الجزائر- “القدس العربي”:
بعد نحو أسبوعين من طرح الجزائر مبادرتها لحل الأزمة في النيجر، تشير الأصداء الأولية إلى وجود تجاوب من قبل الانقلابيين الذين يطلبون مزيدا من الوقت لترتيب أوراقهم. يأتي ذلك، في وقت يستشعر الجيش الجزائري التهديد الذي فرضته الظروف في منطقة الساحل، مؤكدا استعداده لرد أي عدوان.
وفي حديث له مع التلفزيون التركي، قال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، إن بلاده تنتظر الرد على المبادرة التي طرحتها بلاده للتوصل إلى حل سياسي للأزمة. وقال إن الانقلابيين ذكروا أنهم بصدد تنظيم مشاورات محلية وجهوية ووطنية بخصوص التصور للحل السلمي. وأشار إلى أنهم يعتقدون أن هذه العملية سيقومون بها في غضون شهر واحد، ثم يقومون بعد ذلك بالرد على المقترح الجزائري.
وتحدث عطاف عن تصور الانقلابيين في النيجر للعودة إلى الشرعية الدستورية، مؤكدا أنهم طرحوا مدة 3 سنوات كأقصى حد، إلا أنه يمكن أن تنتهي في وقت أقصر بكثير قد لا يتجاوز سنة. وكانت الجزائر قد وضعت مهلة 6 أشهر في مبادرتها حتى لا يتحول الانقلاب وفق تعبير وزير الخارجية إلى أمر واقع.
وأكد عطاف على أن ما يحرك الجزائر في طرح مبادرتها، هو مصلحة النيجر ودول الجوار وكل المنطقة، بعد أن أدت التدخلات العسكرية في عدة دول مثل ليبيا ومالي وسوريا والعراق إلى كوارث في هذه البلدان، وهو “ما جعلنا نتعظ، ونحاول إقناع كل الشركاء في المنطقة أن الخيار العسكري ليس في صالحهم”.
وتسعى الجزائر للترويج لمبادرتها وحشد دعم خارج منطقة الساحل من أجل مزيد من الضغط للدفع بالحل السياسي إلى الأمام. وفي هذا السياق، كان عطاف، قد أجرى محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأطلعه على المبادرة الجزائرية، ونقل عنه وجود توافق في الرؤى حول الحل.
كما زار رئيس الدبلوماسية الجزائرية المجر التي أبدت على لسان وزير خارجيتها بيتر سيارتو، دعمها القوي للمبادرة الجزائرية لاستعادة النظام الدستوري النيجر، منوها بكونها تسلط الضوء على ضرورة معالجة إشكالية التنمية الاقتصادية في الساحل.
وفي مالي، يبدو الحرص الجزائري كبيرا على عدم انزلاق الأوضاع بعد انسحاب بعثة الأمم المتحدة. وضمن هذا التوجه، أجرى السفير الجزائري في باماكو، محادثات مع وزير الشؤون الخارجية المالي، عبد اللاي ديوب، تناولت مركزية اتفاق السلام والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، وأهميته في البحث عن السلام والتلاحم الوطني في مالي.
ووفق بيان لوزارة الخارجية المالية، تمحورت “المحادثات بشكل أساسي حول آفاق اتفاق السلام والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، في ظرف يتميز بانسحاب بعثة الأمم المتحدة من البلاد”. وجدد ديوب التزام بلاده بإحراز التقدم في مسار السلام في “إطار حركية جديدة للاستيعاب والتكافل الوطني عبر تغليب لغة الحوار المباشر ما بين الماليين دون تدخلات خارجية في المنطقة، مدفوعة بمصالح جيوسياسية ودوافع خفية”.
وشدد السفير الجزائري من جهته، على ضرورة تعزيز الآليات الداخلية والقدرات الذاتية الكامنة الهادفة الى ترقية الحوار بين الماليين في إطار مسار السلام. وأكد الجانبان أن “المنطقة لا يمكن أن تتحمل تكرار الحالة الليبية بحجة حل الأزمة السياسية في النيجر، رافضين أي خيار عسكري ضد هذا البلد”.
من جانبها، هاجمت مجلة الجيش في الجزائر، دعاة التدخل العسكري، وأشارت إلى أن تاريخ المنطقة مليء بالدروس التي تؤكد أن التدخلات العسكرية لطالما حملت المشاكل أكثر من الحلول، وهو ما تعمل عليه الجزائر عبر نشاطها الدبلوماسي المكثف لبلورة حل سياسي لأزمة النيجر.
وأبرزت المجلة، وهي لسان حال المؤسسة العسكرية في الجزائر، أن الجيش يواصل بنفس العزيمة والإصرار وبنفس الوعي والحس الرفيع بالواجب الوطني، أداء مهامه بكل احترافية وفعالية في مجال تأمين حدودنا الوطنية ومكافحة بقايا الإرهاب، مؤكدة أن “قواتنا المسلحة تبقى دوما عاقدة العزم على العمل بحزم لردع وإحباط أي محاولة لتهديد أمن الوطن وسكينة المواطن”.
وذكرت المجلة في افتتاحية عددها لهذا الشهر، أن الجزائر بحكم موقعها الاستراتيجي، تعد فاعلا لا مناص عنه على المستويين الإقليمي والدولي في استتباب الأمن والاستقرار بالرغم من الأحداث والتطورات التي تشهدها القارة الإفريقية، وهو ما جعلها “قوة استقرار وسلام في المنطقة وفق مبادئ ترتكز على جملة من الثوابت على غرار احترام الشرعية الدولية ومساندة القضايا العادلة”.