القاهرة- “القدس العربي”:
واصل الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار الأمريكي في تعاملات اليوم الإثنين الرسمية، ليصل إلى مستويات قياسية جديدة لأول مرة ويقترب من حاجز الـ51 جنيها، مسجلا 50.75 مقابل الدولار، بحسب آخر إعلان للبنك المركزي المصري.
وجاء الانخفاض الجديد بعد أيام من إعلان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التزام بلاده بسعر صرف مرن في مصر.
وبيّن مدبولي، أن حكومته تتحرك في إطار سوق حرة تخضع لقواعد العرض والطلب، وأن أهم شيء أنه لا يوجد أي تأخيرات لدينا، حيث يوجد حركة وعرض وطلب ويتم صرف احتياجات مستلزمات الصناعة والتجارة.
وتابع: “هناك اتفاق بعدم وجود تقييد لحركة الدولار، وأننا ملتزمون بسعر صرف مرن، لكن مع ما حدث في العالم كله، وخاصة مع الانتخابات الأمريكية ونتيجتها، أدى كل ذلك إلى زيادة قوة الدولار مقارنة بجميع العملات على مستوى العالم أجمع، ومن ذلك اليورو والجنيه الإسترليني وجميع العملات الأخرى، والجنيه المصري هو جزء من منظومة عالمية موجودة، فمن الطبيعي أن تحدث تلك النوعية من الحركة، وبالتالي يجب ألا نقلق من حدوث زيادات مؤقتة في الدولار”.
حديث مدبولي كان يشير إلى التزام الحكومة بتطبيق سعر الصرف المرن، في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اشترط صندوق النقد الدولي تنفيذه مقابل حصول مصر على قرض قيمته 8 مليارات دولار.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يصل سعر الدولار في مصر إلى 56.26 جنيه خلال العام المالي 2024-2025، ونحو 58.39 جنيه في العام المالي التالي، ثم يرتفع إلى 59.46 جنيه في العام المالي 2026-2027، ليستقر عند 59.67 جنيه لعامين متتاليين حتى عام 2029.
إلى ذلك، أعلنت البرلمانية آمال عبدالحميد، عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، تقدمها بطلب إحاطة، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى رئيس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي، بشأن ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه.
وقالت: “شهد سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري ارتفاعا ملحوظا حيث تجاوز حاجز الـ50 جنيها في المصارف المصرية، بعد استقرار وثبات لفترة طويلة، منذ يونيو الماضي، بمتوسط 48 جنيها مقابل الدولار، بينما كان هناك استثناء في أغسطس، عندما تجاوز الـ49 جنيها بشكل مؤقت، ما يثير عددا من التساؤلات حول أسباب الصعود، وما إذا كان سيواصل ارتفاعه خلال الفترة المقبلة، وآليات الحكومة للتعامل مع هذا الارتفاع وتداعياته على الاقتصاد المصري؟”.
وتابعت أن جميع هذه العوامل تعزز من تفوق سعر الدولار على الجنيه، فضلا عن سياسة التشديد النقدي في الولايات المتحدة، وأيضا السياسات الحمائية الجديدة المقرر أن تفرضها واشنطن والتى بالتأكيد ستسهم فى تقوية الدولار أمام العملات الأخرى، مشيرة إلى أنه حتى تنعكس هذه العلاقة ويسترد الجنيه قوته، تحتاج من الحكومة إلى العمل على الاقتصاد الحقيقي وليس (المسكنات) المؤقتة بتنويع مصادر النقد الأجنبي دون الاعتماد فقط على المصادر التقليدية التي تتأثر بتوترات الأوضاع عالميا.
وأضافت أن البنك المركزي يستخدم سياسة الاستهلاك الرشيد للعملة الأجنبية، وأنه إذا فتح الباب لاستيراد السلع غير الأساسية على مصراعيه، قد يحدث انخفاض كبير في قيمة الجنيه، وهو أمر يُحسب للبنك المركزي.
وواصلت: “علينا أن نستلهم من نظريات مبادئ الاقتصاد الكلي والتي تعلمنا كلما كانت الدولة أكثر قدرة على الاعتماد على مقدراتها وإنتاجها المحلي وتعميق الصناعة المحلية لتصدر بمكون محلي كبير، كلما قل الاعتماد على الدولار، أما إذا زاد الاعتماد على الدولار سيزيد الطلب، وعندها يرتفع سعر الدولار بشكل مباشر”.
ومنذ عام 2016، شهدت مصر 5 تخفيضات كبيرة للجنيه، كانت الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 حينما تقرر خفض الجنيه من مستويات 8.88 جنيه دولار إلى مستويات 15.77 جنيه للدولار بتراجع 78%.