس السيسي قرارا جمهوريا بتعيين المستشار محمد شوقي فتحي إسماعيل عياد، الرئيس في محكمة استئناف الإسكندرية، نائبا عاما. ومن أخبار المحاكم: قطعت منصة “متصدقش” إجازة محرريها لتبث الخبر التالي: قالت منصة متصدقش، إن المحكمة العسكرية، حكمت بالمؤبد على الضابط طبيب في القوات المسلحة، زياد حسام الدين، بتهمة قتله الصيدلانية بسمة علي، في الحادث المعروف إعلاميا بـ”حادث مدينتي”. وقد استمعت المحكمة إلى دفاع المتهم، الذي أنكر التهم الموجهة إليه، رغم اعترافه في محضر الشرطة في بداية الأمر. كما استمعت إلى صديق الأسرة بسام الفقي، الذي كان وزوجته يزوران أسرة زوج المجني عليها.
قمح «إماراتي»

يشير الخبر الذي أثار الكثير من العواصف واحتفى به إعلام الخارج أن الإمارات ستمد مصر بقمح قامت بزراعته على مساحة 70 فدانا تمتلكها أبو ظبي في توشكى، وقام الدكتور عمرو هاشم ربيع في “الشروق” بالبحث في تفاصيل الصفقة: وجدت خبرا على موقع قناة “العربية” يوم 15 أغسطس/آب الماضي مدعوما من رويترز، تحت عنوان «مصر توقع اتفاق تمويل بـ500 مليون دولار لشراء القمح من الزهرة الإماراتية على مدى 5 سنوات تبدأ من 2023»، ويقول الخبر إن الشركة التي تعمل في مجال القطاع الزراعي ومقرها أبوظبي أبرمت اتفاق شراكة مع مكتب أبوظبي للصادرات لتزويد مصر بالقمح. ويضيف الخبر أن وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي ذكر أن الشراكة تشكل مرتكزا أساسيّا للجهود الهادفة لضمان الأمن الغذائي، وأن الدفع سيكون بتكلفة قليلة وشروط ميسرة. وأضاف الخبر أن الشركة الإماراتية تزود حكومة مصر بالقمح المنتج محليّا عبر فرعها المصري، الذي يزرع 70 ألف فدان. وبالانتقال إلى RT الروسية تحت عنوان «مصر ترد على أزمة شراء القمح بالدولار من الإمارات»، يقول الخبر: إن وزير التموين ذكر أنه لا يمكن ولا يجوز ما يتم ادعاؤه بشأن شراء مصر قمحا محليّا من شركة إماراتية بالدولار. وقال إن الشركة الإماراتية التي تزرع أرضا في توشكى لا يمكن الشراء منها بالدولار عبر تمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية. إننا «سنستلم من الشركة الإماراتية القمح مثلما نستلم من فلاحينا بالعملة المحلية». وذكر مساعد وزير التموين للمصدر ذاته، أن القرض المزعوم بقيمة 500 مليون دولار من الإمارات صحيح، لكنه لشراء أقماح مستوردة فعلا، بقيمة 100 مليون دولار على 5 سنوات، أما القمح المزروع في مصر إماراتيّا فسيشترى بالعملة المحلية.

