عمان- ليث الجنيدي:
تتصاعد في الأردن تساؤلات عن مستقبل دور المملكة تجاه القضية الفلسطينية والعلاقات الأردنية- الإماراتية، منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن اتفاق أبوظبي وتل أبيب على تطبيع العلاقات بينهما، وهو ما قوبل بموقف رسمي أردني “غير واضح”.
عمّان لم ترحب كما لم تنتقد الاتفاق، وربطت في بيان لوزير خارجيتها، أيمن الصفدي، نتائجه بتصرفات إسرائيل، فأثره سيكون مرتبطا بما تقوم به تل أبيب لاحقا.
موقف يعتبر البعض أن مرده هو ارتباط الأردن باتفاقية سلام مع إسرائيل، عام 1994، ما يمنعها من انتقاد أبو ظبي، فيما يراه آخرون “قلقا ضمنيا” من نتائجه على دور المملكة تجاه القضية الفلسطينية.
المملكة الأردنية لطالما كانت هي الفاعل الأبرز والمدافع الرئيس ضد انتهاكات إسرائيل بحق الشعب والأرض الفلسطينية، بحكم العامل الجغرافي والديموغرافي، إضافة إلى حقها في “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات”، بموجب اتفاقية وادي عربة للسلام، وكذلك اتفاقية أخرى وقعها العاهل الأردني، الملك عبد الثاني بن الحسين، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في مارس/ آذار 2013.
جغرافياً، فلسطين هي الجارة الغربية للمملكة، وترتبطان بحدود برية وبحرية، وتعتبر الحدود مع الضفة الغربية في فلسطين أقرب الحدود الدولية مسافة عن العاصمة الأردنية عمان، حيث تبلغ 27 كيلومترا.
أما ديموغرافياً، فترتبط الأردن وفلسطين بعلاقات واسعة على مستوى أصول العائلات والقرابة والمصاهرة، وتضم المملكة عددا كبيرا من المواطنين من أصول فلسطينية، إضافة لوجود نحو 2 مليون لاجئ فلسطيني في 10 مخيمات داخل المملكة.
علاقات الأردن مع الإمارات رغم تميزها، إلا أنها، بحسب خبراء، أصبحت على المحك، وتحتاج لإثبات حسن نوايا من أبو ظبي لعمان، بالحفاظ على دور الأخيرة في فلسطين، دون أن تدفع بالمملكة إلى استخدام ورقة العامل “الجيوسياسي” وما له من أهمية فاعلة في إحباط أية مخططات قد تنال من حضورها الإقليمي والدولي إزاء القضية الفلسطينية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 13 أغسطس/ آب الماضي، توصل الإمارات وإسرائيل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
وقوبل هذا الإعلان برفض شعبي عربي واسع، واعتبرته الفصائل والقيادة الفلسطينية “خيانة” من الإمارات لمدينة القدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية.
وبإتمام الاتفاق، ستكون الإمارات ثالت دولة عربية ترتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل بعد الأردن، وقبلها مصر عام 1979. وتردد أبوظبي أن التطبيع مع إسرائيل هو قرار سيادي إماراتي.
لا آثار متوقعة
محمد المومني، الوزير الأردني الأسبق، استبعد أن يؤثر اتفاق التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي على علاقة عمّان مع أبو ظبي.
وقال المومني: “لا أرى أية آثار متوقعة للاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي على علاقات أبو ظبي مع المملكة، فالإماراتيون يدركون حرص الأردن وقيادته على تحقيق السلام على أساس حل الدولتين (إسرائيلية وفلسطينية)، الذي يعطي الفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وتابع: “موقف الأردن ثابت تجاه القضية الفلسطينية.. والدبلوماسية الأردنية تمتاز بالموازنة الفاعلة في العلاقات بين جميع أشقائنا وأصدقائنا من كافة الدول”.
وأردف المومني: “ومن باب الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات في فلسطين الشقيقة، فإننا حريصون كل الحرص على أن تكون علاقاتنا الدولية متوائمة مع الدور الأردني تجاه القضية المركزية في المنطقة”.
سلام بنمط جديد
عامر السبايلة، وهو محلل سياسي، اعتبر أن الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي “سلام من نمط جديد، مبني على مستويات متعددة، أبرزها التعاون الاقتصادي، ويختلف عن سلام الأردن ومصر مع إسرائيل”.
واستدرك السبايلة: “سلام الإسرائيليين كان إجباريا مع الأردن ومصر، لأنك تتحدث عن دول طوق مرتبطة معها (إسرائيل) بعوامل ديموغرافية وجغرافية وسياسية، بجانب إرث صراع بالنسبة لهذه الدول”.
وزاد: “أعتقد أنه ليس هناك أي رغبة لأي طرف في تغيير مسألة الوصاية الهاشمية على المقدسات، فالقصة رمزيتها باسم الهاشميين”.
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن مسألة “التنسيق الأمني (الفلسطيني والإسرائيلي) مع الأردن تبقى عاملا أساسيا لا يمكن القفز عليه”.
ولفت إلى أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي أظهر وجود تحول واضح في شكل السلام الذي يسعى له الإسرائيليون “حيث يتم التركيز على التطبيع العلني مع الشعوب في المنطقة، وليس السلام على الورق، الذي يقتصر على الأنظمة والغرف المغلقة”.
تهديد للدور الأردني
أحمد سعيد نوفل، وهو أكاديمي وخبير في الشأن الفلسطيني، له وجهة نظر مختلفة عن سابقيه، إذ قال إن اتفاقات إسرائيل مع دول أكبر من الإمارات لم تؤثر على كفاح الفلسطينيين.
وتابع: “اتفاق إسرائيل مع الإمارات سيكشف لأبو ظبي حقيقة العدو الصهيوني، فقد وقّعوا مع الأردن (معاهدة سلام)، وحاولوا (عام 1997) اغتيال خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينها) في عمان”.
وأردف: “اتفاقات التطبيع مع إسرائيل مهما تعددت، فلن تنهي الصراع، والقضية مستمرة”.
وفيما يتعلق بالأردن، دعا نوفل إلى عدم الانخداع بالسياسية الإسرائيلية “فهي تعرف حساسية الأماكن المقدسة بالنسبة للأردن”.
واستطرد: “الأردن بوابة فلسطين، واعتماد أبو ظبي كممر للراغبين في زيارتها (فلسطين)، سيهدد دور الأردن تجاه القضية الفلسطينية”.
وشدد على أن “الدور الأردني مهدد، وإسرائيل ستستغل هذه النقطة لخلق خلاف أردني- إماراتي، وربما يكون هذا هدفها الأساسي من الاتفاق مع الإمارات”.
واستطرد: “موقف الأردن ثابت من القضية الفلسطينية، والاتفاق مع الإمارات يهدف لضرب هذه الثوابت”.
وتساءل نوفل: “هل ستوافق الدول العربية على هذا؟ لا شك أن الموضوع خطير جدا، والدول العربية تريد أن تنهش من رأس المال، وهو القضية الفلسطينية، لتحقيق مصالحها، لذا لا بد من وحدة وطنية فلسطينية”.
(الأناضول)
ليس الاردن فقط.الامارات بهذه الاتفاقية خلعت اركان الامة كافة ونقلته نحو صراع انتقل من السياسة التقليدية الى سياسة الاحتواء والقفص المفتوح..علينا ان نعترف ، الاتفاقية ضربة حظ كبيرة لنتنياهو قبل ترامب.هي له مثل الفوز بجائزة اليانصيب بمئة مليون دولار لموظف راتبه الشهري ( 300 دولار).
حسبي الله ونعم الوكيل فيهم