القاهرة – رويترز: تشدو مغنية شعبية في أحد الأفراح المصرية في مقطع فيديو انتشر في الآونة الأخيرة لأبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في أحد مظاهر الدعم الشعبي المتعددة التي يعبر بها مصريون عن تضامنهم مع قطاع غزة.
وأصبح أبو عبيدة شخصية معروفة بعد أن أعلنت حماس عن بدء «عملية طوفان الأقصى»، الاسم الذي أطلقته على الهجمات التي شنتها من غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ويظهر أبو عبيدة، الذي لا تعرف هويته على وجه التحديد في مقاطع فيديو وهو ملثم بالكوفية الفلسطينية الحمراء ليعلن من وقت لآخر عن تطورات العمليات العسكرية في غزة.
وتظهر المغنية رودي في المقطع المتداول وهي تشدو بأحد الأفراح الشعبية بكلمات «أبو عبيدة يا قلب الأسد، أنا خايفة عليه من الحسد».
وقالت إن شعورها بالحزن تجاه سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة كان عاملا رئيسيا في ظهور الأغنية مؤكدة أن في الكثير من الأفراح التي تحييها منذ بداية الحرب يطلب منها الحاضرون المشاركة بأغنيات لدعم غزة.
وقالت «أبو عبيدة هو اللي بيقف ضد الصهيونية، إحنا شايفينه هو البطل اللي قدر يقف ضد إسرائيل… في أطفال بتموت وده اللي وقف عشان يدافع عنهم».
وأدت الحرب لمقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني وتقول إسرائيل إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، الذي أشعل فتيل الحرب، أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة. وفي مصر، حيث لا تتوافر فرصة الاحتجاج في الشوارع بسبب القيود الأمنية، تعددت أشكال التضامن إذ لجأ مصريون لمقاطعة العلامات التجارية الغربية والعمل التطوعي لدعم سكان قطاع غزة وجمع التبرعات للمساعدات الإنسانية.
ويقول محمد مارديني، المدير التنفيذي لشركة نسيج للمنسوجات والأقمشة «احنا ماكناش عارفين نشتغل من الحاجات اللي بنشوفها وبنسمعها، فكنا عايزين نعمل حاجة نحس إن احنا بنساعد بيها». وقامت نسيج بإنتاج وسادات تحمل تصميمات مبتكرة للكوفية الفلسطينية الشهيرة وقرروا التبرع بثمانين بالمئة من سعر البيع الذي يتراوح بين 390 إلى 550 جنيها للمشتري المحلي و13 دولارا للمشترين من الدول الأخرى لصالح جميعة إغاثة أطفال فلسطين.
كما حرص مارديني على إحياء ذكرى 300 طفل فلسطيني من الذين فقدوا أرواحهم جراء القصف الإسرائيلي من خلال إرفاق بطاقات تحمل أسماءهم مع كل الوسادات التي باعوها، وبالأخص بعد أن لاحظ ارتفاع نسبة المبيعات لدول من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وكندا وماليزيا.
ولم يكن مارديني يتوقع مبيعات مرتفعة، وفي البداية كان يهدف لبيع 200 قطعة، لكن في غضون 40 يوما باعت نسيج أكثر من 1000 قطعة داخل مصر وخارجها. وبحسب منشور للشركة عبر صفحتها على فيسبوك بلغ إجمالي التبرعات 7250 دولارا وما يقرب من 69 ألف جنيه مصري. بالنسبة للبعض الآخر، كانت الأولوية الرئيسية بخلاف الدعم المادي هي رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية، وكان هذا الهدف هو نقطة انطلاق (كوب فلسطين) الذي قامت شركة «تي.بي.إس» القابضة المصرية، التي تملك ست علامات تجارية مختلفة، بتصميمه وإنتاجه دون وضع علامتها التجارية عليه وأتاحته مجانا لأي مقهى يرغب في استخدامه سواء داخل مصر أو خارجها.
كما استخدمت الكوب، وهو من الكارتون ويحمل علم فلسطين مع عبارة «الحرية لفلسطين» بالإنجليزية، في كل فروع مقهى تي.بي.إس بمصر والبالغ عددها 55، علاوة على التبرع بنحو 20 في المئة من أرباح بيع مشروبات القهوة للهلال الأحمر المصري وبنك الطعام المصري من أجل دعم غزة.
ويقول سامح السادات، الشريك المؤسس في تي.بي.إس القابضة «نحرص على أن نكون شركة ذات قلب، تلك هي مسؤوليتنا الاجتماعية… نحن نقف في صف القضية الفلسطينية وهي قضية تهمنا جميعا كما نرغب في توعية أطفالنا بها».
وأضاف السادات أن الشركة طرحت 73 ألفا من الأكواب في منتصف شهر أكتوبر تشرين الأول في فروع تي.بي.إس وكان من المتوقع أن تكفي تلك الكمية الاستهلاك لمدة ثلاثة أشهر، لكن الأكواب نفدت خلال شهر، فقامت الشركة بضخ 85 ألف كوب في شهر ديسمبر كانون الأول، كما أنهم بصدد إنتاج 100 ألف كوب بنهاية يناير كانون الثاني.
وقال السادات إنهم تلقوا «10 طلبيات دولية» من مقاهي في الولايات المتحدة وإنكلترا وسلطنة عمان والبحرين وألمانيا.
ولم تقتصر محاولات الدعم على أصحاب الأعمال والشركات، ولكنها امتدت أيضا لمبادرات شعبية، حسب مقطع فيديو تم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي ظهرت خلاله مجموعة من المصريين يوصلون مولدات كهرباء عبر السياج الفاصل بالمنطقة الحدودية بين مصر وغزة لتمكين الفلسطينيين النازحين من شحن هواتفهم.
وفي إطار الحملات الشعبية المستقلة، تحدثنا مع نهلة الجندي، وهي عضو في مجموعة من 10 أفراد أخذوا على عاتقهم جمع تبرعات وتحضير مساعدات إنسانية بمشاركة ما يقرب من 170 متطوعا ليتم إرسالها للسكان في غزة عن طريق القوافل المتجهة من مصر. وشاركت المجموعة في قافلتين من خلال التعاون مع التحالف الوطني المصري والهلال الأحمر المصري. وتضمنت تلك القوافل 1500 صندوق طعام احتوت على معلبات من الفول والتونة والتمر وملح وخميرة ولبن ودقيق وبسكويت ومعكرونة سريعة التحضير.
كما نجحوا في إرسال ثلاث مقطورات لمياه الشرب، و1585 صندوق ملابس شتوية و1700 بطانية و1620 حشية نوم.
وتقول نهلة «مع كل مساعدة بسيطة بنقدمها بنأمل أننا تخفف عنهم معاناتهم اليومية بسبب الحرب وأننا نساعدهم بتوفير الأساسيات من احتياجات الطعام وملابس تدفيهم».
وأضافت «الحرب أثرت على حياتنا اليومية. هي مش مجرد حاجة بنشوفها في الأخبار… وبيسعدني الإقدام على المساعدة لكن الأعداد النازحة كبيرة قوي فدايما بنحس إننا محتاجين نعمل أكثر».