بيروت- “القدس العربي”:
يعوّل لبنان الرسمي على وصول الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض لتغيير سياسة الإدارة الأمريكية تجاه لبنان والحد من العقوبات على السياسيين اللبنانيين التي طال آخرها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل والتي تهدّد كل من يتحالف ويدعم حزب الله المصنّف إرهابياً وكل من تحوم حوله تهمة الفساد، ويتردّد أن لائحة العقوبات المرتقبة ستطال حوالى 20 شخصية جديدة استغلّت وزاراتها ومواقعها لصرف النفوذ والانخراط بالفساد.
وكانت لافتة التهنئة السريعة من رئيس الجمهوريّة ميشال عون إلى الرئيس المنتخب بايدن والغمز من قناة العقوبات على صهره، من خلال إعرابه عن أمله في أن “يعود في عهده التوازن في العلاقات اللبنانية – الأمريكية لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والأمريكي الصديقين”.
لبنان الرسمي يهنئ بايدن وعون يأمل بعودة التوازن في عهده إلى العلاقات اللبنانية الأمريكية
كذلك، أبرق رئيس مجلس النواب نبيه بري مهنئاً بانتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. وجاء في برقيته: “الحرية، العدالة، المساواة، والكرامة للجميع” هي القيم التي تسمو بها سائر الأمم.. وفي مقدمها الأمة الأمريكية التي اقترعت في “الثلاثاء الكبير” إلى من يجسد هذه القيم السامية ويصونها “فكنتم” خيار الشعب للرئاسة ولحمل أمانة وصون تلك القيم”.
وأمل بري في برقية التهنئة باسم المجلس النيابي وباسم الشعب اللبناني بأن تكون الولاية الرئاسية للرئيس بايدن محطة جديدة لترسيخ أواصر الصداقة والتعاون التاريخيين بين البلدين والشعبين.
من جهته، غرّد الرئيس سعد الحريري على “تويتر”، متوجهاً بالتهنئة للرئيس الأمريكي الجديد ونائبته كاميلا هاريس، وقال: “تهانينا القلبية للرئيس المنتخب جو بايدن ونائبة الرئيس كاملا هاريس، أنا على ثقة أن الصداقة التاريخية بين بلدينا ستستمر، وإنها طاقة جديدة لنستجلب الحلول للمشاكل”.
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاكتفى بنشر صورة تجمعه ببايدن في خلال زيارة للأخير إلى المختارة عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي برفقة السفير جيفري فيلتمان.
توازياً، أعاد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل تكرار قوله رداً على العقوبات الأمريكية في حقّه: “لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني. لا أنقذ نفسي ليهلك لبنان”، وأضاف في إطلالة تلفزيوينة: “إن العقوبات تأتي وتذهب، ولكن علاقة الشعوب التي تجمعها قيم واحدة تبقى. لذا بين عقوبات تطالني شخصياً، وحماية سلامنا الداخلي الذي يحفظ لبنان… الخيار لم يكن صعباً، اخترت حماية لبنان”.
وقال: “كلكم تتذكرون زيارة الوزير بومبيو للبنان، وقوله لي في وزارة الخارجية إن حزب الله إرهابي، وجوابي الطبيعي له كان أن حزب الله لبناني، تصنيفكم لكم وتصنيفنا لنا. أساساً، عندما طلب مني الوزير الأمريكي ترك حزب الله ومواجهته، شرحت له أن هذا يؤدي إلى عزل الشيعة، أي يؤدي الى فتنة داخلية، وعندما سألت: هل تضمن لنا عدم وقوع الفتنة وتضمن حماية البلد منها؟ أكيد كان جوابه النفي. إذن، الأمريكيون يدعوننا الى مشروع لا ضمانة فيه بعدم إراقة الدماء ولا بحماية لبنان واللبنانيين من الفتنة”.
وكشف أن “حديث العقوبات بدأ جدياً في صيف 2018، خلال تشكيل الحكومة الثانية للحريري، والتي كنت فيها وزيراً بسبب إصرار الحريري نفسه. جاء وقتئذ أحد العارفين يقول لي إنه من الضروري أن أكون وزير خارجية لأن الحصانة الديبلوماسية للموقع، تمنع فرض عقوبات، وعندما استقال الحريري أو طُلب منه الاستقالة، ترافق هذا الأمر فوراً مع إعلانه عدم موافقته أن أكون معه في أي حكومة، يعني انتقلنا فجأة من أنه لا يقبل بتشكيل حكومة من دوني إلى أنه لا يقبل بتشكيل واحدة أكون أنا فيها. جاء من ينبّهني، أنهم يريدون أن ينزعوا عني الحصانة الديبلوماسية، وهكذا دخلنا في موجات من الترهيب والترغيب. مرة زيارة مع تخصيص وأخرى مع مقاطعة. مرة ترحيب بموقف وأخرى تنديد بموقف. في المقابل مع حزب الله، كان واضحاً أننا، مع ثبات وثيقة التفاهم، كنا نمرّ بطلعات ونزلات في العلاقة، بسبب خلافاتنا الكثيرة على الملفات الداخلية والإصلاحات، وبعض المواقف المختلفة على القضايا الخارجية. وتكلمنا سوية وبصراحة أن الحال لا تمشي هكذا، لدرجة أنني حكيت في الإعلام عن إمكان الفراق. وفي كتير من المحطات، مثل الفاخوري أو الحدود البحرية وغيرها، صار الإعلام والسياسيون يربطون أي طلعة مع الحزب بنزلة مع الأمريكيين، وأي طلعة مع الأمريكيين بنزلة مع الحزب. بينما أي موقف أخذناه كان نابعاً فقط من قناعتنا ومصلحة لبنان، وكنا نفعل المناسب، والآخرون يربطونه بالعقوبات، جاءت العقوبات وذهبت. جاءت الرئاسة وذهبت”.
وتابع باسيل: “سيقولون غداً، فعل كذا ليرفع العقوبات، أو كذا لأن الرئاسة ذهبت. هنا، أودّ أن أقول للبنانيين، إننا في كل نقاشاتنا مع الأمريكيين، لم يفتحوا مرة موضوع الفساد، لا بل كنا نحن من يطالبهم، من عام 2005 ولقاءات فيلتمان مع العماد عون وصولاً إلى اليوم، بوقف مساعدة الفاسدين ودعمهم ومساعدتنا في محاربة الفساد. وأنا طالبت مسؤولين أمريكيين ودوليين كباراً، بما أن عندهم اطلاعاً على التحويلات المصرفية، أن يساعدوننا بحسب القوانين والأصول، في المعلومات اللازمة التي تمكننا من استعادة أموال منهوبة أو محوّلة إلى الخارج”.
وروى رئيس التيار ما حصل أخيراً بقوله: “تبلّغت من رئيس الجمهورية أن مسؤولاً أمريكياً كبيراً اتصل به وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار الوطني الحر بحزب الله فوراً، وطلب منه أن يبلغني بعجالة الأمر. وفي اليوم الثاني، تبلّغت من السفيرة الأميركية مباشرة بضرورة تلبية أربعة مطالب فوراً وإلا ستفرض عليّ عقوبات أميركية بعد 4 أيام، أي في 25 تشرين. أما المطالب فهي فك العلاقة فوراً مع حزب الله وثلاث نقاط أخرى. وطبعاً في المطالب والحديث كله، لا وجود لكلمة عن الفساد. ردة فعلي الطبيعية السريعة، كانت أن الأمور لا تمشي معي في هذا الشكل، واني أرفض هذا الموضوع It doesn’t work with me that way، وأن هذا الأمر يخالف مبدأ أساسياً من مبادئ التيار وهو رفضه أخذ تعليمات من أي دولة خارجية، وأننا إذا نحن قبلنا بأن تسير العلاقة معنا على هذا الشكل، نصبح كغيرنا، نقبل بأن ننفذ أوامر وتعليمات ونصبح عملاء، بينما نحن نريد أن نكون أصدقاء. I am not your agent, I want to be your friend. نحنا أصدقاء ولسنا عملاء”.
وأضاف: “في عزّ إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية كان بالهم عندي، وصدرت العقوبات على أساس الفساد وحقوق الإنسان، وبالكاد ذكروا حزب الله، مع العلم بأنهم لم يتكلموا معي إلا عن حزب الله. طبعاً في كل هذا المسار، أنا بلّغت المعني الأول بالموضوع وهو “التيار الوطني الحر” عبر الهيئة السياسية التي وافقت بالإجماع على الموقف بالشكل والمضمون. وبلّغت المعني الثاني أي “حزب الله” عبر السيد حسن مباشرة الذي أبدى تفهّمه لأي موقف يمكن أن نأخذه وأبدى استعداده لأي مساعدة نطلبها منه، وطبعا أنا لم أطلب شيئًا في تلك اللحظة”.
واستهجن باسيل قضايا الفساد المتهّم بها وقال: “هي مضحكة متل أزمة الطاقة بلبنان- أزمة النفايات- أزمة تلوث البحر (عن جد؟) – انفجار المرفأ (أنا المسؤول؟) – في الخارجية تعييني فاعلين في الدولة – في الطاقة، استعمال شركات واجهة لمقربين مني للاستفادة! هذا يشبه ثرثرة سياسية لبعض الحراك والسياسيين الكذابين في لبنان. الآن عرفنا بقلم من كتبت العقوبة! عرفنا كيف تُكتب الـ هيلا هيلا هو بالإنكليزي؟ تأكدنا من الراعي الدولي للاغتيال السياسي الذي أتعرّض له! أنا أعرف تماما هذا النمط من الثورات الملوّنة التي تستعملها أمريكا في العالم، وكان آخرها في أرمينيا. اذا أرادوا محاربة الفساد فليوقفوا دعمهم لجماعتهم التي تمنع التدقيق الجنائي، وليزوّدوا لبنان بكل التحويلات المالية منه لتهريب الأموال المنهوبة والمحوّلة.
أنا عندما كنت أتحدّى كل دول وأجهزة العالم، كنت أعرف من أتحدّى! وأنا ما زلت أتحدّاهم، النتيجة معهم إنشاء وحكي صالونات! يستطيعون أذيتي وتشويه سمعتي بالتلفيق ولكن بالإثباتات لا يستطيعون أن يخدشوا آدميتي! أنا بقوتي لا أستطيع أن أتحدّى أحداً، ولكن بآدميتي أتحدّى كل العالم”.
وأكد أنه سيعمل “على تكليف مكتب محاماة بهدف إبطال القرار لفقدان الأساس القانوني وطلب التعويض المعنوي والمادي، وموعدي يكون عندها مع القضاء الأميركي، مع العلم أن ما يأتي بالسياسة، بشحطة قلم يذهب بالسياسة”.
وختم رئيس التيار: “أنا لست إرهابياً، وليس في تاريخ التيار إلا محاربة الإرهاب. وأنا لست فاسداً، ولا دولار واحد عمولة أو رشوة في تاريخي، ومن أين لكم الحق أنتم لتحاكموني بالفساد وأنتم تدعمون كل الفاسدين؟”، سائلاً: “هل أنا من كان مسؤولاً عن السياسة المالية في لبنان منذ الـ90؟ هل أنا من قام بالهندسات المالية؟
هل أنا من حدّد سعر الكهرباء على أساس برميل بترول بـ24 دولاراً وقرّر دعم الكهرباء من خزينة الدولة وأنا من أوقف بناء المعامل وأوقف دفع المال للمتعهدين لبنائها؟ هل أنا من أخذ 500 دولار على خط خليوي، أو أنا جريمتي أنني خفّضت سعر الخليوي وزدت واردات الخزينة؟ هل أنا من وزّع الباسبورات الدبلوماسية والقناصل الفخريين مقابل الأموال أو أنا من أوقفها بحسب المرسوم؟ هل أنا من عمّر القصور واشترى الطائرات واليخوت؟
في النهاية نحن من لوثنا البحر!!! عيب! هذه أمريكا، تنتهي القصة في أيادي بعض الكتبة الحاقدين!
مئات ملايين الدولارات صرفت لخلق حالة شعبية وإعلامية مناوئة، ولم تستطيعوا الإثبات بملف واحد مثبت؟ فقط اتهامات معمّمة!” أنا ضد التوطين والنازحين، وليس لدي طائرة ولا قصر ولا يخت ولا حساب في الخارج، أأكون فاسداً؟ وحلفاؤكم لأنهم مع التوطين والنازحين وقاموا بكل الفساد بيطلعوا أوادم؟”.