طرابلس – «القدس العربي»: انقسام داخلي يهدد مجلس النواب الليبي الذي يعقد جلساته من الشرق الليبي مع تزايد عدد التجاوزات التي تمارسها رئاسة المجلس، وإصدارها للقرارات بشكل منفرد، فضلاً عن الرفض الواضح لعدد كبير من النواب لسياسة المجلس وتهديداتهم بالانفصال.
الدلالات على هذا الانقسام ما زالت تخرج إلى العلن يومياً، حيث شهدت جلسة مجلس النواب التي انعقدت الإثنين، قطع البث عن جلسة مجلس النواب بعد مشادات كلامية وجدال بين عدد من الأعضاء أثناء كلمة رئيس البرلمان عقيلة صالح.
وتداولت وسائل إعلام محلية عراكاً وجدالاً بين أعضاء البرلمان حول قانونية الجلسة الماضية أدى إلى إيقاف البث وتعليق الجلسة.
وبحسب وسائل الإعلام، فإن بعض النواب رفضوا استكمال عقيلة صالح في قراءة رسالة النواب الذين قاطعوا جلسة، بسبب اعتراضهم على القرارات الصادرة في جلسة 26 حزيران/يونيو الماضي، والتي كانت برئاسة النائب الثاني مصباح دومة.
وعقب ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، تعليق جلسة المجلس إلى الثلاثاء، وفق منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. ومنذ أيام، دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أعضاء المجلس لحضور جلسة رسمية بمقره في بنغازي، أمس الإثنين، وكان من المقرر مناقشة مقترح اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية 6+6.
وفي وقت سابق، أكد عضو مجلس النواب عبد النبي عبد المولى تخصيص جلسة المجلس الإثنين المقبل لمناقشة ملف مخرجات لجنة 6+6 وملف تشكيل الحكومة الجديدة.
وتوقع في تصريح صحافي، أن يتم الإعلان عن خارطة الطريق الجديدة خلال الأسبوع الجاري، مشيراً إلى أنهم سيحاولون إقامة أكبر قدر من التوافقات بين كل الأطراف؛ تجنباً لفشل تشكيل الحكومة، وفق قوله.
وتابع: “سيتقدم للترشح لرئاسة الحكومة الجديدة من جميع أنحاء ليبيا، ومن يمتلك القدرة والكفاءة ورؤية لبناء دولة حقيقة وإنجاز المهام في الوقت المحدد، سنقف معه”.
وفي السياق، أعلن عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي في وقت سابق، أن مجلس النواب سيناقش في جلسته ملف اللجنة المالية العليا التي أسسها الرئاسي.
وأضاف العرفي في تصريحٍ له: “لا نعلم الآلية والمعايير التي ستتخذ للتوزيع”.
موضحاً أن المشكلة الحقيقية ليست في تقسيم الموارد، إنما الإدارة الصحيحة للموارد، “نتخوف من أن يكون الهدف من تشكيل هذه اللجنة تقسيم الموارد بين أطراف النزاع هو إطالة أمد الأزمة”.
كما أكد عضو مجلس النواب على ضرورة الصرف وفق الأولويات، وأن حل المشاكل الرئيسية كالصحة والمياه أولى من الصرف على الحدائق والمتنزهات.
وفي نهاية حزيران/يونيو الماضي، لوح قرابة الـ 40 نائباً في المجلس بمقاطعة جلسات البرلمان وعقد جلسة تشاورية في طرابلس بعد عيد الأضحى، احتجاجاً على الجلسة الأخيرة المغلقة للمجلس والتي أصدر فيها عدة قرارات.
وقال النواب في بيان لهم إن سبب ذلك يعود إلى عقد رئاسة المجلس جلسة مخالفة لما أعلنته هيئة الرئاسة في الجلستين الأخيرتين؛ بأن الجلسات ستعلق إلى ما بعد عيد الأضحى، مستنكرين عقدها وبطلان أي قرارات صادرة فيها.
واعتبروا الجلسة باطلة ولا ترتقي إلى مستوى تشريع أو قرار برلماني، واصفين ما حدث في الجلسة بـ “الاستهتار” ومحاولة لإضعاف مجلس النواب، وفق البيان. ومنح الموقعون رئاسة المجلس مهلة لإلغاء القرارات الصادرة في الجلسة أقصاها تاريخ انعقاد الجلسة التشاورية في طرابلس والتي “ستكون حاسمة في تاريخ مسيرة مجلس النواب”، بحسب البيان.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، إن أعضاء المجلس صوتوا بالإجماع خلال جلسة مغلقة على اختيار رئيس وأعضاء للمحكمة الدستورية المستحدثة من قبلهم والتي قضت المحكمة العليا بعدم دستوريتها.
كما أعلن بليحق عن إصدار قرار يقضي بإعفاء رئيس هيئة الرقابة الإدارية الحالي واختيار خالد امراجع محمد المبروك خلفاً له، وإعفاء رئيس وأعضاء مجلس إدارة مجلس التخطيط الوطني واختيار مجلس إدارة جديد برئاسة أحمد خليفة حمد ابريدان.
وفي السياق ذاته، شكك عضو مجلس النواب محمد العباني، في أن تكون الجلسة التي اتخذ فيها المجلس جملة من القرارات وكشف عنها المتحدث باسمه عبد الله بليحق قد عقدت من الأساس.
ووصف الجلسة برئاسة النائب الثاني مصباح دومة وما نتج عنها من قرارات بأنها غير شرعية.
العباني وفي تصريح صحافي، دعا من اجتمعوا في بنغازي وأصدروا القرارات الأخيرة إلى التراجع، قائلاً: “إن لم تتراجع هذه المجموعة فتبقى الجلسة وما نتج عنها عملاً غير شرعي”.
كما دعا إدارة مجلس النواب إلى الالتزام باختصاصاتها واللائحة الداخلية، معتبراً أن تجاوز الصلاحيات والنظام الداخلي يجعل من القرارات التي تصدر غير شرعية وليست قابلة للتنفيذ.
وتابع العباني أن رئاسة المجلس لم ترسل دعوة للنواب لعقد جلسة، نافياً علمهم بجلسة المجلس.
وأشار إلى أنه استمع لمخرجات الجلسة عبر الوسائل الإعلامية، معرباً عن استغرابه من قيام النائب الثاني للمجلس بهذا التصرف.
وأضاف العباني أن استئناف الجلسات المعلقة التي يجريها عقيلة صالح عمل غير قانوني، لأن الجلسة تعلق على بند معين وتستأنف على بند.
وأوضح أن النظام الداخلي ينص على نقل جلسات المجلس مباشرة على الهواء، وأنه في حالة توجد بنود سرية يطلب النواب عدم بث الجلسات.