تتوالى الانتكاسات الامنية لقوات الحكومة العراقية امام تنظيم «الدولة الاسلامية» او «داعش» في محافظة الانبار، وكان اخرها امس سقوط معسكر «هيت»، حتى ان مجلس المحافظة طلب رسميا من التحالف تدخلا بريا لتفادي سقوطها. وحسب رئيس المجلس صباح كرحوت فان ضعف الدعم الحكومي يتصدر اسباب الانهيار الامني، الذي أدى الى نزوح نحو مليون ونصف المليون من ابناء الانبار الى محافظات اخرى.
ويبدو واضحا ان تركيز «داعش» على الانبار يستهدف احكام الحصار على بغداد سعيا الى الاستيلاء عليها، واعلانها عاصمة للخلافة. وهو ما تدعمه انباء اكدت ان قوات التنظيم كادت ان تحتل مطار بغداد مؤخرا، وانها اصبحت على مسافة ثمانية اميال فقط من ضواحي المدينة.
وبينما تتدهور الاوضاع بشكل متسارع في غرب العراق ووسطه، المح رئيس هيئة الاركان الامريكية الجنرال مارتن ديمبسي الى احتمال حدوث «تدخل بري لتحرير الموصل»، مع اقراره بأن «تعقيدات كثيرة تكتنف هذا القرار»، وهو ما يثير اسئلة بشأن الاهداف الحقيقية للتحالف في ظل التركيز على الشمال العراقي الذي سيؤدي الى تحصين «مشروع الدولة» في اقليم كردستان، واهمال الانبار التي هي اكبر المحافظات العراقية، بل وأكثر أهمية حيث يمكن ان تكون منفذا للسيطرة على بغداد.
وبكلمات اخرى هل تهدف «استراتيجية اوباما»، التي مثلت اساسا لانشاء التحالف، الى اضعاف داعش وانقاذ العراق منه؟ ام «تدشين الدولة الكردية» عمليا عبر تحييد الاخطار التي تواجهها باستمرار سيطرة داعش على الموصل؟
ومن الجدير هنا تذكر ان اوباما لم يغير موقفه الرافض للتدخل عسكريا في العراق، الا عندما وصلت قوات داعش الى ابواب اربيل في شهر اب / اغسطس الماضي، ما اكد ما تمثله كـ «عاصمة للدولة الكردية»، من اهمية استراتيجية للولايات المتحدة.
ويكشف التجاهل الامريكي لنداءات الاستغاثة التي اطلقها سكان مدينة عين العرب او كوباني السورية، حقيقة ان دوافع تدخلهم السريع في شمال العراق، لم تكن قط لـ «حماية الاقلية الكردية»، بل لحماية « مشروع الدولة الكردية» التي يعتبر البعض انها ستكون بمثابة «اسرائيل جديدة» في موقع بالغ الاهمية من الناحية الاستراتيجية كرأس جسر على الحدود الايرانية ومنابع النفط، خاصة بعد احتلال البيشمركة للآبار الغنية في كركوك، مستغلين انهزام الجيش العراقي امام داعش.
ولايخفي مسؤولون اكراد اصرارهم على اقامة «الدولة»، حتى ان النائب شوان قلادزي اكد قبل يومين ان اعلانها بات «قريبا جدا». فهل تنم هذه السياسة الامريكية عن قناعة بأن العراق كما نعرفه قد انتهى عمليا، ولم يعد ممكنا انقاذه، وبالتالي فان الرهان على «الدولة الكردية» اصبح خيارا استراتيجيا، للحفاظ على مصالح واشنطن الحيوية في الاقليم؟
الواقع ان ثمة تعقيدات وحسابات خاطئة من كافة الاطراف اصبحت تخدم داعش، بالرغم مما يتعرض له من غارات، لم تمنعه من حشد عشرة آلاف من مقاتليه للزحف نحو بغداد حسب ما نشرته صحيفة «الصانداي تلغراف».
وتصر الحكومة العراقية على انها «لا تحتاج الى قوات برية على الارض لمواجهة داعش بل الى اجهزة واسلحة حديثة» حسب تصريحات وزير الخارجية ابراهيم الجعفري امس. لكن الواقع يشير بوضوح الى ان الجيش العراقي قد انهار عمليا، ولعل الاتجاه الى انشاء «الحرس الوطني» يؤكد «ان العراق يحتاج جيشا جديدا، بعد ان اصبح الجيش الحالي غير قابل للاصلاح» حسبما نصح خبراء عسكريون.
في الوقت نفسه، تعاني الولايات المتحدة تخبطا واضحا في قيادتها للتحالف، وهو ما بدا في نفي انقرة امس لما اعلنته ادارة اوباما قبل يومين عن موافقتها على استخدام قاعدة انجيرليك في الغارات، وهو ما يؤكد مجددا ان تركيا تفضل وجود داعش على حدودها سواء في سوريا او العراق، على قيام دولة كردية في تصادم للاجندات والمصالح مع واشنطن.
وحتى اشعار آخر، تبدو المحصلة ان تدخل واشنطن يدفع باتجاه تدشين «دولة كردية» على انقاض العراق، سواء عن قصد او سوء تخطيط او تخبط، وكأن ما عاناه العراقيون من عواقب غزو اجرامي امريكي في العام 2003 لم يكن كافيا. ولكن هذا الخطأ الاستراتيجي قد لايكون بدون ثمن.
رأي القدس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تركيا وأيران وعلاقة أميريكا بهما أهم يكثير من دعم دولة جديدة يمكن أن تكون فلسطسن ثانية في المطقة !!!