نيويورك: أعرب جميع ممثلي الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، عن قلقهم العميق إزاء تداعيات القرار الذي اتخذه الرئيس، دونالد ترامب، بشأن هضبة الجولان السورية المحتلة.
والإثنين الماضي، وقع ترامب، رسميا في البيت الأبيض، وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مرسوما رئاسيا اعترف بموجبه بـ”سيادة” إسرائيل على الجولان المحتلة.
واحتلت إسرائيل مرتفعات الجولان السورية عام 1967، وفي 1981، أقر الكنيست (البرلمان) قانون ضمها إلى إسرائيل، لكن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع المنطقة على أنها أراض سورية محتلة.
وخلال إفادات لهم في جلسة علنية عقدها المجلس، مساء الأربعاء، قال ممثلو 14 دولة إن القرار الأمريكي لن يغير وضع هضبة الجولان باعتبارها أرضًا احتلتها إسرائيل في حرب يونيو/تموز 1967.
نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة السفير فلاديمير سافرونكوف، قال في إفادته إن “القرار الأمريكي يمثل انتهاكا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ويسيء بشكل حاد لمبادرة السلام العربية الرامية لإيجاد طريق نحو إحلال السلام في المنطقة”.
وتبنت قمة عربية، في بيروت عام 2002، مبادرة سعودية للسلام مع إسرائيل، تنص على إقامة علاقات عربية طبيعية معها، مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين. لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رفضت المبادرة.
أكد المندوب الروسي أن “الجولان جزء لا يتجزأ من الأرض السورية وأنها احتُلت من قبل إسرائيل عام 1967 وقد أكد هذا المجلس ذاته في قراراته ذات الصلة كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى سنويا قرارات بهذا الشأن”.
وأردف قائلا: “نحن قلقون بشدة لأن هذا القرار أحادي الجانب سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة وأننا شهدنا مؤخرا مجموعة خطوات اتخذتها الولايات المتحدة، مثل نقل سفارتها للقدس، والانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران، وجميع هذه الخطوات تفتقر لأسس قانونية”.
وسبق أن أثار ترامب غضبا عربيا وانتقادات دولية بإعلانه، عام 2017، القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، التي تحتل المدينة الفلسطينية منذ 1967، في وضع لا يعترف به كذلك المجتمع الدولي.
في المقابل، طالب المنسق السياسي بالبعثة الأمريكية السفير، رودني هنتر، خلال الجلسة روسيا بالضغط على النظام السوري لسحب قواته من منطقة فك الاشتباك في هضبة الجولان.
وقال في إفادته لأعضاء المجلس: “تدعو الولايات المتحدة الاتحاد الروسي لاستخدام نفوذه مع نظام الأسد لإجبار قواته على التمسك بالتزامها باتفاق فض الاشتباك بين القوات والانسحاب الفوري من منطقة الفصل”.
واتفاقية فض الاشتباك هي اتفاقية موقعة بين سوريا وإسرائيل في 31 مايو/ آيار 1974، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) والولايات المتحدة.
ونصت الاتفاقية على أن يراعي الطرفان السوري والإسرائيلي، وبدقة، وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، وأن يمتنعا عن جميع الأعمال العسكرية فور توقيع هذه الوثيقة، تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 الصادر في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وحول قرار الرئيس ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان زعم السفير الأمريكي أن القرار “لا يؤثر على اتفاق فض الاشتباك، ولا نعتقد أنه يقوض ولاية قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بأي شكل من الأشكال”.
وأردف: “هذا القرار له أهمية استراتيجية وأمنية بالغة الأهمية لدولة إسرائيل، وتعتقد الولايات المتحدة أن بإمكان القرار المساهمة في الاستقرار لأنه لا يمكن السماح بأمثال النظامين السوري والإيراني بالسيطرة على هضبة مرتفعات الجولان واستخدامها كقاعدة انطلاق للهجمات على إسرائيل”.
وزعم السفير الأمريكي أنه “وعلى مدى عقود، يخضع سكان مرتفعات الجولان لنفس الإدارة ولنفس القوانين التي يخضع لها بقية سكان إسرائيل”.
واستطرد: “ولكي نكون واضحين، تدعم الولايات المتحدة هدف تحقيق سلام آمن ودائم بين إسرائيل وجميع جيرانها، بما في ذلك سوريا. من خلال المناقشات المباشرة. لكن ليس لإسرائيل حالياً شريك للسلام في سوريا “.
وأعلنت الولايات المتّحدة، الأربعاء، تأييدها الإبقاء على قوّة الأمم المتّحدة لمراقبة فضّ الاشتباك في الجولان (أندوف)، وذلك على الرّغم من قرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة.
وخلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي عقدت بطلب من سوريا، قال رودني هانتر عضو البعثة الأمريكيّة في الأمم المتّحدة، إنّ الإعلان الذي وقّعه الرئيس الأمريكي الإثنين “لا يؤثّر على اتّفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974 ولا يُعرّض للخطر تفويض أندوف”.
وشدّد على أنّ “لأندوف دور حيوي في الحفاظ على الاستقرار بين إسرائيل وسوريا”.
وقال الدبلوماسي الأمريكي إنّ “الولايات المتّحدة قلقة بشأن تقارير الأمم المتّحدة حول أنشطة عسكريّة متواصلة ووجود قوّات مسلّحة سوريّة في المنطقة العازلة المنزوعة السّلاح”.
وتابع “إنّ تفويض أندوف واضح للغاية: يجب ألا يكون هناك أيّ نشاط عسكري من أيّ نوع في المنطقة العازلة”.
وأردف: “الولايات المتّحدة قلقة أيضًا حيال معلومات عن وجود لحزب الله في المنطقة العازلة”.
واحتلّت إسرائيل الجولان عام 1967 وضمّته عام 1981. ووقّع ترامب الإثنين على الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة، مثيراً موجة من الاحتجاجات في العالم ضدّ هذا القرار الذي يأتي في أعقاب قراره عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
وفي سياق منفصل، اتهم كريستوف هيوسجن، مندوب ألمانيا لدى الأمم المتحدة، سوريا بالنفاق، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي ليل الأربعاء/الخميس لمناقشة القرار الأمريكي بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.
وأكد هيوسجن أن المخاوف الأمنية لدى إسرائيل “لا تبرر ضم” المنطقة ، لكنه سرعان ما حول انتباهه إلى سلوك سوريا.
وقال هيوسجن إن طلب سوريا عقد اجتماع من أجل مناقشة ما تسميه “انتهاكا سافرا” لقرار مجلس الأمن هو أمر يدعو للسخرية للغاية، حيث يأتي من “دولة ترفض الاعتراف بانتهاكاتها للقانون الدولي”.
وتابع: “من السخرية أن يكون هناك نظام معروف بارتكاب جرائم فظيعة يأتي إلى مجلس الأمن الدولي وينتقد الآخرين لمخالفتهم القانون الدولي”.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين إعلانا يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا في حرب عام 1967 .