مبررات واهية

بطبيعة الحال، والكلام لعمرو هاشم ربيع لا أحد يعترض على الإطلاق في قيام مصر بشراء القمح المحلي، وإن كان منزرعا بأيد غير مصرية. إذ ليس من المطلوب أن تأخذ مصر القمح من الشركة الإماراتية الخاصة بالمجان، حتى لو كان من يزرع القمح حكومة الإمارات ذاتها، لكن يبدو العجيب فقط في تضارب كل ذلك مع تبريرات سابقة بصعوبة زراعة القمح بكثافة في مصر. ومن ثم كثرة الحديث عن أن الخلاص من أزمة القمح في مصر، لا تبدو قريبة. لأن القمح إذا زادت مساحته الزراعية ـ كما يدعي القائلون بصعوبة الاكتفاء الذاتي ـ سوف يحتاج لكم هائل من المياه لا قبل لمصر بها، لذلك فإن استصلاح أراضٍ يجب أن تتم عقبه زراعة محاصيل موفرة لاستهلاك المياه، والقمح من المحاصيل المتوسطة في استهلاك المياه، فهو ليس كالزيتون والنخل اللذين يتحملان الجفاف، وليس كالأرز أو القصب وهما من المحاصيل الشرهة للمياه. ومن ثم فإن هناك أهمية كبيرة لإعادة النظر في هذا التفكير، خاصة أن القمح من المحاصيل التي تحتاج منذ زراعتها وحتى ضمها إلى أربع ريات مشبعة فقط. السبب الثاني الذي يساق بغرض عدم زراعة القمح هو أن كثرة زراعته وبسبب ضيق المساحات المستصلحة ستأتي حتما على حساب المحاصيل الأخرى كالبرسيم، الذي يشكل العنصر الحيوي لعلف الحيوان خلال فصل الشتاء والربيع، ومن ثم ستكون زراعة كمية معتبرة من القمح، والحد من أزمة الاكتفاء الذاتي من القمح، إلا على حساب تصدير أزمة أعلاف ممثلة في قلة زراعة البرسيم. بعبارة أخرى، كل المبررات التي تدفع مصر لشراء قمح من الإمارات منزرع محليا، تبدو غريبة، وكل الأسانيد التي تفند حجج عدم التوسع في زراعة القمح في مصر تبدو في حاجة إلى إعادة النظر. فالإمارات قامت ونجحت في تحقيق ذلك بسواعد مصرية، وبمياه مصرية، وتم كل ذلك في أرض مصر. إذن ما العجب في أن تقوم مصر بتكرار الفكرة وتطور زراعتها وتتوسع على وجه الخصوص في زراعة القمح. هذا الأمر بالفعل يحتاج إلى وقفة مهمة؛ لأنه من الهزل القول إن الشركة الإماراتية ستبيع بالخسارة. الموضوع فقط يحتاج إلى إعادة توجيه الاستثمارات الزراعية في البنية التحتية، وهل يوجد أفضل من اعتبار الاكتفاء في الغذاء واستصلاح الأراضي من قبل الحكومة المصرية بنية تحتية؟

خيرهما من يبدأ بالاعتذار

ما شجر بين المعارضين كمال أبوعيطة وهشام قاسم، وانتهى في قسم الشرطة وتاليا نيابات ومحاكم يستوجب من وجهة نظر حمدي رزق في “المصري اليوم” فض الاشتباك: ما أغنانا عنه إذا العقل حكم الموقف، وخيرهما الذي يبدأ بالاعتذار.. والاعتذار من شيم الكبار. وتداعى المحترمون من كل حدب وصوب للتوفيق بين «الإخوة الأعداء»، ولربما نجحت الوساطات (قبل نشر هذه السطور) التي تتحسس موقع كلماتها من الإعراب السياسي. الموقف الثابت أن كليهما، أبوعيطة وقاسم، لم يقبل على شخصه اتهاما، وكلاهما دافع عن نفسه بطريقته الخاصة وبشراسة، الصاع بصاعين، وتبادلا الاتهامات في الفضاء الإلكتروني، وعلى المنصات الفضائية، ولم ينتهِ العراك في قسم الشرطة.. ذهب بعيدا.. وكان أجدر بهما التماس الأعذار، والتمس لأخيك ألف عذر. هذا حدث ويحدث الآن بين المعارضين، ولا نقبل عليهما ما لا يقبله الشرفاء على أنفسهم، وجدير بالتوقف كيل الاتهامات جزافا، وإشانة السمعة، كم من الشرفاء ابتُلوا بمثل هذه الاتهامات وأقذع، كم من المسؤولين يقاسون ويلات الاتهامات الجزافية، كم من المفكرين والكُتاب والإعلاميين والصحافيين تأذوا من مثل هذه الاتهامات، وكم من رجال المال والأعمال تأثرت أعمالهم وانتُهكت حيواتهم بفعل فاعل، وكم تمزقت ثياب المخلصين بأظافر طويلة كالمخالب الحمراء. لم يحتمل (الناصري) أبوعيطة هذا الاتهام بالفساد، ولم يقبل (الليبرالى) هشام قاسم على نفسه غمزا في وطنيته، حقهما، ولا يمارى في هذا الحق رجل حق وعدل، دعك من ثعالب الفضاء الإلكتروني عاوزينها جنازة ويشبعوا فيها لطم. فإذا فكَّر وزير أو مسؤول في الحكم، أو رجل أعمال، أو مفكر، أو حتى صحافي يخشى الله في حروفه، مجرد تفكير في بلاغ فيمَن ظلمه، عادوا عليه بحديث الحريات، حرية التعبير، وحرية النقد، وحريات ما أنزل الله بها من سلطان. حق التقاضي مكفول، وباب النائب العام يسع قافلة جِمال مُحمَّلة بالبلاغات، لا يكلف شيئا، جنيهات معدودة، ولكنه الحق بحالات، جناية لو أقدم عليها مسؤول، يقيمون عليه حد الحريات، فإذا انتفضت مؤسسة دفاعا عن هيبتها المُمرَّغة في وحل الاتهامات، تفزع الطيور على شجر تويتر، «دولة كمعية» بالكاف المخففة، وإذا انتفض رجل أعمال دفاعا عن سمعته وأسرته وشركته، انظر ها هم يستخدمون سلاح المال ترهيبا، وإذا قرر فنان حفظ كرامته قالوا في أثره، ليس هكذا تورَد الإبل يا صاح.

رغم أنوفهم

من بين 23 دولة تقدمت رسميا بطلبات انضمام لمجموعة بريكس وافقت قمتها التي اختتمت على قبول طلبات 6 دول، منها ثلاث دول عربية هي مصر والسعودية والإمارات، والثلاث الأخرى هي الأرجنتين وإيران وإثيوبيا.. وهذا العدد من الدول المنضمة حديثا ابتداء من بداية العام المقبل كما أوضح عبد القادر شهيب في “فيتو” هي أكبر عددا من الدول الأعضاء حاليا فيها التي تضم خمس دول هي روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، ولذلك سيكون لتوسيع بريكس على هذا النحو الكبير تأثيرا ملحوظا على مسار الاقتصاد العالمي والمكانة الاقتصادية للدول السبع، التي تتصدرها الولايات المتحدة الأمريكية، لأن الدول الأعضاء في بريكس تتوسع في التعاملات التجارية في ما بينها بالعملات المحلية لها.. وتوسيع البريكس سيعني زيادةَ للتعامل بالعملات المحلية على حساب الدولار الأمريكي، مما سينال من استقراره على عرش العملات، ويعجل باختيار نظام نقدي عالمي بديل، لا يتحكم فيه الدولار الأمريكي، وهو ما سوف يسهم كما قال قادة بريكس في كلماتهم في ختام قمتهم في صياغة نظام دولي متعدد الأقطاب، وليس نظاما أحادي القطبية. ولعل هذا يفسر تحرك أمريكا مؤخرا لاجتذاب عدد من الدول التي طلبت الانضمام لبريكس، من خلال تخفيف صندوق النقد الدولي من شروطه في التعامل معها، مثلما حدث بين الصندوق والأرجنتين مؤخرا، التي لم يتمسك الصندوق بشروطه المعهودة لإقراضها وإبرام اتفاق معها. وهو ما سيقلص من التضخم الذي ارتفع بشدة بسبب انخفاض قيمة الجنيه تجاه الدولار خلال عام إلى النصف عام، ولذلك أعلن الرئيس السيسي مؤخرا أنه لا تخفيض في المدى المنظور للجنيه، لأن هذا يعد من الأمن القومي لتأثيره في معدل التضخم.. وهكذا.. انضمامنا مع خمس دول أخرى لبريكس ستكون له نتائجه العالمية والمحلية.

مناخ مضطرب

شاء البعض أو أبى وفق ما يظن محمد بركات في “الأخبار” سيظل الوضع الدولي المضطرب والقلق وغير المستقر سياسيا واقتصاديا ومناخيا أيضا، هو السائد والمسيطر على كل الاجتماعات والتحركات والمؤتمرات الدولية والإقليمية، في كل أنحاء العالم من الآن وحتى إشعار آخر. ومن الواضح أن هذا الإشعار الآخر لن يخرج إلى النور، ولن يكون متاحا في القريب العاجل، ولا حتى في المنظور الممكن توقعه خلال الشهور القليلة المقبلة، والمتبقية على نهاية العام الحالي وبدايات العام المقبل. هذا طبيعي ومنطقي في ظل ما يموج به العالم الآن ومنذ فترة ليست بالوجيزة، من صراعات ساخنة ومواجهات حادة وأزمات ملتهبة في ظل الصدام العسكري والاقتصادي المشتعل بين روسيا في جانب وأمريكا والدول الأوروبية في الجانب الآخر، والدائر على الأراضي الأوكرانية منذ ما يزيد عن ثمانية عشر شهرا حتى الآن. وفى هذ السياق لم يكن مفاجئا أن نرى تلك المشاكل والتحديات والأزمات والاضطرابات تطرح نفسها، بل تفرض وجودها الثقيل على اجتماعات وفاعليات قمة مجموعة دول البريكس الخامسة عشرة، التي بدأت أعمالها في جوهانسبرغ عاصمة جنوب افريقيا، في وجود قادة الدول الخمس والأعضاء في «البريكس»، الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، عدا الرئيس الروسي بوتين الذي شارك عبر «الفيديو». لذلك رأينا الانعكاسات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الدولية تخيم على الاجتماعات، التي تركزت على السعي لمجتمع دولي متعدد الأقطاب وإصلاح مالي واقتصادي شامل على المستوى الدولي، ووضع إطار أكثر عدالة للنظام العالمي، والسعي لزيادة التعاون العلمي والتكنولوجي والثقافي بين دول البريكس، في إطار العمل المشترك للتنمية الشاملة. وخلال القمة بحثت المجموعة الخماسية الرئيسية للبريكس قضية توسيع عضوية التجمع، بضم عدد من الأعضاء الجدد من بين الدول المتقدمة للانضمام لعضوية المجموعة، بالإضافة إلى المناقشة المستفيضة للقضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية الدولية، التي فرضت نفسها في ضوء المتغيرات والتحولات والاضطرابات الجسيمة التي تجتاح العالم الآن.

أمة ضائعة

لا بد من أن نعترف بما حذر منه فاروق جويدة في “الأهرام”: أن الشعوب العربية تتعرض لعاصفة شديدة القسوة تكاد تصل بها إلى حالة من الفوضى لم تعرفها من قبل.. إن أخطر ما تواجهه الشعوب العربية هي حالة الفتن التي تعانيها داخليا والانقسامات التي تهدد وجودها، الشعوب العربية تعاني منذ فترة بعيدة حالة من التفكك وغياب الرؤى، وقد وصلت إلى أخطر الظواهر وأشدها دمارا.. أولا: منذ سنوات والحروب الأهلية تعصف باستقرار وأمن أكثر من دولة عربية، وقد تركت الصراعات والمعارك آثارا كثيرة في تدمير الأوطان والبشر.. وقد ترتب على ذلك ملايين الشهداء والهاربين من الموت إلى دول العالم، ولا أحد يعلم مصير ومستقبل هذه الملايين الذين تركوا كل شيء وذهبوا إلى عالم مجهول. ثانيا: كانت بداية الكارثة مع الغزو الأمريكي للعراق وتدمير كل إمكانات واحدة من أكبر الدول العربية موارد وبشرا وجيشا ودخل العراق بكل تاريخه وآثاره ودوره دوامة من الانقسامات والحروب والفوضى.. كانت كارثة العراق بداية انهيارات في عدد من الدول العربية وكانت سوريا الضحية الثانية وتدخلت القوى الأجنبية بداية من أمريكا وأوروبا وروسيا وتركيا وإيران.. ووقف العالم العربي متفرجا وترك البلد الثاني تدمره المعارك الداخلية والقوى الأجنبية، وكانت النتيجة هروب الملايين الهاربين من الموت إلى تركيا وأوروبا والدول العربية.. وكانت سوريا الشعب الثاني في مسلسل الحروب الأهلية، وما زالت تواجه هروب شعبها وتدمير مدنها وما لحق بها من الدمار. ثالثا: سرعان ما انتقلت لعنة الحرب الأهلية إلى ليبيا لتواجه المصير نفسه ويتجه الطامعون إلى بترول ليبيا، بينما دمرت القوات الأجنبية كل مرافق الشعب الليبي، وما زالت ليبيا تواجه محنة الانقسامات والصراعات بين أبناء الشعب الواحد.. وقد تخلى الجميع عنها بينما بترول ليبيا يوزع على قوى الغزو والعدوان. رابعا: ما زال مسلسل الفتن في اليمن السعيد واستخدمت فيه كل أنواع الأسلحة، وتحول اليمن إلى ساحة للمعارك شارك فيها الجميع، وما زال الشعب اليمني ينتظر ساعة الخلاص ليعود آمنا. خامسا: كان السودان آخر مسلسل الموت في محنة الحروب..

