احتاج الأمر مني بعدما قررت التعامل مع الحكومة الأردنية الإلكترونية زيارة لمؤسستين، حتى أحصل على وثيقتين طلب مني الموقع الإلكتروني التابع لإحدى الوزارات الحصول عليهما، حتى يتقبل تقديم طلب الخدمة التي أريدها أصلا.
الوثيقتان أقول وبضمير مرتاح لا حاجة لهما في المعاملة التي أريدها وأشعر كمواطن بأني تعرضت لكمين إداري فقد اضطررت لزيارة ميدانية مرتين، وكل ما كان يحتاجه الأمر هو شبكة ربط إلكترونية بين المعلومات البيروقراطية، ليس أكثر مما دفعني للتوجه ميدانيا لمؤسسة ثالثة قال لي موظفون فيها إن الخدمة إلكترونية فقط.
بكل حال كان عمدة العاصمة قد وعدني شخصيا في إحدى مقابلات الصدفة معه أن لا يحتاج أي مواطن لزيارة مقرات ومكاتب البلدية بعد الآن.
أقنعت قريبا لي بذلك وقرعته ولمته لكنه أقسم بأن موقع الخدمة الإلكتروني لا يفتح أصلا وعندما شككت بروايته اتصلت بمسؤولي الموقع فأبلغوني بأنه تحت الصيانة. الحكومة الإلكترونية قد لا تكون إلكترونية حقا.
وما قيل لنا قبل أكثر من عامين عن طائرة معطوبة المطلوب صيانتها أثناء التحليق انتهى بأن تغيرت حكومة الطائرة تلك دون أن يرتدي رئيسها الزي المخصص للصيانة، ويبدو أن الطائرة كناية عن الإدارة الأردنية التي تتراجع لازالت في حالة تحليق.. هل يمكنها الهبوط ولو قليلا لأغراض الصيانة؟
طرحت السؤال البسيط على نخبة من كبار اللاعبين في مسرح القرار وصدمني الجواب «صعب هبوط الطائرة الآن، فالأوضاع معقدة وهبوطها يحتاج إلى إرادة سياسية».
مثل هذا الجواب لا يعني إلا الاعتياد على نفس المشهد وهو الإقرار بوجود مشكلة كبيرة في الإدارة على الأقل دون اتخاذ أي خطوات حقيقية لمواجهتها على الأرض مع الاستمرار في حالة الخجل من الاعتراف بالمشكلات.
أدهشني مؤخرا معرفة أن لجنة التحقيق الفنية التي شكلت للتحقق من أسباب انقطاع التيار الكهربائي في آذار/مارس الماضي تمكنت من الاجتماع فقط في شهر حزيران/يونيو. أدهشني ايضا أن المومياء الأردنية الوحيدة يطالها الصدأ في متحف يعلوه الغبار ولا يخرج علينا إلا وزير شاب وأنيق نحترمه ونقدره يحاول تذكير الجميع بأن الحرارة مطلوبة وبأن الصيف في الأردن أحلى.
في زمن الحكومة الإلكترونية علقت ثلاثة أشهر متتالية في مراجعة دوائر وموظفين من أجل تصفية شركة. في نفس عهد الحكومة الإلكترونية وضع مستثمر أمامي ورقة تعدد 21 جهة رقابية ينبغي أن يحصل الرجل المسكين على توقيعها وختمها مع أنه يفتتح مشروعا له علاقة بوزارة الطاقة فقط.
ليس سرا أن أهالي العاصمة عمان لا يعرفون بصورة محددة لماذا يتأخر مشروع الباص «السريع» عشر سنوات عجاف مع أن مثله يقام في إسطنبول المجاورة خلال 20 أسبوعا فقط
أبلغني رفيق وهو يضحك بأنه شارك في تأسيس حزب الخضر الأردني وبدأ يتحدث مع طلاب الجامعات لإقناعهم بعدم رمي أعقاب السجائر وجمع أكياس النايلون حفاظا على البيئة، فاستدعاه مسؤول أمني وطلب منه صراحة وقف تلك اللقاءات، وعندما استفسر فهم بأن اللقاء مع طلاب الجامعات «ممنوع يا أخي المواطن».
شعرت بالشفقة على أعضاء اللجنة المشكلة مؤخرا للإصلاح والتحديث، بسبب انشغالهم الهوسي بتخفيض سن الناخب والمرشح وبآليات إقناع الشباب بالعمل الحزبي، فيما اللقاء مع الشباب وأعقاب السجائر مريب أو محظور.
سألني مسؤول كبير عن ما يسمى بالمعارضة الخارجية حيث هوس البث والتأليف والتضليل وأحيانا الكذب الصريح، فأجبت باقتراح بسيط قيامه الرد على هؤلاء بالمعلومة والحقيقة وبرواية مقنعة لا أكثر ولا أقل. ثمة ما هو إضافي عندما يتعلق الأمر بالإدارة العليا والوسطى والصغيرة.
ليس سرا أن أهالي العاصمة عمان لا يعرفون بصورة محددة لماذا يتأخر مشروع الباص «السريع» عشر سنوات عجاف مع أن مثله يقام في إسطنبول المجاورة خلال 20 أسبوعا فقط.
ولا أحد يبلغنا عن مشاعر الحكومة والسلطة وهي ترى عائلات الأردنيين وأطفالهم يحولون مسار الباص السريع إلى ممشى لأغراض النزهة وبعض الرياضة وشرب السجائر، فيما الباص نفسه أصبح «صريعا» ولم يشاهده المواطنون بعد، مع أن خطوطه قطعت أرزاق عشرات العائلات، وتسببت في كساد عشرات المحلات التجارية، فيما كلمة تعويض مادي يمكنها أن تخرجك من الملة إذا ذكرتها مقترنة بصفتك دافعا للضرائب حيث شعار «إدفع واخرس». وحيث شعور عام بأن المؤسسات البيروقراطية والرسمية ينبغي أن تظهر لها الامتنان دوما لأنها لا تقدم لك الخدمة المطلوبة.
الوجع البيروقراطي والإداري في المشهد الأردني مؤلم جدا وعندما نطالب القوم بما تيسر من الحاكمية الرشيدة، على أساس أن الأولويات إدارية ومعيشية اليوم وليست سياسية يمطرنا
أزلامها والقوم بكل ما تختزنه علبة الاتهامات.
الجميع يكسب من الإصلاح الإداري ولا مخاسر بأي اتجاه. والحد الأدنى من واجبات الدولة هو الحاكمية الرشيدة ونستطيع انتظار بقية الإصلاحات إلى عقود دون مبرر للاستعجال والتسرع.
نفهم أن الإصلاح السياسي والاقتصادي ظروفهما معقدة لكن لا نفهم سحب نفس الظروف والتعقيدات على مبدأ الخدمة العامة.
إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
نردد كلمه حفظناها من مسلسل يوميات مدير عام ” عوجه وياما حنشوف”.
ممن تطلب الاصلاح الاداري؟ فكما يقول اخواننا المصريون “ده آخرهم” وايضا ” ما بيعرفوش”.وحتى من يعرف منهم ليس لديه الرغبه بذلك لأنه مستفيد من هذا الترهل.
انا فاقد الامل من هذا الجيل من الاداريين، وارجو من الله ان يكون الجيل القادم افضل.
*كرأي شخصي : مشروع الباص (السريع)
مشروع فاشل وخرب طرق عمان والزرقاء
والعوض على صاحب العوض..
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والمفسدين بالأرض والحمدلله رب العالمين.
كان الافضل للحكومة اعادة تشغيل و صيانة وتطوير قطار سكة الحديد،بدل من هدر الاموال في مشروع الباص الفاشل.
تشخيص موفق كما هي عادتك أستاذ بسام. في نظري، جل مصائبنا ناتجة عن الخلل الجوهري في مفهوم المواطنة وما يقوم عليه من معادلة الولاء والكفاءة.
الحوكمة الرشيدة يجب أن تقوم على ثقافة المجتمع قبل منظومة صنع السياسة واتخاذ القرار.