باريس سان جيرمان بين الواقعية والخيال!

كانت المرة الأولى التي يشارك فيها الثلاثي «الرهيب» ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي معاً في مباراة واحدة مع باريس سان جيرمان، وربما كانت المرة الاولى هذا الموسم التي نتحدث فيها عن خيبة الاداء وهزالة العرض في المباراة التي تعادل فيها النادي الفرنسي أمام كلوب بروج البلجيكي في دوري أبطال اوروبا.
رغم البداية النارية للفريق في الدوري الفرنسي بتحقيق خمسة انتصارات متتالية في الجولات الخمس الاولى، الا ان الوحيد الذي لعب بشكل ثابت كان مبابي الذي سجل 5 أهداف خلالها، لكن مع عودة نيمار وميسي إلى التشكيلة، سيصارع المدرب ماوريسيو بوتشيتينو من أجل تثبيت فكره وفلسفته القائمة على بذل الجهد الكبير والدائم والضغط العالي على المنافسين، والتي قادته إلى تحقيق نتائج لافتة في السابق مع فريقه الاخير توتنهام، محققاً انجازات بلا ألقاب، بينها الوصول إلى المباراة النهائية لدوري ابطال أوروبا في 2019، وأيضا الحلول وصيفا لبطل الدوري الانكليزي في 2016، والفارق الكبير انه نجح في تحقيق ذلك، مع فريق من لاعبين مغمورين وغير مصقولين، شكلهم بنفسه وصنع منهم نجوماً من العيار الثقيل بمرور الوقت، لكن ضمن فلسفة ومنهجية واضحة قائمة على الجهد الكبير، فهل هذا ما نتوقعه من الثلاثي الهجومي ميسي ونيمار ومبابي؟
صحيح أنه من المبكر الحكم على نجاح هذه التشكيلة الحالية في سان جيرمان التي تعج بالنجوم والمواهب الكبيرة، أو فشلها، عقب مباراة مخيبة واحدة، لكن السؤال كان مطروحا بقوة لكن لم يسمعه أحد في باريس من صخب الاحتفالات بضم أبرز أيقونة عرفتها كرة القدم، بالاضافة إلى قدوم أساطير ومواهب على غرار سيرخيو راموس وأشرف حكيمي وجانلويجي دوناروما وجورجينيو فينالدوم، ما جعل الجميع يعتبر ان هذه الخلطة من النجوم، ستشكل الحل السحري لمذاق عظيم لطبخة لم تستو بعد، بل لم يفكر كثيرون في نجاعة وتفاهم وتجانس هذه المجموعة، وان كانت خطوط الفريق تملك التوازن الكافي لجعله قوة حقيقية مخيفة مثلما تفترض الاسماء على الورق.
أتحدث عن التجانس بين النجوم الجدد وبين كوكبة المواهب الموجودة أصلاً في الفريق، لأن هذا هو العامل المهم لخلق روح الفريق، ففي حين أن لا خلاف ولا نقاش على العلاقة المميزة بين الصديقين الودودين ميسي ونيمار، والتي تعود علاقتهما معاً منذ أيام لعبهما معاً في برشلونة، وظل الغزل بينها بعد رحيل نيمار إلى سان جيرمان في 2017، بمطالبة النجم بضم الآخر إلى فريقه كلما سنحت فرصة للحديث عن ذلك، لكن العنصر الثالث والمهم في هذه العلاقة المفترض انها ستشكل «مثلثاً» مرعباً، هو مبابي وعلاقته الغامضة مع ميسي، بل باتت تتجلى بوضوح مع مرور الوقت أنها علاقة مضطربة والتي قد نكتشف في النهاية أنها مسمومة.
عندما أعلن باريس سان جيرمان عن ضم ميسي، والذي حظي باستقبال الملوك، وكأن كل العاصمة الباريسية كانت تزف عريسها، كان مبابي آخر من رحب بقدوم النجم الارجنتيني إلى النادي، والتي فسرها البعض بأنه كان منهمكاً ومشغول البال بقصة انتقاله إلى ريال مدريد، والتي فشلت رغم محاولات النادي الملكي تقديم أكثر من عرض مغر للنادي الباريسي دون جدوى، رغم الرغبة الجامحة لدى مبابي للانتقال إلى مدريد واللعب للفريق الذي عشقه منذ صغره، بل اعترف انه في سن الرابعة عشرة كان متيماً بكريستيانو رونالدو ويعلق صوره و«بوستراته» في غرفة نومه، أي ان عشقه وأمنيته وحلمه اللعب بقميص الريال. وعندما نفكر بعمق أكثر، بل بتفكير ابن الثانية والعشرين، فان العدو اللدود لقدوته ومثله الأعلى كان ميسي نفسه، الذي أصبح اليوم زميلاً له في الفريق، بل هو السبب الذي يستخدمه رئيس النادي ناصر الخليفي لاقناع مبابي بالبقاء على اعتبار انه جلب الأفضل في العالم للفريق كي يصبح منافساً شرساً، وهو ما يناقض قناعة مبابي، على غرار كل مشجعي الريال الذين يرون ان كريستيانو هو الأفضل في العالم.
رغم أن هذه تبقى مجرد فكرة، لكنها تبقى أقرب إلى الحقيقة والواقع، خصوصاً عندما نرى طريقة تعامل مبابي مع ميسي خلال الحصص التدريبية، من بين الصور والفيديوات المنشورة، ونرى نوعاً من العنجهية والغطرسة والبغض يتعامل بها مبابي مع النجم الأرجنتيني، لكن في المقابل عندما ينضم مبابي إلى معسكر المنتخب الفرنسي فانه يستمع بلطف وعناية لكل حرف يقوله هداف الريال كريم بنزيمة كأنه طالب نجيب، أيضا بحسب الصورة والفيديوات المنشورة، بالاضافة إلى احتفالاته المبهجة والخاصة مع أشرف حكيمي كلما سجل هدفاً لأنه يذكره بالريال، كون النجم المغربي كان لاعباً معه.
ربما قد يأتي الوقت ويتمنى سان جيرمان لو باع مبابي ووافق على عروض الريال، ليس لضمان عدم فقدانه مجانا، بل ربما لضمان وجود التجانس والتفاهم والاستقرار في الفريق الأكثر شهرة وعجا بالنجوم، وللخط الهجومي الأكثر شهرة، ليكتشف ان هناك فارقا بين حلم في الخيال وواقع ملموس.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية