بالتربية والتكوين نصل للتمكين

حجم الخط
0

معركتنا تربوية في الأساس مع أنفسنا ومجتمعنا لأن أيَّ تغيير لا يقوم على عمل تربوي إنما هو سرابٌ خادعٌ وجماعتنا جماعة التربية والبناء والتكوين والعطاء فلا يصلح فيها ولا يُصلحها سوي النفوس المزكاه لاسيما قادتها ومربيها ومرشديها. والمربي المتين خطوة في طريق التمكين والمربي الجيد الناضج يُخرج من هو أفضل منه ويُفرح رسول الله بإنتاجه من الرجال الذين يغيظون الأعداء بتهيئة رجال مبادئ يحسنون التبعية لرجال أمثالهم.
ولقد قّدّر الإسلام قيمة الرجال حتى وهم على الجاهلية، فقال صلى الله عليه وسلم (اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك) لأن لديهما همة تسابق الزمن لتفتح البلاد والعباد فكان عمر رضي الله عنه الذي تمنى (ملء هذا البيت رجال أمثال أبوعبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسالم مولي حذيفة). وهذا نهج الصديق رضي الله عنه الذي أسلم على نصف المبشرين بالجنة فكانوا رواحل (إِنَّمَا النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً) مسلم.
لذلك كان تكوين الرجال وتربيتهم على أسس الإسلام الصحيح هي الشغل الشاغل للإخوان المسلمين يقول الإمام البنا رحمه الله (إن الرجل سر حياة الأمم ومصدر نهضتها وإن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال النابغين الأقــــوياء النـــفوس والإرادات وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها على إنتاج الرجال الذين التي تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة وإني اعــــتقد- والتـــاريخ يؤيدني- إن الرجل الواحد في وسعـــه أن يبني أمة إن صحت رجولته وفي وسعه أن يهدمها كذلك إذا توجهت هذه الرجولة إلى ناحية الهدم لا ناحية البناء).
وبناء الرجال هو أهم ما ينبغي أن يُعنَى به المصلحون لأنهم القوة الجبارة القادرة علي التغيير، ولذلك قال الشهيد سيد قطب (إن حمل الجبال وتجفيف البحار أهون من تربية الرجال) لأنهم بالإرادة والعزيمة يحققون بشرى بن القيم (إن المؤمن لو عزم على إزالة جبل لأزاله).
ويقول أبو الحسن الندوي (لا بد من إنتاج الرجال الذين يقومون بالدعوة ويديرون دفتها ويربون الرجال ويملأون كل فراغ، وكل حركة أو دعوة أو مؤسسة مهما كانت قوية أو غنية في الرجال فإنها معرضة للخطر وإنها لا تـلبث أن ينقرض رجالها واحداً إثر آخر وتـفلس في يوم من الأيام في الرجال).
ويشير عبدالقادر الكيلاني إلى الطريق (فقه اللسان بلا عمل القلب لا يخطيك إلى الحق خطوة، السير سيرالقلوب ) ويقول الإمام البنا (أنتم قليلون مستضعفون في الأرض فقراء من المال عزَل من القوة فليس لكم سلاح إلا الصلة بالله والاستمداد منه والإيمان العميق به فإذا سلمت لكم هذه الناحية فقد سلم لكم كل شيء (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ) فكونوا عبادا قبل أن تكونوا قوادا فستصل بكم العبادة إلي أفضل قيادة). يقول د. القرضاوي:
لا بد من صنع الرجال ومثله صنع السلاح وصناعة الأبطال علم في التراث له اتضاح ولا يصنع الأبطال إلا في مساجدنا الفساح في روضة القرآن في ظل الأحاديث الصحاح في صحبة الأبرار ممن في رحاب الله ساح من يرشدون بحالهم قبل الأقاويل الفصاح وغراسهم بالحق موصول فلا يمحوه ماح من لم يعش لله عاش وقلبه ظمآن ضاح يحيا سجين الطين، لم يطلق له يوما سراح ويدور حول هواه يلهث ما استراح ولا أراح لا يستوي في منطق الإيمان سكران وصاح من همه التقوى وآخر همه كأس وراح شعب بغير عقيدة ورق تذريه الرياح من خان (حي على الصلاة) يخون (حي على الكفاح).

ماهر إبراهيم جعوان
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية