انهيار قيم نتنياهو

حجم الخط
0

‘يقود رئيس الليكود وهو الحزب الذي أقسم على الولاء بسلامة البلاد مواطني دولة اسرائيل الى الانفصال عن قلب ارض اسرائيل. وقد صاغ بنيامين نتنياهو سبب هذا الاجراء بصورة واضحة على مسامع حضور مؤتمر معهد بحوث الامن القومي بقوله: ‘لا أريد دولة ذات شعبين، ولا يريد أكثر الجمهور دولة ذات شعبين’.
كان نتنياهو كما تذكرون أول من زعموا أن تنبؤات الخبراء بـ ‘الكارثة السكانية’ التي تنتظرنا اذا انشأنا دولة وبعد 1967، اذا تمسكنا بيهودا والسامرة كانت كأنها لم تكن. وقد أثبت نتنياهو أنه منذ كان تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر الى ايامنا، زادت نسبة اليهود الذين يعيشون غربي نهر الاردن من 10 بالمئة الى 70 بالمئة. وحتى لو كانت المعطيات أقل صلاحا فقد ارتفع صوت الايديولوجي فيه قائلا أين سُمع مثل هذا؛ أن ينسحب شعب من قلب وطنه ومن الاراضي التي أصبح فيها شعبا بسبب صعوبات سكانية؟ إن عكس ذلك هو الذي يجب أن يُفعل بأن يتم التمسك بها بقوة وأن نُحدث وضعا في الوقت نفسه كما حدث منذ كان بدء العودة الى صهيون في ايامنا، يصبح فيه اليهود أكثرية مستقرة ثابتة في ارضهم.
اجل، بسبب هذا الخوف (ايضا)، الخوف من العامل السكاني، لم يتجرأ أكثر يهود اوروبا بل أكثر الصهاينة على الهجرة الى ارض اسرائيل وحينها انقض عليهم مُفنيهم. وأصبحت قلة القلة فقط التي آمنت وتجرأت وهاجرت وبنت وواجهت وحاربت أصبحت كثرة. فهل الآن خاصة وقد أصبحنا كثيرين واقوياء من جهة اقتصادية وامنية ونحكم مصيرنا نكف عن الايمان بالهجرة الى اسرائيل، زعم نتنياهو في الماضي. ونكف عن الايمان بارادة الشعب بالحياة؟ وبالقناعة العميقة بأنه لا يوجد بديل عن الجذور التي تربط انسانا وأمة بأصولهما؟ ماذا عدا مما بدا؟ ما الذي جد منذ ايام خطابة نتنياهو هذه. أفلم يكن الكلام الذي قاله في الماضي صدقا؟ ألم ينشأ فيها في كل جيل وجيل أنبياء كذابون حاولوا أن يضعفونا وأن يقولوا إننا سنصبح بعد قليل قلة في ارضنا؟ ألم تلطمهم الحقائق المتفائلة مرة بعد مرة بعد مرة؟ إن الجمهور غير المتدين في دولة اسرائيل على الخصوص ذو رقم قياسي في الولادة ثلاثة اولاد للعائلة الواحدة وهو معدل لا شبيه له في العالم الغربي. إن غريزة التكاثر اليهودية تثبت بالدليل الواضح أن الشعب ما زال حيا موجودا خلافا لما في اوروبا حيث تحكم الشعوب هناك على نفسها بالفناء السكاني.
صفق كثيرون من حضور المؤتمر لنتنياهو لأنه أيدهم على ضعفهم وعلى ما يسمونه براغماتية سياسية، وأنه أهمل الايمان بمستقبل الصهيونية الفعالة التي تتحدى وتسعى الى التقدم دائما. وقد أطراهم أن رئيس المعسكر القومي ينساق نحو التشاؤم الذي يميز المعسكر الذي فقد الهيمنة لتنكره لقيمه الاولى وللنهج الصحيح العظيم الانجازات الذي قاد الشعب فيه. وها هي ذي الصهيونية القومية قد أصابها الوهن ايضا بعد سنوات غير كثيرة اخذت فيها الزمام من الصهيونية اليسارية التي ذهبت قوتها.
إن نتنياهو بدل أن يتغلب بجرأة وابداع على التراث الصعب الذي أورثه إياه معسكر اوسلو يتبنى المذهب السياسي الذي قاد دولة اسرائيل الى شفا الهاوية تقريبا.
إنه ‘انهيار منظومات قيمية’، كما سمى نفتالي بينيت صورة تبني نتنياهو لنهج اريئيل شارون واهود اولمرت وتسيبي لفني، ويصفق الاعلام لهذه الانعطافة وأحب أكثر حضور المؤتمر نتنياهو لذلك.
لكن اذا لم يقف أو اذا لم يوقفه حزبه فان نهاية الليكود يتوقع أن تكون كنهاية الحزب الخائن ‘كديما’، وكمصير حزب العمل الذي انهار قبل ذلك لنفس الاسباب وهي اضاعة الطريق والتخلي عن الرؤيا.

هآرتس 30/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية