اهانة السيسي للشعب المصري

حجم الخط
28

لقد سجل الفريق السيسي على نفسه إهانة واضحه وصريحة لقسم كبير من الشعب المصري عندما قسمه إلى فريقين أحدهما في عداد الشرفاء والآخر من غير الشرفاء، ولك أن تختار المفردة التي تريد، لوصف هؤلاء غير الشرفاء وكأنه يريد أن يقول ان من دخل ميدان التحرير فهو آمن وشريف وأن من دخل ميدان رابعة العدوية فهو خائن وسوف يكون هدفاً مشروعاً لأنه إرهابي.
إذا ما تأملنا في خطاب الفريق السيسي وشهادته التي قدمها للشعب كبراءة ذمة من دم الاخوان ومن واكبهم وهو يسرد تفاصيل محاولاته المستميته لإقناع الرئيس مرسي بحل سلمي للأزمة، فإنه يلاحظ مجموعة من المغالطات والتناقضات الواضحه فيما ورد على لسانه ونورد منها ما يلي: ‘لقد قال الفريق انه اجتمع مع الرئيس لمدة ساعتين في اليوم الذي سبق الخطاب، الذي ألقاه الرئيس وأنه أفصح له بالضبط عن تصوراته الإستراتيجية لما يجب أن يقال في ذلك الخطاب.. وهو بهذا يعترف أنه كان يملي على الرئيس ما يتوجب عليه أن يقوله في خطابه، وهذا دليل على أنه تعامل مع الرئيس بصفته الآمر الناهي وليس بصفته الوزير المرؤوس من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة.. بعكس ما قاله في نفس الخطاب من أنه أكد للرئيس محمد مرسي أنه هو والجيش تحت إمرته هو، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وكونه يمثل إرادة الشعب الذي انتخبه عبر صناديق الإقتراع، مع أنه اليوم يعتقله في مكان مجهول ما يعني أنه نكث بعهده الذي قال انه تعهد له به.
قال الفريق السيسي أنه فوجئ بالرئيس يقول في خطابه كلاماً غير الذي اتفقا عليه وأنه اكتفى بوضع يده على ذقنه في حالة من التأمل والإستغراب.. بينما أظهرته الكاميرات وهو يصفق للرئيس مع المصفقين بعد انتهاء الرئيس من بعض فقرات الخطاب!
لقد قال الفريق انه بعث برسالة للرئيس مرسي من خلال محمد سليم العوا يقترح فيها إجراء استفتاء الشعب على بقاء مرسي في الرئاسة وهو ما نفاه العوا جملة وتفصيلا على الملأ، حين أكد أنه لم ينقل أي رسالة بين الطرفين لا من قريب ولا من بعيد.
الأغرب من هذا كله أن يقوم الفريق السيسي بسرد روايته للشعب بكافة أطيافه بمن فيهم النخب القيادية والمثقفة ولا يجد من المحامين أو القضاة من يقول له انه خالف أبسط أبجديات الإحتكام عندما صرح لنفسه بأن يروي قصته كما حلا له بينما قام بحرمان الطرف الآخر من الوجود وأنكر عليه أبسط حقوقه المتمثله بالحصول على فرصة للدفاع عن نفسه ليقوم الفريق بهذا السلوك بتقديم عينة نموذجية لطريقته في التعاطي مع الآخرين عندما يكون هناك خلاف بينه وبين من سواه.
ما أوردناه في هذا السياق لا يجب أن يجعلنا نَعلَقْ في هذه الحيثيات التي أصبحت من الماضي رغم أهميتها ومع أنها كانت من الأسباب الرئيسية للخسائر البشرية والمعنوية والأخلاقية التي تكبدتها مصر منذ الحظة الأولي للإنقلاب، لأن الأهم من هذا كله هو ما يحمله يوم الجمعة من أخطار مدمرة على مصر وعلى المنطقة كون الفريق قد دعى إلى حالة من الإرتطام العنيف بين فئتين من الشعب الواحد مع إعلانه عن تحالف الجيش وقوات الأمن مع إحدى الفئتين ضد الفئة الثانية التي أصبغ عليها تهمة الإرهاب لكي تستباح دماؤها من قبل قوات الأمن والبلطجية بإسنادٍ من الجيش بشكلِ يفوق كثيراً تلك العينات التي رأيناها أمام الحرس الجمهوري وغيرها من الغارات البطولية التي كانت بهذا العنف قبل أن تصدر هذه التصريحات التي ستعطيهم كل ما يحتاجون من الأسباب لإرتكاب جرائم حرب وما سيجره ذلك على مصر من قابلية الولوج في مستنقع الحرب الأهلية المدمرة لا قدر الله.
لا أظن أن الفريق السيسي سيرتكب مثل هذا الخطأ الشنيع وأظنه سيلجأ إلى محاولة إزالة العقبات من أمام خارطة طريقه التي جنحت واتضح أنها تسطدم بصخور إصرار الفريق الآخر على الصمود في الميادين لأن غارات الأمن والشبيحة قد نالت من بعض أجساد هؤلاء ولكنها لم تنجح في إرهابهم لكي يفضوا هذه الإعتصامات التي صمدت ما يقارب الشهر دون كللٍ أو ملل.
أمام هذا الإستعصاء على تنفيذ الخارطه، ولأن الفريق السيسي لا يملك مرونة مرسي كونه عسكريا وقد صرح أنه لن تكون هناك عودة عن خارطة الطريق فإنني أتوقع أن يلجأ إلى إعادة استعمال السلاح القديم الذي تمسك به مبارك من قبل، وتعهد مرسي أنه لن يُستعمل مرةً أخرى، وبالرغم من أن إغماده كان المطلب الأول لثورة 25 يناير غير أن قيادات المعارضة الثورية وشيخ الأزهر سيصدران له فتوى بشرعية إشهاره من جديد.
تداعيات غير محسوبة سوف تدفع كافة التيارات الإسلامية إلى الكفر بالديمقراطية وسيؤدى ذلك بالكثيرين إلى الجنوح إلى العنف المضاد الذي يبدو أنهم يُدفعون إليه دفعاً لعل هذا العنف أن يقنع الغرب بأن النظام المصري الجديد ضروري من أجل مقاومة الإرهاب وبالتالي الحصول على دعمه وإغماض عينيه.

