باسيل لا يأتمن الحريري على الإصلاح.. و”المستقبل” يقول: الحكومة جاهزة وفقاً للمعايير الفرنسية وليس الباسيلية

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”:

فيما لبنان غارق في مستنقع الكورونا ويتخبّط في كيفية مكافحة هذا الوباء الذي خرج عن السيطرة وبات المرضى لا يجدون سريراً فارغاً في المستشفيات أو كرسياً في الطوارئ، وانتقل أطباء وممرّضون لعلاجهم في مواقف المستشفيات أو في السيارات، ينعقد المجلس الأعلى للدفاع بعد ظهر الإثنين استثنائياً بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث في الوضع الصحي وواقع القطاع الاستشفائي في البلاد في ظل الدعوات التي تتزايد للإقفال التام الشامل من دون أي استثناءات نظراً للتدهور الخطير جداً.

غير أن البعض فضّل التركيز على السجال حول الموضوع الحكومي ونبش الخلافات بدل التركيز على كيفية مواجهة وباء كورونا الذي لن يستثني أحداً.

وفي هذا الإطار فإن السجال الذي أعيد فتحه بين عدد من القوى السياسية وخصوصاً بين التيارين البرتقالي والأزرق لم يكن في توقيته ومكانه، وجاء أن بعض المسؤولين في واد والناس في واد آخر، كما جاء ليؤكد أن عملية تأليف الحكومة بعيدة المنال على الرغم من كل المناشدات التي لا يكلّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري إلى عقد لقاء مصالحة شخصية يجدّدان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون إعلان حكومة، وفقاً لنص الدستور وروحه، وقوله في عظة الأحد: “من المعيب حقاً، لكي لا أقول جريمة أن يبقى الاختلاف على اسم من هنا وآخر من هناك، وعلى حقيبة من هنا وأخرى من هناك، وعلى نسبة الحصص ولعبة الأثلاث وإضافة الأعداد، فيما تكاد الدولة تسقط نهائياً، ولسنا ندري لصالح من هذا الانتحار”.

وأضاف الراعي: “نحن ندرك أن ثمة صعوبات تعترض الجهود لتشكيل الحكومة، لكن الصعوبات الكبيرة تستدعي موقفاً بطولياً. والموقف البطولي هنا يندرج في إنقاذ لبنان لأن تأليفها هو المدخل الإلزامي والطبيعي والدستوري لإعادة الحياة اللبنانية إلى طبيعتها”، وختم: “أيها المسؤولون والسياسيون لكم نقول: استفيدوا من هدوء العاصفة الشعبية لتتفادوا هبوباً من جديد. فالشعب يمهل ولا يهمل”.

غير أن دعوة الراعي ذهبت أدراجها بعد وقت قصير عندما أطلّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ليلقي ظلالاً من الشكوك الكثيرة حول عملية تأليف الحكومة، مؤكداً أنه “لا يأتمن الرئيس المكلّف”، وسائلاً البطريرك: “هل تريدون العودة بالسياسة إلى ما قبل عام 2005 وإلى زمن غازي كنعان الانتخابي وتعيينات رستم غزالة” في محاولة واضحة لاستثارة المشاعر المسيحية والظهور بمظهر المدافع عن حقوق المسيحيين.

وفي مطالعة مطوّلة قال باسيل: “اتفقنا بالمبادرة الفرنسية أن نؤلّف حكومة اختصاصيين، من رئيسها لوزرائها، وتمّ الاتفاق على السفير مصطفى أديب، فتمّ تطييره “ماشي”، القاعدة الشعبية تسمح، ولكن قاعدة الاختصاص لا تسمح… فما اختصاص الرئيس المكلف حالياً؟ ولم تكسر قاعدة الاختصاص برئيس الحكومة فقط، ولكن أيضاً بالوزراء! فماذا يعني أن تجمع بوزير واحد وزارتين متل الخارجية والزراعة، أو الشؤون الاجتماعية والبيئة؟ أو التنمية الإدارية مع الشباب والرياضة؟ أي اختصاص يكون؟ واعتبر أن “لا اختصاص ولا معيار ولا قاعدة في ما يطرح، الهدف تصغير الحكومة والتمسّك بعدد 14 أو 18 فقط لظلم الدروز والكاثوليك. لماذا؟ لأنه يحصر تمثيل الدروز بوزير واحد للاشتراكي، جنبلاط يسمّيه طبعاً، ويعزل أرسلان؛ ويحصر تمثيل الكاثوليك بوزير واحد بعكس كل الأعراف حتى يخسر رئيس الجمهورية وزيراً”.

المداورة

وقال: “في الحقائب تحدثوا عن مداورة، فتمسك الشيعة عن غير حق بالمالية، فقام وطبّق المداورة على كل الحقائب ما عدا المالية، يعني أنه ثبّت المالية للشيعة، بدل أن يقول: إما نترك الحقائب ثابتة، أو نقوم بمداورة على قسم منها، ولكن ليس كلّها باستثناء واحدة، حتّى لا نكرّس حقائب لأطراف وطوائف”، موضحاً أنه “كلّ مرّة يلتقي الرئيس المكلف الرئيس عون يأخذ معه لائحة توزيع حقائب مختلفة عن قبلها، وهذا دليل عدم جديّة وتقلّب كل مرّة بالموقف. مثلاً اتفق من الأوّل مع الرئيس أنّ رئيس الجمهورية هو يسمّي وزيري الداخلية والعدل، ولمّا وقعت الإشكالية مع القاضي صوّان، غيّر رأيه وبلّغ الفرنسيين وحزب الله وكثيرين أنّه لا يقبل أن يسمي الرئيس لا وزير الداخلية ولا وزير العدل. “قال شو؟ الرئيس بدّو يحبسه”، سائلاً: “هل ترون مدى الجديّة؟ كأنّ وزير العدل الذي يسمّيه الرئيس هو يصدر حكماً قضائياً بحبس رئيس الحكومة، ووزير الداخلية الذي يسمّيه الرئيس هو يصدر أمراً لعماد عثمان، ويسمع منه، ليذهب ويوقف رئيس الحكومة، “هيدا يلّي بيحكي هيك حكي بيكون جدّي وبدّو يألّف حكومة، أو بيكون عم يضيّع وقت”؟.

وأضاف: “نحن أقلّه، لا نأتمن سعد الحريري لوحده على الإصلاح. نحن نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية. فكيف نأتمن للشخص ذاته، مع نفس الأشخاص الذين لا يقبل أن يغيّر أحداً منهم، وبنفس سياسة التسعينات… إنّه وحده يصلّح البلد؟ وبدّنا نعمل له وكالة على بياض ونسلّمه البلد؟ الحريري يسمّي الوزراء السنة، “بس كلّنا منعرف انّو ما بيطلع له يسمّي الوزراء الشيعة عن حزب الله وأمل، وما بيطلع له يسمّي الوزراء الدروز عن الاشتراكي، ولا حتّى وزير المردة أو الطاشناق… كيف طلع معه انّو بيطلع له يسمّي عن الرئيس والمسيحيين؟ شو مفكّرينا مواطنين درجة ثانية؟”.

صلاحيات رئيس الجمهورية

وسأل: “عن جدّ مصدّقين” أنّ الدستور جعل من رئيس الجمهورية “باش كاتب” فقط ليصدر المرسوم وليس ليوافق عليه؟ أي يصدر ولا يوافق؟ “هذا مفهومكم للطائف”؟ حتّى بدستور الطائف، رئيس الجمهورية بالنص “هو يصدر مرسوم الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة”؛ فكيف طلع معكم انّو رئيس الحكومة المكلّف بياخد لائحة الأسماء لرئيس الجمهورية لحتّى يوافق عليها، ويوّقع المرسوم، وإلا يتّهم بالعرقلة؟”.

وتابع باسيل: “الحريري لا يريد التواصل معنا كرئيس الحكومة المكلّف… قال لم نسمّه ولا يريد أن يزعل حلفاؤه لأنهم يشكّون به إذا تكلّم معنا، إنما يتكلّم مع حزب الله الذي لم يسمّه، وينتظر منه أسماء الوزراء، نحن أساساً في التيّار بلّغنا قبل التكليف، وبعده، أننا غير راغبين لا بالدخول بالحكومة ولا بتسمية وزراء اختصاصيين، ولكن نعطي ثقة للحكومة إذا اقتنعنا بتركيبتها وبرنامجها واحترمت المبادئ الدستورية والميثاقية والتمثيليّة، ولا نعطيها الثقة اذا خالفت. لا رغبتنا ولا مصلحتنا الدخول في الحكومة، وهذا ما أبلغته للرئيس وللفرنسيين ولأمل وحزب الله عندما اجتمعنا قبل وبعد استقالة حكومة حسان دياب. باتوا يضغطون علينا ويقولون لنا، إن عدم مشاركتكم تعني أن لا حكومة، وكان جوابنا أننا لا نمنع تأليف الحكومة بل نساعد ونعطي الثقة اذا لزم. وأنا أكثر من مرّة كنت قرّرت التكلّم لأعلن بشكل واضح الموقف ولكن كان هناك إصرار أنّنا إذا أعلنّا عدم المشاركة نعطّل التأليف. فكان موقفنا وأعلنّا عنه انّنا ننتظر الاتفاق على معايير واحدة وواضحة للتأليف بين رئيس الجهورية ورئيس الحكومة المكلّف وعندها نعلن موقفنا”.

وقال: “نحن باختصار، لا نرغب ولا نريد المشاركة في الحكومة. سكتنا حتى الآن عن التهم والأكاذيب حتّى لا نعرقل تشكيلها ولكن طفح معنا الكيل، مرّة جديدة اخطأنا بأننا سكتنا وتحمّلنا و”ما حكينا للناس كلّ شي لنمشّي الأمور بالبلد؛ منطلع نحنا الفاسدين والمخربين”؟ وشو أحلى نكتة؟ قال زرت بعبدا فتعطلّت الحكومة، وهيداك بيقول الأعمار بيد الله… يا عيب الشوم… وأنا أريد أن اؤمّن سيطرتي على الحكومة والرئيس يريد مساعدتي بعد العقوبات لأنّي انتهيت سياسياً؛ وواحد ثالث يقول للروس جبران يريد الثلث ليؤمّن رئاسة الجمهورية بعد هذا العهد”.

وأضاف: “شفتوا المخيّلات والخفة العقلية، هذه تدلّ على نواياهم وماذا يريدون من الحكومة، كأن هذه الحكومة ليس هدفها الإصلاح وإنقاذ البلد من الانهيار، هذه الحكومة بالنسبة اليهم هي لوضع يدهم على البلد ولإعادتنا الى ما قبل الـ2005”.

الإصلاحات

وسأل: “هل تصدقون أن هؤلاء الناس يريدون حكومة للإصلاح وللتدقيق الجنائي ومحاربة الفساد وإعادة الأموال المحوّلة واستعادة الأموال المنهوبة، وكشف حسابات السياسيين وموظفي الدولة؟ من منعهم أن يلتزموا بإصلاحات سيدر؟ لا أحد، غير الكسل والجهل وعدم الرغبة بالإصلاح والجوع لسرقة المال العام”.

وأوضح أنهم “لم يروا أن المبادرة الفرنسية وحاجة الناس وفقرهم إلا فرصة يستفيدوا منها ليعملوا ضغطاً إعلامياً وسياسياً وشعبياً، ويؤلفوا حكومة ترجّع منظومة 1990-2005 لتمسك بالكامل بمفاصل المال والاقتصاد والأمن والقضاء؛ ويطردونا خارجاً مثل قبل 2005. نسأل سيّدنا البطريرك والناس الذين نمثلهم: هل تريدون العودة بالسياسة لما قبل 2005؟ هناك غازي كنعان لبناني وقوانينه الانتخابية حاضرة، ورستم غزالة لبناني وتعييناته حاضرة. هل تريدون أن نعود ونخضع لمنظومة المال والاقتصاد نفسها التي أدّت الى الدين والريع وفلّسته؟ الحقيقة إن قليلين الذين يتحملون الضغط والتهديد والعقوبات ولا يركعون أو يسلّمون… نحن بسياستنا نمنع وضع لبنان بالارتهان المالي والتبعية للخارج والتسليم بالتوطين، ونمنعهم من أن يتسبّبوا لنا بتصادم داخلي يحرّض عليه البعض”، مضيفاً: “فكرهم انه بحرق الصور والتسلّح يصلون لهدفهم… نحن لن نسمح بذلك، وبنفس الوقت لن نسمح بالعودة لزمن التهميش والإقصاء والإحباط، وزمن التبعية المالية والذميّة السياسية”.

تيار المستقبل

وفي رد على باسيل، ترك “تيار المستقبل” للشعب اللبناني في بيان “تصديق الوزير باسيل أو عدم تصديقه”.

وأكد: “إننا كتيار لن ندخل في مهاترات سياسية لا تأتي بالبلاد بلقاح ضد الكورونا ولا إعادة العجلة الاقتصادية إلى مسارها الصحيح ولا إعادة إعمار بيروت والتعويض على المنكوبين من انفجار المرفأ. فالحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة حسب المبادرة الفرنسية وليس حسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية. هذا ما يعنينا ولا شي آخر مهما أبدعوا في صناعة العراقيل وإنتاج القضايا الخلافية”.

جنبلاط لم يتوقّف عند “أناشيد غرائزية” وجعجع تجاهله مركّزاً على إقفال البلد نظراً للتدهور الخطير لكورونا

من جهته، فإن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي طالته سهام باسيل من خلال التذكير بملفات وزارة المهجرين وصرف التعويضات على من سمّاهم باسيل “المهجِّرين أكثر من المهجَّرين” ومن خلال انتقاد قوله عن عون: “الأعمار بيد الله وباسيل يريد السيطرة على الحكومة” فاكتفى بالقول عبر “تويتر”: “في ظل اجتياح الكورونا لم يعد للسجال السياسي أي قيمة وأي معنى. البعض منا يتحمّس أو يغرق في المحليات التي في كل يوم يتبيّن أننا ندور في حلقة مفرغة. إن الإنسان مهدّد بوجوده وهذا الأمر يقتضي الوعي بعيداً عن أناشيد غرائزية ندينها بشدة وتناقض القيم الإنسانية والتضامن فالوباء لن يوفّر أحداً”.

أما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فتجاهل إطلالة باسيل وغرّد حول وضع كورونا قائلاً: “نظراً للتدهور الخطير جداً في الأوضاع الصحية في البلاد، المطلوب من حكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار فوري بالإغلاق التام والشامل والكامل والصارم، ماذا وإلا تكون مسؤولة عن زهق أرواح اللبنانيين وتدمير القطاع الصحي في لبنان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية