فجأة وبدون سابق إنذار، أعلن اثنا عشر فريقاً من فرق كرة القدم العملاقة في أوروبا، استحداثهم لما يعرف بدوري السوبر، في خطوة اعتبرها محللون كثر بمثابة انقلاب واضح على فدرالية كرة القدم العالمية (الفيفا) وعلى مؤسستها الشريكة (اليويفا) وفي حدث كان له وقع الصاعقة على الجميع.
ورغم النفي الذي ساقه البعض عن احتمالية ولادة خطوة كهذه، إلا أن ولادتها كانت بالنسبة للبعض أمراً حتمياً أمام ما خلفته كورونا من تراجع واضح لعائدات الفرق تلك، وحجم تكاليفها وما تجزله من مال على لاعبيها النجوم، سواء من حيث رواتبهم، أو تكلفة شرائهم، أو مصاريف بيعهم أو إنهاء تعاقداتهم.
انقلاب نجوم الكرة، الذي من المرجح أن يصل في عضويته التأسيسية إلى 15 فريقاً أصليا و5 فرق مضافة، شكّل ثورة على التقاليد، التي سادت لعقود، وما حكم عالم الكرة من ضوابط مختلفة، جعلت من البطولات المعروفة مساحات تقليدية كبيرة، لم يعد من الممكن التعايش معها.
أياً كانت الأسباب التي أدت إلى الانقلاب على الفيفا، والانشقاق التاريخي في علم الكرة فمن الواضح أن بصمات السياسة، امتدت إلى عالم المستديرة
هذا الفصل النخبوي كما يصفه البعض، إنما يعتبروه كثيرون، حتى من روابط مشجعي الأندية «المنشقة» ذاتها، قد جاء بمثابة تجّبر وتعجرف وأنفة، دفعت تلك الأندية وفي لهاثها وراء المال، نحو الإطاحة بآمال الفرق الصغيرة، أو المغمورة وسحق طموحها في التنافس والتطور والمثابرة. وفي ردهم على هذه الخطوة، سارعت الحكومات والدول ووزارات الاختصاص إلى رفض الفكرة، وإطلاق عبارات الإدانة والوعيد بإفشالها ومحاربتها، وحرمان الفرق المنشقة من حقوقها وألقابها، إن هي رفضت العدول عن دوري السوبر المزعوم. بعض الفرق الكبيرة رفضت الانضمام لهذا الانشقاق، لكن صمودها أمام المغريات المالية لهذا الدوري ربما يكون هشاً، ولا يؤهلها للثبات أمام ضخامة وضراوة «عتاولة» الكرة والمال.
دوري السوبر هذا، الذي يعتمد على ثقافة «اللاغالب» و»اللامغلوب» قد قطع شوطاً كبيراً في استعداداته وبلورة خطواته التنفيذية، وعليه ربما يكون قد وصل حد القطيعة مع قوالب الماضي، ومع الفيفا، وحتى الدول بصورة تضعه في مرمى نيران العديد من الحكومات والروابط والمؤسسات الرياضية. إن ما جرى خلسة في عالم الكرة، وما يسعى لتحقيقه من فرز كروي ومالي وحتى وجداني، لا يمكن أن يكون وليد اللحظة، وإنما خضع لفترة طويلة من النقاش ربما تخللها تواطؤ بعض الأطراف الكروية والحكومية والاقتصادية، لتصل إلى حد تواطؤ بعض ممن يدعون رفضهم للفكرة والمبدأ بغرض التمويه ودرء الشكوك.
أياً كانت الأسباب التي أدت إلى هذا الانقلاب على الفيفا، والانشقاق التاريخي في علم الكرة إلا أنه من الواضح أن بصمات السياسة، امتدت إلى عالم المستديرة لما حملته هذه الخطوة من إرث الانقلابات السياسة التقليدية من حيث التكتيك والتنفيذ.
كاتب فلسطيني
[email protected]