بالبدلة الرسمية وبدون زي عسكري.. الشرع يرسل رسائل تطمينية للغرب ويطالب بشطب جماعته عن قوائم الإرهاب

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

دعا الزعيم الفعلي لسوريا بعد الأسد، أحمد الشرع، المعروف سابقا بأبي محمد الجولاني، إلى رفع العقوبات الغربية التي فرضت على النظام السوري السابق الذي انهار في 8 كانون الأول/ ديسمبر. وتحدث الشرع لعدد من الصحافيين منهم مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في نفس اليوم الذي خرج فيه الديكتاتور السابق، بشار الأسد عن صمته وبرر هربه إلى روسيا.

وفي التقرير الذي أعده بن هبارد وماثيو أمبوكي بيغ وتوماس فيلر، قال الشرع في المقابلة التي أجريت يوم الإثنين، إنه يجب رفع القيود من أجل إعادة بناء سوريا.

وعلقت الصحيفة أن الشرع يبدو أنه يتقدم بسرعة نحو الحصول على اعتراف دولي، حيث زارت دمشق وفود أوروبية ومن الأمم المتحدة ومن الشرق الأوسط لإجراء لقاءات وإعادة فتح سفاراتها التي أغلقت أثناء الحرب الأهلية قبل 13 عاما.

الشرع يبدو أنه يتقدم بسرعة نحو الحصول على اعتراف دولي، حيث زارت دمشق وفود أوروبية ومن الأمم المتحدة ومن الشرق الأوسط لإجراء لقاءات وإعادة فتح سفاراتها

وفي يوم الأحد، التقى الشرع مع المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسون. فيما قال وزير الخارجية الفرنسي إن وفدا من الدبلوماسيين سيصل إلى دمشق يوم الثلاثاء، وأعلنت كل من تركيا وقطر عن فتح سفارتيهما في دمشق.

واعتبرت الصحيفة أن التصريحات المتبادلة بين الزعيم الجديد لسوريا وزعيمها السابق جاءت في ظل دعوة الأكراد في شمال- شرق سوريا للوحدة مع السلطات الجديدة في دمشق ووقف الحرب. وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، عن شن غارات على مواقع بوسط سوريا، قالت إنها تابعة لتنظيم الدولة وأسفرت عن مقتل 12 شخصا.

وفي يوم الإثنين، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن موسكو “لم تتلق قرارا نهائيا” بشأن قواعدها العسكرية في سوريا، وأنها “على اتصال” مع السلطات السورية الجديدة.

ورأى صحافيون من “نيويورك تايمز”، قافلة من العربات العسكرية الروسية، بما فيها ناقلات جنود مدرعة وشاحنات إمداد وأنظمة صواريخ أرض-جو، تسير على طول طريق سريع بين قاعدتين روسيتين في سوريا. وبدا أن صور الأقمار الصناعية يوم الجمعة تظهر قوات موسكو وهي تحزم المعدات العسكرية في قواعدها مع انتظار طائرات نقل ضخمة في مكان قريب.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم الإثنين، إن إسرائيل نفذت على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا، موجة من الغارات الجوية استهدفت مواقع سابقة للجيش السوري بما في ذلك مواقع الدفاع الجوي ومستودعات الصواريخ.

وطبقا للمرصد، ضربت إسرائيل أكثر من 450 مرة منذ انهيار حكومة الأسد. وقالت إسرائيل إنها تهدف إلى منع “المتطرفين” من الاستيلاء على المواقع وأي أسلحة هناك.

ومنذ الإطاحة بالأسد، احتل الجيش الإسرائيلي مساحة واسعة من الأراضي السورية بالإضافة إلى منطقة عازلة بين البلدين، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الإستراتيجي. وهي إجراءات وصفتها الولايات المتحدة بأنها مؤقتة، مع أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشي بأنها دائمة. وهو ما بدا في قرار الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

وانتقد الشرع التحركات الإسرائيلية في الجولان السوري، مؤكدا أن سوريا ستواصل الالتزام باتفاق عام 1974. وقال إن إسرائيل لا حاجة لها للبقاء في هذه الأرض لحماية نفسها، لأن الإطاحة بنظام الأسد أزالت التهديد الذي كان يشكله حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران.

انتقد الشرع التحركات الإسرائيلية في الجولان السوري، مؤكدا أن سوريا ستواصل الالتزام باتفاق عام 1974

وأجريت المقابلة مع الشرع باللغة العربية وحضرها تسعة صحافيين (ثمانية رجال وامرأة واحدة)، بما في ذلك مراسل “نيويورك تايمز” داخل غرفة الاستقبال في مبنى حكومي ضخم كان حتى وقت قريب يضم مكتب رئيس الوزراء. ودعا الزعيم الفعلي إلى رفع العقوبات المفروضة على نظام الأسد، مؤكدا أنها فُرضت على “الجلاد” أي الأسد الذي رحل الآن، وأن سوريا بحاجة إلى إعطاء الأولوية لبناء الدولة وإنشاء مؤسسات عامة تخدم جميع السكان.

وغيّر الشرع زيّه العسكري من أجل المقابلة، وارتدى بدلة رمادية وقميصا أزرق بدون ربطة عنق. ولم يسمح بإدخال الهواتف المحمولة وأجهزة التسجيل إلى المبنى. وعندما سُئل عن تغييره ملابسه، قال الشرع إن وقت الشؤون العسكرية قد انتهى بسقوط الأسد، وحان الوقت لإعادة بناء سوريا، وأضاف: “كنا نرتدي الزي العسكري لوجود معركة” و”عندما نعقد اجتماعات مدنية، نرتدي ملابس مدنية”.

وطالب الجولاني بشطب هيئة تحرير الشام عن قائمة الإرهاب الأمريكية. وقد صنفت واشنطن الهيئة في لقائمة بسبب علاقاتها السابقة مع القاعدة وتنظيم الدولة، ووضعت مكافأة 10 ملايين مقابل معلومات عن زعيمها أبو محمد الجولاني. ولكنه قام خلال السنوات الماضية بالتحول عن القاعدة، وأعلن في عام 2016 انفصاله عنها.

ولكن الشرع قلل من صفة الإرهاب عليه شخصيا، حيث قال: “هذا ليس مهما جدا بالنسبة لي”. وقالت إدارة جو بايدن إنها تراقب الحكومة السورية، وإن كانت ستشمل جميع الأطراف بما فيها الأقليات، وأنها لا تسمح للجماعات الإرهابية باتخاذ مواقع لها في سوريا إلى جانب تسهيلها وصول المواد الإنسانية.

ووردت نفس تصريحات الشرع في تقرير أعده مراسل صحيفة “التايمز” في لندن، سامر الأطرش، والذي كان من ضمن الصحافيين الذين التقوا به.

وجاء في التقرير أن زعيم سوريا الجديد قال إنه لن يسمح باستخدام البلاد كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد إسرائيل أو أي دولة أخرى.

زعيم سوريا الجديد قال إنه لن يسمح باستخدام البلاد كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد إسرائيل أو أي دولة أخرى

وقال: “في أول مقابلة له منذ توليه السلطة في البلاد، دعا الشرع الغرب إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال حكم الأسد”. و”حذر الجولاني، الذي يفضل الآن أن يعرف باسمه الحقيقي أحمد الشرع، إسرائيل، وطالبها بضرورة إنهاء غاراتها الجوية على سوريا، والانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد فرار بشار الأسد”. مضيفا أن “تبرير إسرائيل كان وجود حزب الله والميليشيات الإيرانية، لذا فإن هذا التبرير قد انتهى”. وقال: “نحن ملتزمون باتفاقية عام 1974 ونحن مستعدون لإعادة مراقبي الأمم المتحدة. لا نريد أي صراع سواء مع إسرائيل أو أي شخص آخر، ولن نسمح باستخدام سوريا كنقطة انطلاق للهجمات. يحتاج الشعب السوري إلى استراحة، ويجب أن تنتهي الضربات، وعلى إسرائيل التراجع إلى مواقعها السابقة”.

وفي مسألة تصنيف الإرهاب لجماعته هيئة تحرير الشام، قال الشرع إنه لا يهتم بتصنيفه شخصيا، إلا أن علامة الإرهاب هي “تصنيف سياسي” تناسب نظام الأسد، و”كل ما قمنا به هي نشاطات عسكرية”. وقال: “يتعين على الدول الآن رفع هذا التصنيف. فسوريا مهمة للغاية من الناحية الجيوستراتيجية. ويجب رفع كل القيود التي فرضت على الجلاد والضحية،  لقد رحل الجلاد الآن. وهذه القضية ليست مطروحة للتفاوض”.

وأكد الشرع أنه التقى بزعماء بمن فيهم المسيحيون والدروز لطمأنتهم، وأن عفوا عاما سيصدر على جميع السوريين باستثناء من تلطخت أيديهم بالدماء، أو الذين شاركوا في التعذيب أثناء النظام القديم. وأكد أن همه هو إعادة بناء البلاد قبل أي انتخابات، والتي يبدو الآن “بعيدة المنال”.

وفي إشارة لملايين السوريين الذين ليست لديهم أوراق رسمية، قال: “نصف السكان خارج البلاد، وكثيرون منهم لا يحملون أوراقا رسمية. نحن بحاجة إلى إعادة الناس من الدول المجاورة وتركيا وأوروبا”.

وأضاف الشرع أنه سيتم تشكيل لجان للتخطيط للفترة الانتقالية والدستور، “وهي عملية طويلة”، و”أي لجان ستستغرق وقتا”. ولم يحدد إطارا زمنيا، لكن أحد المستشارين اقترح أن الأمر قد يستغرق عاما أو أكثر.

قلل الشرع من إمكانية فرض قوانين الشريعة الإسلامية في سوريا، وقال: “ستكون سوريا الطبيعية.. أعتقد أن الحكومة لن تتدخل بعمق في الحرية الشخصية”

وقلل الشرع من إمكانية فرض قوانين الشريعة الإسلامية في سوريا، وقال: “ستكون سوريا الطبيعية.. أعتقد أن الحكومة لن تتدخل بعمق في الحرية الشخصية”، مع أن العادات سيتم أخذها بالاعتبار.

وقال إنه خلافا لمسؤولي نظام الأسد، فالجميع سيتمتعون بالعفو، وأنه أصدر أوامر لمقاتليه وأي شخص يخالف الأوامر فسيعاقب. وعن المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف جماعته، قال الشرع إن الأعداد مبالغ فيها، و”لا أحد يريد استخدام سوريا كقاعدة لتهديد الدول الأخرى”. وقال إن  هؤلاء المقاتلين دافعوا عن سوريا بدمهم و”يستحقون المكافأة”، واقترح إمكانية منحهم الجنسية السورية، لكن الأمر يعود إلى  الإجراءات القانونية.

ولم يتطرق الشرع للوجود الروسي في سوريا، إلا أن مستشارا له أشار إلى أن المفاوضات جارية مع الروس بشأن القاعدتين على الساحل السوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية