طرابلس – «القدس العربي»: منذ أن بدأت عجلة العملية السياسية الليبية في التحرك تدريجياً بعد صراع دام لسنوات، حاولت معظم الدول أن تلعب دوراً محورياً في حل الأزمة وفي استضافة جزء من الحلول التي تفرعت لمسارات عدة، وكانت على رأس هذه الدول، دول الجوار الليبي، التي لا زالت حتى هذه اللحظة تحاول أن تستغل كل الفرص الممكنة لتعديل مسارها، والتوجه نحو دعم الحلول السياسية التي ستتوج بانتخابات ليبية هي الأولى من نوعها في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وفي إطار تلك المحاولات، انطلق،أمس الإثنين، في المركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة الجزائرية الاجتماع الوزاري الثاني من نوعه لدول الجوار الليبي، على أن يستمر على مدار يومين، وذلك لغرض وضع ومناقشة خريطة طريق واضحة، لتنظيم الانتخابات العامة المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل في موعدها المحدد دون تأجيل أو تأخير.
الاجتماع الذي حمل ضمن محاوره ستة ملفات مهمة شارك فيه كل من وزراء خارجية ليبيا، مصر، السودان، النيجر وتشاد، والكونغو إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، فضلاً عن مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، بانكولي أديوي، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش.
فكما لعبت المغرب دوراً من خلال حوار أبوزنيقة، وتونس من خلال استضافة ملتقى الحوار السياسي الليبي، تحاول الجزائر أن تدخل ضمن حاملي لواء الحلول هي الأخرى من خلال هذا المؤتمر الذي جاء في نسخة ثانية واستضافته في نسخته الأولى في عام 2020، وشارك فيه آنذاك سبعة وزراء خارجية من دول الجوار الليبي.
محاور الاجتماع جاءت واضحة وصريحة، وهي ذاتها التي أعلن عنها مؤتمر برلين سابقاً إضافة إلى ما يتعلق بدول الجوار من ترسيخ لدورها في حل الأزمة، حيث تضمنت المحاور التشديد على تنظيم الانتخابات العامة في موعدها المقرر نهاية العام الحالي، وإيجاد سبل تذليل العقبات والخلافات بين الأطراف الليبية، ووضع آلية جديدة لمرحلة ما بعد الانتخابات، فضلاً عن التأكيد على إلزام الأطراف الليبية بمخرجات مؤتمر برلين على رأسها إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، ورفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الليبية وأراضيها، وإلزام الأطراف الليبية على وقف لغة السلاح وحثها على الحوار. المؤتمر افتتح من قبل وزير خارجية الجزائر، رمضان العمامرة، حيث أشار إلى ضرورة التضامن مع الشعب الليبي من أجل المحافظة على استقرار ليبيا وبالتالي استقرار دول جوارها، مشيراً إلى أن “أيَّ زعزعةٍ في استقرار المنطقة سيكون على حساب ليبيا وجوارها”، مؤكداً وجود “مخططاتٍ للقوى الأجنبية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة”.
وأشار وزير الخارجية الجزائرية إلى أنّه “يجب تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا، وسحب المرتزقة من البلاد في أقرب وقتٍ”.
أما وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، فقد تحدثت بشكل أكبر عن المشاكل التي تواجهها ليبيا حالياً، حيث قالت إن المسار الأمني يشكل التحدي الأكبر حالياً لليبيا، مشيرة إلى أن استمرار وجود المرتزقة يشكل خطراً على ليبيا ودول الجوار.
وقالت المنقوش في كلمتها أمام مؤتمر دول جوار ليبيا في الجزائر، إن استقرار ليبيا من استقرار المنطقة، مشددة على تطلع البلاد إلى بناء شراكة مع دول الجوار ونسعى لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وأضافت: “نعمل على تكريس السيادة الليبية، والتدخلات الخارجية تناقض الأعراف الدولية، ونتطلع إلى نظام سياسي ديمقراطي من خلال انتخابات نزيهة”.
وأشارت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية إلى وجود تحديات إقليمية وعالمية وأنه لا سبيل للبقاء إلا بالتكامل والتعاون داعية إلى تنظيم مؤتمر تشاوري لمناقشة الملف الليبي مؤكدة أن رؤية ليبيا لتحقيق الاستقرار قائمة على مسارين أمني وسياسي.
المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيش، قال خلال المؤتمر هو الآخر، إن جميع الأطراف الليبية تؤكد على تمسكها بموعد الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، معبراً عن الأمل في إقرار القاعدة الدستورية في الأيام المقبلة لتتمكن الأطراف من إجراء الانتخابات.
وأضاف، خلال مؤتمر وزراء خارجية دول الجوار الليبي، أن حضور المراقبين الدوليين والإقليميين للانتخابات ضروري جداً، منوهاً من جهة أخرى إلى أن قرار الميزانية العالقة مهم جداً لدعم جهود الحكومة.
وقد حظي هذا المؤتمر حول ليبيا بدعم دولي من الولايات المتحدة التي رحبت باعتزام الجزائر استضافة وزراء خارجية دول الجوار، دعماً لانتخابات ليبيا، وللجهود المبذولة لوقف انتشار العنف.
وقد جاء ذلك حسب إعلان للسفارة الأمريكية، عقب إطلاع وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، للسفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، خلال اجتماعهما الإثنين الماضي في تونس، على خطط الجزائر بالخصوص.
حيث قالت السفارة إن الولايات المتحدة ترحب بهذه المبادرة، كجزء من الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في ليبيا والمنطقة، وتأمين انسحاب القوات الأجنبية، بما في ذلك المقاتلون والمرتزقة الأجانب.