نهاية تليق به

إلى يوم مصرعه في حادث الطائرة، كان يفجيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة، يملأ الدنيا ويشغل الناس، ولكنه بعدها كما يقول سليمان جودة في “المصري اليوم” صار شيئا من الماضي، وأصبح السؤال الآن عن مستقبل المجموعة.. لا مستقبله هو. ففى مرحلة ما بعد التمرد الذي قاده ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 يونيو/حزيران، كان السؤال عما إذا كان له مستقبل؟ وقد جاء حادث الطائرة الذي سيضاف للأحداث المشابهة، ليقدم إجابة نهائية للسؤال ويسدل الستار على الرجل. ولا ينافس الحادث في غموضه، إلا غموض مستقبل المجموعة ذاتها، والسبب الذي لم تبرزه وسائل الإعلام أن يفجيني لم يذهب إلى العالم الآخر وحده، ولكنه اصطحب معه ديمتري أوتكين الرجل الثاني في قيادة المجموعة، الذي كان يرافقه على الطائرة ذاتها. فالطبيعي بعد رحيل قائد المجموعة في حالة كهذه أن يحل في مكانه الرجل الثاني، ولكن المشكلة أن الرجل الثاني غاب معه، فأصبحت فاغنر بعناصرها كلها موضع تساؤل كبير وأمام مجهول أكبر، بعد أن كانت تصول وتجول في ميادين القتال. كانت المجموعة هي ذراع بوتين الخفية، التي ينفذ بها ما يستحي هو أن ينفذه بيديه من مهام وأعمال، وكان الرئيس الروسي ينفي أي علاقة للدولة الروسية بالمجموعة، ولكن الصور التي كانت تجمعه بالقائد الصريع كانت تقول غير ذلك، وكانت تقول إن وجود عناصر المجموعة في عدد من دول القارة السمراء يحظى بموافقة الكرملين ومباركته ورضاه. ولكن التمرد الذي لا يزال غامضا هو الآخر في تفاصيله، قد جاء في حينه ليرسم مسارا جديدا للمجموعة كلها، ولم يشفع للقائد الراحل أنه ظهر في فيديو قبل مصرعه بساعات، وهو يقول من داخل دولة إفريقية إنه يعمل من أجل عظمة روسيا. وعندما وقع انقلاب النيجر قبل شهر، راح يفجيني يعرض خدماته على السلطة النيجرية الجديدة، وكان هذا مما يصادف هوى سياسيا لدى بوتين، ولكن حتى هذه لم تشفع له في حادث الطائرة التي ارتفعت ظُهر الأربعاء 23 أغسطس/آب إلى 8500 متر في سماء موسكو، ثم انقطعت الاتصالات بها بعد إقلاعها بتسع دقائق.

أسباب ضعفها

نغمة ضعف الأحزاب التي تتردد الآن يراها الدكتور وجدي زين الدين في “الوفد” لا تهدف إلا إلى المزيد من النيل من الأحزاب السياسية، امتدادا لما ابتدعه نظام 23 يوليو/تموز 1952 بأن الحياة السياسية التي سبقت 23 يوليو كانت تعاني من فساد الأحزاب. وهذا في حد ذاته قول مردود عليه بالكثير من الأدلة والبراهين. هذه النغمة التي تزداد الآن في ظل دستور مصري خصص مادته الخامسة لتفعيل الحياة السياسية المصرية، وحدد أن تداول السلطة لا يأتي إلا من خلال تفعيل الحياة السياسية والحزبية، والذين يرددون هذه النغمة الآن يطلقون بوعي أو من دون وعي الرصاص على تفعيل هذه المادة من الدستور، وتلك كارثة خطيرة. وكأن هؤلاء يريدون منا أن نعود إلى الوراء أكثر من 70 عاما، وهذا يعني تأكيد التمسك بالكوارث التي تعرضت لها البلاد طيلة هذه المدة الزمنية الطويلة. السؤال الآن: لماذا تتردد نغمة ضعف الأحزاب في هذا التوقيت؟ وهل يجوز الآن إطلاق هذه النغمة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية قائمة بالدرجة الأولى على تفعيل المادة الخامسة من الدستور؟ هؤلاء يريدون العودة بالبلاد إلى عقود مضت إلى غير رجعة ضاعت فيها التعددية الحزبية والسياسية. وبعد هذه العقود الطويلة التي مضت، تبين أن أكبر خطأ وقعت فيه ثورة 23 يوليو 1952، بل جريمة في حق الحياة السياسية، هو حل الأحزاب، ما تسبب في إصابة البلاد بكوارث، جعلت أي إنجاز فعلته ثورة يوليو محل ريبة وشك.. وأكبر ضرر أيضا هو اتباع سياسة الحزب الواحد والفكر الواحد، ما تسبب في فصل الناس عن واقع الحكم.

