انهيار متواصل لليرة التركية.. أردوغان يُصر على محاربة الفائدة والبنك المركزي يرفض التدخل

حجم الخط
4

أنقرة –”القدس العربي”: سجلت الليرة التركية، الثلاثاء، انهيار تاريخي جديد وبسرعة هبوط غير مسبوقة على الإطلاق في ظل إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على “محاربة الفائدة” وصمت البنك المركزي الذي قرر عدم التدخل لضخ أي أموال يمكن أن تساعد في وقف خسائر الليرة التركية الكبيرة أمام العملات الأجنبية.

وبحلول مساء الثلاثاء، وصل سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي إلى 13.28 بخسارة تجاوزت أكثر من 10 بالمئة في يوم واحد من قيمتها، قبل أن تعود وتستقر عند حدود 12.63 لتقترب بذلك الليرة التركية من خسارة قرابة 25 بالمئة من قيمتها خلال أيام فقط، وقرابة 45 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الجاري، كما تعتبر هذه الخسارة في قيمة العملة التركية الأعلى منذ وصول حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان للحكم قبل أكثر من 18 عاماً.
وبدأت موجة التراجع الأخيرة في قيمة الليرة التركية عقب قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال أسابيع. والخميس الماضي، خفض البنك المركزي التركي في اجتماعه الشهري سعر الفائدة 100 نقطة أساس وذلك للشهر الثالث على التوالي حيث جرى خفض سعر الفائدة 100 و200 و100 نقطة أساس تباعاً ليصل من 19 بالمئة إلى 15 بالمئة، في حين يتوقع أن تتواصل قرارات الخفض في الاجتماعات الشهرية تباعاً للوصول إلى هدف أقل من 10 بالمئة.
وتواصل التراجع في قيمة الليرة التركية من خطابات أردوغان اليومية التي يؤكد فيها عزمه على مواصلة سياسة خفض أسعار الفائدة، حيث جدد الرئيس التركي في خطابين الاثنين والثلاثاء على أنه سيواصل خفض أسعار الفائدة معتبراً أن بلاده تخوض “حرب استقلال اقتصادية” متعهداً بـ”الانتصار في هذه الحرب”. كما أعلن حليف أردوغان في “تحالف الجمهور” زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشيلي دعمه سياسات أردوغان الاقتصادية المتعلقة بمحاربة أسعار الفائدة.
والثلاثاء، تحدثت مصادر غير رسمية وأخرى نقلتها وكالة رويترز عن لقاء غير معلن جرى الثلاثاء بين أردوغان ورئيس البنك المركزي شهاب كافجي أوغلو، حيث لم يعلن عن هذا الاجتماع بشكل رسمي ولم تصدر أي تصريحات عن الجانبين.
لكن وبالتزامن مع ذلك، أصدر البنك المركزي التركي بياناً أكد فيه على أن يتابع التقلبات الكبيرة في سعر صرف الليرة التركية التي وصفها بأنها “منفصلة عن الواقع”، مشدداً على أنه لن يتدخل لتحديد أسعار الصرف انطلاقاً من اتباعه مبدأ أن العرض والطلب هما من يحددان أسعار الصرف.

وعقب التغييرات التي طالت وزير الخزانة والمالية السابق بيرات البيرق ورئيس البنك المركزي توقف البنك عن التدخل ومحاولة وقف التدهور في أسعار صرف الليرة التركية، حيث اتهمت الإدارة الاقتصادية السابقة بإهدار 128 مليار دولار من أموال البنك المركزي التركي جرى تحويلها لليرة التركية في سياسة لم تنجح في وقف انهيار الليرة التركية ولكنها تمكنت جزئياً من تخفيف الأضرار في سعر الصرف وتسببت بأضرار أكبر نتيجة فقدان البنك المركزي جزء مهم جداً من احتياطاته النقدية بالعملات الأجنبية.
ودعا نائب رئيس البنك المركزي السابق سميح تومين، الذي أقاله أردوغان الشهر الماضي، إلى العودة فورا للسياسات التي تحمي قيمة الليرة. وقال على تويتر “يجب التخلي فورا عن هذه التجربة غير الرشيدة التي ليس لها فرصة للنجاح وعلينا العودة إلى سياسات الجودة التي تحمي قيمة الليرة التركية ورخاء الشعب التركي”.

ووسط صدمة شعبية من التراجع الكبير في قيمة الليرة التركية جددت المعارضة التركية بأطيافها المختلفة دعوتها لإجراء انتخابات مبكرة في البلاد وهو ما رد عليه أردوغان وحليفه بهتشيلي في خطابين منفصلين، الثلاثاء، بالتأكيد على أن “لا انتخابات مبكرة في البلاد” وأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستجري في موعدها المقرر يونيو/حزيران 2023.

وعلى مدار السنوات الماضية، أدت التغييرات المتتالية التي طالت وزير المالية والخزانة وثلاثة رؤساء للبنك المركزي وأعضاء في لجنة السياسات المالية والضغوط الكبيرة على البنك لخفض أسعار الفائدة التي أفقدته صفة الاستقلالية نتيجة رضوخه لضغوط أردوغان إلى انهيار متتالي في قيمة الليرة التركية.

وبينما يحذر اقتصاديون من مغبة خفض أسعار الفائدة بشكل غير مدروس لضمان استمرار المشاريع لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ستؤدي إلى ارتفاع أكبر في معدلات التضخم التي تضغط على الحياة اليومية للمواطنين الأتراك بشكل غير مسبوق وسط ارتفاع هائل في الأسعار، وسط تحذيرات من أن ارتفاع التضخم سيؤدي إلى انخفاض كبير في شعبية الرئيس التركي الذي يرى العكس وهو أن خفض الفائدة سيؤدي إلى زيادة الاستثمارات وبالتالي زيادة التوظيف وإرضاء الشارع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الفائدة بأوروبا تقارب الصفر!
    يجب على تركيا تصفير الفوائد لأجل الإستثمار!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عبد:

    أردوغان وفريقه على الطريق الصحيح . وكل التجارب الدولية أثبتت ذلك. . الربا أم المصائب لكل الناس

  3. يقول داود. الاردني:

    يعني هسه تذكروا وبعد عشرين سنه في الحكم انه الربا حرام

  4. يقول خالد مصطفى الجزائر:

    مهما حدث للإقتصاد التركي ,فهو لا شيئ مقابل الإقتصادات الأوروبية والأمريكية, فأمريكا بدين مئتين بالمئة وفرنسا مثلا بدين يقارب مئتين بالمئة وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبريطانيا إختلطت الأمور هناك ,فالإقتصاد التركي يعاني من هبوط وصعود وهذا شيئ عادي لإقتصاد صاعد , ولا ننسى أن البترول بسعر 80دولار وأكثر ,تركيا في السنتين القادمتين غير تركيا أمس , الأتراك قادمون وتمكنوا حقا

إشترك في قائمتنا البريدية