تولى حسن روحاني اليوم منصبه رئيسا لايران بعد أن أثار انتخابه توقعات في ايران نفسها وفي الغرب. وتنبع الآمال المحلية من قرب روحاني من الحركة الاصلاحية في ايران ومن وعده بأن تكون احدى مهماته الرئيسة إزالة العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي، ومن الانطباع الذي أحدثه وهو أنه يرى مضاءلة تدخل النظام في حياة الفرد. ويوجد في الدول الغربية من يعتقدون ان روحاني سيقود توجها ايرانيا أكثر تنازلا ومرونة في القضية الذرية سيُمكن من حلها. لكن توجد علامات سؤال على السياسة التي سينتهجها روحاني، حتى لو كانت نيته خيّرة ايضا. الواضح أن مقرر السياسة ومتخذ القرارات هو الزعيم الروحي علي خامنئي، الذي يلتزم بتوجه متشدد لا هوادة فيه في القضية الذرية والعلاقة بالولايات المتحدة. ويشير روحاني الى علاقاته الطيبة بخامنئي، حينما كان مستشار الامن القومي والمسؤول عن التفاوض في القضية الذرية في العقد الماضي، لكن انتخابه رئيسا فيه احتمال احتكاكات بخامنئي. يصل روحاني الرئاسة بعد ان تم انتخابه بتأييد شعبي جارف، اضافة الى أنه يعتبر مقربا من المعسكر الاصلاحي. وقد يرى خامنئي هذه المعطيات تهديدا، والى ذلك يوجد في النظام الايراني توتر دائم بين الزعيم الديني، الذي يُعين طول حياته في واقع الامر حتى لو كان يمكن عزله، وبين الرئيس المنتخب المسؤول عن اعمال الحكومة، لكن قراراته تتعلق بالزعيم الاعلى. وتنشئ هذه البنية احتمال احتكاكات وخصومات، افضت الى صعوبات ملحوظة في علاقات خامنئي بالرؤساء الثلاثة الذين سبقوا روحاني. أية سياسة قد يحاول روحاني قيادتها؟ من المنطق ان نفترض ان يطمح في المجال الداخلي الى توسيع الحرية السياسية والشخصية، والى الافراج عن السجناء الذين اعتقلوا لاسباب سياسية والى مضاءلة الفساد. وقد يلقى هذا التوجه تحفظا من القسم المتطرف في النظام، لكن يجب ان يكون واضحا لخامنئي ايضا أنه يوجد في ايران احتمال غليان وانفجار، ولهذا قد يُمكن روحاني من حرية عمل ما. وسيحاول روحاني في السياسة الخارجية ان يحسن علاقات ايران بدول عربية كمصر والسعودية، لكنه بيّن ان ايران ستستمر في دعم نظام الاسد وحزب الله. وقد يُلين شيئا ما تصريحاته المتعلقة باسرائيل: لكنه ما زال يدعوها ‘العدو الصهيوني’، وتحدث عنها على أنها تشبه ورما تجب إزالته، لكن يجوز ان نفترض ان يكف عن الحديث عن القضاء عليها والاشتغال بانكار المحرقة، وسيكون بذلك مختلفا عن سلفه احمدي نجاد، الذي زعم مؤخرا ان زعزعة اسطورة المحرقة كانت من أهم انجازاته إذ كان رئيسا. لكن سيكون امتحان روحاني الرئيس في مجالين تحسين الوضع الاقتصادي والقضية الذرية. ويتصل هذان المجالان بعضهما ببعض لأن مفتاح تحسين الوضع الاقتصادي كامن في إزالة العقوبات. وقد جعل روحاني إزالة العقوبات هدفا رئيسا له بواسطة احراز تسوية في القضية الذرية، لكن الاشارات الايجابية التي يطلقها في هذه المرحلة تتعلق بالأساس بالجو وبالاسلوب لا بالجوهر. فهو يتحدث عن انشاء ثقة بين الأطراف، وعن جُهد لاقناع الحكومات الغربية بأن ايران لا تسعى الى سلاح ذري. واقترحت ايران ايضا بواسطة العراق اجراء تفاوض مع الولايات المتحدة، لكن روحاني لا يتحدث عن تنازلات جوهرية بشأن تخصيب اليورانيوم، ويؤكد حق ايران في الاستمرار في التخصيب. إن السؤال المهم كم من حرية العمل سيمنحها خامنئي لروحاني في ادارة الاتصالات بالحكومات الغربية. اكتسب روحاني لقب معتدل في الشأن الذري حينما وافق في 2003 على تعليق تخصيب اليورانيوم زمنا محدودا. لكن الوضع اليوم يختلف، لأن البرنامج الذري تقدم جدا، وقد جمعت ايران مقدارا كبيرا من اليورانيوم المخصب، وقد أظهر خامنئي الى الآن عدم استعداد لتنازلات كبيرة. من الممكن اذا أن يطلب خامنئي بسبب ضغط العقوبات استغلال صورة روحاني المعتدلة ويوافق على تنازلات ما بشأن اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة، أو بشأن الرقابة على المواقع الذرية، مثلا. لكن يُشك كثيرا في ان يوافق على تنازلات تسلب ايران احراز القدرة على انتاج سلاح ذري في مدة قصيرة.