انقلاب الغابون.. الجيش يسقط امبراطورية عمرها 55 عاما في لحظات

عبدالله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- “القدس العربي”: لم تدم الولاية الثالثة لرئيس الغابون المخلوع علي عمر بونغو سوى دقائق قليلة ما بين إعلان نتائج الانتخابات، التي تضمنت فوزه فجر الأربعاء، وتحرير كبار الضباط لبيان إقالته، التي أنهت امبراطورية إفريقية دامت 55 عاما متربعة على بحرين من النفط والغاز وعلى جبال من المعادن وغابات من الخشب النفيس.

لقد جرت رياح الحكم بما لا تشتهي سفن علي بونغو، الذي كان يحلم بامتداد امبراطورية آل بونغو سبعية أخرى خاصة به وهو الذي خلف والده عمر بونغو عام 2009.

عندما استقلت الغابون المستعمرة الفرنسية القديمة يوم 17 أغسطس 1960 حكمها الرئيس ليون امبا إلى حين وفاته عام 1967، حيث خلفه البير برنار بونغو، الذي أصبح يدعى الحاج عمر بونغو عندما دخل الإسلام عام 1973 على يد الزعيم الموريتاني أحمدو حرمه بابانا، الذي كان في ذلك الوقت مستشارا لرابطة العالم الإسلامي في ليبرفيل.

حكم عمر بونغو الغابون بيد من حديد فارضا نظام الحزب الواحد ومتزعما للحزب الديموقراطي الغابوني.

وفي سنوات حكم عمر بونغو الأولى، شهدت الغابون ازدهارا كبيرا بفعل استغلال الموارد الطبيعية، التي من بينها الخشب والمعادن وبخاصة البترول.
وتحول بونغو إلى حليف قوي لفرنسا التي مكنها من جزء كبير من ثروات بلده. وفي الغابون التي لم يكن دستورها يحد عدد المأموريات الرئاسية، انتخب عمر بونغو رئيسا في سنوات 1973 و1979 و1986.

وعندما انهارت أسعار النفط عام 1980، غرقت الغابون في أزمة اقتصادية خانقة، فاشتعلت الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، وتحولت في إبريل 1990 إلى صدامات دفعت لتنظيم مشاورات وطنية تمخضت عن إصلاحات سياسية في مقدمتها السماح بالتعددية الحزبية.

وكان عمر بونغو بعد هذه المشاورات المرشح الوحيد للرئاسة حيث جرى انتخابه في سنوات 1993 و1998 و2005، وكانت المعارضة منقسمة في مواجهته، وقوبلت نتائج هذه الاقتراعات كلها بالتشكيك والاحتجاج.

وعندما مات عمر بونغو في يونيو 2009، تم تنصيب ولده علي بونغو، الذي كان وزيرا للدفاع، رئيسا مكانه، حيث فاز في انتخابات رئاسية من دور واحد قوبلت بالتشكيك ووصفت بـ”المزورة”.

واشتعلت على إثر انتخابه صدامات بورت جانتيل العاصمة الاقتصادية الغابونية وقتل فيها الكثيرون، لكن علي بونغو بقي في الحكم، بينما ذهبت المعارضة إلى وصف الموقف بالمخجل والشاذ.

ولم تهدأ بعد ذلك الاحتجاجات الاجتماعية بل ازدادت وازداد الطين بلة ودخلت الغابون في أزمة شديدة، بعد أن شهدت أسعار النفط هبوطها الشديد المعروف ما بين 2014 و2015.

وبعد هذه الفترة ابتعد علي بونغو عن فرنسا قاطعا حبل وصال كان والده الراحل قد أكده وقواه.

ودخل نظام علي بونغو بعد ذلك سنوات عصيبة حيث تعرض يوم 24 أكتوبر 2018 لجلطة دماغية بينما كان في زيارة للسعودية، وهو ما أدى إلى تغيبه عن الحكم لأشهر عديدة ليضعف بذلك نظامه ويهتز حكمه.

وفي عام 2010، فُتح تحقيق حول الأموال الباهظة التي هربها عمر بونغو والمقربون منه إلى فرنسا، ونجمت عن ذلك التحقيق مضايقات قضائية لآل بونغو حيث اعتقل تسعة من أبناء بونغو في يوليو 2022 بتهمة إخفاء أموال عامة.

قدُر الإرث العقاري الذي جمعه آل بونغو في فرنسا بـ85 مليون أورو

وقدرت العدالة الإرث العقاري الذي جمعه آل بونغو في فرنسا بـ85 مليون يورو. وفي إبريل الماضي، صوت البرلمان الغابوني على تعديل دستوري احتال به بونغو على الرأي العام لضمان إعادة انتخابه، حيث نقل مدة الولاية الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس وحدد الانتخابات في دور واحد فقط.

لكن كل هذا لم يؤد إلى خلود آل بونغو في الحكم، فقد دخل الجيش على الخط، فجر الأربعاء، 30 أغسطس 2023، ليضعوا حد النهاية لأسرة ظلت لأكثر من خمسة عقود جاثمة على صدر الشعب الغابوني المسكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية