مايكل اورنأقلع الرئيس الامريكي باراك اوباما من اسرائيل بعد ظهر يوم الجمعة، وترك وراءه دولة أقوى مما كانت. في أثناء اليومين والنصف أقام الرئيس علاقة شخصية مع مواطني اسرائيل وتحدث الى قلبهم. وفي مناسبات علنية التقى بالماضي، الحاضر والمستقبل للشعب اليهودي في بلاده ومن خلف الكواليس تحدث مطولا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاريه وبحث معهم في مواضيع حرجة للدولتين. والاهم من كل هذا، ربما، كانت الرسالة التي جلبها معه الرئيس وخلفها وراءه رسالة لم تسمع فقط في اسرائيل بل وفي كل أرجاء الشرق الاوسط.لقد وقعت الزيارة في فترة مصيرية لدولة اسرائيل في زمن تعج فيه المنطقة وتصخب. خطر السلاح الكيميائي في سوريا، عشرات الاف الصواريخ التي في ايدي مخربين في لبنان وفي غزة والبرنامج النووي الايراني، كل ذلك يضع اسرائيل أمام مخاطر وتحديات عظيمة. وفي نفس الوقت فان الولايات المتحدة تعبة من حربين طويلتين في الشرق الاوسط ومن شأن التقليصات في الميزانية أن تؤثر على رغبة وقدرة أمريكا في مواصلة التدخل في المنطقة. في العالم العربي وفي أوساط الحكام في ايران نفي الكارثة في ذروته، وهكذا ايضا الرفض للاعتراف بشرعية دولة اسرائيل وبنا كشعب ذي حق في تقرير المصير في بلاده. يضاف الى ذلك انه نشأت رواية توتر بل وقطيعة بين حكومة اسرائيل والادارة الامريكية في وسائل الاعلام الدولية. تشجع هذه الرواية كل جهة تتطلع الى النبش في التحالف بين الدولتين. وعندها جاء الرئيس اوباما ومعه رسالة لا تقبل التأويل لوجهين لكل سكان اسرائيل وجيرانها. وفور هبوطه شرف بحضوره بطارية القبة الحديدية، المنظومة الثورية ضد الصواريخ التي طورها اسرائيل وتلقت تمويلا امريكيا سخيا. وفي لقائه مع الجنود والضباط الشباب الذين يعملون على المنظومة أعرب الرئيس عن التزامه بمواصلة تعزيز أمن الدولة في ضوء تهديد الصواريخ. وفي سياق زيارة الرئيس في متحف يد واسم، تحدث منددا بمن ينفون الكارثة وشدد على أن اسرائيل لم تقم في أعقاب الكارثة بل كضمانة لمنع تكرارها. وفي جبل هرتسل وضع الرئيس اكليلا على قبر رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين في رسالة لالتزامه بتحقيق السلام؛ كما وضع اكليلا على قبر هرتسل، أبي الفكرة الصهيونية، في ايماءة منح مفعول رئاسي للفكرة الصهيونية ولاحقية الدولة اليهودية. وفي قصر الكتاب، يرافقه الرئيس شمعون بيرس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تبين الصلة التي تمتد لالاف السنين بين الشعب اليهودي وبلاد اسرائيل، والتي تتجسد بالوثائق الاثرية الضائعة. كانت لحظات لا تنسى أخرى في زيارة الرئيس. في جولة في المعرض التكنولوجي أخذ الرئيس الانطباع المؤثر من التحديث الاسرائيلي الذي يصمم المستقبل العالمي. وفي خطابه قبل اكثر من الفي طالب في مباني الامة تأثر الرئيس بالهتافات التي تلقاها بعد أن بسط أمامهم رؤياه بالنسبة لاسرائيل وللشرق الاوسط بأسره. وفي كل هذه المناسبات، وكذا في وليمة العشاء في مقر الرئيس بيرس، لم يفوت اوباما اي فرصة لوصف اسرائيل بانها دولة القومية اليهودية والولايات المتحدة كحليفها الخالد.مظاهر المحبة والعطف هذه لم تكن مجرد شعارات. ففي الاحاديث التي أجريت خلف الابواب المؤصدة أيضا وفي المداولات الطويلة حول المواضيع الجوهرية أبدى الرئيس رغبته في أن يفهم زاوية النظر الاسرائيلية، وأعرب عن تأييده لحقنا في الدفاع عن أنفسنا. وكان قبل الزيارة ادعى الرئيس بانه قضى وجها الى وجه وهاتفيا مع رئيس الوزراء لزمن أطول مما مع كل زعيم أجنبي آخر، ولا بد أن هذا هو الوضع بعد الزيارة. وكانت العلاقات بين الزعيمين مفتوحة وودية دوما، ولكن في اثناء الزيارة نشأت علاقة شخصية خاصة. ووجد هذا التقارب تعبيره في قرار رئيس الوزراء الاستجابة لرجاء الرئيس اوباما – وليس الى طلبه كما زعم في بعض من وسائل الاعلام لتسوية الخلاف مع تركيا. هذه الخطوة الشجاعة ستحسن قدرة اسرائيل كي تواجه بشكل افضل التحديات من ناحية ما يجري في سوريا وتعزز اكثر فأكثر التحالف مع الولايات المتحدة. هذه الليلة سنجلس مع عائلاتنا للاحتفال بعيد الفصل. وطاولة الفصح ستكون مليئة بالرموز ذات المغزى رموز العبودية، التجدد والحرية. لقد أضاف الرئيس اوباما في زيارته عشية العيد الثناء لانجازات وقيم اسرائيل، دولة القومية للشعب اليهودي الى كونها رمزا واضحا للصداقة الحقيقية للولايات المتحدة التي تعرف بانه توجد دولة واحدة في الشرق الاوسط هي قوية، متجددة، متجذرة، ديمقراطية وملتزمة بالسلام. في هذه الدولة لا تحرق اعلام الولايات المتحدة، بل ترفع ويلوح بها وتبقى مؤيدة لامريكا بشكل غير متحفظ.’ السفير الاسرائيلي في الولايات المتحدةمعاريف 25/3/2013qeb