زياد علان العينبوسي – نيويورك
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د.مندسة:

    من المقالات النادرة هذه الايام من حيث توازنها وعقلانيتها في تحليل للزلزال المصري بعيدا عن الحق للاخوان الذي يتفاخر به الكثيرون من الكتاب والمحللين.

  2. يقول مالك حسن علي:

    يا اخواني… ماهو مرسي قسم الشعب قبل كده الى مؤمنين وهم جماعته واهله وعشيرته وكفار وهم اكثرية الشعب المصري … كنت فين انت وقتها ؟؟؟ لماذا لم تكتب عن ذلك يا خروف يا اخواني

  3. يقول واحد:

    كلام جميل جداً … ووجهة نظر قوية

  4. يقول د.مندسة:

    من المقالات النادرة هذه الايام من حيث توازنها وعقلانيتها في تحليل للزلزال المصري بعيدا عن الحقد للاخوان الذي يتفاخر به الكثيرون من الكتاب والمحللين.

  5. يقول ميشيل سمعان:

    اصبحت اشك ان السيسي فعل ما فعل لاعادة شعبية الاخوان التي كانت تتأكل مع الزمن لقد اهداهم هذه الشعبيه على طبق من ذهب

  6. يقول علي محسن حميد:

    راجعوا خطابات مرسي ستجدون أنه استخدم نفس اللغة عدة مرات وقسم الشعب إلى شرفاء وغير شرفاء.لماذا الصيحة الأن فقط ولم تطلقوا نفس الصيحة عند إلقاء مرسي خطاباته في وضع مصري كان هو يعي أنه شديد الانقسام وكان مرسي يعني بالشرفاء أنصاره وغير الشرفاء خصومه.إنها الثقافة السلطوية العربية التي تجيز للقوي نعت الموالين بالشرفاء وغيرهم بعكس ذلك. صالح في اليمن أفرط في استخدام كلمة الشرفاء وكان أحيانا يدافع بها عن الفاسدين المعرضين للنقد والذي يعرف هو أنهم متورطون في فساد لايستطيع الدفاع عنه

  7. يقول مصطفى المغرب:

    اول كلام منطقي مند الانقلاب

  8. يقول محمد:

    سياسة فرق تسد

  9. يقول ما جد بن علي:

    السيسي على حق

  10. يقول idris:

    السيسي رجل مغروفتح على نفسه ابواب الجحيم دفعة واحدة وحاول خطف الاضواء من البرادعي الطامع في السلطة فاغضب الجميع الا فلول نضام مبارك البائد

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية