الرباط – «القدس العربي»: تنظم النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين ودار «مزاد وفن» في مدينة طنجة، مزادا علنيا للوحات التشكيلية يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، يعود ريعه لفائدة «وكالة بيت مال القدس الشريف» وذلك تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
هذه المبادرة التضامنية التي جاءت على شكل معرض تشكيلي تحت عنوان «قطاف وأهلّة» يسبق المزاد العلني، استجاب للمشاركة فيه أزيد من مائة فنان وفنانة مغاربة.
وأوضح بيان للنقابة تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أن هذه المبادرة التضامنية تُجسد وعي النخبة المغربية بالقيم الفُضلى للفنون بأنواعها ويحمل لواءها الفنانون لتعزيز قيم السلام والتعايش التي ترمز إليها مدينة القدس باعتبارها مدينة جامعة لأتباع الديانات السماوية الثلاث.
وأوضح المنظمون أن عملية المزاد العلني يؤطرها بروتوكول تعاون وُقّع بين وكالة بيت مال القدس الشريف والنقابة ودار «مزاد وفن» في طنجة يوم 9 حزيران/ يونيو الماضي، وحدد واجبات الأطراف والتزاماتها لتأمين الظروف المُثلى لإنجاحها، بما يُحقق الأهداف النبيلة المنتظرة، وذلك بما يتلاءم مع المعايير المعمول بها في هذا المجال.
وبمناسبة هذا المعرض المزاد، اتصلت «القدس العربي» بالدكتور محمد سالم الشرقاوي المدير المكلف بتسيير «وكالة بيت مال القدس الشريف» من أجل تسليط الضوء على هذا الحدث الثقافي الفني التضامني.
واستهل تصريحه بالقول «نحن في وكالة بيت مال القدس الشريف لم نفاجأ للتجاوب الواسع لأزيد من 124 من الفنانين التشكيليين المغاربة مع قضية القدس، فذلك يُؤكد المعدن الأصيل لهذا الشعب في تضامنه التلقائي والثابت مع أشقائه في القدس وفلسطين.»
وأبرز المتحدث أن هذا التضامن «يقوم على إرث أصيل من العلاقات التاريخية، التي تمتد لأكثر من ثمان مائة عام، يستعصي على الادعاءات والأساطير التي يحيكها البعض من حديثي العهد بنعم الحرية والاستقلال.»
وأضاف الشرقاوي «اليوم يتواصل هذا العمل التضامني على رؤية حكيمة بلورها الملك محمد السادس لعمل لجنة القدس، على مسارين متكاملين وهُما: العمل السياسي والدبلوماسي، والعمل الاجتماعي الميداني، مما يمنح المملكة مكانتها المُقدرة على صعيد هذا الملف». وأشار المسؤول المذكور في تصريحه، إلى أنه «في ظل انحصار التمويل، تسعى وكالة بيت مال القدس الشريف إلى تنويع مصادرها المالية، بما يسمح لها به نظامها الأساسي، سواء من خلال حملات جمع التبرعات أو من خلال المبادرات النوعية التي تُساهم فيها النخب، كالفنانين والرياضيين ورجال الأعمال وغيرها». من جهته، قال محمد المنصوري الإدريسي، رئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، الجهة المنظمة للمزاد العلني التضامني، إنه «لا يخفى على أحد أن مكونات المغرب قاطبة، كبيره وصغيره، يضع القضية الفلسطينية والقدس الشريف في صدارة اهتماماته وفي مرتبة القضية الوطنية». وشدد المنصوري في تصريحه لـ «القدس العربي» على أن «موقف المغرب ثابت وواضح، بقيادة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وتشبثه بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، رافضين لجميع الإجراءات التي تمس الوضع القانوني للمسجد الأقصى والقدس الشريف، أو تمس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».
وأضاف أن الكل يتذكر، أنه خلال زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، للمملكة المغربية، يوم 30 آذار/ مارس 2019، فقد وقع الملك محمد السادس وبابا الفاتيكان «نداء القدس» حفاظا على بعد المدينة الروحي ومكانتها المتميزة كمدينة للسلام.
وأوضح المتحدث، أنه بمبادرة من النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، ودار “مزاد وفن” بطنجة، تم الاتفاق، على بروتوكول تعاون لتنظيم مزاد علني للوحات التشكيلية يعود ريعه لفائدة وكالة بيت مال القدس الشريف. وهي مبادرة، يؤكد المنصوري، تجسد وعي الأطراف الثلاثة بالقيم الفضلى التي تجسدها الفنون بأنواعها ويحمل لواءها الفنانون، لتعزيز قيم السلام والتعايش والخير والجمال والحق التي ترمز إليها مدينة القدس باعتبارها مدينة جامعة لأتباع الديانات السماوية الثلاث. وأشار رئيس النقابة التشكيلية، إلى أن الأطراف الثلاثة اتفقت على تنظيم مزاد علني يعود ريعه لفائدة وكالة بيت مال القدس الشريف، دعي للمشاركة فيه فنانون تشكيليون محترفون مغاربة وفق منهجية خاصة متفق عليها.
ووفق تصريح المنصوري لـ «القدس العربي» فقد عملت النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، بالتنسيق مع «دار مزاد وفن» على اختيار وفرز اللوحات المشاركة في المزاد العلني، حسب المعايير التي تم اعتمادها.
لأجل ذلك يوضح «قمنا بتشكيل لجنة لتسيير عملية البيع وإيداع عائدها المالي في حسابات الوكالة، حسب مقتضيات القانون الجاري به العمل».
الجدير بالذكر، أن النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين، دأبت على تنظيم العديد من الانشطة مساهمة منها في تحريك المشهد الفني المغربي، من خلال معارض تشكيلية ولقاءات وندوات وحتى إصدار كتب ومؤلفات ذات قيمة فنية ثقافية إبداعية. وذكرت النقابة في بيان الإعلان عن المزاد العلني، أن دعم الثقافة والفنون وأصحابها في كل زمان ومكان، يجب أن يكون من القطاعات التي يتعين إعطاؤها العناية المُستحقة، لأن الثقافة لم تعُد ترفا، أو مُكملا لشروط الحياة الرغيدة، بل تُعد رافعة أساسية من رافعات التنمية، بها تتقدم الشعوب أو تتقهقر. كما رحبت النقابة في البيان نفسه، بإحداث المركز الثقافي المغربي – بيت المغرب في القدس، وتعتبره إنجازا مُهما، يعزز الحضور المغربي في القدس، الذي يحمل قيم هذا البلد الضاربة جذوره في أعماق التاريخ. وحسب النقابة التشكيلية، فإن هذا الانجاز يكرس النموذج المغربي الأصيل في التضامن المبدئي والثابت مع الحق ومع أهله في القدس وفي باقي التراب الفلسطيني، وهو التضامن الذي تؤرخ له المخطوطات والكتب وتدل عليه الشواهد المنتشرة في كل مكان من أرض فلسطين المباركة.
لذلك، تشير النقابة، لا تصمد الأساطير التي يبنى عليها البعض أمجادا من ورق، وتسقط الادعاءات أمام واقع امتزجت فيه دماء المغاربة الزكية مع أشقائهم الفلسطينيين في الماضي، وما يزالون على عهد التضامن بما يقدمونه اليوم من دعم كريم وموصول لهذا الشعب الأبي. واستدلت هنا بكون مساهمة المملكة المغربية في بيت مال القدس، تتعدى 86 في المائة من مساهمات الدول، مدعومة بمساهمات الأفراد عبر تبرعات منتظمة، سيعززها عائد هذا المزاد العلني، الذي ستُخصصه الوكالة لدعم قطاع الثقافة والفنون وتمويل البحوث والإصدارات.