لهذا يمامة

لدى الدكتور وجدي زين الدين قناعة بأن المرحلة الحالية، تشهد تطورات مختلفة بشأن تفعيل الحياة الحزبية، في ظل وجود المادة الخامسة من الدستور، التي تقضي بتداول السلطة، وهذا يتم من خلال وجود أحزاب قوية فاعلة في الحياة السياسية، وهذه هي الديمقراطية الحقيقية التي يحلم بها الناس، تابع زين الدين دفاعه عن الأسباب التي دفعت أقدم الأحزاب في الحياة المصرية للدفع بمرشح في الماراثون الرئاسي: لديّ قناعة أيضا أن حزب الوفد، سيكون لاعبا أساسيا وقاطرة للأحزاب خلال الفترة المقبلة، بما لديه من رصيد واسع في هذا الشأن لدى الناس. وهذا ما دفع جموع الوفديين إلى تأييد ترشيح الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، إيمانا من الحزب بأهمية تفعيل الحياة السياسية، من خلال المادة الخامسة من الدستور. ولهذا كان واجبا على حزب الوفد خوض السباق الرئاسي، وبالطبع كان خير من يمثله هو رئيس الحزب في هذا الاستحقاق السياسي الأهم في الممارسة السياسية والحزبية. ولم يأت ترشيح الدكتور عبدالسند يمامة من فراغ، إنما من كل مؤسسات الحزب ابتداء من الهيئة العليا أكبر سلطة سياسية داخل الحزب، وانتهاء بالهيئة الوفدية، الجمعية العمومية، ومرورا بالمكتب التنفيذي للحزب، واتحادات المرأة والشباب وخلافه. هذا هو ما دفع حزب الوفد للدخول في السباق الرئاسي، وكان خير من يمثله هو رئيس الحزب في هذا الاستحقاق السياسي الأهم.

وجهاء القوم

في الزمان القريب وتقريبا في التسعينيات، يذكرنا حسين حلمي في “الوفد”، الشغوف باستلهام الدروس من الماضي، بتلك الوقائع الكاشفة: تعرض بعض البنوك إلى عمليات خداع كبيرة، حيث قامت فئة على درجة كبيرة من الخطورة الإجرامية بالحصول على قروض ضخمة بموجب ضمانات وهمية. وقد قدم الكثير منهم إلى محاكمات وحصلوا على عقوبات وغرامات ورد أموال.. وقالت إحدى المحاكم التي حكمت في إحدى تلك القضايا في حكمها العبارة التالية، لتؤكد بشاعة الجريمة «إن المحكمة تعرب عن أسفها لأن نصوص القانون لم تمكنها من إحالة المتهمين إلى فضيلة المفتي لتحكم عليهم بالإعدام»، وطالبت المحكمة المشرّع بضرورة تعديل الحكم الأقصى للعقوبة لتصبح الإعدام. وقد ذكرت المحكمة أسماء بعض المتهمين بالاسم. وقد يعتقد البعض أن هذه الأمور أصبحت من الماضي، والحقيقة أن تلك الأموال استطاعوا الحصول عليها بسهولة ويسر، لمجرد أنهم من ذوي المكانة الرفيعة. ظهرت مع أبنائهم يشترون بها كل شيء، كل منهم حسب هواه، منهم من قام باستكمال نشاط الوالد، وآخرون يستمتعون بتلك الأموال في شراء منازل على شاطئ البحر بمئات الملايين، هؤلاء اكتفوا بما نهب آباؤهم، ولكن هناك من قام بشراء كرسي له في أحد الأماكن المهمة بغرض الشهرة والتمتع بالمكانة، لعله يستطيع في أي وقت القفز على أموال الشعب مرة أخرى بأي طريقة احتيالية. هؤلاء يا سادة هم الخطر الأعظم، الذين يستعملون عقولهم في خداع العقول، وجميعا يغسلون ما حصل عليه آباؤهم من أموال الشعب بالنصب والاحتيال.

دروس الساحرة

اللاعبون في صناعة كرة القدم المحلية نصحهم حسن المستكاوي في “الشروق” بما يلي: عليهم متابعة ما يجري في العالم وفي المنطقة، فالأمر بات أعمق كثيرا من مجرد بطولة دوري وكأس، ومنتخب يتأهل لكأس العالم. الأمر الآن هو استخدام كرة القدم في تحقيق إيرادات مذهلة، وفي تصدير واحدة من أهم القوى الناعمة للدول الآن، وبما يحول الأنظار إلى الدولة وإلى قدراتها، وإلى فرص الاستثمار فيها، وفي كرتها وفي اقتصادها. هل يرى لاعبونا ذلك؟ كل دولة الآن تدرك أن حدودها لم تعد كافية في السياسة والاقتصاد والرياضة والفن، وأنها يجب أن تلحق بالإقليم وبالقارة وبالعالم.. ومنذ سنوات توجهت أندية إنكليزية وإسبانية وإيطالية إلى الشرق الأقصى الآسيوي، وإلى أمريكا الشمالية، بحثا عن شعبية وموارد جديدة.. فهذا عالم يصغر كلما مضت أعوام، وكلما كبرنا».. الدوري المصري قوة ناعمة، والأهلي والزمالك قوتان ناعمتان، وهذا ينافس قوة الدراما المصرية الناعمة. وهذا ليس كلاما متحيزا لمصريتي ـ فالأشقاء العرب يرون ذلك ويدركونه، ويرحبون بالدراما المصرية وبنجوم الفن والثقافة والموسيقى المصريين، وعلينا بدورنا أن نعزز من قوانا الناعمة. وأن نسقط تلك الحساسيات التي في العقول.. فمن حق الدول أن تعزز قواها الاقتصادية والسياحية والصناعية والقومية والعسكرية، وهو أصيل لكل دولة تجاه شعبها.. ولذلك يجب أن ينتفض كل من يعمل في صناعة كرة القدم المصرية لتنميتها وتقويتها.

لو فعلها صلاح

إذا نجح اتحاد جدة في مفاوضاته مع محمد صلاح، فستكون تلك وفق ما يرى حسن المستكاوي واحدة من أذكى صفقات الكرة السعودية؛ لأن الملايين من المصريين سوف يتابعون مباريات الاتحاد، مثلما يتابع الملايين مباريات النصر والهلال، لكن صلاح سوف يزيد من شعبية الاتحاد الإقليمية، كما سيفعل النجم المغربي ياسين بونو مع الهلال، وكما سيفعل النجم الجزائري رياض محرز مع الأهلي، وهؤلاء سوف يختصرون الوقت، لكي تفوز الأندية السعودية بشعبية إقليمية، وبمتابعة أوسع للدوري. تلك حقائق، ليس فيها مبالغات، ولا انبهارات ساذجة. ويكفي أن تروا كيف استُقبل حمدي فتحي نجم الأهلي في الدوحة.. العالم يتغير في كل شيء من المناخ إلى لعبة المصالح، إلى التجارة، إلى الاقتصاد، إلى القوى الناعمة إلى كرة القدم. وقبل عشر سنوات تحدث كارل هاينز رومينينغه عن الدوري الإنكليزي وكيف أنه يسبق الدوري الألماني بسنوات، باللاعبين الأجانب، وبالتسويق، وبمتعة قوة المسابقة والمباريات. وأخيرا اضطر بايرن ميونيخ أن يدفع في الإنكليزى هاري كين 110 ملايين دولار وهو أكبر مبلغ دفعه زعيم البوندسليغا في تاريخه من أجل لاعب. لكن النتيجة أن الصحف الإنكليزية أصبحت مهتمة بأداء كين مع البايرن. والألمان من مباراة واحدة يرونها صفقة رائعة.. قبل أيام قال هانز يواخيم فاتسكه الرئيس التنفيذي لكل من نادي بوروسيا دورتموند والمجلس الإشرافي لرابطة الدوري الألماني لكرة القدم «يجب تحقيق دفعة جديدة لجذب المستثمرين إلى كرة القدم الألمانية». وتشهد كرة القدم الألمانية تطبيق قاعدة «50+1» التي تقضي بعدم تمكين المستثمرين الأفراد بتملك أكثر من 49% من أسهم أي نادٍ ألماني وترى بعض الفرق، من بينها بايرن ميونخ، أن القاعدة تعرقل البوندسليغا في ظل المبالغ المالية الضخمة التي يجري إنفاقها على صفقات انتقالات اللاعبين من قبل أندية الدوري الإنكليزي الممتاز والسعودية. أيها اللاعبون في الكرة المصرية العالم يتغير بأسرع من إحالة الأفكار إلى لجنة للدراسة، وبأسرع من الندوات والاجتماعات، وبأسرع (والله العظيم) من مؤتمر إصلاح مسار الكرة المصرية..

ليته كالحجاج

من أروع ما حكاه كُتاب السيرة ونقله الدكتور محمود خليل في “الوطن” ما كان من رجل عادي من معاصري الحجاج، لم يذكر التاريخ اسمه، امتلك الشجاعة الأدبية، فواجه الحجاج بحقيقته، التي كان يعلمها الجميع، على ملأ من الناس، كان الحجاج – كما يحكي «ابن كثير» – يخطب يوما على عادته في الناس، وكان خطيبا بارعا، يجيد لعبة الكلام، والطرق على أدمغة المستمعين بكلمات مبهرة، فكان من ضمن ما قال لهم: «أيها الناس.. الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله»، كان الناس يسمعون، حين قام من بينهم رجل حقيقي فقاطعه قائلا: «ويحك يا حجاج ما أصفق وجهك، وأقل حياءك تفعل ما تفعل، وتقول مثل هذا الكلام خبث وضل سعيك». أمر الحجاج الحرس بالقبض على الرجل فورا. وكان من الطبيعي أن يفعل، بعد أن فضح حقيقته أمام الناس، هؤلاء الذين كان بعضهم ينخدع بكلماته، ويسكرون بلغته الخلابة، ومنطقه البراق، فينسون ما يفعله بهم، وما يرتكبه في حقهم. لم يكونوا كلهم كذلك، وإلا كيف خرج من بينهم مَن امتلك الجرأة على مواجهة الحجاج؟ ومؤكد أنه لم يكن يعبر عن نفسه فقط، بل عن صوت آخرين غيره، لديهم الرؤية نفسها والوعي بشخصية نائب الخليفة. واصل الحجاج الخطبة بعد القبض على الرجل، ولما انتهى منها أمر الحرس أن يأتوه به. فوجّه له سؤالا مباشرا: ما الذي جرّأك عليّ؟ كان ذلك أهم ما يشغل الحجاج، إنه يعلم أن كثيرين يكنّون له كراهية دفينة، لكن أحدا لا يجرؤ على إخراجها بهذا الشكل، الذي أضاع هيبته، وقد رد عليه الرجل ردا دامغا، فقال: ويحك يا حجاج أنت تجترئ على الله ولا أجترئ أنا عليك.. ومَن أنت حتى لا أجترئ عليك وأنت تجترئ على الله رب العالمين. يختتم ابن كثير القصة مشيرا إلى أن الحجاج لما سمع من الرجل هذا الرد، طلب من الحرس أن يخلوا سبيله ويطلقوه، وذلك في محاولة متكررة لتجميل وجه الحجاج. والقصة في مجملها تشير إلى أن بلاغة القول، لم تكن حكرا على الحجاج، بل كان الكثيرون يتمتعون بالمهارات نفسها، والأهم أن نتفهم أن عصر الحجاج، على ما تميز به من ظلم لم يخل من رجال جهروا بكلمة الحق.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية