في آب 2012 قال براك اوباما انه اذا تبين له ان سورية تنقل سلاحا كيميائيا أو تستعمله فسيغير هذا قراره على عدم التدخل بقوة عسكرية فيما يجري في سوريا. وبعد شهر أعلن وزير الخارجية الامريكي ان السوريين حركوا مواد قتال كيميائية. وسارع محللو البيت الابيض الى بيان ان ‘التحميل’ يعني النقل الى حزب الله، ولم يفعلوا شيئا. تتسرب أنباء منذ نحو سنة عن استعمال الاسد سلاحا كيميائيا. فقد ورد أولا نقل غاز الكلور الى ملاجئ تحت الارض حتى إن خبراءنا العسكريين حركوا أيديهم في استهانة وقالوا هذا كلور فقط وهو غاز من الحرب العالمية الاولى وهو غير جدي. ولا يسبب سوى الاختناق، أما غاز الأعصاب في المقابل فهو شيء مختلف. وفي الـ 23 من نيسان في مؤتمر معهد أبحاث الأمن، أعلن رئيس قسم البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية ان السوريين استعملوا السارين ويستعملونه وهو غاز الأعصاب. أعلن اذا، ولم تقلع طائرات الولايات المتحدة (ولن تقلع ايضا)، وسكت الجيش الاسرائيلي ايضا. يتمسك خبراء الامن منذ سنين بالفرض الأساسي وهو ان الاسد سيستعمل السلاح الكيميائي حينما يكون ‘ظهره الى الحائط’ فقط، لكن من الواضح ان الاسد منذ ان نشب التمرد لن ينتظر اللحظة الاخيرة. وحينما رأى أن لا أحد في العالم يهمه استعمال الكلور انتقل الى الخردل (بحسب تقارير المتمردين). وحينما مر ذلك في هدوء حانت نوبة السارين. ونُذكركم بأن ملليغرام من السارين يقتل انسانا ويكفي ربع ملليغرام للولد الصغير والاسد يملك أطنانا. أعلن اوباما وعاد وأعلن ان الولايات المتحدة ‘لن تُمكّن’ ايران من امتلاك سلاح ذري. وينظر خامنئي واحمدي نجاد فيما يجري في سوريا ويزيدان في سرعة آلات الطرد المركزي. وقد أصبح واضحا للجميع اليوم ان اوباما هو الرئيس الذي سيملكان في فترته السلاح الذري. واذا كانت ايران خافت ذات مرة ان تتجاهل اسرائيل توصيات الولايات المتحدة وتهاجم فقد أصبحوا يعلمون في طهران وفي الولايات المتحدة وعندنا ايضا أن نتنياهو أضاع وقت الهجوم المستقل. وتوجد اسرائيل اليوم في المكان الذي أقسمت ألا تكون فيه، بالضبط: متعلقة برحمة الاجانب. عرف نتنياهو كيف يتحدث بلغة فصيحة ويذكر المحرقة ويرسم الخطوط الحمراء ولم يفعل شيئا. سيُقال في الدفاع عنه إنه لا أحد تقريبا من قادة جهاز الأمن قد عاضده. وقد أضلّه باراك ايضا الذي كان حليفه الوحيد. ومن اجل هذا فقط تمسك به نتنياهو اربع سنوات الى ان تبين له في اللحظة الحاسمة أنه خانه. وليس نتنياهو مصنوعا من المادة المطلوبة للزعيم كي يسير ضد توصيات الخبراء الذين يفضلون الاعتماد على كلام رئيس الولايات المتحدة حتى حينما يكون أكثر الرؤساء عداءً لاسرائيل منذ عقود كثيرة. إن الثقة بأن ‘اسرائيل ستعلم’ أو ‘الولايات المتحدة ستعلم’ في الوقت الذي تبدأ فيه ايران انتاج القنبلة الذرية اسوأ من التصور الفاشل الذي كان موجودا قُبيل حرب يوم الغفران. فاسرائيل والولايات المتحدة لن تعلما الى أن تفجر ايران أول رأس ذري وآنذاك ستُديران أعينهما متفاجئتين. ويحق لاوباما أن يُفاجأ أما اسرائيل فلا يجوز لها ذلك. تبين للعالم كله في الامتحان السوري أن تصريحات اوباما قيمتها كقيمة قشرة الثوم. ولا يوجد الآن لنتنياهو وكبار المسؤولين في جهازنا الأمني ما يستترون من خلفه فقد اختفت الذرائع. صحيح أن الضرر الذي كنا نستطيع إيقاعه بالصناعة الذرية الايرانية في الصيف الماضي أكبر مما نستطيعه اليوم بمائة ضعف. لكن من الصحيح ايضا أن تأخير صناعة الموت الايرانية الذي نستطيع إحداثه اليوم أكبر بمائة ضعف مما سنستطيع إحداثه في الغد.