حينما يجلس إيلي اليعيزرا، وهو اسرائيلي بلغ المرحلة النهائية في دورة ألعاب البوكر العالمية، بالقرب من طاولة اللعب، يكتسح احيانا الى جيبه ملايين الدولارات ويخسر احيانا تلك الملايين لمنافسيه، لكنه على كل حال يحافظ دائما على وجه كتوم ولا يكشف لأحد عن أوراق اللعب التي في يديه. قد يكون من المناسب ان تأخذ تسيبي ليفني واسحق مولخو، وهما الزوجان اللطيفان اللذان يقودان محادثات السلام مع الفلسطينيين، عدة دروس من اليعيزرا. إن أوراق لعب ليفني ومولخو موضوعة على الطاولة منذ زمن، ويعرف الفلسطينيون في المقابل جيدا حدود الممكن في التفاوض في انشاء دولة فلسطينية. فقد عرض كل واحد من رؤساء الحكومات السابقة بضاعته على المشترين الفلسطينيين، ونافس كل واحد منهم بهدية أكبر كما تقول الأغنية: ‘كل ما تفعل سأفعله بصورة أفضل’. يعلم الفلسطينيون منذ زمن أنهم سيحصلون على نصيب لا بأس به، على كل اراضي يهودا والسامرة تقريبا، والمعركة التي بقيت هي على ‘الكتل الكبيرة’. ولم يتنازل الفلسطينيون في واقع الامر الى اليوم عن أي شيء، ولم يتزحزحوا حتى ملليمترا واحدا عن مواقفهم الأساسية ولم يقولوا قط ‘نعم’ للكتل الاستيطانية، والدولة المنزوعة السلاح، والوجود العسكري في غور الاردن والتخلي عن حق العودة، بيقين. وفي كل تفاوض تلعثموا وبرأوا ذمتهم بكلمات جميلة وبغمز بالعيون. وما زال الاسرائيليون ‘لم يُمسكوهم بكلمة’. والافتراض هو ان نتنياهو ايضا ليس لغزا عندهم فقد جمعوا هنا وهناك كلامه وانشأوا صورة للوضع تُمكنهم من اعتقاد انه سيسلك سلوك أسلافه، لكن لا أحد يعلم بيقين الى أين يسعى. عند الصينيين قول مبتذل هو ‘مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة’. وقد تمت أمس الخطوة قبل الاولى وما زالت الطريق الى النهاية بعيدة بعيدة. والافتراض الأساسي هو ان المحادثات لن ينشأ عنها أي شيء طيب، لكن التاريخ الاسرائيلي برهن لنا أكثر من مرة على ان عدم الأمل واليأس يفضيان احيانا الى حلول مطلوبة. وبقي لنا فقط ان نتابع المحادثات وان ندعو الله كل واحد بحسب رغباته، من اجل فشلها أو نجاحها. ويمكن في هذه الحال كما هي الحال في ألعاب كرة القدم ايضا ان نقول ان كل نتيجة ستكون بمثابة مفاجأة.